عدد المقالات 84
تسلم سليمان عليه السلام قيادة الدولة القوية التي أسست على الإيمان والتوحيد وتقوى الله تعالى، لقد أوتي سليمان عليه السلام الملك الواسع والسلطان العظيم، بحيث لم يؤت أحد مثلما أوتي، ولكنه أعطى قبل ذلك عطاء أعظم وأكرم، هيأه لأن يكون شخصية فريدة متميزة في التاريخ، لقد أعطي النبوة، ومُنح العلم وأوتي الحكمة، وذلك مثلما أعطي أبوه من قبل، قال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالاَ الْحَمْدُ للهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ) [النمل: 16،15]. إن سليمان عليه السلام لم يرث عن أبيه مالاً أو دارًا أو عقارًا، وإنما ورث عنه العلم والحكمة وورث النبوة والحكم، وأعطاه الله تعالى نعمًا وهبات خاصة به لم يعطها أحدًا بعده فقد سأل الله عزَّ وجل أن يخصه بعطاء لا يصل إليه أحد، وقال: (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لاَّ يَنبَغِي لأحَدٍ مِّن بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) [ص:35]، يعني: أعطني ملكًا لا يكون لأحد من البشر من بعدي مثله . وإننا ونحن نمضي مع ما يحكيه القرآن عن سليمان عليه السلام، فإننا نعيش مع أنصع الصفحات المشرقة من عصور بني إسرائيل الذهبية أيام كانوا على الدين الصحيح. يحدثنا القرآن أنه عليه السلام أقام مملكته على أسس من الإيمان بالله والإسلام له، ولهذا اعتبر سليمان مُلكه مفخرة عن ملك بلقيس ليس لامتداده وسعته وتفوقه فحسب، ولكن لأن ملك سليمان قام على العلم وأسس على الإيمان فقال: (وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ) [النمل: 43،42]. وإننا لنلمح من خلال القرآن أن دولة سليمان عليه السلام كانت مفعمة بالحيوية، مائجة بالحركة، وكان عليه السلام قائمًا بواجب العبودية إلى جانب القيام بمهام الملك ومسؤوليات الحكام وإعمار الدنيا بطاعة الله، حتى دانت له الأرض جميعًا، وجاء على المعمورة وقت لم يكن فيها لسليمان ندٌّ منازع في الحكم والملك ولا شبيه مماثل في العلم والحكمة. لقد تحدثت الآيات الكريمة عن صفات وأحوال سليمان الحكيم، فهي صفات وأحوال تحكي مواقف حاكم مسؤول عن إدارة شؤون الأرض، لما عليها من مخلوقات، فهل كانت هذه المسؤوليات الهائلة التي تكاد تتصور في عصرنا، هل كانت عقبة أمام سليمان في سلوك المنهاج القيم للحكم، والطريق الناجح في الإدارة ؟ بالقطع لا. بل كان عليه السلام يدير هذه المملكة الشاسعة أحسن ما يدير الفرد شؤونه مع أسرته في بيته الصغير. ومن خلال هذا السياق القرآني لسيرة سيدنا سليمان عليه السلام نستخلص دروسًا وعبرًا في كيفية المحافظة على دولة الإيمان، وما وظائفها في الحياة، وما هي وسائل قوتها. إن قصة سليمان عليه السلام وردت في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع، في سورة النمل وص وسبأ، وكانت الآيات الكريمة في سورة النمل تتحدث عن حلقة من حلقات حياة سليمان عليه السلام؛ حلقة قصته مع الهدهد وملكة سبأ، يمهد لها السياق القرآني بما يعلنه سليمان على الناس من تعليم الله له منطق الطير، وإعطائه من كل شيء، وشكره لله على فضله المبين.
إن من أسباب التمكين أن يهتم العالم الاسلامي بالجانب الاقتصادي، لأن القوة الاقتصادية هي عصب الحياة الدنيا وقوامها، والضعيف فيها يقهر ولا يحسب له حساب إلا في ظل شرع الله حين يحكم، ولذلك ينبغي على...
