انتقام الملالي.. مخيم أشرف مثالاً

يخيّم الصمت حول ضحايا نظام ولاية الفقيه بإيران، لا من قِبل المجتمع الدولي ولا من وسائل الإعلام، إلا من تصريحات خجولة تصدر عن موظفين –عاديين- في الأمم المتحدة، أو سياسيين من المرتبة الثالثة في بعض الدول الغربية، ولا تؤخذ بالاهتمام ولا تُسلط عليها الأضواء الإعلامية. شرفاء إيران يُقتلون ويُروّعون ويُشردون، نساؤهم وأطفالهم وشيوخهم يموتون، والمجتمع الدولي في سباته صامت. وإن افترضنا وجود حسابات سياسية لهذا فأين المنظمات الحقوقية؟ أين منظمة العفو الدولية من أن تعلن رفضها هذه الجرائم والمجازر التي تُرتكب يومياً في حق كل من يخرج على ولاية الفقيه؟ وما يحصل حالياً في حق أكثر من 4000 نفس إنسانية من اللاجئين إلى العراق هو مثال واحد على الانتهاكات الصارخة في حق الأبرياء العزل، ومنظمة العفو الدولية كل الذي استطاعت فعله هو تصريح صغير -جداً- تطالب فيه الحكومة العراقية بتمديد موعد إغلاق مخيم «أشرف» الواقع في شمال بغداد! وأين «هيومن رايتس ووتش» التي تدين إيران على معاقبة (المثليين) من إدانتها بما تفعله من جرائم في الأحواز والداخل الإيراني، أو خارجه؟ أهالي مخيم أشرف هم أناس عُزل يعيشون في العراق منذ 25 عاماً هرباً من ولاية الفقيه التي أجازت بالسلطة الدينية -الجائرة- موتهم بالقتل الجماعي. يعيشون في العراق بطريقة شرعية وقانونية بموافقة وتحت إشراف المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة، مع ذلك يستسلم الكيان الدولي المتمثل في الأمم المتحدة لرغبة ملالي إيران في إجلائهم، لأنهم ومخيمهم يبعثون عليهم ذكرى أليمة من أيام الحرب العراقية-الإيرانية. وإن كان سكان مخيم أشرف قد شاركوا في تلك الحرب، فهم الآن عُزل ولا ينتظرون إلا الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة. وللعلم فإن إخفاء المعالم التي تُذكر بالنظام العراقي السابق أو إخفاء الأشخاص لن يقدم ولن يؤخر، لأن التاريخ مكتوب ومحفوظ. بل إن هذه التصرفات صارت تزيد الناس حباً بالرئيس صدام حسين -رحمه الله- بمن فيهم من رفضوه أو كرهوه بسبب اعتدائه على الكويت الشقيقة. وإن كان ملالي إيران يريدون الانتقام فإن هؤلاء الأبرياء ليسوا نداً، ومن ينتقم لا بد من أن يواجه من يوازيه قوة، ولعلي هنا أستعير الجملة الشهيرة لصدام حسين يوم إعدامه حينما قال: (هاي المرجلة؟). أهالي مخيم أشرف يواجهون القتل والتنكيل في كل وقت، خصوصاً في العامين الأخيرين، إذ يتم الانتقام منهم من الماضي والحاضر بمجزرة يموت فيها أكثر من 35 من بينهم نساء وأطفال، ثم تهجيرهم إلى مخيم يدعى «ليبرتي» يفتقد إلى الحد الأدنى من مواصفات الحياة للحيوانات، فكيف بالبشر يعيشون وعددهم أكثر من 4000 في كرافانات هزيلة مساحتها 600 متر، ليس فيها لا ماء ولا كهرباء؟ تهاجمها الأفاعي بأعداد مهولة وشاهدت بنفسي الصور المرعبة، والأدهى والأمر أن البعثة الدولية للاجئين لم تنصفهم، بل إن هناك عدداً منهم سيتم تسليمهم كدفعة أولى بحسب -تسريبات- إلى النظام الإيراني، وهذا لا يتوافق لا مع معاهدة جنيف، ولا مع المواثيق الدولية! إن هذه الأرواح الإنسانية تدفع ثمن الماضي، كما تدفع أوطاننا الآن ثمن خلافات التاريخ. • www.salmogren.net