عدد المقالات 328
ما أعظم الخالق! وما أعظم قدرته! يعلم خائنة الأعين، وما تخفي الصدور، يعلم السرّ وأخفى، لا يشاركه في علمه وسمعه وبصره إلا من شاء من نبي أو صفي أو ولي، فقد سمع الله حوار الجن الذين سمعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتلو القرآن بعد أن نزل من الطائف مهيض الجناح، مثخنًا بالخذلان والجراح، فشاء الله أنْ يواسيَه عن كُفرِ هؤلاءِ الخُشُبِ المسنَّدة، والقلوب المعاندة بإيمان نفرٍ من الجنِّ، وانتقال رسالة التوحيد من العالم الإنسي إلى الجنّي، ليكونَ فعلًا كما قال البوصيري فيه رحمه الله في بردته: محمـد سيـد الكونين والثقلين والفريقين مـن عرب ومن عجــمِ هو الحبيب الـذي ترجى شفاعته لكل هـول من الأهوال مقتحمِ كما أنه جل وعلا سمعَ خطاب النملة وعلم سرّها ونجواها، حينما أنذرت باقي النمل أن يدخلن المساكن؛ خشية أن تطأهنَّ النعال، ونقل لنا علمَ هذه النملة أن القادم هو جيش سليمان، وعلَّمها عن صغر النمل في عين الإنسان. ثم إنَّ الله جل وعلا عدّى قدرة السمع إلى النبي سليمان، فكان صاغيًا واعيًا، حتى سمع وفهم نداء النملة، رغم ضوضاء جيشه الغفير، وصخب الدبيب والمسير. فسبحان من وسع علمه العوالم، بينما ينقطع التواصل بين العرب والأعاجم، ويتفرق الناس في الألسنة والألوان، فواحدنا يسمع لغات الأقوام الأخرى من دون علم بها، كما يسمع الرغاء والثغاء من الإبل والشاء، وقصارى جهدنا في سماع الحيوانات التخييل والتمثيل، كقول أبي فراس الحمداني رحمه الله: أقول وقد ناحت بقـربي حمامة أيا جارة لو تشعريــن بحـالي أيا جارة ما أنصف الدهر بيننـا تعالي أقاسمك الهموم تعالي فقد حمل الشاعر هديلها على النواح، وما أدراه؛ لعلها في لحظة حبور وأفراح. وقال عنترة بن شداد في حصانه: فازور من وقــع القنـا بلبانـه وشكا إليَّ بعبـــرة وتحمحـــــمِ لو كان يدري ما المحاورة اشتكى ولكان لـو علم الكلام مكلمي يقول أبو عمرو الشيباني في شرح المعلقات، إنَّ الحصان لو كان يصح منه الشكوى لشكا، والبكاء لبكا، ولو كان يتقن الحوار لحاور. والحال أن الحصان يشكو لواعجه ويبث شجونه، لو كان الفرسان يفهمونه، وهو أمة من أمم الدواب، ولها نظامها في التواصل والخطاب، ولكن لا يعلم ما تقول إلا السميع العليم، أما نحن فنسمع من تلك الأمم الصهل والنهيق والنعاب والنعيق من دون أن نتجاوز ذلك إلى فهم المعنى والمقصود، نسمعها أصواتا فارغة من المعنى والفحوى. ولا يعلمها سوى الذي يعلم السرّ وأخفى. @zainabalmahmoud @zalmahmoud@outlook.com
في هذه الأيام، يتوسل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها باسم الله الغالب؛ ليرد عنهم كيد الكائدين، وغيظ المعتدين، وكل حقد ظاهر ودفين. فالأمة منذ حين تمر بمخاض القيام والانتفاض، ولهذا القيام تكاليفه الوافية من الخوف...
كلّنا ندعو الله عزّ وجلّ باسميه «السميع والبصير»، ومؤكَّدٌ أنَّنا كلَّما ذكرناه بهما سبحانه، قَفَزَ إلى ذاكرتنا وألسنتنا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ» (الشورى: 11)، ولكن هناك فرق بين من يقولها مستشعرًا...
لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو...
كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...
كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...
إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...
لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...
مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...
هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...
معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...
لا شكَّ في أنّ مَن يقرأ كلمة «خليفة» أو يسمعها، يتذكر قول الله تعالى: ﴿وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَاـئِكَةِ إِنِّی جَاعِل فِی الأرض خَلِیفَة ﴾ [البقرة: 30]، وكذلك يتذكر منصب الخلافة في الإسلام. لكن هل حاول...
كان إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي - رحمه الله - أكثر الناس تداولًا وتناولًا لاسم الله الحق، وكان إذا أراد استحضار آية كريمة وإدراجها في سياق تفسيره العرفاني النوراني المعروف بالخواطر، قال: «يقول الحق...