عدد المقالات 390
تشهد دولة قطر في هذه المرحلة من مسيرتها التنموية تحولًا نوعيًا في فلسفة الإدارة العامة والموارد البشرية، أعاد تعريف العلاقة بين الإنسان والمؤسسة، وبين العمل والحياة. فالتعديلات الأخيرة التي أُقرّت على قانون الموارد البشرية تُعد انعكاسًا عميقًا لرؤية وطنية تعتبر الإنسان أساس كل تنمية، ومحور كل ازدهار. لقد أدركت الدولة، وهي تخطو بثبات نحو تحقيق رؤية قطر الوطنية 2030، أن جودة الحياة لا تُقاس بالمرافق أو الخدمات أو الدخل، بل تُقاس قبل كل شيء بشعور الفرد بالرضا والكرامة والتوازن في بيئة عمله. فالإنسان الذي يجد العدالة في نظام التقييم، والمرونة في أوقات العمل، والدعم في تطوير قدراته، هو الإنسان القادر على منح وطنه أفضل ما لديه. وهكذا تحوّلت الإدارة الحديثة في قطر من التركيز على الانضباط الصارم والتراتبية التقليدية إلى مفهوم أعمق يقوم على تمكين الفرد، وتحفيز الإبداع، وربط الكفاءة بالأداء لا بالأقدمية. وجاءت هذه التعديلات لتفتح الباب أمام ثقافة جديدة تعتبر الوظيفة رسالةً ومجالًا للنمو الإنساني. فحين تمنح الأنظمة مساحة للتدريب والتطوير المستمر، وتدعم التحول الرقمي في الأداء، وتتيح مرونة تتوافق مع ظروف الحياة الأسرية والاجتماعية، فإنها تُعيد للوظيفة معناها الإنساني الأصيل. هذه التوجهات ليست معزولة عن سياق عالمي متسارع؛ فالعالم اليوم يتحدث عن «جودة الحياة» كأحد أهم مؤشرات التطور المؤسسي، وهو ما تؤكده تقارير منظمة العمل الدولية ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. فكلما ارتفعت جودة الحياة في بيئة العمل، ارتفعت معها الإنتاجية والولاء. ومن خلال هذه التعديلات، تدخل دولة قطر هذا المجال بثقة، لتقدّم نموذجًا عربيًا متقدمًا يُوازن بين متطلبات الإدارة الحديثة وخصوصية الإنسان العربي والخليجي الذي يرى في العمل امتدادًا لقيم العطاء والانتماء. كما تسهم هذه التعديلات في رفع جودة الحياة الأسرية والاجتماعية، وتوفير فرص أفضل للعناية بالنفس والأسرة والمجتمع. وتتجلى في ذلك فلسفة جديدة في الحكم والإدارة، قوامها الإيمان بأن رفاه الإنسان هو ركيزة التنمية، وأن العدالة في بيئة العمل مطلب اجتماعي وشرط أساسي لبناء مؤسسات قادرة على المنافسة والإبداع، بحيث يصبح العمل قيمة مضافة للحياة لا عبئًا عليها. إن هذه التغييرات تمثل خطوةً في مشروع وطني أكبر، هو مشروع الازدهار الإنساني الذي تسعى دولة قطر إلى ترسيخه. فالدولة التي تستثمر في جودة حياة مواطنيها وموظفيها هي دولة تبني مستقبلًا متوازنًا، يحقق الأمان النفسي، والاستقرار الأسري، والرضا الاجتماعي والفرص للكفاءات في نفس الوقت. لقد أصبحت السياسات الإدارية أدواتٍ للنهضة الإنسانية، تسير على طريق التنمية المستدامة بإيمانٍ عميقٍ بأن الإنسان هو الغاية والوسيلة معًا. إن جودة الحياة أصبحت مقياسًا حضاريًا يعكس نضج الدول وعمق رؤيتها للإنسان باعتباره قلب التنمية وغايتها.إن نجاح هذه التوجهات الجديدة لا يكتمل إلا بتجاوب الموظفين أنفسهم مع روح المرحلة، وبالتزامهم الواعي بمسؤولياتهم وأدوارهم الوطنية. فكل جهد صادق وكل أداء مخلص ينعكس أثره على الفرد قبل المؤسسة، ويثمر راحةً واعتزازًا بالذات. @maryamhamadi
ونحن نحتفي باليوم العالمي للمعلم، يتبادر إلى أذهاننا عدد كبير من المعلمين والمعلمات الذين قدّموا خلال سنوات طويلة أسمى معاني العطاء. أسماء غابت عن المشهد الحاضر، لكنها باقية في وجدان أبنائهم وبناتهم من طلبتهم، أولئك...
