


عدد المقالات 50
الحمد لله الملك الحق المعبود، المتصف بالكرم والجود، والمتفضل على الخلق بما لا يحصى وهو المعطي الودود، والصلاة والسلام على أجود الخلق طرا، وأرفعهم ذكرا، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ما ذُكر الله سراً وجهراً. وبعد: فيقول ربنا تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [التغابن: 16]. وردت الآية في سورة التغابن بعد إخبار الله تعالى عباده بأن الأموال والأولاد فتنة، وذلك لتغير أحوالهم وتقلبها على كثرتها، مما يشغل العبد عن التعبد والتزود للآخرة، فما يكاد يتعبد ربه إلا بأداء الفرائض، فالمال وحده فتنة لصاحبه إن لم يقم فيه بحق الله وأمره؛ حيث يشغله التكثر منه وطلبه عن أمور الآخرة، بل يشغل كثيراً من الناس عن الفرائض والواجبات، لأن المال دافع إلى الدعة والمبالغة في تلبية رغبات النفس الدنيوية وشهواتها، والانشغال بالمظهر الخارجي مع إهمال الباطن، حتى إذا كثرت أمواله امتنع عن أداء الحقوق المالية الواجبة إلا من وفقه الله وهداه، وهذا نوع من فتنة المال. وأما الأولاد فهم من زينة الدنيا وزخرفها، جبلت النفوس على حبهم كما جبلت على حب الأموال، والحب أكبر عامل يدفع صاحبه لإرضاء محبوبه والاهتمام لأمره، وكلما كثر الأولاد كان ذلك أدعى إلى الانشغال بجمع المال لإسعادهم، وكانوا هم أدعى له إلى الحرص على عدم إنفاقه ولو في الخير. ومما يدل على تغير طبع الإنسان بعد أن يهبه الله الولد ما روى الحاكم والبيهقي وغيرهما بألفاظ متفاوتة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ الْوَلَدَ مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ مَجْهَلَةٌ مَحْزَنَةٌ» أي يحمل أبويه على البخل والجبن والجهل ويكون سبباً للحزن لاهتمامهما لأموره، وهذا وجه من أوجه فتنة الأولاد. ولما كانت هاتان النعمتان فتناً في بعض حالاتها، جبل المرء على حبهما والتعلق بهما، أمر الله ببذل الوسع والجهد في التقوى ما استطاع العبد إليها، وخص الإنفاق بالذكر مع اندراجه في الأمر بالتقوى والسمع والطاعة لأهميته، فالتعلق الجبلي بالمال يحمل صاحبه على البخل، ثم على الحرص الشديد على عدم الإنفاق، وهو الشح على رأي. فإذا اتقى المسلم ربه في طلب الرزق بطرق مشروعة مباحة، فليكمل تقواه بالإنفاق منه وجوباً واستحباباً، ويجعل بين شح نفسه وبينه وقاية حتى لا تحدثه بالمنع الذي لا إنفاق معه، والذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ عز وجل حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ، وَوَأْدَ الْبَنَاتِ، وَمَنْعًا وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا؛ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ»، رواه البخاري ومسلم. فمعنى قوله «منعاً وهات»: أن يمنع الحقوق التي تجب عليه فلا يؤديها إلى أهلها، ومع ذلك يطلب مالا يستحقه، وهذا محرم بنص الحديث. ولما كان الكرم خلاف الطبع المجبول عليه، كان إحدى ركائز المدح عند العرب والمسلمين إلى اليوم، بل يعتبر السخاء والكرم غطاء للعيوب، وشفيعاً لصاحبه بين الناس، لكثرة إحسانه إلى إخوانه، ولعموم نفعه وغلبة خيره. وفي القرآن الكريم: (مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ﴾ [التوبة: 91]، قال القرطبي رحمه الله: «هذه الآية أصل في رفع العقاب عن كل محسن». وقد ورد قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ مرتين في القرآن، في آية سورة التغابن المذكورة بعد الأمر بالإنفاق، وفي سورة الحشر بعد مدح الأنصار رضوان الله عليهم بصفة الإيثار، والإيثار درجة عالية من الكرم، حيث يقدم الكريم غيره على نفسه، فيعطي ما يحبه لغيره إيثاراً للآخر، وهذا مقام يستحق صاحبه هذا التتويج الرباني: ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾، فالكرم والجود طريق العبد إلى الفلاح والربح والفوز المنشود.
