عدد المقالات 193
ظاهرة غريبة ودخيلة علينا، تفاقمت في أغلى مناسبة وطنية، وكان طبيعيا أن يستنكرها الجميع كونها تعطي صورة سلبية سيئة عن تصرفات بعض أبناء المجتمع في كيفية التعامل مع المناسبات الوطنية. ما حدث في «كتارا» من فوضى واستخدام رشاشات الصابون والخيوط المطاطية والتعدي على المارة واعتلاء أسطح السيارات وفتح الأبواب، مع احتفال الدولة بذكرى اليوم الوطني، كان أمراً مسيئاً حرّك الرأي العام ما بين غاضب ومستنكر. وكعادتها في مواجهة كل خروج عن نص الأخلاق وكل ظاهرة سيئة غريبة على مجتمعنا، تحركت الجهات المسؤولة بوزارة الداخلية لوضع حد لهذه التصرفات في إيقاف 65 مخالفا و90 حدثا من جنسيات مختلفة لارتكابهم ممارسات وسلوكيات مخالفة خلال الاحتفال باليوم الوطني. كما تم ضبط 600 مركبة لقيام سائقيها بسلوكيات مخالفة، حيث تم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين، وهذا التحرك كان محل ترحيب من الجميع. كل الشكر لوزارة الداخلية وعلى رأسها سعادة الشيخ خليفة بن حمد بن خليفة آل ثاني وزير الداخلية قائد قوة الأمن الداخلي «لخويا»، على تحركها السريع بشأن ما حدث، وحقيقة فإنها تواجه بحزم كل ما يعكر صفو حياة الآمنين، ومن ذلك العمل على حماية الأرواح وفرض العقوبات على مخالفي قوانين المرور، والعمل على وقف «التفحيط» إلى درجة «فرم» السيارات المخالفة والتي يتورط أصحابها في تهديد أرواحهم وأرواح غيرهم. قوانين المرور ليست مجرد نصوص تُعد قوانين المرور إحدى الركائز الأساسية التي تحفظ النظام والأمن في المجتمعات. فهي ليست مجرد نصوص قانونية تُسن لتنظيم حركة المركبات، بل هي أدوات لتعزيز الأمان، وترسيخ القيم الأخلاقية، وردع المتهورين الذين يهددون حياة الناس وسلامة الممتلكات. وفي دولة قطر، جاء القانون رقم 19 لسنة 2007 الخاص بالمرور ليضع إطارا متكاملا يُنظم حركة السير، ويؤكد على الالتزام بالآداب العامة، مع فرض عقوبات صارمة على من يعبث بالأمن أو يهدد النظام العام. الأخلاق والآداب العامة مرتكز أساسي لقوانين المرور الأخلاق والآداب العامة ليست فقط جزءا من الثقافة المجتمعية، بل هي أيضا عنصر أساسي من قوانين المرور التي تهدف إلى حماية الأفراد والمجتمع ككل. وينص القانون القطري في المادة 52 على منع أي أفعال تخالف الآداب أو التقاليد أثناء قيادة المركبات، مما يعكس اِلتزام الدولة بترسيخ القيم الأخلاقية في الإطار المجتمعي العام. وإن هذا النص يُبرز أهمية احترام القيم الاجتماعية، سواء كان ذلك من خلال الالتزام بالسلوكيات المهذبة أثناء القيادة، أو الامتناع عن أي تصرف قد يُشعر الآخرين بعدم الراحة أو الإهانة. فالقيادة ليست مجرد عملية تقنية، بل هي سلوك اجتماعي يعكس احترام الفرد لحقوق الآخرين، وكذلك وعيه بدوره في الحفاظ على سلامة المجتمع. كما أن التصرفات المخالفة للآداب، مثل الصخب أو استخدام المركبة في أفعال مسيئة، لا تنتهك القوانين فحسب، بل تقوض أسس التعايش المشترك والمسؤولية المجتمعية. لذلك، يعد الالتزام بالآداب العامة أثناء القيادة جزءا أساسيا من رؤية شاملة تهدف إلى جعل الطرق في قطر أكثر أمانا وحضارة. مواجهة الاستهتار بالصرامة والحزم إن التجاوز عن المخالفات المرورية الخطيرة لا يؤدي إلا إلى المزيد من الحوادث والفوضى. ولذلك، شدد قانون المرور القطري على فرض عقوبات صارمة بحق المستهترين والعابثين. فمثلا؛ تمنح المادة 88 إدارة المرور الحق في حجز المركبة لمدة