عدد المقالات 83
اسم «الواحد» هو اسم من أسماء الله الحسنى التي تدل على تفرده سبحانه وتعالى بالوحدانية، فهو الواحد الذي لا ثاني له، ولا مثيل ولا نظير، وهو الواحد في ألوهيته، فلا معبود بحق سواه، وهو الواحد في ربوبيته، فلا خالق ولا رازق إلا هو، وهو الواحد في صفاته، فلا يشبهه شيء من خلقه، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وقد ورد اسم الله الواحد في أكثر من عشرين موضعاً في القرآن الكريم ومن ذلك: قوله تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ ]الرعد: 16[، وقوله تعالى: ﴿وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ ]النحل:51[، وقوله تعالى: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ ]غافر:16[. ويقول الشيخ السعدي رحمه الله: «الواحد الأحد» هو الذي توحد بجميع الكمالات، وتفرد بكل كمال، وجلال وجمال، وحمد وحكمة ورحمة وغيرها من صفات الكمال؛ فليس فيها مثيل، ولا نظير ولا مناسب بوجه من الوجوه، فهو الأحد في قيوميته وعلمه وقدرته وعظمته وجلاله وجماله وحمده وحكمته وغيرها من صفاته، موصوفٌ بغاية الكمال، ونهايته من كل صفة من هذه الصفات، فيجب على العبيد توحيده عقلاً وقولاً وعملاً بأن يعترفوا بكماله المطلق وتفرده بالوحدانية، ويفردوه بأنواع العبادة ( قصة بدء الخلق، الصلابي، ص1136). قال القرطبي: «اسم الله الواحد جاء في الكتاب والسنة وأجمع عليه علماء الأمة، وهو من أعظم أسماء الله الحسنى وأولاها بالاختصاص به، وعدم المشاركة فيه، فالله تعالى متعال عن أن يشبه شيئًا من الحادثات، أو يمازجه شيء من الكائنات، بل هو بذاته متفرد عن جميع المخلوقات، وأنه ليس بجوهر ولا عرض ولا جسم، خلافًا للنصارى، تعالى الله عن قولهم وتسميتهم، وأنه لا تحلّه الكائنات، ولا تمازجه الحادثات، ولا له مكان يحويه، ولا زمان هو فيه، .... فالله تعالى هو الواحد لا نظير له، وهو الذي يعتمد عليه عباده ويقصدونه» ولا يتَكلون إلا عليه جل وعز. (أسماء الله الحسنى، القرضاوي، ص73). يقول الشيخ ابن عثيمين: «الواحد هو الفرد الذي لم يزل وحده، ولم يكن معه آخر، وهو الفرد المتفرد في ذاته وصفاته وأفعاله وألوهيته، فهو واحد في ذاته لا يتجزأ أو لا يتفرق، أحد صمد لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد. وهو واحد في صفاته لا شبيه له على الوجه اللائق به من غير أن يماثله أحد فيما يختص به، وهو واحد في أفعاله لا شريك له، واحد في ألوهيته لا معبود حق إلا هو» (تقريب التدميرية، ابن عثيمين، ص138). وقد ورد اسم الله «الواحد» في اثنتين وعشرين آية من كتاب الله، وورد اسم «الأحد» في سورة الإخلاص، وأصل اشتقاق الاسمين واحد، فكلاهما من جذر واحد من كلمة (وحد)، وهي تدلُّ على وحدانية الذات، فلا إله إلا الله، ووحدانية الصفات، فليس له شبيه ولا سَمِيٌّ: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى:11]، وتدل على انفراده من الأشياء، وانفراد الأشياء منه، قال الخطابي رحمه الله: (الواحد: الفرد الذي لم يَزَلْ وحده). فالقرآن الكريم والسنة أوضحا غاية الإيضاح تَفَرُّد الخالق عن المخلوق. وفي كتاب الله جل وعز سورة تُسمَّى: «الإخلاص»: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) [الإخلاص:1-4]، وقد سُمِّيت هذه السورة بالإخلاص؛ لأنها اشتملت على إثبات الكمال والوحدانية لله سبحانه وتعالى، فأثبتت اسمه العظيم وهو: «اللَّه»، وأثبتت وحدانيته، وأثبتت صَمَدِيَّته، ثم نَفَت عنه ما كانوا يَدَّعونه من وجود الوالد أو الولد، أو أن يكون له كُفُو أو شريك أو مُشابِه، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه السورة في الركعة الثانية من راتبة الفجر، وراتبة المغرب، ويقرأها في صلاة الوتر، وركعتي الطواف (مع الله، العودة، ص235).
