


عدد المقالات 58
بوفاة الملك الناصر «صلاح الدين الأيوبي» رحمه الله عام589هـ يكون قد مضى على بدء ملحمة صراع المشاريع مرحلة زمنية كبيرة نسبياً تقارب الثلاثة قرون، وذلك إذا قدَّرنا بداية الصراع بظهور أول دولة للمشروع الباطني وهي دولة القرامطة عام278هـ. وقبل الاستمرار في سرد السياق التاريخي لصراع المشاريع رأيت أن نقف وقفة تأمُّلية عند هذه اللحظة الزمنية التي توفي فيها «صلاح الدين» لنرى واقع تلك المشاريع التي تكلمنا عنها وما آل إليه أمرها قبل أن نُكمل المسير فنكون قد لملمنا باختصار ما مضى من تاريخ الصراع مما يساعد القارئ أكثر على فهم الأحداث ولا يضيع بسبب التفاصيل عن الهدف الأساس من سلسلة صراع المشاريع؛ وكما قيل: «طول الخيط يُضيع الإبرة». ونبدأ باستعراض واقع حال المشاريع إلى عام589هـ على النحو التالي: أولا المشروع الباطني: لقد هُزم المشروع الباطني وخرج خاسرا من الصراع الفكري والسياسي بعدما كلَّف الأمة الكثير من الدماء والأموال ونشر الأفكار الضالة، ودائما ما يكون الصراع الداخلي من أقسى أنواع الصراعات وكانت بداية خسارة المشروع الباطني سقوطُ الدولة البويهية على يد السلاجقة بعد دخولهم بغداد وتحريرها منهم عام447هـ، ثم كان سقوط دولة القرامطة عام465هـ على يد القبائل العربية في شرق الجزيرة بقيادة «عبدالله بن علي العيوني» وبدعم من الوزير نظام الملك الذي أمده بكتيبة مقاتلة ساعدت في القضاء على القرامطة. وفي عام 567هـ استطاع «صلاح الدين» القضاء على أهم وأقوى مكونات المشروع الباطني وهي الدولة الفاطمية بعدما حكمت ما يقارب 262 عاماً، ثم أرسل صلاح الدين أخاه «توران شاه» إلى اليمن للقضاء على الدولة الصليحية هناك عام569هـ، وبالتالي لم يبق من المشروع الباطني إلا الحشاشون الذين ضعُفت قوتهم أيضاً وانحصر وجودهم في بعض جبال فارس والشام وتحولوا إلى أقرب ما يكون لعصابات قتلٍ مستأجرة. ثانيا المشروع الصليبي: والذي بدأ مع الحملة الصليبية الأولى عام490هـ بحرب دموية شرسة لا تعرف الرحمة وأُسِّس على إثرها أربعُ ممالك في بلاد الشام، ولكن كان لدخول السلاجقة لبلاد الشام ومِن بعدهم الزنكيين أثرٌ لتوازن الكفة الإسلامية مقابل الصليبية وجعل الصراع يشتد، فاستطاع «عماد الدين زنكي» إسقاط إمارة الرُّها والتي كان إسقاطُها سبباً في بدء الحملة الصليبية الثانية عام539هـ في زمن الملك العادل «نور الدين زنكي» ولكنها فشلت في تحقيق أهدافها. ثم انطلقت الحملة الصليبية الثالثة عام583هـ رداً على فتح بيت المقدس على يد البطل «صلاح الدين»، ولكنهم عجزوا عن هزمه كما عجز «صلاح الدين» هزمهم فاتفق الطرفان على الصلح الذي عرف بصلح الرملة. ولا نستطيع القول: إن وضع الصليبيين ضعفَ، ولكن قوي وضع المسلمين وتفوقوا على الصليبيين نسبياً، وعند هذه اللحظة التاريخية يكون انحصر الصراع بين الصليبيين والمسلمين بعد خروج المشروع الباطني من الميدان. ثالثا المشروع المغولي: والذي سيكون له تاريخ دموي مع الأمة كان في تلك الفترة في مرحلة تكوُّن من خلال صراع بين القبائل حيث ولد «تيموجين» عام554هـ تقريبا، ولقب «جنكيز خان»- ويعني قاهر العالم- عام579هـ وبالتالي كانت تلك الأحداث تدور في منطقة وسط آسيا ولم يتحرك شرهم بعدُ باتجاه الشرق نحو البلاد الإسلامية. رابعا المشروع الإسلامي: والمقصود به المشروع الذي أسسه عبقري الشرق الوزير «نظام الملك» والمبني منهجياً على الكتاب والسنة وسياسياً وعسكرياً على الدولة السلجوقية في المرحلة الأولى للمشروع، ثم حمل الراية بعدُ الزنكيون والأيوبيون، وأثمر هذا المشروع جيلاً تربى على الكتاب والسنة وتميز بقدرات إدارية وعسكرية فذة تجسد في وأنتج أبطالا أمثال «عماد الدين زنكي» و»نور الدين زنكي» و»صلاح الدين الأيوبي» الذين أسسوا دولاً قوية شاسعة المساحة استطاعت إحياء روح الجهاد وهزيمة الصليبيين في حملاتهم السابقة وحررت الكثير من الأراضي التي كانوا يحتلونها كما هزمت الباطنيين وأرجعت مصر قوة رئيسية فعالة في المشروع الإسلامي؛ كما أقامت نموذجاً حضارياً إسلامياً في الحكم والأخلاق وإقامة العدل بين الرعية والرحمة بهم وأشادت الكثير من المعالم الحضارية والعمرانية، ولئن بلغ هذا المشروع ذروته الحضارية في عهد «نور الدين زنكي» ثم «صلاح الدين الأيوبي» فما زالت آثاره الإيجابية ممتدة إلى اليوم تبث روح الأمل في الأجيال المتلاحقة من أجل بناء مستقبل مشرق في الأمة الإسلامية.
