alsharq

فضيلة الشيخ د. عبدالعزيز بن عبدالله آل ثاني

عدد المقالات 50

الخشوع جوهر العبادة

08 مارس 2025 , 10:35م

الحمد لله الذي تخشع له قلوب المؤمنين، وتذل له رقاب الطائعين، والصلاة والسلام على أخشى الخلق لربه وأتقاهم، نبينا محمد خاتم الرسل وأولاهم، وعلى آله وصحبه والتابعين المقتدين بهداهم. وبعد: يقول ربنا تبارك وتعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ [المؤمنون: 1-2]، مما هو معلوم أن العبادات المفروضة والمسنونة ليست مجرد حركات أو التزامات يؤديها العبد وتنتهي، بل كل عبادة فرضها الله تعالى لها غايات عظيمة متعددة في الدنيا والآخرة، ومن تلك الغايات في الدنيا تربية النفس وتطهيرها، والارتقاء بها في مدارج السالكين؛ حيث ينبغي على المتعبد أن يحرص على تحقيقها أثناء أداء العبادات ويستمر عليها بعد ذلك، ومن أعظم تلك العبادات الصلاة، ولها أركان فعلية وقولية، يجب أن تكون مطابقة لصلاة رسول الله عليه الصلاة والسلام حتى تصح وتحظى بالقبول، وكذلك ينبغي أن يكون فيها من الخشوع ما يجعلها أشبه بصلاته صلى الله عليه وسلم، القائل: (وَصَلُّوا ‌كَمَا ‌رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي) رواه البخاري. والخشوع حالة قلبية يظهر أثرها على سلوك العبد وتصرفاته، وهو من عوامل التلذذ بالعبادة حتى تصبح النفس ترتاح بها، وهذا الذي يُفتقد اليوم في كثير من العبادات؛ حيث انصب الاهتمام بالمظهر مع إغفال الجوهر، والأولى أن يطابق عمل الجوارح وسلوكها عمل القلب وهيئته، وإلا كان النفاق صفة لمن ساء باطنه وحسن ظاهره، وللخشوع عوامل وعوائق؛ فمن عوائقه: • كثرة التفكر في الدنيا حتى عند الاستعداد لأداء العبادة، ففي الحديث: (مَنْ ‌كَانَتْ ‌الدُّنْيَا ‌هَمَّهُ فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ…) رواه ابن ماجه، فلا يدري كيف ولا كم صلى. • وسوسة الشيطان: وفي الصحيحين؛ أن الشيطان يخطر بين المرء ونفسه في الصلاة يُذَكّره بأمور دنياه فلا يدري ما يصلي. • النظر إلى العبادة كأنها ثقل وكلفة أو عقوبة، فلا يؤديها المرء إلا مكرهاً، أو يريد أن يفتك بأدائها من الكلفة التي عليه، وبعبارة أوضح ينبغي على العبد فعل العبادة ليرتاح بها وليس ليرتاح منها، فلا بد من محبة العبادة للتلذذ بها حتى يحصل الخشوع فيها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (يَا بِلَالُ أَقِمِ الصَّلَاةَ ‌أَرِحْنَا بِهَا) رواه أبو داود. • تضييق الوقت على النفس في العبادة: إن من الحكم في منهج النبي عليه الصلاة والسلام في العبادة حمل النفس على العبادة حتى تألفها وتنشط إليها، فالذي يصوم من شعبان ما تيسر له يدخل في صيام رمضان ونفسه قد ألفت الصيام فيلتذ به من أول يوم، وكذلك الذي يذهب إلى المسجد قبل الأذان ويجلس منتظراً الصلاة والملائكة تدعو له، هذا يدخل مع الإمام بنفس قابلة للخشوع من تكبيرة الإحرام، لأنه في الغالب يكون قد صفى ذهنه من الاهتمام بالدنيا في تلك اللحظات التي رابط فيها داخل المسجد، أما من يرقب الوقت حتى تبقى دقيقة لإقامة الصلاة ثم يركض ركضاً، كيف يخشع في صلاته؟ والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (إِذَا ثُوِّبَ لِلصَّلَاةِ فَلَا تَأْتُوهَا ‌وَأَنْتُمْ ‌تَسْعَوْنَ. وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا. وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا. فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا كَانَ يَعْمِدُ إِلَى الصَّلَاةِ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ) رواه مسلم. والسعي يكون أسرع من المشي، وهذه الحالة تتنافى مع الخشوع، وفي قوله: “فإن أحدكم إذا كان يعمد…” إشارة إلى أن العبد يكون قبل الصلاة كما يكون في الصلاة، ومن هنا نستنبط أن للصلاة أثراً قبل فعلها وبعد فعلها، فإذا اجتنب العبد هذه العوائق وأمثالها حصل له بإذن الله الخشوع في عبادته، ونحن في شهر تكثر فيه العبادات بأنواعها، لاسيما الصلاة، وربما يبحث المسلم عن إمام قراءته تخشع لها القلوب، ومع ذلك لا يخشع بسبب هذه العوائق وغيرها، ومن كمل إيمانه خشع في صلاته وجميع عباداته. نسأل الله خشيته في الغيب والشهادة.

