alsharq

د. محمد عياش الكبيسي

عدد المقالات 336

د. هدى النعيمي 26 أكتوبر 2025
صدى روايات خالد حسيني.. تردده الأجيال
مريم ياسين الحمادي 25 أكتوبر 2025
توجيهات القيادة
هند المهندي 26 أكتوبر 2025
ريادة قطرية في دبلوماسية السلام

محاكمة الهاشمي.. دلالات ومفارقات

18 سبتمبر 2012 , 12:00ص

بعد تردد طويل وتأجيلات متكررة صدر الحكم بإعدام نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي. وقد حمل الحكم مفارقات لا يمكن تصورها إلا في ظل القضاء «العراقي» الجديد الذي تشكل ونما في ظل الاحتلال الأميركي الإيراني المزدوج. أولى هذه المفارقات أن الهاشمي كان قد فقد ثلاثة من أشقائه غدرا، وكان من المفترض أن يتلقى الهاشمي من المؤسسات المعنية ما يطمئنه أن التحقيق آخذ مجراه، وأن الجناة سيكونون في قبضة العدالة، لكن الهاشمي فوجئ بأنه هو هو المطلوب للعدالة وليس أولئك الجناة! في هذه المفارقة لا يحتاج المراقب إلى كثير من الذكاء ليكشف أن «إعدام الهاشمي» بسكين «القضاء» لا يختلف عن إعدام أشقائه بسكين الغدر، بل ربما لم يكن إعدام أشقائه إلا محاولات لإقناعه هو بالتنحي عن طريق المالكي، لكن إصراره على مواصلة المسير لم يترك فرصة للمالكي ومؤسساته «القضائية» إلا أن يستخرجوا الملفات التي كانت تجمع لسنوات طويلة لتؤدي دورها المطلوب في الوقت المناسب. أما المفارقة الثانية فإن الهاشمي كان أول مسؤول عراقي يضع يده على شاربه –وهي تعني عند العراقيين الكثير-ليقول للمعتقلين: «أنتم بهذا الشارب» وهو ما يعني أنه سيمارس دوره كنائب للرئيس في فتح ملفات هؤلاء المعتقلين والتحقيق فيها وربما استصدار قانون العفو العام، خاصة أن غالبهم لم توجه له أي تهمة قضائية، لكن قبل أن يتمكن الهاشمي من فتح هذه الملفات فتح المالكي ملفات أخرى من شأنها أن تزج بالهاشمي في صفوف هؤلاء المعتقلين بل وفي مقدمتهم لتحكم عليه قبل غيره بالإعدام! وأيا ما كان قصد الهاشمي بهذا التعهد الجريء والحازم فإن المالكي قرر ألا يمنح هذا الشرف للهاشمي، فلو تمكن الهاشمي من الوفاء بتعهده هذا لأصبح رمزا للمظلومين وأملا لهم، وهذا من شأنه أيضا أن يحفّز كل المظلومين ليلتفّوا حول قياداتهم ومن ثم تتوطد أواصر الثقة بين الجمهور السني وقياداته السياسية، وسيكون لهذا تداعيات لها أول وليس لها آخر في حسابات المالكي. من هنا كان رد المالكي سريعا وعنيفا، وربما تحقق له بهذا الرد بعض ما خطط له خاصة مع وجود حالة من الفوضى وتضارب المواقف والمعلومات في الشارع السني إلى الحد الذي جعل بعض أقرباء المعتقلين وذويهم يرددون اليوم: أين تعهدات الهاشمي؟! وقد كان سياق الأحداث وتسلسلها يقضي بتعاطف هؤلاء أكثر من غيرهم مع الهاشمي. وهنا لا بد لنا من وقفة جادة مع الشارع السني الذي يتعرض اليوم للظلم ومحو الهوية ويتعرض أبناؤه للاضطهاد والاعتقال بل وللتعذيب والقتل، هذا الشارع الذي لم يحرك ساكنا في الفضيحة الكبرى التي فجرها ليث الدليمي والتي كشف فيها على شاشة العراقية عن أبشع أنواع التعذيب التي يتعرض لها شباب السنّة في سجون المالكي لنزع الاعترافات القسرية منهم، ولم يحرك سواكنه أيضا وهو يسمع قرار الحكم بإعدام الهاشمي والذي تزامن مع قرارات أخرى تقضي بإعدام ما يزيد على مئتين وخمسين شابا من خيرة شباب أهل السنّة. إن هذه التحديات المتراكمة والمتصاعدة كان من شأنها أن تطيح بأعتى حكومة مهما كان نظامها الأمني والبوليسي، فما الذي جرى لهذا الشارع؟ وهو قبل أيام كان يناجز المارينز وآلياته الجبارة في كل حي وزقاق من ذلك المثلث أو المستطيل السنّي! إن التعذر بأخطاء القادة وإخفاقاتهم واختلافاتهم لن يغير من الواقع شيئا، وإن ثقافة التشفي واستذكار الأخطاء مع كل عدوان يحصل على هذا الطرف أو ذاك ليس من شأنه إلا أن يعمق في الشارع السني روح السلبية، وإذا كان ما تعرض له الهاشمي يصح دليلا بذاته على فشل تجربته فإن غير الهاشمي ممن يحملون رؤى مخالفة لرؤيته قد أصابهم ما أصاب الهاشمي وهاهم اليوم يعيشون خارج الحدود وبحماية الدول المجاورة تماما كما هو حال الهاشمي اليوم. الحقيقة التي لم تعد محجوبة إلا على من حجبته أحقاده الشخصية أن الجميع مستهدف مهما كان مشروعه وتوجهه طالما أنه ينتمي لاسم السنّة، كما أن الجميع لم يعد قادرا على تحريك الشارع، وقد مرت حوادث كثيرة ومتنوعة وبعناوين مختلفة وكانت ردة فعل الشارع السني تسير بنسق واحد من السلبية واللامبالاة، وقد طالت حملات الاعتقال كل ألوان الطيف السني بعلمائه وشبابه وسياسييه وقبائله، بإسلامييه وعلمانييه ومستقليه فلم تختلف حركة هذا الشارع، وإذا كان الهاشمي أو الدليمي لا يستحقان ردة الفعل المطلوبة من هذا الشارع فلماذا لا يتحرك هذا الشارع لإنقاذ عشرات الآلاف من المعتقلين والذين قد يواجهون الإعدام الفعلي ويتعرضون قبل الإعدام لما تشيب له الولدان من الانتهاكات؟ أما المفارقة الثالثة فإن الهاشمي والذي كان يحمل رتبة عسكرية مرموقة في الجيش العراقي السابق لكنه اختار طريقا آخر قد لا يتناسب مع وظيفته العسكرية؛ حيث اختار غير ذات الشوكة وانحاز للعمل السياسي وربما كان هذا بضغط من جماعة الإخوان المسلمين وقراراتها الشورية الملزمة فما الذي حصل؟ أولا: أن يحاكم الهاشمي بتهمة الإرهاب المسلح؛ حيث ألصقت به الكثير من عمليات الخطف والتفجير! وأن يقع تحت طائلة المادة الرابعة- إرهاب، وهو بالوقت ذاته يتعرض للوم والاتهام من قبل التيارات الجهادية بتخذيله للمجاهدين وتمريره للدستور وللاتفاقية الأمنية والمتضمنة للمادة الرابعة نفسها! وهذا وحده يعطينا صورة عن حجم الفوضى في المعلومات والتحليلات والاتهامات، وهو لا شك سبب أساس من أسباب اللامبالاة والسلبية التي تلف الشارع السني؛ حيث لم يعد هذا الشارع قادرا على فرز الصور والأسماء والمواقف، ومع ازدياد مقولات الشك والاتهامات المتبادلة أصبح الشارع لا يثق بالوعود والشعارات ولم يعد مستعدا للتضحية ليس لأنه يفتقر إلى الشجاعة بل لأنه يفتقر إلى الثقة. والنقطة التي لا بد من التنبه لها في هذا السياق أن المالكي الذي تمكن من فتح كل هذه الملفات «الإرهابية» بوجه الهاشمي وهو الشريك الأبرز في العملية السياسية فما الذي يضمره المالكي لأهل الفلوجة مثلا وهم الذين حملوا السلاح رجالا ونساء صغارا وكبارا وخاضوا معركتين من أشرس معارك التاريخ المعاصر؟ ثانيا: أن يلوذ الإخوان المسلمون بالصمت وعلى كل المستويات وهم الذين دفعوا الهاشمي إلى هذه المشاركة والتجربة المريرة، سواء منهم من اشترك معه في «العراقية» واستفاد من فائض أصواته الانتخابية أو من التحق به فيما بعد تحت هذا العنوان نفسه، أو الذين كانوا معه في الأُسر التنظيمية والمحاضن التربوية العريقة. وإذا كان إخوان العراق قد آثروا الصمت لحسابات سياسية أو شخصية معقدة فإنه ليس من المتوقع ولا من المفهوم أن لا يعبر إخوان مصر أو إخوان تونس مثلا عن أي موقف ولو من باب الالتزامات الإسلامية العامة، أو على الأقل أن يقوموا بدعوته كما قامت قيادة النهضة التونسية بدعوة «الإخوة» من قيادة حزب الله وحكومة الولي الفقيه في إيران. إن أهل السنّة في العراق ليسوا ضعافا إلى هذا الحد فما زالوا يمتلكون من أسباب الصمود والتماسك الشيء الكثير وكل المطلوب منهم اليوم أن يعيدوا قراءتهم للواقع الذي يعيشون فيه وللتجارب التي خاضوها بحلوها ومرها، وأن يعيدوا تقويم مواقفهم الذاتية وعلاقاتهم الخارجية بما يمكنهم من وضع الحد المطلوب لهذا التداعي والذي لم يسجل له التاريخ مثيلا إلا في تلك الأيام السوداء التي أعقبت سقوط بغداد على يد هولاكو. إن التضامن السنّي السنّي مهما اختلفت الآراء والتوجهات أصبح الآن ضرورة ليس لدفع الظلم عن هذا الطرف أو ذاك وإنما للحفاظ على أصل وجودهم وهويتهم وإلا فإن مستقبل السنة في العراق لن يكون بأحسن الأحوال بأفضل من حال السنّة في إيران اليوم.

