محطة تطوير الابتكار

في هذا المقال سأتناول «محطة تطوير الابتكار» المحطة الرابعة والأخيرة في سلسلة محطات التحولات الكبرى للابتكار. حيث بدأت بمحطة التأسيس ومن ثم محطة البرامج الابتكارية وتلتها محطة المساحات الابتكارية. في المقال السابق «محطة مساحات الابتكار» تناولت تجربتنا في تطوير وإدارة مساحات الابتكار في السوق المحلي. وضمن تلك المحطة تحققت لنا فرصة خدمة قطاعات متنوعة ومختلفة، ولعل من أكثرها إثراءً في نمونا المعرفي هي خدمة قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة. حيث إن طبيعة تلك الخدمات تتمحور حول مساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة بالدولة في تطوير منتجاتها الخاصة والتي تساعدها إما بتطوير منتجاتها الحالية أو فتح منتجات جديدة تخدم أهدافها التوسعية. بالإحصائيات قمنا من خلال إداراتنا للمساحات الابتكارية بخدمة ما يقارب 300 شركة بين ناشئة وصغيرة ومتوسطة، والشركات تأتي من قطاعات مختلفة تمتد من الفنون إلى التكنولوجيا. جوهر الخدمات قائم على معرفة احتياجات الشركة ”العميل“ ما هو المنتج المطلوب؟ لماذا؟ وما هي التوقعات منه؟ على أثر ذلك يقوم الفريق الفني بتصميم الحل والبدء بعملية النمذجة الأولية للمنتج باستخدام تقنيات التصنيع الرقمي المتوفرة لدى الفريق. وعلى أثر اختبار المنتج يتم تقييم الفرضيات التي بُنيّ عليها الطلب والنظر في ماذا يجب أن يتم ادخاله للتحسين أم إلغاء الفكرة. هذه التجربة اكسبتنا كفريق التالي: فهم البنية التحتية المتوفرة على صعيد الدولة، فهم المهارات الفنية المتوفرة بالسوق المحلي، والتمكن من آليات بناء النماذج الأولية واختبارها، وبناء شبكة من الخبراء في مجالات مختلفة لتغطية طلبات متنوعة هذه المكتسبات فتحت لنا آفاق محطة تطوير الابتكار. ولعل من المهم في هذا السياق بيان الفرق الجوهري بين مساحات الابتكار وتطوير الابتكار. في مساحات الابتكار التركيز كمعرفة نوعية منصب حول آليات الإدارة للمساحات من تصميم، وتقنيات وكوادر للتشغيل وإدارة المساحات. اما في تطوير الابتكار فإن التركيز منصب حول تطوير الحلول والمنتجات القائمة أو جديدة والتي تتطلب نوعية مهارات ومعرفة متمحورة حول تطوير المنتجات من بحث الفكرة ومثيلاتها إلى التصميم العلمي»الهندسي»الفني إلى تنفيذ وانتاج المنتج إلى اختباره والتحقق من جدواه والتحسين عليه. بدأنا التركيز على تطوير الابتكار بشكل عملي منذ بداية 2020 تزامننا مع أزمة جائحة كوفيد- 19 وعلى مدار العامين الماضيين قمنا بتطوير برنامج جذور العربية (برنامج تعليمي مبتكر لتعليم اللغة العربية قائم على بناء تجربة تعليمية مشخصنة للمنتسبين)، ومتعقب الدرون (متتبع للدرون يساهم في كشف الدرون الصديقة من غير الصديقة لحماية الأجواء والمرافق الحيوية) في كلا المثالين قمنا ببناء الفريق المختص لكل موضوع، مسح ميداني للحلول القائمة، بناءً عليه تم تصور الحلول ذات القيمة المضافة، التصميم الفني النموذجي للحلول، بناء النماذج الأولية للحلول، الاختبارات الميدانية للحلول والاستفادة من التغذية الراجعة ومن ثم التحسين واتمام التطوير بناء على تفاعل السوق والشريحة المستهدفة مع النماذج الأولية. ونؤمن بشكل كبير بان هذه المعرفة النوعية ستفتح المجال لبناء حلول نوعية مختلفة قائمة على معرفة ومهارات محلية ويكون لها اسهامات خارج حدود السوق المحلي. بالنظر الى سنة التأسيس 2011 وهدف بناء شركة خاصة قائمة على المعرفة، الرحلة لم تكن سهلة ولن تكون سهلة مضياً قُدماً لكن القيمة المعنوية والمعرفية المكتسبة كبيرة جداً، وهي كفيلة بتحقيق العائد المنشود بإذن الله على المدى البعيد. ولعل اكبر مكسب هي الثقة في أنها ممكنة لكن يجب التحلي بعقلية وإدارة العمل والبناء للمدى البعيد. وبإذن الله في المقالات التالية سأقوم بتناول زوايا مختلفة من تجربتنا الميدانية كرواد أعمال في ميدان الابتكار.