إن الله تعالى أظهر في سيرة أحسن الملوك -ذي القرنين- (1)، مفاهيم حضارية وجعل في سيرته دروسًا لكل من أراد أن يحكم بالحق والعدل من الحكام في الناس، فأرشد القرآن الكريم عباده إلى ركائز الحضارة...
اهتم عماد الدين زنكي بالجيش اهتماماً كبيراً، وبرز هذا الاهتمام في شكل ووظيفة الدواوين التي كانت تختص بشؤون الجيش والعسكر، وأيضاً في طرق وأساليب عماد الدين زنكي في إدارة المؤسسة العسكرية. 1 ـ الجيش: كانت...
أراد الصِّدِّيق ـ رضي الله عنه ـ أن ينفِّذَ السياسة التي رسمها لدولته، واتَّخذ من الصَّحابة الكرام أعواناً يساعدونه على ذلك، فجعل أبا عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمَّة (وزير الماليَّة) فأسند إليه شؤون بيت...
يقف الإسلام بين الأديان والمذاهب والفلسفات شامخاً متميزاً في هذا المبدأ الذي قرر فيه حرية التدين، فهو يعلنها صريحة لا مواربة فيها ولا التواء، أنه: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ...
إذا كانت الفرقة هي طريق الانحطاط والضعف، فإن الوحدة هي سبيل الارتقاء وتبوؤ المكانة الفاضلة من جديد. إن اتحاد الأمة الإسلامية على أسس ديننا العظيم أمل كل المسلمين الصادقين في كل مكان، ذلك أن الإسلام...
اهتمّ عمرُ بنُ عبد العزيز رحمه الله بتفعيل مبدأ الشورى في خلافته، ومن أقواله في الشورى: «إنَّ المشورةَ والمناظرةَ بابُ رحمةٍ، ومفتاحُ بركةٍ، لا يضلُّ معهما رأيٌ، ولا يفقدُ معهما حزم». وكان أول قرارٍ اتخذه...
ذكر أهل العلم بالتَّواريخ والسِّيَر أنَّ أبا بكرٍ شهد مع النبيِّ (ﷺ) بدراً، والمشاهد كلَّها، ولم يفته منها مشهدٌ، وثبت مع رسول الله يوم أحدٍ حين انهزم الناسُ، ودفع إليه النبيُّ رايته العظمى يوم تبوك،...
بين القرآن الكريم أن داود عليه السلام كان مجاهداً في جيش طالوت، وممن نجحوا في الامتحان العسير الذي قرّر رئيس الجيش أن يخوضه جميع جنوده فسقط من سقط وعبر من عبر، فقد رفع داود عليه...
كان من صفات الصِّدِّيق التي تميَّز بها: الجرأة، والشَّجاعة، فقد كان لا يهاب أحداً في الحقِّ، ولا تأخذه لومة لائم في نصرة دين الله، والعمل له، والدفاع عن رسوله (ﷺ)، فعن عروة بن الزُّبير، قال:...
اسم «الواحد» هو اسم من أسماء الله الحسنى التي تدل على تفرده سبحانه وتعالى بالوحدانية، فهو الواحد الذي لا ثاني له، ولا مثيل ولا نظير، وهو الواحد في ألوهيته، فلا معبود بحق سواه، وهو الواحد...
هو الإمامُ والمجتهد الكبير، بحر العلوم، وجامع الفنون، وإمام المذهب الظَّاهريِّ وأبرز أعلامه، الفقيه الحافظ، الأديب الوزير، المؤرِّخ الناقد، العالم الموسوعيُّ، صاحب التَّصانيف الباهرة والأقوال الظَّاهرة، أجمعَ أهلِ الأندلس قاطبةً لعلوم الإسلام، وأوسعَهُم معرفةً، مع...