


عدد المقالات 336
رغم أننا نغرق في بحر الطائفية منذ اندلاع ثورة الخميني، ورغم أننا خسرنا عواصم عربية عزيزة وغالية علينا تحت الزحف الطائفي، نرى بعض أقلامنا ما زالت تخاف من تهمة الانحياز الطائفي، وهم من أجل ذلك على استعداد لتشويه الحقائق وتضليل الخلائق. هذه الأقلام تحاول أن تعمل موازنات في كل شيء ولو كان ذلك على حساب المنهجية العلمية المحايدة التي ينادون بها. في مقال على صفحة دراسات التشريع الإسلامي 15/2/2016 تناول الكاتب عقيدة النص على الإمامة عند الشيعة والتي هي أصل الأصول عندهم بلا خلاف، وإذا به يذكر إلى جنب هؤلاء أولئك الذين يزعم أنهم يقولون بالنص على إمامة أبي بكر! وأخذ يسهب بالرد على استدلالاتهم وشبهاتهم، وكأنهم طائفة موجودة بالفعل ويشكلون تحديا فكريا موازيا أو مقابلا لعقيدة الإمامة عند الشيعة! من هؤلاء؟ وماذا يمثلون في وسط أهل السنة؟ وأين هم الآن؟ كل هذا لا يهم، المهم أنه وجد ضالته ولو في قول شاذ لا يعرف قائله! وعلى صلة بالموضوع ترى غير واحد من هؤلاء يبرز دور معاوية في تأسيس الحكم الوراثي، متناسيا أن النظام الوراثي إذا كان عندنا سياسة مختلفا فيها فعند الشيعة عقيدة متفق عليها، فالإمامة في ذرية علي ثم في ذرية الحسين حصرا، لا دخل فيها للشورى ولا لأهل الحل والعقد، وهذه عقيدة عندهم لا مجال فيها للتصحيح أو الاجتهاد، ولكننا بفضل هذه الأقلام صرنا نحن المتهمين بالنظام الوراثي وليس الشيعة! وعلى هذا المنوال وبنموذج أقسى وأشد يكتب أحدهم على صحيفة العرب 11/1/2012 ما نصه: (للذين يرددون قضية سب الصحابة كمبرر للتكفير نقول مع إدانتنا الحاسمة لذلك إن الصحابة أنفسهم قد تقاتلوا وقتل بعضهم بعضا، والقتل أسوأ من السب)! هكذا، فالصحابة عنده قاموا بأعمال أسوأ مما يقوم به هؤلاء من طعن وسب، دون أن يحتاط لمكانة الخلفاء الراشدين وأمهات المؤمنين على الأقل، أولئك الأجلاء الذين يقصدهم هؤلاء بالطعن والقذف أكثر من غيرهم، ودون أن ينتبه إلى أن الطعن في الصحابة طعن في الدين كله، فهم الذين حفظوه ونقلوه. كاتب آخر يجافي كل قواعد البحث والأمانة العلمية ليخلص في بحثه المنشور (العلاقة بين السنة والشيعة) ص22 إلى: (يجمع بيننا وبين إخواننا الشيعة الإمامية الإيمان بالقرآن كتابا منزلا من عند الله وأنه محفوظ.. بلا خلاف بين أحد منهم وآخر) ثم يحاول بعد هذا أن يعزو كل ما ورد من كلام صريح لعلماء الشيعة في تحريف القرآن إلى روايات غير ثابتة وموجودة عندنا وعندهم! وفي هذا تدليس شنيع لا يقول به منصف، ويكفي لبطلانه التذكير بكتاب (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب)، وغيره من الفصول المعقودة في أمهات كتبهم، ثم تسأل أي سني عن رأيه فيمن يقول بتحريف ولو كلمة واحدة من القرآن كائنا من كان. إنه نوع آخر من تسييس المعرفة، لا تقوم به الأنظمة (الطاغوتية)، وإنما تقوم به أقلامنا (الحرة). نعم قد نرى بعض التراجعات أو الندامات -وهذا محمود بحد ذاته- لكنه من المؤسف أن يكون بسبب التغيرات السياسية، وليس اعترافا منهجيا بالخطأ الديني والمعرفي.
