alsharq

د. محمد عياش الكبيسي

عدد المقالات 336

وقفة مع التجربة الإسلامية في السودان

12 مارس 2019 , 01:48ص

قبل ثلاثين سنة، استبشر التيار الإسلامي بالانقلاب الذي قاده الرئيس عمر حسن البشير، وتصاعدت الآمال بالنموذج المرتقب للحكم الإسلامي المعاصر، وصار الناس يتداولون الأخبار والقصص عن زهد الرئيس البشير وتواضعه وحكمته، حتى سمعت من أحد الدعاة المشهورين تشبيهه لعمر البشير بعمر بن عبدالعزيز. هذه الآمال لم تكن على الصعيد السوادني فقط، فالخطاب الإسلامي بطبيعته يستوحي صورة الأمة الواحدة والمشروع الجامع، وقد اعتضدت هذه الآمال بدراسات عن الثروات الطبيعية الهائلة «السلة الغذائية العالمية»، والتي عطلتها الأنظمة السابقة ونزعت بركتها، وما زلت أذكر أن أحد الأساتذة السودانيين الأفاضل كان قد حدثني أن بعض خطباء الجمعة في السودان بدأوا في ذلك الوقت يحذّرون الناس من الانغماس في الترف والتعلق بزينة الحياة الدنيا. مضى الحكم الجديد في طريقه ليثبت أنه لا يختلف عن الحكومات السابقة، وأن الشعب السوداني يغرق أكثر في معاناته اليومية، مع مؤشرات قوية على انتشار سرطان الفساد في أغلب مفاصل الدولة، إضافة إلى تقسيم السودان الذي حصل بشكل عملي ورسمي. سياسة الوعود المتكررة لم تعد مقنعة للشارع السوداني، بعد أن أتيحت لهذا الحكم أطول فرصة حكم في تاريخ السودان، ولذلك لجأ البشير في خطاباته الأخيرة إلى استخدام الخطاب الديني الوعظي، مؤكداً أن هذا ابتلاء رباني تعرض له الأنبياء والصحابة والأولياء والصالحون: «أشدكم بلاء الأنبياء.. ثم الأمثل فالأمثل»، وهكذا تغيرت النغمة من وعود بالسعادة والرفاه والازدهار، إلى مواعظ في الصبر وتحمل المصائب والابتلاءات! الجماعات الإسلامية المؤيدة لحكم البشير أصبحت في وضع حرج، فهي بين أن تبقى في سفينة النظام وليكن ما يكون، أو أنها تلتحق بحراك شعبي تقود دفته جماعات تختلف معها في أيديولوجيتها وثقافتها وتوجهها. الشعب السوداني بشكل عام هو أيضاً كأنه يمرّ بمرحلة انتقالية ضبابية وغير واضحة، ليس في شكل النظام أو السلطة فحسب، بل حتى على صعيد البنية الثقافية والنظرة الكلية لعلاقة الدين بالسياسة ونحو ذلك. إن من الإنصاف أن نقول: إن «الإسلاميين» من حقهم أن يمارسوا تجربتهم كالآخرين، وأن يسعوا إلى السلطة كما يسعى الآخرون، وكما أن القومي أو البعثي أو اليساري أو اليميني يصيب ويخطئ وينجح ويفشل، والمجتمع يتوقع كل ذلك منهم، فالإسلامي كذلك، ومن حق الإسلاميين أيضاً أن يحاولوا مرات ومرات، حتى لو فشلوا كما هو حق غيرهم، هكذا هو العمل السياسي في كل العالم، إلا أن مجتمعاتنا الإسلامية لا تعامل الإسلاميين بهذا المعيار، والسبب قد يكون الخطاب الإسلامي نفسه، والذي يميل في الغالب إلى رفع سقف التوقعات من خلال المبالغة في تزكية الذات بنوع من الطهرانية الدينية المقدّسة، وإقحام «التأييد الرباني» والسند الغيبي في هذا الخطاب، حتى يخيّل إليهم أن أية قوة في العالم لن تستطيع النيل منهم، لأنهم «أهل الله» و»لا غالب إلا الله»، ثم إذا انتكسوا قالوا: هذا بسبب التآمر العالمي! هذه معادلة لم تعد مفهومة، وقد ولّدت ردود فعل مرتبكة ومحيّرة داخل هذه الجماعات فضلاً عن غيرها، والأخطر من كل هذا أن يحكم المجتمع على الإسلام بتجربة هؤلاء الإسلاميين.

لماذا هذا الهجوم المتزايد على صحيح الإمام البخاري؟ (4-4)

هناك من يردد سؤالاً آخر مؤدّاه، ماذا نفعل إذا وجدنا في البخاري ما يعارض القرآن الكريم، أو يعارض العقل؟ وهذا السؤال بدأ يتردد مع هذه الموجة كجزء من حملة التشويه ومحاولة النيل من مكانة البخاري...