تصل إلى 90 يوما في حالات مثل القيادة تحت تأثير المخدرات أو المسكرات، أو السياقة برعونة تعرض حياة الآخرين للخطر. وتفرض المادة 95 عقوبات تصل إلى الحبس والغرامة على كل من يخالف القوانين الأساسية، مثل القيادة عكس الاتجاه أو تجاوز السرعات المقررة. وهذه المواد القانونية تُظهر بوضوح أن الدولة تتبنى سياسة الحزم «الضرب بيد من حديد» على كل من يهدد النظام العام أو يستهتر بحياة الناس. فالتهاون مع مثل هذه المخالفات قد يفتح الباب أمام المزيد من الحوادث والمآسي بين أبناء المجتمع القطري. وبالتالي، فإن هذه القوانين لا تهدف فقط إلى الردع، بل إلى حماية أرواح الأبرياء وضمان السلامة العامة على الطرق. وتطبيقها بصرامة يعكس التزام الدولة بترسيخ ثقافة احترام القانون وتعزيز المسؤولية المجتمعية. ومع ذلك، يبقى دور التوعية المجتمعية، وتعزيز الوعي المروري محوريا للحد من هذه السلوكيات. القوانين المرورية: حماية للأرواح وتعزيز للسلوكيات الأخلاقية تُعَدّ القوانين المرورية أداة أساسية لضمان سلامة الجميع على الطرقات، حيث تُلزم المادة 53 السائقين بالتقيد بالسرعات المقررة وتعديلها وفقا لحالة الطريق، سواء كانت حالة الطقس سيئة أو الطريق مزدحما. وهذا الالتزام يعكس الاهتمام الكبير بحماية الأرواح وتقليل مخاطر الحوادث التي قد تُخلّف آثارا مدمرة على الأفراد والمجتمع. وعلاوة على ذلك، تُبرز هذه المادة أهمية التوازن بين الالتزام بالقوانين واحترام حقوق الآخرين، مشيرة إلى أن السلوكيات المرورية الإيجابية لا تحمي فقط السائق نفسه، بل تسهم في بناء بيئة مرورية آمنة ومُنظمة. فالسائق الذي يلتزم بالقواعد المرورية يُظهر احترامه للمشاة وحقهم في عبور الطريق بأمان، وكذلك للمركبات الأخرى التي تشارك الطريق. وهذا الاِلتزام يعزز القيم الأخلاقية، مثل التعاون واحترام الحقوق المتبادلة بين أفراد المجتمع، مما ينعكس على السلوك العام ويُسهم في ترسيخ ثقافة الانضباط والاحترام في الحياة اليومية. ومن خلال مثل هذه القوانين، يتم الجمع بين الحماية الجسدية للأرواح والسعي لتعزيز قيم الأخلاق والاحترام على الطريق، لتكون الطرقات وسيلة للانتقال الآمن وليست ساحة للخطر أو الفوضى. الردع القانوني ضرورة مجتمعية إن فرض العقوبات الصارمة لا يهدف إلى معاقبة الأفراد فقط، بل يسعى إلى تحقيق الردع العام. فعندما يعلم الجميع بأن هناك عواقب قانونية وخيمة لأي تجاوز، يصبح الالتزام بالقوانين خيارا منطقيا. ولهذا، ركز قانون المرور القطري على مكافحة السلوكيات الخطرة، مثل القيادة عكس الاتجاه أو الهروب من موقع الحادث، والمشاركة في سباقات غير مرخصة، والسماح باستخدام المركبة في أغراض مخالفة لشهادة تسجيلها. ولا بد من تعزيز الأمان في المناسبات الوطنية، ففي اليوم الوطني لدولة قطر على سبيل المثال، تتجلى أهمية الالتزام بالقوانين المرورية أكثر من أي وقت آخر، حيث تعكس المناسبات الوطنية الهوية القَطرية، والقيم الحضارية والإنسانية للمجتمع القطري، وأهمية الالتزام بالسلوكيات المرورية المنضبطة خلال هذه المناسبات، وهو ما يعكس الوحدة الوطنية والولاء للدولة، وهو يجعل الطرق مكانا آمنا ومريحا للجميع. العلاقة بين الالتزام بالآداب العامة والنظام إن الالتزام بالآداب العامة أثناء القيادة ليس مجرد مطلب قانوني، بل هو ضرورة أخلاقية تُسهم في تعزيز الروابط المجتمعية وتحقيق الانسجام بين مستخدمي الطريق. فعندما يلتزم السائقون بالقوانين