في العاشر من أكتوبر من كل عام، يلتقي العالم بشعار الصحة: لا صحة بلا صحة نفسية. وهو يوم لا يقتصر على رفع الشعارات، بقدر ما يعكس وعياً عميقاً بضرورة صون كرامة الإنسان من الداخل، والعناية...
رحلة جديدة نكتبها مع مربية فاضلة، الأستاذة عائشة عبد الرحمن العبيدان، ابنة التربية والتعليم، وبنت حي مشيرب في قلب الدوحة. وُلدت ونشأت بين أزقته البسيطة، تحمل في ذاكرتها عبق المكان وصدق الناس. درست المرحلة الابتدائية...
في الدوحة، المدينة التي عُرفت بأنها واحة للأمن والسلام وملاذ للباحثين عن الاستقرار، تعقد قمة عربية إسلامية طارئة بعد أن تعرضت قطر لعدوان إسرائيلي غاشم. إنّها دولة لم تبدأ حربًا قط، ولم تُشعل فتيل نزاع...
نبدأ رحلتنا التوثيقية مع نساء قطر اللواتي صنعن أثراً في المجتمع، نبدأ مع المديرة الفاضلة فاطمة سعيد السلولي، ابنة مدينة الريان. حين سألتها عن العمر، أجابتني بابتسامة: «العمر مجرد رقم». درست في مدرسة النهضة التي...
في مسيرة الأوطان، تبقى الأسماء والأفعال التي صنعت فرقًا شاهدة على أن العطاء بصمة تمتد في الذاكرة الجمعية لتلهم الأجيال. حين نتأمل تاريخ قطر خلال العقود الممتدة من عشرينيات القرن الماضي حتى منتصف التسعينيات (1920–...
مع انتهاء موسم الإجازات والعودة إلى المدارس، تتردد بكثرة عبارات «دوام»، وتتباين ردود الأفعال بين من يستقبلها بابتسامة متفائلة، ومن يتأفف وكأنها عبء ثقيل. كلمة صغيرة تحمل في داخلها مشاعر متباينة، فالإنسان هو الذي يحمّلها...
للألوان رمزية عميقة تتجاوز حدود الشكل لتصبح عناوين لأفكار وأزمنة. فقد ارتبطت كتب معينة بألوانها، وتحولت إلى مشاريع فكرية وسياسية غيّرت وجه التاريخ. فالكتاب الأخضر الذي أصدره معمر القذافي في سبعينيات القرن الماضي، وامتد حضوره...
التجارب الصادقة والشهادات الموثوقة هي مرآة تعكس القيم التي يقوم عليها النجاح المهني. ولذا، قدم العديد من المتخصصين خبراتهم كشهادات عالمية، تنقل المعرفة وتفتح الطريق أمام الآخرين. ومن أبرز هؤلاء جون ماكسويل، الخبير العالمي في...
هل تأملت يومًا في دلالات بعض الأسماء العالمية التي أصبحت تمثل علامات تجارية راسخة؟ في عالم التكنولوجيا، لا تحمل الأسماء مجرد طابع تسويقي، بل تعكس رؤى حضارية وفلسفات ثقافية عميقة. على سبيل المثال، يحمل اسم...
في يومٍ مقدّس من عام 1779، رست سفن الكابتن جيمس كوك على شواطئ جزر هاواي. لم يكن يدري، وهو البحّار القادم من المناطق الباردة، أنه يدخل أرضًا تقرأ الزمن بطريقة مختلفة، وتمنح القادمين من البحر...
من القصص التي وثقتها الكتب، قصة المستكشف الإيطالي كريستوفر كولومبس الذي علق مع طاقمه على سواحل جامايكا، كان ذلك في رحلته الرابعة إلى العالم الجديد، في 29 فبراير من عام 1504، بعد أن تعطلت سفنهم...