لماذا هذا الهجوم المتزايد على صحيح الإمام البخاري؟ (4-4)

هناك من يردد سؤالاً آخر مؤدّاه، ماذا نفعل إذا وجدنا في البخاري ما يعارض القرآن الكريم، أو يعارض العقل؟ وهذا السؤال بدأ يتردد مع هذه الموجة كجزء من حملة التشويه ومحاولة النيل من مكانة البخاري...

لماذا هذا الهجوم المتزايد على صحيح الإمام البخاري؟ (3-4)

المسألة ليست مسألة تقديس للبخاري، ولو كانت المسألة كذلك لاتجه الناس إلى موطّأ الإمام مالك إمام دار الهجرة، أو مسند ابن حنبل إمام أهل السنّة، بل لقدّسوا مرويّات البخاري نفسه في كتبه الأخرى، فالمسألة عند...

لماذا هذا الهجوم المتزايد على صحيح الإمام البخاري؟ (2-4)

إن هذا الاضطراب والتخبّط لدى هؤلاء يكشف أيضاً عن جهل عريض في أصول هذه العلوم ومبادئها الأولية، ولذلك لا ترى هذا الطعن إلا منهم ومن أمثالهم، ممن لا علم لهم بالسنّة وعلومها. إن علماء السنّة...