ويتجنبون التصرفات المسيئة، مثل التهور أو التجاوز غير الآمن، فإنهم يسهمون في خلق بيئة مرورية إيجابية تُقلّل من التوتر بين السائقين وتحدّ من الحوادث المؤسفة. كما يُعزّز هذا الالتزام الشعور بالمسؤولية الجماعية، حيث يدرك كل فرد دوره في الحفاظ على النظام العام وضمان سلامة الآخرين، مما يُفضي إلى بناء مجتمع أكثر تعاونا واحتراما. ولا يمكن تحقيق الالتزام التام بالقوانين من خلال العقوبات فقط؛ بل يجب أن يُصاحب ذلك جهود توعية مستمرة. يُمكن للحملات الإعلامية والبرامج التثقيفية أن تُسهم في تعزيز وعي الأفراد بأهمية القوانين ودورها في حماية الأرواح والممتلكات. كما أن إدماج موضوعات السلامة المرورية في المناهج الدراسية يُمكن أن يغرس القيم الصحيحة لدى الأجيال القادمة. حلول عملية لتطبيق القوانين وتعزيز الالتزام لتحقيق اِلتزام فعال بالقوانين المرورية والحد من السلوكيات السلبية على الطرق، يتطلب الأمر تبني حلول عملية متعددة الجوانب. فأولا، يمكن استخدام التقنيات الحديثة مثل الكاميرات الذكية والرادارات المتطورة لضبط المخالفات في الوقت الفعلي، ما يسهم في تعزيز الرقابة وتحقيق الردع الفوري للمخالفين. وثانيا، يمكن تعزيز الحوافز الإيجابية عبر تقديم مكافآت للسائقين الملتزمين، كمنح تخفيضات على رسوم الترخيص أو تقديم امتيازات خاصة، مما يعزز من ثقافة الالتزام بالقوانين بطريقة مشجعة. فضلا عن ذلك، يُعد تفعيل دور المجتمع المدني من خلال حملات التوعية المرورية والمبادرات المجتمعية أمرا أساسيا، حيث تسهم هذه الجهود في بناء وعي عام بأهمية السلامة المرورية وتأثيرها المباشر على حماية الأرواح والممتلكات. ومن الضروري أيضا تشديد العقوبات على المخالفين، خصوصا في حالات التفحيط والقيادة المتهورة، لضمان تطبيق القوانين بصرامة وعدالة. وإن تنفيذ هذه الإجراءات بشكل متكامل، مع تكثيف التوعية الإعلامية ودمج التكنولوجيا في إدارة المرور، سيؤدي إلى بناء ثقافة مرورية قائمة على الالتزام والمسؤولية، مما يعزز أمن الطرق ويرتقي بجودة الحياة في المجتمع. وفي نهاية الأمر، يمثل الالتزام بقوانين المرور مسؤولية مشتركة بين الأفراد والجهات المعنية، حيث إن تحقيق السلامة المرورية يعتمد على وعي المجتمع وتطبيق القوانين بصرامة. ومن هنا تأتي أهمية التعامل بحزم مع ظاهرة التفحيط والمخالفات المرورية التي تعرض حياة الآخرين للخطر، إذ يجب أن تكون العقوبات الرادعة أداة لتقويم السلوكيات السلبية وحماية الأرواح. وإنه ينبغي تعزيز الجهود التوعوية لتذكير الناس بأهمية الالتزام بقوانين المرور كواجب وطني وإنساني، بالتوازي مع تكثيف الرقابة المرورية وتطبيق العقوبات على المخالفين. وإن الالتزام العام بالقوانين المرورية ليس مجرد خيار شخصي، بل هو ركيزة أساسية لتحقيق الأمن والاستقرار والرفاهية للمجتمع بأسره. أكرر توجيه خالص الشكر لسعادة الشيخ خليفة بن حمد بن خليفة آل ثاني وزير الداخلية قائد قوة الأمن الداخلي «لخويا»، وكل منتسبي وزارة الداخلية، على جهودهم لحماية الأرواح وفرض الأمن، ومواجهة كل سلوك خارج مسئ لمجتمعنا، وستبقى قطر بتعاون وجهود كل أبنائها وطن الأمان وواحة الاستقرار. @falehalhajeri
لم يكن مساء التاسع من سبتمبر 2025 يوما عاديا في تاريخ قطر والمنطقة. فالعاصمة الدوحة، التي اعتادت أن تكون جسرا للحوار وميدانا للوساطة، فوجئت بضربة إسرائيلية غادرة استهدفت أرضها في سابقة خطيرة هي الأولى من...