الحمد لله الذي أسعد قلوب أوليائه، وأثلج بالعبادة صدور أصفيائه، والصلاة والسلام على خاتم رسله وأنبيائه، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لسنته المخلصين في ولائه. وبعد: فيقول ربنا الكريم: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ...
الحمد لله الذي أنزل القرآن عربياً قولاً ثقيلاً، وجعله هادياً إليه وحبلاً متيناً وأقوم قيلاً، والصلاة والسلام على من رتل الوحي ترتيلاً، وتهجد به تعبداً وتبتيلاً، وعلى صحبه الذين تدبروه وعملوا به فكانوا أهدى سبيلاً،...
الحمد لله المتصف بالبقاء، المتفضل بجزيل العطاء، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه، وعلى التابعين ما دامت الأرض والسماء. وبعد: فيقول الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، ويقول سبحانه: ﴿فَمَنْ...
الحمد لله فرض طاعة رسوله على عباده، وزكاه في عقله ومنطقه وفؤاده، والصلاة والسلام على الرؤوف الرحيم، نبينا محمد الرسول الكريم، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم المتمسكين بالدين القويم. وبعد: فيقول الله تعالى: ﴿مَنْ يُطِعِ...
الحمد لله حمداً يليق بوحدانيته، سبحانه تفرد فليس كمثله شيء في فردانيته، والصلاة والسلام على من آخى بين المهاجرين والأنصار، نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين لهم في كل الأزمان والأمصار. وبعد: فإن الله تعالى يقول:...
الحمد لله الذي خصنا بفضائل عظيمة، وأعطانا ليلة القدر الكريمة، والصلاة والسلام على نبينا محمد خير من لله تعبد، وأحيا ليله بالصلاة وتهجد، وعلى آله وصحابته والتابعين لهم ما تتابع الزمان وتجدد. وبعد: فيقول الله...
الحمد لله الذي تفرغ لعبادته المعتكفون، وقصد بابه الطامعون الخائفون، والصلاة والسلام على أفضل من صام لله وتعبد، وقام بين يديه وتهجد، وعلى آله وصحبه ما قصر النهار وتمدد. وبعد: فيقول الله تعالى: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى...
الحمد لله الرحمن الغفار، تفضل على عباده بطول الأعمار، وبلغهم مواسم الخيرات للاجتهاد والادخار، والصلاة والسلام على نبينا محمد ما مسح الليل ضوء النهار، وعلى آله وصحبه والتابعين لما لهم من الآثار. وبعد: فقد صح...
الحمد لله الذي يقبل التائبين، ويجيب دعوة المضطرين، ولا يخيب سعي الراجين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين إلى يوم الدين. وبعد: فقد روى الترمذي رحمه الله عن أنس...
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فقد خاطب ربنا تعالى نبيه فقال: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ [الزمر: 30]، وقال سبحانه: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ...
الحمد لله المنعم على عباده، المكرم لهم بإحسانه وإمداده، جعل الدنيا متاعاً قليلاً، والآخرة نعيماً خالداً لمن اتخذ إلى ربه سبيلاً، والصلاة والسلام على من بعثه الله للخلق نبياً ورسولاً، وعلى آله وصحبه والتابعين ما...
الحمد لله الذي جعل للإنسان لباساً، وجعل له في الشرع ضابطاً ومقياساً، والصلاة والسلام على من جعله للخلق نبراساً، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن جعلهم لهذا الدين حراساً. وبعد: فيقول الله تبارك وتعالى:...