alsharq

د. محمد عياش الكبيسي

عدد المقالات 336

نقد الخطاب الديني الموجّه للأسرة 1-3

24 يوليو 2018 , 05:41ص

في ظل الاضطراب الحاد في منظومة القيم الاجتماعية كتحدّ متوقّع من تحدّيات العولمة والانفتاح على القيم المستوردة، وما تمارسه كثير من وسائل الإعلام من ترويج غير مبرر للثقافات الغازية، حتى فيما يتعلق بالعلاقات الأسرية، لكل ذلك راحت الأسرة تدفع ثمناً باهظاً في استقرارها ونمط علاقاتها، ولا أدل على هذا من انتشار معدّلات الطلاق في عموم مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وكان من المؤمّل أن يمارس الخطاب الديني دوره في المعالجة وتقديم الحل الأفضل، حيث إن مجتمعاتنا ما زالت تسمع للخطاب الديني وتتأثّر به، خاصة في هذا المجال، إلا أنه من الملاحظ أن الخطاب الديني في كثير من الحالات أصبح جزءاً من المشكلة، وأن الأسر المتدينة ربما لا تختلف كثيراً في مشاكلها عن غيرها من الأسر، فأين يكمن الخلل؟ إن الخطاب الديني في كثير من الأحيان يستحضر الفتوى الجزئية المحدّدة وينزعها عن منظومتها القيمية والأخلاقية، فهو يفتي مثلاً في التعدّد أو الطلاق فتاوى مبتورة عن سياقها القيمي والأخلاقي والتربوي، كأنه يتعامل مع المشكلة بمنطق القضاء والقانون المجرّد من أي اعتبار آخر، والحقيقة أن الدين إنما هو قيم ومبادئ وأخلاق وتربية قبل أن يكون أحكاماً فقهية، بل إن الفقه الإسلامي كله، وفي كل مجالاته، لا يحقق مقاصده وغاياته المرجوّة، إلا بعد أن يتكوّن المجتمع تكويناً إيمانيّاً وأخلاقياً. إن المفتي الذي يبيح الطلاق بإطلاق ويجعله حقّاً للرجل وعلى وفق مزاجه، حتى إنه لا يشعر بالحاجة لسؤاله عن أسبابه ومبرراته وآثاره المتوقّعة، إنه حقيقة يغفل أو يتغافل عن جملة من المقاصد الكبرى التي يهدف الإسلام إلى تحقيقها في الأسرة والمجتمع، ومن ذلك ما نصّ القرآن عليه في مثل قوله تعالى: «وجعل بينكم مودّة ورحمة»، فلا أدري ما مصير المودّة والرحمة في ظل هذه الفتاوى؟ ثم ما مصير الأولاد الذين هم رأس مال المجتمع وضمانة مستقبله؟ كل هذا ربما لا يخطر في بال المفتي، بل لمست من بعض المفتين العكس، بمعنى أنه ربما يتحرّج من تحذير المطلِّق، خشية أن يقع في تحريم شيء قد أحلّه الله! نعم فهدم المودّة والرحمة لا يعتبره المفتي إثماً، لأن هذا غير منصوص عليه في كتب الفقه، وضياع مستقبل الأولاد كذلك، ومثله تسميم العلاقات الاجتماعية في دائرتها الأوسع، كالأعمام والأخوال، وما إلى ذلك، وفي بعض الأحيان تشعر الزوجة بالظلم الكبير، خاصة تلك التي بذلت حياتها وشبابها ومالها، وقد صبرت معه على كل الظروف الصعبة التي مرّ بها، ثم في أول خلاف معها أو مع أهلها يرى أنه من حقّه -وفق هذه الفتاوى- أن يطلّقها أو يقهرها بطريقة تعسّفية ومستفزّة بزوجة ثانية، دون النظر إلى أي اعتبار آخر. إن الذي يكشف خلل التكوين الشرعي لدى هؤلاء المفتين أنهم يحفظون أحكام الطلاق بكل تفاصيلها وأدلتها، لكنك حينما تسألهم عن منهج الإسلام في استقرار الأسرة والحدّ من ظاهرة الطلاق تكون إجاباتهم ضعيفة ومرتبكة. إن المستشرقين والتغريبيين الذين يتهمون الفقه الإسلامي بأنه «فقه بلا أخلاق» ربما يجدون متنفسهم في مثل هذه الفتاوى القاصرة والمرتبكة.

لماذا هذا الهجوم المتزايد على صحيح الإمام البخاري؟ (4-4)

هناك من يردد سؤالاً آخر مؤدّاه، ماذا نفعل إذا وجدنا في البخاري ما يعارض القرآن الكريم، أو يعارض العقل؟ وهذا السؤال بدأ يتردد مع هذه الموجة كجزء من حملة التشويه ومحاولة النيل من مكانة البخاري...

