alsharq

كتاب العرب

عدد المقالات 117

هل الضعف الذي يعيب الديمقراطية الهندية متأصل؟ (2-2)

17 يونيو 2019 , 03:19ص

علاوة على ذلك، تتمتع الدولة الهندية بقدرة غير عادية على تنظيم أحداث ضخمة ومعقدة، مثل الانتخابات الأكبر في العالم، وثاني أكبر تعداد للسكان في العالم، وبعض أكبر المهرجانات الدينية في العالم. كما تولّى المسؤولون العموميون إعداد نظام الهوية البيومترية الفريد لأكثر من مليار مواطن في فترة قصيرة نسبياً. بيد أن بيروقراطية الهند أقل فاعلية في تنفيذ أنشطة أساسية روتينية، مثل التسعير الفعّال للتكلفة وتوزيع الكهرباء. وهذا ليس لأن الدولة تفتقر إلى أشخاص أكفاء، بل لأن الحساسيات السياسية المحلية تجعل من الصعب استرداد تكاليف توفير الطاقة. وعلى هذا فإن القيود السياسية التي تحيط بالدولة تحدّ من فاعليتها التنظيمية. فضلاً عن ذلك، كثيراً ما يجري تعجيز الشرطة والجهاز البيروقراطي عمداً وحملهما على خدمة أهداف القادة السياسية القريبة الأمد. أخيراً، يتسم الحكم في الصين على مرّ التاريخ بقدرة مدهشة على الانتقال بسلاسة رغم كونها دولة سلطوية. يجمع نظام الصين بين المركزية السياسية، من خلال الحزب الشيوعي الصيني، واللامركزية الاقتصادية والإدارية. وبوسعنا أن نقول إن النظام في الهند هو العكس تماماً؛ حيث يجمع بين اللامركزية السياسية، التي تنعكس في تجمعات القوة الإقليمية القوية، والنظام الاقتصادي المركزي حيث تعتمد الحكومات المحلية بشدة على التحويلات من الحكومة المركزية. على سبيل المثال، تميل مستويات الحكم دون الإقليمية إلى تمثيل نحو 60 % من إجمالي الإنفاق الحكومي على الموازنة في الصين، مقارنة بأقل من 10 % في الهند. ويساعد هذا الفارق في تفسير أداء الحكومات المحلية الهندية الأسوأ كثيراً في المراحل الأخيرة من توفير الخدمات والمرافق العامة. بالإضافة إلى هذا، تتنافس مناطق الصين بين بعضها بعضاً في تطوير وتنمية الأعمال وتجريب مشاريع جديدة بشكل أكثر قوة مقارنة بنظيراتها في الهند. ويرجع هذا في الأساس إلى ربط ترقيات المسؤولين الصينيين بالأداء، على الرغم من تباطؤ وتيرة التجريب على المستوى الإقليمي في عهد الرئيس شي، مع تزايد الترقيات على أساس الولاء. مع ذلك، ورغم أن المرء يجب أن يتجنّب المبالغة في التبسيط عند مقارنة الحكم الصيني والهندي، فإن الديمقراطية -أو غيابها- لا تزال قادرة على إحداث الفارق. ويسمح الافتقار إلى المساءلة من أعلى إلى أسفل والعقوبات الانتخابية في الصين لقادة البلاد بتجنّب خدمة المصالح قصيرة الأجل التي تميّز السياسة الهندية، وخاصة في وقت الانتخابات. وهذا بدوره يسهّل على القادة الصينيين اتخاذ قرارات جريئة بسرعة نسبياً، وعلى نحو مستقل بعض الشيء أيضاً عن المصالح الشركاتية والمالية التي تفرض نفوذها عادة في الأنظمة الديمقراطية. من ناحية أخرى، يستغرق الكشف عن الأخطاء أو الانتهاكات الصريحة للسلطة على مستويات رفيعة وتصحيحها وقتاً أطول في الصين في غياب المعارضة السياسية والتدقيق الإعلامي. ويساهم تخوّف القادة الصينيين من فقدان السيطرة في نشوء قدر كبير من الجمود وعدم المرونة. في نهاية المطاف إذن يُعَدّ النظام الصيني أكثر هشاشة: فعندما تواجه أزمة، تميل الدولة إلى المبالغة في ردة الفعل، وقمع المعلومات، والتصرف بغلظة، مما يؤدي إلى تفاقم الأزمة في بعض الأحيان. أما نظام الحكم الهندي، فإنه أكثر مرونة وقدرة على الصمود على الرغم من كل ما يعيبه من فوضى. ومع ذلك، تعرّضت هذه المرونة للإجهاد الشديد في ظل نظام حزب بهاراتيا جاناتا، الذي سعى إلى استقطاب الناخبين على أسس دينية واجتماعية، وتشجيع الزعيم القوي، وإضعاف المؤسسات والعمليات الديمقراطية. لنأمل أن ينفق حزب بهاراتيا جاناتا الآن من رأس المال السياسي الذي اكتسبه من انتصاره الساحق من أجل تغيير المسار، وتحسين الحكم الديمقراطي، واحترام التنوع الهائل الذي يميز سكان الهند.