في ربيع الأول من سنة 41 هـ تنازل الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما إلى معاوية بن أبي سفيان عن الخلافة, وعلق المؤرخ ابن كثير على هذه الحادثة قائلاً: «وذلك كمال ثلاثين...
في العام الثامن للهجرة أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية في قرابة ثلاثة آلاف فارس إلى البلقاء من أرض الشام لمقاتلة جيش يعد يومئذ أقوى جيوش العالم وأمر عليهم زيد بن حارثة، وقال:...
في يوم من الأيام بحدود 350 قبل الميلاد وقبل غروب الشمس كان فيلسوف الهند الكبير «شاناكيا» -وله أسماء أخرى اشتهر بها مثل «فشنوجوتبا» و «كاوتيليا»- يراقب باهتمام مجموعة من الصبية يلعبون؛ فلفت نظره أن أحد...
كان يُعرف بالفتى المُدَلَّل؛ فكان لا يلبس الثوب الواحد ليومين مُتتاليين، وكان له عِطر يُعرف به بسبب نَشْأته في أحضان أم مُترَفة فعاش في يُسر وسعة. اختار ابن الدار الواسعة السير في طريق الإسلام الشاقة،...
في العقد الأخير من القرن التاسع عشر(1890م) كان هناك شاب في العشرين من عمره يعمل لدى شركة «بوفالو فورج» في «بونالو» بنيويورك، وَعُيِّن في قسم آلات تزويد الغاز في مصنع تابع لشركة «بيتسبرج بلايت جلاس»...
جاءت قريش وشكت النبي إلى أبي طالب فكان جوابه عليه السلام لعمه وهم يسمعون: «يا عم، إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها، تدين لهم بها العرب، وتؤدي إليهم بها العجم الجزية»، ففزعوا لكلمته ولقوله، فقالوا:...
لقد سرنا سوياً في هذه السلسلة التاريخية والفكرية المسماة «صراع المشاريع» برحلة طويلة من الزمن، حيث بدأنا في الحلقة الأولى من نهاية القرن الهجري الثالث إلى أن وقفنا في الحلقة العاشرة عند القرن الثامن الهجري،...
كان المشروع الصليبي أطولَ المشاريع المعادية للأمة عُمرا وأكثرَها استنزافا لطاقتها وإرهاقا لها، وقد استمر فترة طويلة من الزمن تعاقبت على حربه دولٌ إسلامية كثيرة حتى قدَّر الله سبحانه أن تكون نهاية وجودهم كإمارات وحكام...
تُعتبر مرحلة الأيوبيين ما بعد «صلاح الدين» من أهم مراحل الصراع بين المشروع الإسلامي والمشروع الصليبي الذي أبى أن يَفتُر أو يستسلم؛ بل شنَّ أربع حملات متتاليةً وشرسة. والحقيقة أن «صلاح الدين الأيوبي» بما تميز...
يستمرصراع المشاريع ليتجاوز القرون من الزمن، والأمة من حرب إلى حرب، ومن صراع إلى صراع، تسطر ملحمة حضارية حافلة بالانتصارات والهزائم والأفراح والآلام توجتها البطولات التاريخية التي قادتها إلى نصر حضاري قبل أن يكون عسكريا...
قال المؤرخ ابن الأثير: «طالعتُ سير الملوك المتقدمين فلم أر بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبدالعزيز أحسن سيرة ولا أكثر تحريا للعدل منه، وهو أول من ابتنى دارا للعدل وكان يجلس فيها أربع مرات أسبوعيا...
كان للمشروع العظيم الذي أسّسه الوزير الفذُّ نظامُ الملك نتائجُ كبيرة وجبارة؛ أهمُّها الحرص في المناصب الهامة والقيادية على استعمال الأكفاء وأصحاب الديانة, ومن يحمل همَّ قضايا الأمة. وكثمرة لهذا المشروع فقد سطع نجمُ العديد...