عدد المقالات 117
كل الدول تسارع في البحث عن سياسات صحية مناسبة لاحتواء جائحة «كورونا»، وفي غمرة البحث هذه يُطرَح سؤال حيوي: هل نحن بحاجة فقط إلى مناعة حيوية (بروتوكول علاجي) أم مناعة ضمير (بروتوكول أخلاقي/ وقائي)؟ الأمر ليس اختياراً بين سياسات علاجية أو سياسات وقائية كما قد يبدو للبعض. أعتقد أن الحاجة إلى أشكال من الوعي الجمعي وعقل أخلاقي عام (ضمير جمعي) باتت ضرورة مُلحّة لمستقبل السياسات الحيوية ، بالتوجه نحو اختيار مناعة الضمير بدلاً من مناعة القطيع، فجائحة «كورونا» علّمتنا ثلاثة دروس مرتبطة بالسياسات الحيوية، هي: أولاً: إن الخطر الذي يتهدّد المجتمعات والدول ليس مرتبطاً بقوة الفيروس أو القدرة على الانتشار، كما تُطلعنا تقارير الخبراء، بل إن قوة وعي الشعوب وقدرة حكوماتها على الإقناع والثقة التي تجمع علاقات الترابط السياسية والأخلاقية (الثقة في المؤسسات)، هي من يصنع الفرق في السياسات الحيوية؛ لذا فالمستقبل رهين بتجاوز كل أشكال واستراتيجيات التضليل الممارسة على الشعوب من سياسات التجهيل ، إلى سياسات انحطاط الذوق العام فنياً وثقافياً، فضلاً عن سياسات الخواء الروحي وفقدان المعنى التي تمارسها الأنظمة السلطوية لصناعة القطيع وتكريس الرداءة السياسية. لم تعد هناك تفاوتات بين الشعوب قائمة على أساس اقتصادي أو عسكري، إن التفاوتات التي ستُحدث الفرق في المستقبل هي تفاوتات في الوعي الجمعي، في القيم المؤسسة لضمير أفراده والقدرة على الانخراط في القضايا الحيوية للمجتمع، إنها بالتأكيد تفاوتات معنوية مرتبطة بمحددات شخصانية، تعكس كينونة الإنسان المنفتح على المجهول. ثانياً: إن فقدان المناعة الجسدية ممكن تداركه بيولوجياً، بالحدّ من قوة انتشار الفيروس أو تحييد فاعليته بمجهودات فردية من علماء ومختبرات مختصة في زمن محدود ومعلوم؛ لكن مناعة الضمير ليست بالسهولة المعتادة، وتحتاج إلى مجهودات جبّارة، ونَفَس طويل يحتاج إلى مشروع مجتمع. إن الشعوب في كل أركان المعمورة -متقدمة أو متخلفة- تعرّضت لأشكال من الاستلاب والتضليل بكل أنواعه ، حوّلتها إلى مجرد كائنات مستهلكة، فاقدة للوجود والكينونة، مجردة من ذاتيتها ووعيها؛ غير قادرة على إدراك مسؤولياتها الأخلاقية تجاه العالم الذي تعيش فيه. فقد خلقت هذه الأشكال من اللاوعي والتزييف للهوية الإنسانية كائنات فصامية ذات وعي شقي. إن غياب مناعة الضمير المتجسدة عينياً في روح المسؤولية الأخلاقية تجاه العالم، ليس مسألة رهينة بسياسات حيوية للعلاج أو الوقاية من الكوارث البيولوجية، بل هي حركة إنسانية تجاه إدراك وتحسّس المخاطر الناتجة عن انحراف معنى الحرية والاختيارات اللاعقلانية للخطابات السياسية المتطرفة بمبررات واهية (الشرعية الانتخابية). ثالثاً: إن مناعة الضمير صحوة إنسانية ضد كل أشكال العبودية الجديدة، الاستلاب الجسدي والروحي وارتهانهما بجشع الشركات متعددة الجنسية التي تصنع هوية جديدة لإنسان «الفاست فود» والعلامات التجارية، التي ساهمت في اندثار ثقافات فرعية كثيرة مرتبطة بهوية مجتمعات وحضارات عديدة. لقد عرّت جائحة «كورونا» حقيقة التجارة في البشر التي تمثّلها الصناعات الغذائية، والجرائم ضد الإنسانية في حق أجيال المستقبل التي باتت رهينة استعباد صناعات غذائية وثقافة العلامات التجارية المدمرة للمناعة الجسدية والروحية على حد سواء. إن رهان الشعوب من أجل مناعة الضمير هو بناء إنسان جديد بمناعة ثقافية حيوية، ضد كل أشكال الاستلاب الصناعي والثقافي، بسياسات تعبئة وتوعية ضمن مختلف قنوات التنشئة المجتمعية . إن المستقبل مرهون بالشعوب القادرة على إحياء مخزونها الحضاري والثقافي، ببناء مشروع مجتمعي متوافق مع خصوصيات كل ثقافة، من أجل مناعة أفضل لعالم ما بعد العولمة.
