عدد المقالات 83
بين القرآن الكريم أن داود عليه السلام كان مجاهداً في جيش طالوت، وممن نجحوا في الامتحان العسير الذي قرّر رئيس الجيش أن يخوضه جميع جنوده فسقط من سقط وعبر من عبر، فقد رفع داود عليه السلام راية النصر، وشرع في إعادة التمكين لبني إسرائيل بعد قتله لجالوت، وكان إذ ذاك فتىً، وتم له الظفر، فالتقت على محبته القلوب، وتأكدت له أوامر الإخلاص، وأصبح بين عشية وضحاها حديث بني إسرائيل، يكنون له في نفوسهم الاحترام والمحبة والتوقير. قال تعالى: (فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) «البقرة: 251». ومنذ ذلك الحين بدأ نجمه يصعد في السماء وينتقل من ظفر إلى ظفر، ويجيئه النصر يتبعه النصر، حتى ولي الملك أخيراً وأصبح ذا سلطان وظهرت ملامح الحكم في زمنه في عدله وحكمه، وكان أوّاباً رجاعاً إلى ربه بالطاعة والعبادة، والذكر والاستغفار. لقد كان منهج التغيير في زمن داود عليه السلام هو الصراع المسلح بين قوى الخير والشر، والإيمان والكفر، والهدى والضلال، وبالفعل تم دمغ الباطل وإضعافه ووصل بنو إسرائيل إلى قمة مجدهم وعزهم. أخلاقه القيادية: إن المتأمل في القرآن الكريم في قصة داود عليه السلام يتعرف على صفات الحاكم المؤمن الذي مكن الله له، وهي تحقق للقائد المسلم كمال السعادة في الدنيا والآخرة، ومن أهم هذه الصفات: •الصبر: فقد أمر الله تعالى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على جلالة قدره بأن يقتدى به في الصبر على طاعة الله تعالى. •العبودية: وقد وصفه ربه بقوله: «عَبْدَنَا»، وعبر عن نفسه بصيغة الجمع للتعظيم، والوصف بالعبودية لله غاية التشريف كوصف محمد صلى الله عليه وسلم بها ليلة المعراج «سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ» (الإسراء: 1). وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر داود عليه السلام تحدث عنه وبيَّن فضله واجتهاده في العبادة، قال صلى الله عليه وسلم: «إن أحب الصيام إلى الله صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود عليه السلام، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً». (مسلم رقم: 189) •القوة على أداء الطاعة: والاحتراز عن المعاصي في قوله: «ذَا الْأَيْدِ...». •الرجوع إلى الله بالطاعة في أموره كلها، في قوله تعالى: «إِنَّهُ أَوَّابٌ». وصف بالقوة والعزم على طاعة الله، وبأنه أوابٌ، وهذا دليل على كمال معرفته بالله التي جعلته يجتهد في العبادة على نهج رباني صحيح. •تسبيح الجبال والطيور معه: (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ ** وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ) «ص: 18ـ 19»، أي أنه تعالى سخر الجبال تسبح معه عند إشراق الشمس وآخر النهار، قال عز وجل: (يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ) «سبأ: 10». •قوة الملك: (وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ) «ص: 20»، أي: قويّنا ملكه بالجند أو الحرس، وجعلنا له ملكاً كاملاً في جميع ما يحتاج إليه الملوك. •الحكمة: (وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ) «ص: 20»، أي: أعطيناه الفهم والعقل والفطنة والعلم، والعدل وإتقان العمل والحكم بالصواب. •حسن الفصل في الخصومات: (وَفَصْلَ الْخِطَابِ) «ص: 20»، أي: وألهمنا حسن الفصل في القضاء بإحقاق الحق وإبطال الباطل، وإيجاز البيان، بجعل المعنى الكثير في اللفظ القليل (تفسير المنير لوهبة الزحيلي، 23/ 183 ـ 185). إن داود عليه السلام شدّ ملكه بالتسبيح والذكر والطاعة، فكان عليه السلام يسبح بالعشي والإشراق، وتجاوبت الجبال مع ذكره العذب الجميل وكذلك تجاوبت الطيور، فوهبه الله هبة عظمى ذكرها في كتابه عز وجل: (وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ).