لماذا هذا الهجوم المتزايد على صحيح الإمام البخاري؟ (1-4)

يتعرض صحيح البخاري هذه الأيام لحملة من التشكيك وإثارة الشبهات، مع حالة من الغموض بالنسبة لدوافعها وغاياتها، والعلاقات التي تجمع بين أصحابها، الذين كأنهم تفرّغوا اليوم أو فُرّغوا لهذه المهمة. هؤلاء بالعموم لم يُعرف عنهم...

جريمة نيوزيلندا في إطارها الأوسع

لست أهوّن أبداً من مشروعية الغضب في مثل هذه الصدمات، بل أعتبر هذا دليلاً على حياة الأمة واعتزازها بهويتها وبذاتها، وبالعنوان الكبير الذي يجمعها، رغم محاولات تغييبها وتجزئتها، فحينما أرى شاباً عربياً أو تركياً أو...

وقفة مع التجربة الإسلامية في السودان

قبل ثلاثين سنة، استبشر التيار الإسلامي بالانقلاب الذي قاده الرئيس عمر حسن البشير، وتصاعدت الآمال بالنموذج المرتقب للحكم الإسلامي المعاصر، وصار الناس يتداولون الأخبار والقصص عن زهد الرئيس البشير وتواضعه وحكمته، حتى سمعت من أحد...

خطوات سليمة لبناء مناهج التربية الإسلامية

بقرار من وزارة التعليم في دولة قطر، تشكلت لجنة من الكفاءات العالية لمراجعة وثيقة المعايير المتعلقة بمناهج التربية الإسلامية. وقد جاء القرار بحد ذاته ليعكس رؤية عميقة وواعدة يمكن تلخيصها في الآتي: أولاً: الاهتمام الخاص...

المعايير الناقصة والمغلوطة في محاكمة التاريخ (3-3)

إن الحكم الوراثي السلالي كان جزءاً من ثقافة العرب عموماً، فإذا مات شيخ القبيلة ورثه ابنه، فإن لم يتهيّأ كان أقرب الناس إليه، ودول العالم المجاور للجزيرة -على الأقل- لم تكن تعرف غير هذا، وحينما...

المعايير الناقصة والمغلوطة في محاكمة التاريخ (2-3)

من الغريب جداً أن «المتنورين» بروح العصر وقيمه وثقافته، يجعلون معيار الحكم على تلك المرحلة معياراً مستنداً بالأساس إلى روح «القداسة» أو قداسة «الروح»، فمرة يحدّثونك عن جريمة الخروج على الإمام علي، بمحاكمة أحادية الجانب،...

المعايير الناقصة والمغلوطة في محاكمة التاريخ (1-3)

التاريخ بكل تأكيد لا تصنعه الملائكة، وإنما هو صناعة بشرية بأحداثه ومواقفه ورواياته وتدويناته وتحليلاته واستنتاجاته ومصادره، إلا ما ورد منه بآية قرآنية أو حديث صحيح. هذه المقدمة -التي ينبغي ألا نختلف فيها- تفتح باباً...

حينما تتبرقع الباطنية بشعارات التجديد (2-3)

تستغل الباطنية اليوم حالة الضعف العام الذي تمر به الأمة سياسياً واقتصادياً وثقافياً، وما يصاحبها من تفكك واضطراب في المنظومة القيمية والعقدية الجامعة، وتراجع مستويات التعليم الديني، وعجز المؤسسات الشرعية والجماعات الإسلامية عن مواجهة التحديات...

حينما تتبرقع الباطنيّة بشعارات التجديد (1-3)

الباطنية مذاهب مختلفة، يجمعها اعتقاد باطن للقرآن يخالف ظاهره، وأن هذا الباطن هو مراد الله تعالى، والمقصد من هذا إنما هو تحريف العقيدة وإبطال الشريعة، وإشاعة الشك والفوضى، وتبديل الأحكام الواضحة بمفاهيم عائمة لا تحق...