عدد المقالات 328
هل تدبّرتم يومًا قول الله تعالى «هُوَ اللهُ الخَالِقُ البَارِئُ المُصَوِّرُ لَهُ الأَسْماءُ الحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فَي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيْزُ الحَكِيْمُ»؟ وهل بحثتم في تأويل المتواليات الثلاث: الخالق، والبارئ، والمصور؟ إن لله عزّ وجلّ تدبيرا وتقديرا في كل حرف وفي كل كلمة وفي كل جملة جاء بها في كتابه العزيز. وإن ورود أسمائه الحسنى الثلاثة: الخالق والبارئ والمصور متواليات يعود إلى وجود مشتركات وتقاطعات في معانيها، وإن هذا التوالي نابع من حكمة إلهية عظيمة، فهو الحكيم العليم جلّ جلاله. إّن الخلق مشتق من مادة (خَلَقَ) التي تفيد التقدير، لأنّ الخلق هو إيجاد معدوم على غير مثال، وسابق حال، وهذا يحتاج إلى التقدير السليم الذي يضع الأمور والمقادير في نصابها القويم، وقد كان العرب يأخذون بأقوال الجاهليين وبأشعارهم، ويستأنسون بأسمارهم وطرائفهم وسِيَرِهم وأخبارهم، وعنهم يأخذون اللغة السليمة الخالية من اللوثة والعجمة لتفسير القرآن واستخلاص لُباب الحكمة، فهذا زهير بن أبي سلمى حكيم الجاهلية يقول مادحًا: ولأنت تفري ما خلقت وبعض القوم يخلق ثم لا يفري وهذا البيت مدوَّر، أي متّصل الشطرين، انشطرت كلمة بعض وتوزعت على شطريه فلم أعزل بينهما، ومعنى يفري: أي؛ ينفِّذ رأيه ويمضي خططه، ولا يبقي تقديره عُرض حائط النسيان أو العجز أو الكسل. أي يقدر على إنفاذ ما يقدّره من الأمور والشؤون، ثم ينقلها من طور التعبير إلى طور التسيير، وليس كما يفعل كثير من البشر، يقدّرون ويَعِدون لكنهم لا يطبّقون شيئًا. والبارئ، هو من يزيل النقص ويبعده، وقد ورد في كتب السنّة أنّ عليّ بن أبي طالب – كرّم الله وجهه – عندما خرج من عند رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في فترة مرضه الذي توفاه الله به، سأله الناس: يا أبا الحسن، كيف أصبح رسول الله؟ فقال: أصبح بحمد الله بارئًا. [أيّ؛ معافًى من مرضه الذي يشكو منه]. أما المصوّر، فهو من صوّر هيئتنا، وجعلها في أحسن تقويم، وألْيَقِ تصميم. إنّ توالي أسماء الله الحسنى، الخالق، والبارئ، والمصور، والتراتبية بينها، تؤكد عظمة الله تعالى في الخلق والتقدير والإبداع، وأنّ علينا أمام ذلك، أن نرضى ونسلّم أمرنا إليه وحده سبحانه، وأن نتخلق بخلق التقبّل لا التهكّم، وأن نتناول نعم الله بالبشر، لا بالتجهم، فكثير من الناس يعترضون ويتذمرون على هيئاتهم وأشكالهم، وهذا من بطر النعم، ودواعي السخط والنقم. وأختم بقول الشاعر (الضرير) بشّار بن بُرْد الذي كان راضيًا عن عماه، بل فخورًا به محبورًا: عَميتُ جَنيناً وَالذَكــاءُ مِــنَ العَمى فَجِئتُ عَجيـبَ الظَنِّ لِلعِلـــمِ مَعقِلا وَغاضَ ضِياءُ العَينِ لِلقَلـــبِ فَاِغتَدى بِقَلبٍ إِذا مـا ضَيَّـــــــعَ الناسُ حَصَّلا
في هذه الأيام، يتوسل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها باسم الله الغالب؛ ليرد عنهم كيد الكائدين، وغيظ المعتدين، وكل حقد ظاهر ودفين. فالأمة منذ حين تمر بمخاض القيام والانتفاض، ولهذا القيام تكاليفه الوافية من الخوف...
كلّنا ندعو الله عزّ وجلّ باسميه «السميع والبصير»، ومؤكَّدٌ أنَّنا كلَّما ذكرناه بهما سبحانه، قَفَزَ إلى ذاكرتنا وألسنتنا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ» (الشورى: 11)، ولكن هناك فرق بين من يقولها مستشعرًا...
لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو...
كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...
كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...
إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...
لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...
مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...
هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...
معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...
لا شكَّ في أنّ مَن يقرأ كلمة «خليفة» أو يسمعها، يتذكر قول الله تعالى: ﴿وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَاـئِكَةِ إِنِّی جَاعِل فِی الأرض خَلِیفَة ﴾ [البقرة: 30]، وكذلك يتذكر منصب الخلافة في الإسلام. لكن هل حاول...
كان إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي - رحمه الله - أكثر الناس تداولًا وتناولًا لاسم الله الحق، وكان إذا أراد استحضار آية كريمة وإدراجها في سياق تفسيره العرفاني النوراني المعروف بالخواطر، قال: «يقول الحق...