لماذا هذا الهجوم المتزايد على صحيح الإمام البخاري؟ (3-4)

المسألة ليست مسألة تقديس للبخاري، ولو كانت المسألة كذلك لاتجه الناس إلى موطّأ الإمام مالك إمام دار الهجرة، أو مسند ابن حنبل إمام أهل السنّة، بل لقدّسوا مرويّات البخاري نفسه في كتبه الأخرى، فالمسألة عند...

لماذا هذا الهجوم المتزايد على صحيح الإمام البخاري؟ (2-4)

إن هذا الاضطراب والتخبّط لدى هؤلاء يكشف أيضاً عن جهل عريض في أصول هذه العلوم ومبادئها الأولية، ولذلك لا ترى هذا الطعن إلا منهم ومن أمثالهم، ممن لا علم لهم بالسنّة وعلومها. إن علماء السنّة...

لماذا هذا الهجوم المتزايد على صحيح الإمام البخاري؟ (1-4)

يتعرض صحيح البخاري هذه الأيام لحملة من التشكيك وإثارة الشبهات، مع حالة من الغموض بالنسبة لدوافعها وغاياتها، والعلاقات التي تجمع بين أصحابها، الذين كأنهم تفرّغوا اليوم أو فُرّغوا لهذه المهمة. هؤلاء بالعموم لم يُعرف عنهم...

جريمة نيوزيلندا في إطارها الأوسع

لست أهوّن أبداً من مشروعية الغضب في مثل هذه الصدمات، بل أعتبر هذا دليلاً على حياة الأمة واعتزازها بهويتها وبذاتها، وبالعنوان الكبير الذي يجمعها، رغم محاولات تغييبها وتجزئتها، فحينما أرى شاباً عربياً أو تركياً أو...

وقفة مع التجربة الإسلامية في السودان

قبل ثلاثين سنة، استبشر التيار الإسلامي بالانقلاب الذي قاده الرئيس عمر حسن البشير، وتصاعدت الآمال بالنموذج المرتقب للحكم الإسلامي المعاصر، وصار الناس يتداولون الأخبار والقصص عن زهد الرئيس البشير وتواضعه وحكمته، حتى سمعت من أحد...

خطوات سليمة لبناء مناهج التربية الإسلامية

بقرار من وزارة التعليم في دولة قطر، تشكلت لجنة من الكفاءات العالية لمراجعة وثيقة المعايير المتعلقة بمناهج التربية الإسلامية. وقد جاء القرار بحد ذاته ليعكس رؤية عميقة وواعدة يمكن تلخيصها في الآتي: أولاً: الاهتمام الخاص...

المعايير الناقصة والمغلوطة في محاكمة التاريخ (3-3)

إن الحكم الوراثي السلالي كان جزءاً من ثقافة العرب عموماً، فإذا مات شيخ القبيلة ورثه ابنه، فإن لم يتهيّأ كان أقرب الناس إليه، ودول العالم المجاور للجزيرة -على الأقل- لم تكن تعرف غير هذا، وحينما...

المعايير الناقصة والمغلوطة في محاكمة التاريخ (2-3)

من الغريب جداً أن «المتنورين» بروح العصر وقيمه وثقافته، يجعلون معيار الحكم على تلك المرحلة معياراً مستنداً بالأساس إلى روح «القداسة» أو قداسة «الروح»، فمرة يحدّثونك عن جريمة الخروج على الإمام علي، بمحاكمة أحادية الجانب،...

المعايير الناقصة والمغلوطة في محاكمة التاريخ (1-3)

التاريخ بكل تأكيد لا تصنعه الملائكة، وإنما هو صناعة بشرية بأحداثه ومواقفه ورواياته وتدويناته وتحليلاته واستنتاجاته ومصادره، إلا ما ورد منه بآية قرآنية أو حديث صحيح. هذه المقدمة -التي ينبغي ألا نختلف فيها- تفتح باباً...

حينما تتبرقع الباطنية بشعارات التجديد (2-3)

تستغل الباطنية اليوم حالة الضعف العام الذي تمر به الأمة سياسياً واقتصادياً وثقافياً، وما يصاحبها من تفكك واضطراب في المنظومة القيمية والعقدية الجامعة، وتراجع مستويات التعليم الديني، وعجز المؤسسات الشرعية والجماعات الإسلامية عن مواجهة التحديات...

حينما تتبرقع الباطنيّة بشعارات التجديد (1-3)

الباطنية مذاهب مختلفة، يجمعها اعتقاد باطن للقرآن يخالف ظاهره، وأن هذا الباطن هو مراد الله تعالى، والمقصد من هذا إنما هو تحريف العقيدة وإبطال الشريعة، وإشاعة الشك والفوضى، وتبديل الأحكام الواضحة بمفاهيم عائمة لا تحق...