


عدد المقالات 328
من تراث الشعر الجميل، وحقب التاريخ المؤرشفة بأنصع صورها، حقبة الصعاليك، ومن خير العدسات التي صورت شظفهم وعيشهم المخشوشن في شعاب الجبال ومفازات البيد ومتاهات الأدغال عدسة الشنفرى، وأحسن ما قال الشنفرى لاميّته الرائدة السائدة التي تنسب اليوم إلى العرب جميعاً، بوصفها وسام شرف لشاعرها الذي نفته قبيلته، فساد ذكره، ودبّ في الآفاق صيته، وانطفأ ذكرهم إلا حينما يتوعدهم الشنفرى في لاميّته وينذرهم بغارته الوشيكة عليهم. رُوي عن الشنفرى طلاقته وخفة حركته في كل سبيل، في الشعر والفروسية وحتى في العدو، فقيل إنه كان يطارد بعض فرائسه ويمسكها بيديه، وقد روى هذا عن نفسه، فقال: إِذا الأَمعزُ الصَّوَّان لاقى مناسمي تطايرَ منه قادحٌ ومُفَلَّلُ عندما يلامس أقسى صنوف الحجارة قدميه التي أصبحت الواحدة منهما كخفّ الجمل يتفلق ويتطاير منه الشرر، وهذه ميزة حباها الله الخيل، وأقسم بها في سورة العاديات، فقال: ﴿فَالمُورِياتِ قَدْحاً﴾ [العاديات: 2] وقد أوتيها الشنفرى دون غيره من البشر، ثم انظروا ما قال في صبره على الجوع: وأَطوِي على الخُمصِ الحوايا كما انطوتْ خُيُوطَةُ ماريّ تُغارُ وتفتلُ إنه ليماطل الجوع تصبراً وتجلداً حتى ينطوي على بطنه الفارغة كما تنجدل وتنفتل خيوط الحائك على بعضها، وأخيراً انظروا إلى ما قاله في خفته حين وصف غارة له خرج لها موهناً، فقاتل وجندل وسلب وعاد قبل انقضاء الليل، ومن دون أن تشعر به كلاب أصحابه، فقال: فإن يكُ من جنٍ لأَبرحَ طارقاً وإِن يكُ إِنساً ماكها الإِنسُ تفعلُ لقد حاروا إن كان طرقهم أحد في ليلهم أم لا، حتى كلابهم لم تجزم به، فهل كان جناً من طرقهم، أم إنساناً؟
في هذه الأيام، يتوسل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها باسم الله الغالب؛ ليرد عنهم كيد الكائدين، وغيظ المعتدين، وكل حقد ظاهر ودفين. فالأمة منذ حين تمر بمخاض القيام والانتفاض، ولهذا القيام تكاليفه الوافية من الخوف...
كلّنا ندعو الله عزّ وجلّ باسميه «السميع والبصير»، ومؤكَّدٌ أنَّنا كلَّما ذكرناه بهما سبحانه، قَفَزَ إلى ذاكرتنا وألسنتنا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ» (الشورى: 11)، ولكن هناك فرق بين من يقولها مستشعرًا...
لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو...
كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...
كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...
إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...
لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...
مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...
هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟...
معلوم أنّ العبد هو الذي يتوب من ذنبه ومما اقترفته نفسه ويداه وجوارحه، لكن هل هذه التوبة تؤتى لأيّ إنسان؟ أم أنّها منحة إلهية يختصّ بها من يستحق من عباده؟ حقيقة إنّ توبة الله على...
لا شكَّ في أنّ مَن يقرأ كلمة «خليفة» أو يسمعها، يتذكر قول الله تعالى: ﴿وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَاـئِكَةِ إِنِّی جَاعِل فِی الأرض خَلِیفَة ﴾ [البقرة: 30]، وكذلك يتذكر منصب الخلافة في الإسلام. لكن هل حاول...
كان إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي - رحمه الله - أكثر الناس تداولًا وتناولًا لاسم الله الحق، وكان إذا أراد استحضار آية كريمة وإدراجها في سياق تفسيره العرفاني النوراني المعروف بالخواطر، قال: «يقول الحق...