تداعيات جائحة «كورونا»: مناعة القطيع أم مناعة الضمير؟

كل الدول تسارع في البحث عن سياسات صحية مناسبة لاحتواء جائحة «كورونا»، وفي غمرة البحث هذه يُطرَح سؤال حيوي: هل نحن بحاجة فقط إلى مناعة حيوية (بروتوكول علاجي) أم مناعة ضمير (بروتوكول أخلاقي/ وقائي)؟ الأمر...

هل الصين إمبريالية جديدة؟

خلف هذا السؤال هناك حقيقة ثاوية ومحرجة نوعاً ما، هل نحن أمام إمبريالية جديدة؟ وهل حضور الصين كقوة عالمية اليوم، يرشحها لأن تلعب هذا الدور بدلاً عن الريادة الغربية بقيادة أميركا؟ لكن قبل ذلك، ما...

مرحباً بكم لعالم ما بعد الفيروس (1-2)

نحن نعيش الآن في عالم ما بعد الفيروس، وبالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، فإن العبور لهذا العالم جاء على نحو مفاجئ أي قبل شهر. إن العالم كما عرفناه قبل وصول فيروس كورونا المستجد قد انتهى، ولن...

نظام عالمي جديد أم ما بعد الحضارة الغربية؟

يبدو أن جائحة كورونا قد خلقت وثبة حيوية في الفكر، ترجّح نهاية العولمة الاقتصادية والنموذج النيوليبرالي بكل مظاهر الهيمنة التي تحدد ملامح وجوده، والأمر في اعتقادنا ليس بهذه القدرية المتفائلة، هل يمكن الحديث هنا عن...

فشل سياسات ترمب في احتواء الوباء (2-2)

اقترحت إدارة ترمب تخفيضات في تمويل مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها سنة بعد سنة «10% في عام 2018، 19% في عام 2019»، في أسوأ وقت يمكن تصوره، دعا ترمب في بداية هذا العام إلى خفض...

الولايات المتحدة تحتاج إلى تجنيد الشباب

عندما كنت جندياً شاباً في سلاح مشاة البحرية في فيتنام، خلال فترة اتسمت بانقسام داخلي عميق في أميركا، كان نحو نصف سكان البلاد يقولون إنهم يثقون في إخوانهم الأميركيين، كان ذلك أمراً محبطاً للغاية. واليوم،...

عندما تعطس الصين (1-2)

من الواضح أن الاقتصاد العالمي أُصيب بنزلة برد. كان تفشّي فيروس «كورونا» المستجد (COVID-19) متزامناً بشكل خاص مع مرور دورة الأعمال العالمية بنقطة ضعف واضحة؛ فقد توسّع الناتج العالمي بنحو 2.9% فقط في عام 2019،...

خطة الطوارئ في التصدي لوباء كورونا (1-2)

يسجّل تفشّي فيروس كورونا المستجد «COVID-19» الآن انتشاراً متسارعاً، ومع اقترابه من مستوى الوباء أو الجائحة، بات من المرجّح على نحو متزايد أن يكون تأثيره الاقتصادي شديداً. وإلى جانب استجابات الصحة العامة المكثفة، يتعين على...

قفزة الصين العظيمة نحو الوباء (2-2)

في عام 1958، قرر ماوتسي تونغ أنه من أجل تحقيق التصنيع السريع، يجب أن ينساق القرويون قسراً إلى البلديات، حيث يقومون بأداء مهام صناعية، كانت ستعتمد في مكان آخر على الآلات والمصانع. فعلى سبيل المثال،...

«كورونا».. موضة الحروب الجديدة

اليوم، وأنا أقرأ في الصحف، وأتفقد الأخبار الصادرة من منظمة الصحة العالمية، هناك بعض الأسئلة في الموقع لفتت نظري: السؤال الأول: هل يوجد لقاح ضد فيروس كورونا؟ كانت الإجابة كالتالي: «قد يستغرق الأمر عدة سنوات...

التعايش الناجح بين السينما والأدب: «السينما بين الرواية والسيرة الذاتية: جاك لندن وجيمس فراي نموذجاً»

قبل حوالي نصف قرن، سأل أحد النقاد الفرنسيين «BFI» حول ما إذا كانت السينما قادرة على الوقوف دون أن تتكئ على عكازة الأدب، قفزت هذه العبارة إلى ذهني وأنا أسترجع بعضاً من أفضل الأفلام التي...

قفزة الصين العظيمة نحو الوباء (1-2)

قبل أن يكون العالم على علم بفيروس كورونا الجديد، الذي أثار حالة من الذعر في العالم، لاحظ طبيب العيون في ووهان لي وين ليانج، شيئاً غريباً في عدد من المرضى، إذ بدا وكأنهم أصيبوا بفيروس...