


عدد المقالات 332
«سمع الله لمن حمده»، قول عظيم نردده في صلواتنا بعد قيامنا من ركوعنا، نستشعر فيه صفة السميع في حق الله تبارك وتعالى التي تفيد مبالغة السمع كمًّا وكيفًا، لكن كيف يكون ذلك؟ إنّ في تلك الصفة معنيين، من الجميل أن نقف عليهما، ونعيهما، أولهما؛ السمع الذي هو إدراك الأصوات، وثانيهما قبول الدعاء والمناجاة، فحين نردد «سمع الله لمن حمده»، فليس المعنى في صدد إدراك الصوت، بل يدور على قبول الحمد من العبد. وكذلك قوله تعالى: (اَلْحَمْدُ لِلهِ الّذي وَهَبَ لي عَلَى الكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبّي لَسَمِيْعُ الدُّعَاءِ)، والرواية الربانية على لسان خليل الرحمن «إبراهيم عليه السلام»، حينما توجه بالحمد والثناء إلى الحنان المنّان الذي أخصب عَقِبه وأعطاه البنين بعد أن بلغ منه الكبر عتيّا، والسميع هنا من الاستجابة والقبول، وليس من إدراك صوت القول المقول. وفي أسباب النزول للواحدي، ورد في حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قولها: «تبارك الذي وسع سمعه كل شيء، إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة، ويخفى عليّ بعضه، وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي تقول: يا رسول الله، أبْلى شبابي، ونثرتُ له بطني، حتى إذا كبر سني، وانقطع ولدي، ظاهر مني، اللهم إني أشكو إليك، فما برحت حتى نزل جبريل عليه السلام بهذه الآيات: (قَدْ سَمِعُ اللهُ قَوْلَ التِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُما إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيْرٌ). نزلت فواتح سورة المجادلة في إبطال الظهار الذي كان من الأحكام العرفية التعسفية التي درجت في الجاهلية، وكان في منزلة قفل من اليأس والبؤس، توضع فيه المرأة موضع المعلَّقة، فلا هي متزوجة، ولا هي مطلقة، وذلك أن بعض الأزواج كانوا إذا غاضبوا نساءهم، ظاهروهن، والظهار هو حلفان بهتان يتوجّه به الرجل إلى امرأته فيقول: «أَنتِ عليَّ كَظَهْرِ أُمّي»، وهكذا تنقطع أواصر الزوجية، وتبقى عنده كبعض متاعه، فعندما شَكَتْ خولةُ بنتُ ثعلبة، لم يكن إبطال الظهار قد نَزَل، فلم تجد من جواب النبي - صلى الله عليه وسلم - ما ينقع غلّتها، ويشفي عِلّتها، فجاء إبطال هذا الحكم الجائر بالبيان الشديد الزاجر، وبلهجةِ النذير والتحذير من السميع البصير، الذي سمع قولها من فوق سبع سماوات، من حيث كانت أم المؤمنين عائشة في زاوية من البيت، ولم تسمع كامل شكواها وشجونها. فعلينا أن نتعلم أن سمع الله نافذ خارق، لا تحده العوائق، وأنّ عامل الاقتراب والابتعاد لا يفعل فعله إلا بالعباد، وأما رب العالمين فهو مع سموه وعلوه فوق السبع الطباق، نجده أقرب لأحدنا من حبل الوريد، مُطّلعٌ على خافيه وباديه. فلنحرص على مراقبة سمعنا، واستحضار سمع الله في كل حين، ومن ثمّ فلنحمد الله على ما نحن فيه شكرًا واعترافًا بأن الله معنا يسمعنا ويجيبنا ويدبّر أمورنا. @zainabalmahmoud @zalmahmoud@outlook.com
لا يتذوق الجمال إلا من اكتملت أركان الإنسانية في قلبه وروحه، وعرف أنّ خلف هذا الجمال مبدعا عظيما. وهناك انسجام تامّ بين فطرة الله التي فطر الناس عليها وعناصر الجمال التي هيأها الله لآدم وذريته،...
ربما يتساءل كثير من الناس عن جمال الله تعالى، ونوره، فيرسمون في مخيلاتهم المتواضعة نماذج متواضعة عن حقيقة جماله سبحانه وتعالى، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال في ذلك الجمال: «حجابُه النور،...
ما أعدل الله في توزيعه نعمه! وما أعظم جبره خواطر عباده! ومن معالم ذلك وأمثلته؛ أنه جلّ وعلا نوّرنا بأمثلة من عالم الإنس، يرون بطريقة فريدة غير معهودة، وهم العميان الذين ولدوا بعيون مسلوبة الأنوار،...
قد يتساءل البعض عن العلاقة التي تجمع مفردة الربّ بما يضاف إليها، وهل يبقى معناها وفق ما هو في سياقها الديني واللغوي؟ حقيقة، لكلمة الربّ خارج معناها الإلهي معانٍ مختلفة، يحدّدها السياق وما يرتبط به...
في هذه الأيام، يتوسل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها باسم الله الغالب؛ ليرد عنهم كيد الكائدين، وغيظ المعتدين، وكل حقد ظاهر ودفين. فالأمة منذ حين تمر بمخاض القيام والانتفاض، ولهذا القيام تكاليفه الوافية من الخوف...
كلّنا ندعو الله عزّ وجلّ باسميه «السميع والبصير»، ومؤكَّدٌ أنَّنا كلَّما ذكرناه بهما سبحانه، قَفَزَ إلى ذاكرتنا وألسنتنا قوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ» (الشورى: 11)، ولكن هناك فرق بين من يقولها مستشعرًا...
لم يُنصر نبي أو عبد من عباد الله إلا بيقينه بالله وحده، وبإدراكه المطلق أن الأمر كلّه بيد الله، وأنّ الله تبارك وتعالى هو الغَالب القَاهر أبدًا، لا يَمْلك أحدٌ أنْ يردَّ ما قَضَى، أو...
كلّنا نسمع باسم الله «الستير»، وكلّنا نردده في كثير من الحالات، لكن هل علمنا حقيقته وغاية تسمية الله به؟ وما علاقته بالمجتمعات وسلمها وأمانها؟ وماذا لو استحضرنا هذا الاسم في جوانب حياتنا المختلفة؟ إنّ مدارسة...
كلٌّ منا يمضي نحو قدره، وكل منا يختار طريقه التي ارتضتها نفسه له، فإن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والبشر في إطار القدر قسمان، قسم هو الأعلى بقربه من الله وإطاعته، وقسم هو الأسفل ببعده...
إنّ كمال غِنى الله سبحانه وتعالى عظيم؛ لا يحدّ ملكه حدّ، ولا يحصيه أحد، إنساً كان أو جنًا أو ملكاً، أو ما دون ذلك. ولو أن الخلق جميعًا، أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم، سألوه، فأعطى كل...
لو تتبعنا اسم «الحق» في كتاب الله عزّ وجلَّ، لوجدناه في عدة مواضع؛ فيقول الحقّ جلَّ وعلا: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ{ [الحج: 6]، }يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ{...
مَنْ مِنّا لا يحمد الله إن أَصابته سراء؟ ومن منّا لا يشكره سبحانه إنّ أظلته أفياء نعمة؟ هذا حال من يردّ الفضل إلى صاحبه، ويهب الثناء لمن هو أهل له. وهل تفكّرتم يومًا في اسم...