مجلس الشورى المرتقب

أكتب لكم جزءاً من هذا المقال، وأنا في القطار متوجهة من مدينة الوكرة إلى مشيرب (قلب الدوحة).. أتأمل ما حولي، وأحمد الله على النعم، بلاد بهذه الروعة، حفظها الله من كل شر دائماً وأبداً. بلاد بهذا الجمال العمراني، وتواصل العمل على البنيتين التحتية والفوقية آن لها أن تحظى سريعاً بكيان الشورى المرتقب الذي سيسعى لحفظ مكتسباتها، وصد الهجمات التقويضية التي ما فتأت تنهال عليها.. ما استطاع أن يحمي وما استطاع أن يصد. نحن بحاجة للحفاظ على البنية الإنسانية والأخلاقية، بل وأن نقوي ما وهن منها وما ضعف وما تردى. نريد بنية شديدة التماسك قوية لتحمي هذه المكتسبات المادية وتؤطرها وتحافظ على ما هو في المرتبة الأعلى، والأهم منها الدين والخلق. وإلا فسنصبح كالغَرب تماماً، تطور عمراني، أنفاق وجسور وطرق حديثة، وبنى تحتية، وشبكات مواصلات عامة وخاصة، قطارات وحافلات، فنادق وملاهي، ومنتجعات قهاوي وكافيهات، ومن يعلم قد تصبح هناك علوم وعلماء ومخترعون بمعنى كلمة علماء ممن يخدم علمهم واختراعاتهم البشرية جمعاء.. لا شيء مستبعد ولا شيء بعيد، فاليوم هناك مبانٍ تحمل مسميات مراكز أبحاث تتبع مؤسسات طبية وتعليمية قد تحمل نواة لتطورات علمية قوية مستقبلية، ولكن ما جدوى أن نملك كل ذلك ونفقد الركيزتين الرئيسيتين اللتين يقوم عليهما المجتمع الإنساني الصحي الصحيح: الدين والخلق. ما جدوى علم بلا دين، وعمران بلا قيم؟! -طيب ما المطلوب عمله لحفظ الدين والهوية مع استمرارية عملية التطور والتطوير العمراني والعلمي؟! *أن يكون هناك محافظة على هذين المكونين وصد للهجمات القائمة عليهما. -ما الطريقة المناسبة لهذه الحقبة من عمر الزمان لتحقيق ذلك؟ *الإسراع في تشكيل مجلس الشورى المنتخب الذي هو قناة صحية للتعبير عن مطالب وقناعات المجتمع، وطوق أمان له من العبث ومن الهجمات الخارجية. أصدر سمو الأمير -حفظه الله ورعاه- في أكتوبر الماضي، قراراً بإنشاء لجنة عليا للتحضير لانتخابات مجلس الشورى، علمنا أن هذه اللجنة سائرة في عملها الجاد، وفي الطريق المرسوم لها، ونحن نقدر ذلك كثيراً ومتشوقون لنتائجها المثمرة. إذ عن طريق ممثلي الشعب يستطيع الشعب بث همومه، وتصحيح أموره، ومحاسبة مقصريه، والحفاظ على دينه وهويته ومكتسباته، ومناقشة مستجدات تعليمه وقضايا مجتمعه، والسبل المتاحة الكفيلة بالحفاظ على ما يسعى للحفاظ عليه، ومناقشة ما يقلقه من أمور وقضايا. الحاجة ماسة وفعلية للمجلس المرتقب، والذي لم نكن يوماً بحاجته، كما نحن اليوم، وقد تكالبت علينا الهوادم وحاصرتنا مع من حاصرونا. اليوم يتكلم ويعبر الناس عن قناعاتهم وتطلعاتهم وقضاياهم عبر «تويتر» و«الواتس آب»، وبرامج التواصل الأخرى، وسيتوج ذلك بمناقشته في مجلس الشورى الذي نأمل بسرعة ولادته؛ ليكتمل بناء دولتنا الحديثة الرائعة، وليكون لنا معيناً ومصدّا للنبال المنهالة علينا من شتى الجهات.