إن الله تعالى أظهر في سيرة أحسن الملوك -ذي القرنين- (1)، مفاهيم حضارية وجعل في سيرته دروسًا لكل من أراد أن يحكم بالحق والعدل من الحكام في الناس، فأرشد القرآن الكريم عباده إلى ركائز الحضارة...
تسلم سليمان عليه السلام قيادة الدولة القوية التي أسست على الإيمان والتوحيد وتقوى الله تعالى، لقد أوتي سليمان عليه السلام الملك الواسع والسلطان العظيم، بحيث لم يؤت أحد مثلما أوتي، ولكنه أعطى قبل ذلك عطاء...
اهتم عماد الدين زنكي بالجيش اهتماماً كبيراً، وبرز هذا الاهتمام في شكل ووظيفة الدواوين التي كانت تختص بشؤون الجيش والعسكر، وأيضاً في طرق وأساليب عماد الدين زنكي في إدارة المؤسسة العسكرية. 1 ـ الجيش: كانت...
أراد الصِّدِّيق ـ رضي الله عنه ـ أن ينفِّذَ السياسة التي رسمها لدولته، واتَّخذ من الصَّحابة الكرام أعواناً يساعدونه على ذلك، فجعل أبا عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمَّة (وزير الماليَّة) فأسند إليه شؤون بيت...
يقف الإسلام بين الأديان والمذاهب والفلسفات شامخاً متميزاً في هذا المبدأ الذي قرر فيه حرية التدين، فهو يعلنها صريحة لا مواربة فيها ولا التواء، أنه: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ...
إذا كانت الفرقة هي طريق الانحطاط والضعف، فإن الوحدة هي سبيل الارتقاء وتبوؤ المكانة الفاضلة من جديد. إن اتحاد الأمة الإسلامية على أسس ديننا العظيم أمل كل المسلمين الصادقين في كل مكان، ذلك أن الإسلام...
اهتمّ عمرُ بنُ عبد العزيز رحمه الله بتفعيل مبدأ الشورى في خلافته، ومن أقواله في الشورى: «إنَّ المشورةَ والمناظرةَ بابُ رحمةٍ، ومفتاحُ بركةٍ، لا يضلُّ معهما رأيٌ، ولا يفقدُ معهما حزم». وكان أول قرارٍ اتخذه...
ذكر أهل العلم بالتَّواريخ والسِّيَر أنَّ أبا بكرٍ شهد مع النبيِّ (ﷺ) بدراً، والمشاهد كلَّها، ولم يفته منها مشهدٌ، وثبت مع رسول الله يوم أحدٍ حين انهزم الناسُ، ودفع إليه النبيُّ رايته العظمى يوم تبوك،...
كان من صفات الصِّدِّيق التي تميَّز بها: الجرأة، والشَّجاعة، فقد كان لا يهاب أحداً في الحقِّ، ولا تأخذه لومة لائم في نصرة دين الله، والعمل له، والدفاع عن رسوله (ﷺ)، فعن عروة بن الزُّبير، قال:...
اسم «الواحد» هو اسم من أسماء الله الحسنى التي تدل على تفرده سبحانه وتعالى بالوحدانية، فهو الواحد الذي لا ثاني له، ولا مثيل ولا نظير، وهو الواحد في ألوهيته، فلا معبود بحق سواه، وهو الواحد...
هو الإمامُ والمجتهد الكبير، بحر العلوم، وجامع الفنون، وإمام المذهب الظَّاهريِّ وأبرز أعلامه، الفقيه الحافظ، الأديب الوزير، المؤرِّخ الناقد، العالم الموسوعيُّ، صاحب التَّصانيف الباهرة والأقوال الظَّاهرة، أجمعَ أهلِ الأندلس قاطبةً لعلوم الإسلام، وأوسعَهُم معرفةً، مع...
إن الله سبحانه وتعالى هو الملك المطلق، الذي لا يُشارك في ملكه أحد، ولا يُعازز في سلطانه مُعَازِزٌ. هو الذي بيده مقاليد السماوات والأرض، يُدبر الأمرَ كله، ويقضي في خلقه بما يشاء، لا رادَّ لقضائه،...