خلف هذا السؤال هناك حقيقة ثاوية ومحرجة نوعاً ما، هل نحن أمام إمبريالية جديدة؟ وهل حضور الصين كقوة عالمية اليوم، يرشحها لأن تلعب هذا الدور بدلاً عن الريادة الغربية بقيادة أميركا؟ لكن قبل ذلك، ما...
نحن نعيش الآن في عالم ما بعد الفيروس، وبالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، فإن العبور لهذا العالم جاء على نحو مفاجئ أي قبل شهر. إن العالم كما عرفناه قبل وصول فيروس كورونا المستجد قد انتهى، ولن...
يبدو أن جائحة كورونا قد خلقت وثبة حيوية في الفكر، ترجّح نهاية العولمة الاقتصادية والنموذج النيوليبرالي بكل مظاهر الهيمنة التي تحدد ملامح وجوده، والأمر في اعتقادنا ليس بهذه القدرية المتفائلة، هل يمكن الحديث هنا عن...
اقترحت إدارة ترمب تخفيضات في تمويل مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها سنة بعد سنة «10% في عام 2018، 19% في عام 2019»، في أسوأ وقت يمكن تصوره، دعا ترمب في بداية هذا العام إلى خفض...
عندما كنت جندياً شاباً في سلاح مشاة البحرية في فيتنام، خلال فترة اتسمت بانقسام داخلي عميق في أميركا، كان نحو نصف سكان البلاد يقولون إنهم يثقون في إخوانهم الأميركيين، كان ذلك أمراً محبطاً للغاية. واليوم،...
من الواضح أن الاقتصاد العالمي أُصيب بنزلة برد. كان تفشّي فيروس «كورونا» المستجد (COVID-19) متزامناً بشكل خاص مع مرور دورة الأعمال العالمية بنقطة ضعف واضحة؛ فقد توسّع الناتج العالمي بنحو 2.9% فقط في عام 2019،...
يسجّل تفشّي فيروس كورونا المستجد «COVID-19» الآن انتشاراً متسارعاً، ومع اقترابه من مستوى الوباء أو الجائحة، بات من المرجّح على نحو متزايد أن يكون تأثيره الاقتصادي شديداً. وإلى جانب استجابات الصحة العامة المكثفة، يتعين على...
في عام 1958، قرر ماوتسي تونغ أنه من أجل تحقيق التصنيع السريع، يجب أن ينساق القرويون قسراً إلى البلديات، حيث يقومون بأداء مهام صناعية، كانت ستعتمد في مكان آخر على الآلات والمصانع. فعلى سبيل المثال،...
اليوم، وأنا أقرأ في الصحف، وأتفقد الأخبار الصادرة من منظمة الصحة العالمية، هناك بعض الأسئلة في الموقع لفتت نظري: السؤال الأول: هل يوجد لقاح ضد فيروس كورونا؟ كانت الإجابة كالتالي: «قد يستغرق الأمر عدة سنوات...
قبل حوالي نصف قرن، سأل أحد النقاد الفرنسيين «BFI» حول ما إذا كانت السينما قادرة على الوقوف دون أن تتكئ على عكازة الأدب، قفزت هذه العبارة إلى ذهني وأنا أسترجع بعضاً من أفضل الأفلام التي...
قبل أن يكون العالم على علم بفيروس كورونا الجديد، الذي أثار حالة من الذعر في العالم، لاحظ طبيب العيون في ووهان لي وين ليانج، شيئاً غريباً في عدد من المرضى، إذ بدا وكأنهم أصيبوا بفيروس...
إذا استمرت الأزمة الحالية في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، وفشل الحزب في الحصول على أكبر حصة في الانتخابات العامة المقبلة، فمن المرجح أن يذهب حق تسمية المستشار إلى حزب الخُضر، لا شك أن حكومة ائتلافية...