في مشهد ينذر بتحول نوعي في مسار العدوان الإسرائيلي الوحشي بالمنطقة، استهدفت صواريخ إسرائيلية مساء أمس الثلاثاء، «دوحة السلام»، لتُصيب مقرات سكنية يُقيم فيها عدد من أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس، ممن كانوا منخرطين في...
في زمن بات تناول الألم والعذاب الذي يعيشه إخواننا في غزّة بشكل اعتيادي، كان صوت الصحفي الميداني أنس الشريف من قلب المأساة الفلسطينية، بمثابة صرخة ضمير: «لم أتمالك نفسي من هول المجازر، لكنني وجدت صوت...
لم تعد الوساطة في النزاعات الدولية حكرا على القوى الكبرى أو المنظمات الأممية، بل برزت دولة قطر في العقدين الأخيرين كلاعب محوري في هذا المضمار، تجمع بين الحياد السياسي، والقدرة الاقتصادية، وشبكة علاقات إقليمية ودولية...
بين اتساع رقعة الحرائق في الإقليم، واستمرار الاشتباك المباشر بين إيران وإسرائيل، وجدت دولة قطر نفسها – دون رغبة أو انخراط – أمام لحظة فارقة. ولم تكن الدوحة طرفا في المواجهة، لكنها استُهدفت. ولم تكن...
في 14 مايو 2025 حطّت طائرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الدوحة، في زيارة تاريخية تأتي تتويجا لجولة في المنطقة شملت أيضا قمة خليجية-أمريكية في الرياض قبل يوم واحد. وهذه الزيارة الرئاسية إلى قطر –...
في مرحلة تتسم بتشابك الأزمات وتعدد مسارات النزاعات في المنطقة العربية والشرق الأوسط، تبرز دولة قطر كفاعل دبلوماسي نشط يسعى لإعادة صياغة المشهد الإقليمي، انطلاقا من رؤية قائمة على الحوار والشراكة، لا على الصدام والاستقطاب....
«قطر أظهرت قولاً وعملاً على مر السنين تضامنها الكامل ودعمها المطلق للبنان»، ربما تكون هذه العبارة الأكثر توضيحاً للموقف القطري من لبنان على مر السنين. وتزداد أهميتها أنها على لسان رأس الدولة اللبنانية فخامة الرئيس...
بداية الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة والشعب الفلسطيني، كانت دولة قطر حاضرة في الخطوط الأمامية للجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى وقف إطلاق النار، وتخفيف المعاناة الإنسانية عن الشعب الفلسطيني. وهذا الدور لم يكن وليد...
لم تتأخر دولة قطر في تقديم الدعم للشعب السوري الشقيق منذ اندلاع الثورة السورية في مارس 2011، واضعة الجانب الإنساني والوقوف بجانب الشعب السوري في مقدمة أولوياتها. فقد جاءت الأزمة السورية كواحدة من أسوأ الكوارث...
دعوة فخرية تلقيتها من مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع للمشاركة في احتفالية الذكرى الثلاثين لتأسيسها، وهي لحظة فارقة تستحق التوقف والتأمل. إذ على مدار هذه السنوات، تحولت المؤسسة التي انطلقت برؤية طموحة من مبادرة...
ستبقى الزيارة الرسمية لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى سوريا أمس خالدة في الذاكرة وعلى صفحات التاريخ. فبوصول حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير...