


عدد المقالات 84
شهر رمضان شهر الخيرات والبركات، والكف عن المحرمات. فرض الله تعالى صيامه على المسلمين، وعلل الصيام بالتقوى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة:183]. ومن التقوى الحياء، وحفظ الأبصار عن رؤية الحرام، وحفظ الأسماع عن سماعه، ومعصية النظر إلى الحرام تكاد تكون المعصية الأكثر وقوعا في هذا الزمن، بل هي الأكثر، ويقترن بها في الغالب معصية سماع الحرام، وإن كان النظر إلى الحرام أكثر من سماعه. وقد أمر الله تعالى المؤمنين، وأمر كذلك المؤمنات بغض البصر، لأن ذلك مقتضى الإيمان والمراقبة، فقال سبحانه: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ● وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ [النور:30-31]. كذلك فإن حفظ البصر يعين على حفظ الفرج، وحفظهما معاً يحفظ الإنسان من الندامة يوم القيامة، فالنظرة المحرمة إذا كانت سهماً مسموماً، فإن المتأذي بذلك هو القلب، إذ كلما أُطلق البصر في الحرام، أوغل القلب في الظلام، وعلاه الدغل والران، وربما ارتد هذا الران المظلم سواداً في البصيرة، تعمى به عن رؤية الحق أو تعشى عن إدراك الهدى، حيث تختلط الأمور على المرء، فلا يكاد يعرف معروفاً أو ينكر منكراً، أو يتذوق للحق حلاوة، ولا للباطل مرارة. وإن حلاوة الإيمان تورِّث أحاسيس سامية، فيها عوض وسلوى عما يخدع به الشيطان اللذائذ المحرمة، لكن الله تعالى يعلم ضعف الإنسان، ويعلم أن الامتناع التام عن النظر غير ممكن من المكلف البصير، ولهذا كان أمره سبحانه أن يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ، ولم يقل: يغضوا أبصارهم، فاكتفى منا بالجد في المجاهدة في كف النظر عن الحرام، بحيث إذا أصاب البصر نظرة إلى حرام، نازعت النفس صاحبها حتى لا يثنِّي هذه النظرة تعظيماً لأمر الله، وقد قال النبي ﷺ لعلي (رضي الله عنه): يا علي: لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة. وغض البصر وحفظ الفرج إن كان فيه كف للنفس عن أسباب المهالك فإن له أيضاً مقابلاً، بل إن مقابله لا يقابله شيء من متاع الدنيا ولو حيزت، ولا تعادله زخارفها ولو اكتملت، قال عليه الصلاة والسلام: «من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجله أضمن له الجنة»، ولما كان غض البصر هو أكبر معين على حفظ الفرج؛ قدِّم غض البصر على حفظ الفروج في الآية؛ لأن النظر بريد الفاحشة، ورائد الفجور، والبلوى فيه أشد والقدرة عليه أصعب. السلف الصلح وغض البصر عني السلف الصالح (رضي الله عنهم) بغض البصر عناية عظيمة فوجدنا منهم مواقف ومواعظ في هذا الباب تنبئ عن علو همتهم في هذا، ومن ذلك قول أنس رضي الله عنه: إذا مرت بك امرأة فغمض عينيك حتى تجاوزك. ويقول أبو الحسين الوراق (رحمه الله): «من غض بصره عن محرم أورثه الله بذلك حكمة على لسانه يهدي بها سامعوه ومن غض بصره عن شبهة نور الله قلبه بنور يهتدي به إلى طريق مرضاته». قال القرطبي (رحمه الله): «البصر هو الباب الأكبر إلى القلب، وأعمر طرق الحواس إليه، وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته، ووجب التحذير منه، وغضه واجب عن جميع المحرمات، وكل ما يخشى الفتنة من أجله». وقال ابن الجوزي (رحمه الله): «كان في عصرنا أبو الحسن بن أحمد الحربي، لا يمشي إلا وعلى رأسه طرْحة، ليكف بذلك بصره عن الانطلاق». كل هذه الآثار عن السلف لتدل على خطر النظر إلى المحرمات، وما يسببه من فساد القلب، فمن أراد صلاح قلبه في هذا الشهر الكريم فليجتنب المحرمات، وليغض بصره عنها، وليحفظ سمعه منها، ولو مكث أكثر وقته في المسجد لئلا يشاهد المحرمات، وكان أبو هُرَيْرَةَ وأَصْحَابُهُ إِذَا صَامُوا قَعَدُوا في المَسْجِدِ، وقَالَوا: (نُطَهِّرُ صِيَامَنَا). والمؤمن مأمور بغض بصره عما حرم الله عليه في الأحوال والأزمان كافة، ويكون الأمر أشد في شهر رمضان؛ إذ هو شهر العبادة، وشهر التقرب إلى الله سبحانه، فلا يليق بالمؤمن أن يفعل في هذا الشهر ما يبعده عن ربه، وهو أحوج ما يكون قريباً إليه.