إن الله تعالى أظهر في سيرة أحسن الملوك -ذي القرنين- (1)، مفاهيم حضارية وجعل في سيرته دروسًا لكل من أراد أن يحكم بالحق والعدل من الحكام في الناس، فأرشد القرآن الكريم عباده إلى ركائز الحضارة...
تسلم سليمان عليه السلام قيادة الدولة القوية التي أسست على الإيمان والتوحيد وتقوى الله تعالى، لقد أوتي سليمان عليه السلام الملك الواسع والسلطان العظيم، بحيث لم يؤت أحد مثلما أوتي، ولكنه أعطى قبل ذلك عطاء...
اهتم عماد الدين زنكي بالجيش اهتماماً كبيراً، وبرز هذا الاهتمام في شكل ووظيفة الدواوين التي كانت تختص بشؤون الجيش والعسكر، وأيضاً في طرق وأساليب عماد الدين زنكي في إدارة المؤسسة العسكرية. 1 ـ الجيش: كانت...
أراد الصِّدِّيق ـ رضي الله عنه ـ أن ينفِّذَ السياسة التي رسمها لدولته، واتَّخذ من الصَّحابة الكرام أعواناً يساعدونه على ذلك، فجعل أبا عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمَّة (وزير الماليَّة) فأسند إليه شؤون بيت...
يقف الإسلام بين الأديان والمذاهب والفلسفات شامخاً متميزاً في هذا المبدأ الذي قرر فيه حرية التدين، فهو يعلنها صريحة لا مواربة فيها ولا التواء، أنه: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ...
إذا كانت الفرقة هي طريق الانحطاط والضعف، فإن الوحدة هي سبيل الارتقاء وتبوؤ المكانة الفاضلة من جديد. إن اتحاد الأمة الإسلامية على أسس ديننا العظيم أمل كل المسلمين الصادقين في كل مكان، ذلك أن الإسلام...
اهتمّ عمرُ بنُ عبد العزيز رحمه الله بتفعيل مبدأ الشورى في خلافته، ومن أقواله في الشورى: «إنَّ المشورةَ والمناظرةَ بابُ رحمةٍ، ومفتاحُ بركةٍ، لا يضلُّ معهما رأيٌ، ولا يفقدُ معهما حزم». وكان أول قرارٍ اتخذه...
ذكر أهل العلم بالتَّواريخ والسِّيَر أنَّ أبا بكرٍ شهد مع النبيِّ (ﷺ) بدراً، والمشاهد كلَّها، ولم يفته منها مشهدٌ، وثبت مع رسول الله يوم أحدٍ حين انهزم الناسُ، ودفع إليه النبيُّ رايته العظمى يوم تبوك،...
بين القرآن الكريم أن داود عليه السلام كان مجاهداً في جيش طالوت، وممن نجحوا في الامتحان العسير الذي قرّر رئيس الجيش أن يخوضه جميع جنوده فسقط من سقط وعبر من عبر، فقد رفع داود عليه...
كان من صفات الصِّدِّيق التي تميَّز بها: الجرأة، والشَّجاعة، فقد كان لا يهاب أحداً في الحقِّ، ولا تأخذه لومة لائم في نصرة دين الله، والعمل له، والدفاع عن رسوله (ﷺ)، فعن عروة بن الزُّبير، قال:...
هو الإمامُ والمجتهد الكبير، بحر العلوم، وجامع الفنون، وإمام المذهب الظَّاهريِّ وأبرز أعلامه، الفقيه الحافظ، الأديب الوزير، المؤرِّخ الناقد، العالم الموسوعيُّ، صاحب التَّصانيف الباهرة والأقوال الظَّاهرة، أجمعَ أهلِ الأندلس قاطبةً لعلوم الإسلام، وأوسعَهُم معرفةً، مع...
إن الله سبحانه وتعالى هو الملك المطلق، الذي لا يُشارك في ملكه أحد، ولا يُعازز في سلطانه مُعَازِزٌ. هو الذي بيده مقاليد السماوات والأرض، يُدبر الأمرَ كله، ويقضي في خلقه بما يشاء، لا رادَّ لقضائه،...