لماذا هذا الهجوم المتزايد على صحيح الإمام البخاري؟ (3-4)

المسألة ليست مسألة تقديس للبخاري، ولو كانت المسألة كذلك لاتجه الناس إلى موطّأ الإمام مالك إمام دار الهجرة، أو مسند ابن حنبل إمام أهل السنّة، بل لقدّسوا مرويّات البخاري نفسه في كتبه الأخرى، فالمسألة عند...

لماذا هذا الهجوم المتزايد على صحيح الإمام البخاري؟ (2-4)

إن هذا الاضطراب والتخبّط لدى هؤلاء يكشف أيضاً عن جهل عريض في أصول هذه العلوم ومبادئها الأولية، ولذلك لا ترى هذا الطعن إلا منهم ومن أمثالهم، ممن لا علم لهم بالسنّة وعلومها. إن علماء السنّة...

لماذا هذا الهجوم المتزايد على صحيح الإمام البخاري؟ (1-4)

يتعرض صحيح البخاري هذه الأيام لحملة من التشكيك وإثارة الشبهات، مع حالة من الغموض بالنسبة لدوافعها وغاياتها، والعلاقات التي تجمع بين أصحابها، الذين كأنهم تفرّغوا اليوم أو فُرّغوا لهذه المهمة. هؤلاء بالعموم لم يُعرف عنهم...

جريمة نيوزيلندا في إطارها الأوسع

لست أهوّن أبداً من مشروعية الغضب في مثل هذه الصدمات، بل أعتبر هذا دليلاً على حياة الأمة واعتزازها بهويتها وبذاتها، وبالعنوان الكبير الذي يجمعها، رغم محاولات تغييبها وتجزئتها، فحينما أرى شاباً عربياً أو تركياً أو...

خطوات سليمة لبناء مناهج التربية الإسلامية

بقرار من وزارة التعليم في دولة قطر، تشكلت لجنة من الكفاءات العالية لمراجعة وثيقة المعايير المتعلقة بمناهج التربية الإسلامية. وقد جاء القرار بحد ذاته ليعكس رؤية عميقة وواعدة يمكن تلخيصها في الآتي: أولاً: الاهتمام الخاص...

المعايير الناقصة والمغلوطة في محاكمة التاريخ (3-3)

إن الحكم الوراثي السلالي كان جزءاً من ثقافة العرب عموماً، فإذا مات شيخ القبيلة ورثه ابنه، فإن لم يتهيّأ كان أقرب الناس إليه، ودول العالم المجاور للجزيرة -على الأقل- لم تكن تعرف غير هذا، وحينما...

المعايير الناقصة والمغلوطة في محاكمة التاريخ (2-3)

من الغريب جداً أن «المتنورين» بروح العصر وقيمه وثقافته، يجعلون معيار الحكم على تلك المرحلة معياراً مستنداً بالأساس إلى روح «القداسة» أو قداسة «الروح»، فمرة يحدّثونك عن جريمة الخروج على الإمام علي، بمحاكمة أحادية الجانب،...

المعايير الناقصة والمغلوطة في محاكمة التاريخ (1-3)

التاريخ بكل تأكيد لا تصنعه الملائكة، وإنما هو صناعة بشرية بأحداثه ومواقفه ورواياته وتدويناته وتحليلاته واستنتاجاته ومصادره، إلا ما ورد منه بآية قرآنية أو حديث صحيح. هذه المقدمة -التي ينبغي ألا نختلف فيها- تفتح باباً...

حينما تتبرقع الباطنية بشعارات التجديد (2-3)

تستغل الباطنية اليوم حالة الضعف العام الذي تمر به الأمة سياسياً واقتصادياً وثقافياً، وما يصاحبها من تفكك واضطراب في المنظومة القيمية والعقدية الجامعة، وتراجع مستويات التعليم الديني، وعجز المؤسسات الشرعية والجماعات الإسلامية عن مواجهة التحديات...

حينما تتبرقع الباطنيّة بشعارات التجديد (1-3)

الباطنية مذاهب مختلفة، يجمعها اعتقاد باطن للقرآن يخالف ظاهره، وأن هذا الباطن هو مراد الله تعالى، والمقصد من هذا إنما هو تحريف العقيدة وإبطال الشريعة، وإشاعة الشك والفوضى، وتبديل الأحكام الواضحة بمفاهيم عائمة لا تحق...

رأس السنة الميلادية وأزمة الحوار الإسلامي (2-2)

الحقيقة أن العلماء لم يختلفوا في القطعيات أو البديهيات، لكنها أزمة الحوار التي حوّلت الخلاف في هذه المسألة وغيرها من دائرة الظنّيات إلى دائرة القطعيات، ومن دائرة الفرعيات إلى دائرة الكليات، وهي أزمة تنقل الحوار...