إن من أسباب التمكين أن يهتم العالم الاسلامي بالجانب الاقتصادي، لأن القوة الاقتصادية هي عصب الحياة الدنيا وقوامها، والضعيف فيها يقهر ولا يحسب له حساب إلا في ظل شرع الله حين يحكم، ولذلك ينبغي على...
إن الله تعالى أظهر في سيرة أحسن الملوك -ذي القرنين- (1)، مفاهيم حضارية وجعل في سيرته دروسًا لكل من أراد أن يحكم بالحق والعدل من الحكام في الناس، فأرشد القرآن الكريم عباده إلى ركائز الحضارة...
تسلم سليمان عليه السلام قيادة الدولة القوية التي أسست على الإيمان والتوحيد وتقوى الله تعالى، لقد أوتي سليمان عليه السلام الملك الواسع والسلطان العظيم، بحيث لم يؤت أحد مثلما أوتي، ولكنه أعطى قبل ذلك عطاء...
اهتم عماد الدين زنكي بالجيش اهتماماً كبيراً، وبرز هذا الاهتمام في شكل ووظيفة الدواوين التي كانت تختص بشؤون الجيش والعسكر، وأيضاً في طرق وأساليب عماد الدين زنكي في إدارة المؤسسة العسكرية. 1 ـ الجيش: كانت...
أراد الصِّدِّيق ـ رضي الله عنه ـ أن ينفِّذَ السياسة التي رسمها لدولته، واتَّخذ من الصَّحابة الكرام أعواناً يساعدونه على ذلك، فجعل أبا عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمَّة (وزير الماليَّة) فأسند إليه شؤون بيت...
يقف الإسلام بين الأديان والمذاهب والفلسفات شامخاً متميزاً في هذا المبدأ الذي قرر فيه حرية التدين، فهو يعلنها صريحة لا مواربة فيها ولا التواء، أنه: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ...
إذا كانت الفرقة هي طريق الانحطاط والضعف، فإن الوحدة هي سبيل الارتقاء وتبوؤ المكانة الفاضلة من جديد. إن اتحاد الأمة الإسلامية على أسس ديننا العظيم أمل كل المسلمين الصادقين في كل مكان، ذلك أن الإسلام...
اهتمّ عمرُ بنُ عبد العزيز رحمه الله بتفعيل مبدأ الشورى في خلافته، ومن أقواله في الشورى: «إنَّ المشورةَ والمناظرةَ بابُ رحمةٍ، ومفتاحُ بركةٍ، لا يضلُّ معهما رأيٌ، ولا يفقدُ معهما حزم». وكان أول قرارٍ اتخذه...
ذكر أهل العلم بالتَّواريخ والسِّيَر أنَّ أبا بكرٍ شهد مع النبيِّ (ﷺ) بدراً، والمشاهد كلَّها، ولم يفته منها مشهدٌ، وثبت مع رسول الله يوم أحدٍ حين انهزم الناسُ، ودفع إليه النبيُّ رايته العظمى يوم تبوك،...
بين القرآن الكريم أن داود عليه السلام كان مجاهداً في جيش طالوت، وممن نجحوا في الامتحان العسير الذي قرّر رئيس الجيش أن يخوضه جميع جنوده فسقط من سقط وعبر من عبر، فقد رفع داود عليه...
كان من صفات الصِّدِّيق التي تميَّز بها: الجرأة، والشَّجاعة، فقد كان لا يهاب أحداً في الحقِّ، ولا تأخذه لومة لائم في نصرة دين الله، والعمل له، والدفاع عن رسوله (ﷺ)، فعن عروة بن الزُّبير، قال:...
اسم «الواحد» هو اسم من أسماء الله الحسنى التي تدل على تفرده سبحانه وتعالى بالوحدانية، فهو الواحد الذي لا ثاني له، ولا مثيل ولا نظير، وهو الواحد في ألوهيته، فلا معبود بحق سواه، وهو الواحد...