هناك من يردد سؤالاً آخر مؤدّاه، ماذا نفعل إذا وجدنا في البخاري ما يعارض القرآن الكريم، أو يعارض العقل؟ وهذا السؤال بدأ يتردد مع هذه الموجة كجزء من حملة التشويه ومحاولة النيل من مكانة البخاري...
المسألة ليست مسألة تقديس للبخاري، ولو كانت المسألة كذلك لاتجه الناس إلى موطّأ الإمام مالك إمام دار الهجرة، أو مسند ابن حنبل إمام أهل السنّة، بل لقدّسوا مرويّات البخاري نفسه في كتبه الأخرى، فالمسألة عند...
إن هذا الاضطراب والتخبّط لدى هؤلاء يكشف أيضاً عن جهل عريض في أصول هذه العلوم ومبادئها الأولية، ولذلك لا ترى هذا الطعن إلا منهم ومن أمثالهم، ممن لا علم لهم بالسنّة وعلومها. إن علماء السنّة...
يتعرض صحيح البخاري هذه الأيام لحملة من التشكيك وإثارة الشبهات، مع حالة من الغموض بالنسبة لدوافعها وغاياتها، والعلاقات التي تجمع بين أصحابها، الذين كأنهم تفرّغوا اليوم أو فُرّغوا لهذه المهمة. هؤلاء بالعموم لم يُعرف عنهم...
لست أهوّن أبداً من مشروعية الغضب في مثل هذه الصدمات، بل أعتبر هذا دليلاً على حياة الأمة واعتزازها بهويتها وبذاتها، وبالعنوان الكبير الذي يجمعها، رغم محاولات تغييبها وتجزئتها، فحينما أرى شاباً عربياً أو تركياً أو...
قبل ثلاثين سنة، استبشر التيار الإسلامي بالانقلاب الذي قاده الرئيس عمر حسن البشير، وتصاعدت الآمال بالنموذج المرتقب للحكم الإسلامي المعاصر، وصار الناس يتداولون الأخبار والقصص عن زهد الرئيس البشير وتواضعه وحكمته، حتى سمعت من أحد...
بقرار من وزارة التعليم في دولة قطر، تشكلت لجنة من الكفاءات العالية لمراجعة وثيقة المعايير المتعلقة بمناهج التربية الإسلامية. وقد جاء القرار بحد ذاته ليعكس رؤية عميقة وواعدة يمكن تلخيصها في الآتي: أولاً: الاهتمام الخاص...
إن الحكم الوراثي السلالي كان جزءاً من ثقافة العرب عموماً، فإذا مات شيخ القبيلة ورثه ابنه، فإن لم يتهيّأ كان أقرب الناس إليه، ودول العالم المجاور للجزيرة -على الأقل- لم تكن تعرف غير هذا، وحينما...
من الغريب جداً أن «المتنورين» بروح العصر وقيمه وثقافته، يجعلون معيار الحكم على تلك المرحلة معياراً مستنداً بالأساس إلى روح «القداسة» أو قداسة «الروح»، فمرة يحدّثونك عن جريمة الخروج على الإمام علي، بمحاكمة أحادية الجانب،...
التاريخ بكل تأكيد لا تصنعه الملائكة، وإنما هو صناعة بشرية بأحداثه ومواقفه ورواياته وتدويناته وتحليلاته واستنتاجاته ومصادره، إلا ما ورد منه بآية قرآنية أو حديث صحيح. هذه المقدمة -التي ينبغي ألا نختلف فيها- تفتح باباً...
تستغل الباطنية اليوم حالة الضعف العام الذي تمر به الأمة سياسياً واقتصادياً وثقافياً، وما يصاحبها من تفكك واضطراب في المنظومة القيمية والعقدية الجامعة، وتراجع مستويات التعليم الديني، وعجز المؤسسات الشرعية والجماعات الإسلامية عن مواجهة التحديات...
الباطنية مذاهب مختلفة، يجمعها اعتقاد باطن للقرآن يخالف ظاهره، وأن هذا الباطن هو مراد الله تعالى، والمقصد من هذا إنما هو تحريف العقيدة وإبطال الشريعة، وإشاعة الشك والفوضى، وتبديل الأحكام الواضحة بمفاهيم عائمة لا تحق...