سنن العيد

الحمد لله الذي أسعد قلوب أوليائه، وأثلج بالعبادة صدور أصفيائه، والصلاة والسلام على خاتم رسله وأنبيائه، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لسنته المخلصين في ولائه. وبعد: فيقول ربنا الكريم: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ...

العربية طريق تدبر القرآن

الحمد لله الذي أنزل القرآن عربياً قولاً ثقيلاً، وجعله هادياً إليه وحبلاً متيناً وأقوم قيلاً، والصلاة والسلام على من رتل الوحي ترتيلاً، وتهجد به تعبداً وتبتيلاً، وعلى صحبه الذين تدبروه وعملوا به فكانوا أهدى سبيلاً،...

عرفت فالزم

الحمد لله المتصف بالبقاء، المتفضل بجزيل العطاء، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه، وعلى التابعين ما دامت الأرض والسماء. وبعد: فيقول الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، ويقول سبحانه: ﴿فَمَنْ...

زكاة الفطر شعيرة العيد

الحمد لله فرض طاعة رسوله على عباده، وزكاه في عقله ومنطقه وفؤاده، والصلاة والسلام على الرؤوف الرحيم، نبينا محمد الرسول الكريم، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم المتمسكين بالدين القويم. وبعد: فيقول الله تعالى: ﴿مَنْ يُطِعِ...

رمضان والشعور بالانتماء

الحمد لله حمداً يليق بوحدانيته، سبحانه تفرد فليس كمثله شيء في فردانيته، والصلاة والسلام على من آخى بين المهاجرين والأنصار، نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين لهم في كل الأزمان والأمصار. وبعد: فإن الله تعالى يقول:...

الفرصة العظيمة في العشر الأواخر

الحمد لله الذي خصنا بفضائل عظيمة، وأعطانا ليلة القدر الكريمة، والصلاة والسلام على نبينا محمد خير من لله تعبد، وأحيا ليله بالصلاة وتهجد، وعلى آله وصحابته والتابعين لهم ما تتابع الزمان وتجدد. وبعد: فيقول الله...

انووا الاعتكاف.. تربحوه

الحمد لله الذي تفرغ لعبادته المعتكفون، وقصد بابه الطامعون الخائفون، والصلاة والسلام على أفضل من صام لله وتعبد، وقام بين يديه وتهجد، وعلى آله وصحبه ما قصر النهار وتمدد. وبعد: فيقول الله تعالى: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى...

بقي الثلث.. والثلث كثير

الحمد لله الرحمن الغفار، تفضل على عباده بطول الأعمار، وبلغهم مواسم الخيرات للاجتهاد والادخار، والصلاة والسلام على نبينا محمد ما مسح الليل ضوء النهار، وعلى آله وصحبه والتابعين لما لهم من الآثار. وبعد: فقد صح...

من أسباب المغفرة

الحمد لله الذي يقبل التائبين، ويجيب دعوة المضطرين، ولا يخيب سعي الراجين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين إلى يوم الدين. وبعد: فقد روى الترمذي رحمه الله عن أنس...

الرزية في فقد العالم

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فقد خاطب ربنا تعالى نبيه فقال: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ [الزمر: 30]، وقال سبحانه: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ...

وسوف تُسألون

الحمد لله المنعم على عباده، المكرم لهم بإحسانه وإمداده، جعل الدنيا متاعاً قليلاً، والآخرة نعيماً خالداً لمن اتخذ إلى ربه سبيلاً، والصلاة والسلام على من بعثه الله للخلق نبياً ورسولاً، وعلى آله وصحبه والتابعين ما...

الإسلام مظهر ومخبر

الحمد لله الذي جعل للإنسان لباساً، وجعل له في الشرع ضابطاً ومقياساً، والصلاة والسلام على من جعله للخلق نبراساً، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن جعلهم لهذا الدين حراساً. وبعد: فيقول الله تبارك وتعالى:...