عدد المقالات 117
خلف هذا السؤال هناك حقيقة ثاوية ومحرجة نوعاً ما، هل نحن أمام إمبريالية جديدة؟ وهل حضور الصين كقوة عالمية اليوم، يرشحها لأن تلعب هذا الدور بدلاً عن الريادة الغربية بقيادة أميركا؟ لكن قبل ذلك، ما الذي يجعل قوة ما تتحول إلى مشروع إمبريالي؟ أعتقد أن الإجابة عن هذا السؤال تبدو مدخلاً مقنعاً لتمحيص الفرضية، لكي تصبح قوة عالمية ذات نزوع إمبريالي، يجب أن تحقق شرطية حضارية مهمة، تتجلى في مشروع هيمنة، في اعتقادنا أن الصين الحالية بأيديولوجيتها المُرْبَكَة، التي لا تعبر عن هوية واضحة، رغم أن مشروع الثورة الثقافية، لم يعد محدداً مركزياً للهوية الصينية ما بعد الانفتاح «رأسمالية الدولة». إن الهوية الجديدة للصين كنموذج ليبرالي جديد بنكهة كونفوشيوسية تجمع ما بين التسلطية وحلول السوق، حيث تجنبت الصين مسار الخصخصة أو «علاج الصدمة» الذي فرضه صندوق النقد الدولي والبنك الدولي مع سياسة الاحتواء في ثمانينيات القرن الماضي، في اتجاه نمط «اقتصاد السوق بإدارة الدولة»، أو ما أسماه دافيد هارفي «ليبرالية جديدة بخصائص صينية. وقطعاً هذا لا يشكّل نمطاً مبتكراً لتحقيق الشرطية الحضارية أو مشروع هيمنة، بل مجرد قراءة جديدة لليبرالية، تعلي من شأن الدولة بدل الفرد، إن ما يمكن أن يحدد الحضور الصيني عالمياً، هو التمدد الاقتصادي أو ما أفضّل تسميته «الهيمنة المائعة» ضمن استراتيجية بقعة الزيت مبادرة «الحزام والطريق»، أي تصريف فائض الإنتاج الاقتصادي «التراكم الرأسمالي» والفائض الديموغرافي بسياسات المساعدات الاقتصادية والاستثمار الخارجي، من أجل غزو صامت للأسواق، إن الهيمنة المائعة ليست مشروع هيمنة إمبريالية، لأنها لا تمتلك مقومات حضارية تستلهم الماضي الإمبريالي للتراث الثقافي والتاريخي للحضارة الصينية القديمة، إن النموذج الليبرالي الصيني هو حركة تصحيحية للتصور الليبرالي النيو-كلاسيكي، والإمبريالية الرأسمالية التي أفسدتها العقيدة «الستراوسية» -نسبة إلى ليو ستراوس- الملهمة للمحافظين الجدد، هذه العقيدة المبنية على نظام «تيمقراطي» حربي «Timocratie»، قائم على الشرف والقوة وحكم القلة الثرية، وهو ما يفسر عقيدة الحرب في السياسات الخارجية للولايات المتحدة وحلفائها، هذه العقيدة تستبدلها الصين بقوة صامتة توسعية، قائمة على واجهة تشاركية اقتصادية «استثمار، مساعدات اقتصادية...»، مبنية على عقيدة أشد شراسة وتسلط، تلخصها عبارتي دينج جياو بينج صانع النهضة الصينية: «إنه لشيء رائع أن تكون غنياً»، وعبارة: «ماذا يهم لو كانت القطة سوداء أم زنجبيلية اللون، طالما تصطاد الفئران». إن هذه العقيدة التوسعية المندفعة نحو مراكمة الثروة، لا يمكن أن تكون ملهمة للشعوب، ولا منتجة لقيم إنسانية قادرة أن تغير حركة التاريخ، باختصار مفيد، إنها بالتأكيد لا تمتلك مشروع هيمنة يجسد روح العصر المقبل، إن الهيمنة المائعة هي حركة توسع وغزو للأسواق من أجل مزيد من استنزاف ثروات الشعوب، وحركة تمييع حضاري لا يؤسس لأي مشروع قيمي إنساني، بل قد تتحول مع صعود النزعة المعادية للصين، أو مدرسة «الصين خطر» بالولايات المتحدة الأميركية، إلى سيناريو حرب باردة بين الصين وأميركا «مفهوم الاشتباك الدينامي» لتنتقل إلى حرب ساخنة «الاحتواء والمواجهة»، إن سيناريو «الانتعاش الكوكبي الممتد»، الصراع المحموم حول الأسواق والريادة الاقتصادية، سيؤول إلى دمار شامل للبشر والطبيعة على حد سواء. إذا كان طريق الحرير تاريخياً ساهم في النهضة الأوروبية من خلال التبادل المتكافئ التجاري /الحضاري بين الشرق والغرب عموماً، فإن إعادة إحيائه بداية لسقوط هذه النهضة، ليس اقتصادياً وحسب، بل حضارياً وإنسانياً، لأنه بكل بساطة تمدد اقتصادي وليس تواصلا حضاريا، فقد اضطرت الهيمنة المائعة العديد من الدول الغربية إلى نهج حمائية اقتصادية، كي توقف زحف الجراد الذي لا يبقي على شيء، مما سيدفع بالتوجه نحو «رأسمالية الدولة الجديدة» خصوصاً في أوروبا حماية لمنشآتها الاقتصادية من الغزو الصيني، إن التبادل الممكن عبر الشراكة التي تقترحها مبادرة «الحزام والطريق»، ليس شراكة متكافئة، مبنية على منطق «رابح/رابح»، بل شراكة استيعابية مبنية على منطق «إنقاذ الغريق بغاية قتله»، فهي هيمنة قاتلة توزع قبل الموت الرحيم على الاقتصاديات الغريقة، مُجَمَّلَة بحميمية غاية في الإنسانية، إنه الموت الآتي من الشرق بنكهة تدميرية هادئة ستأتي على اليابس والأخضر.
كل الدول تسارع في البحث عن سياسات صحية مناسبة لاحتواء جائحة «كورونا»، وفي غمرة البحث هذه يُطرَح سؤال حيوي: هل نحن بحاجة فقط إلى مناعة حيوية (بروتوكول علاجي) أم مناعة ضمير (بروتوكول أخلاقي/ وقائي)؟ الأمر...
نحن نعيش الآن في عالم ما بعد الفيروس، وبالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، فإن العبور لهذا العالم جاء على نحو مفاجئ أي قبل شهر. إن العالم كما عرفناه قبل وصول فيروس كورونا المستجد قد انتهى، ولن...
يبدو أن جائحة كورونا قد خلقت وثبة حيوية في الفكر، ترجّح نهاية العولمة الاقتصادية والنموذج النيوليبرالي بكل مظاهر الهيمنة التي تحدد ملامح وجوده، والأمر في اعتقادنا ليس بهذه القدرية المتفائلة، هل يمكن الحديث هنا عن...
اقترحت إدارة ترمب تخفيضات في تمويل مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها سنة بعد سنة «10% في عام 2018، 19% في عام 2019»، في أسوأ وقت يمكن تصوره، دعا ترمب في بداية هذا العام إلى خفض...
عندما كنت جندياً شاباً في سلاح مشاة البحرية في فيتنام، خلال فترة اتسمت بانقسام داخلي عميق في أميركا، كان نحو نصف سكان البلاد يقولون إنهم يثقون في إخوانهم الأميركيين، كان ذلك أمراً محبطاً للغاية. واليوم،...
من الواضح أن الاقتصاد العالمي أُصيب بنزلة برد. كان تفشّي فيروس «كورونا» المستجد (COVID-19) متزامناً بشكل خاص مع مرور دورة الأعمال العالمية بنقطة ضعف واضحة؛ فقد توسّع الناتج العالمي بنحو 2.9% فقط في عام 2019،...
يسجّل تفشّي فيروس كورونا المستجد «COVID-19» الآن انتشاراً متسارعاً، ومع اقترابه من مستوى الوباء أو الجائحة، بات من المرجّح على نحو متزايد أن يكون تأثيره الاقتصادي شديداً. وإلى جانب استجابات الصحة العامة المكثفة، يتعين على...
في عام 1958، قرر ماوتسي تونغ أنه من أجل تحقيق التصنيع السريع، يجب أن ينساق القرويون قسراً إلى البلديات، حيث يقومون بأداء مهام صناعية، كانت ستعتمد في مكان آخر على الآلات والمصانع. فعلى سبيل المثال،...
اليوم، وأنا أقرأ في الصحف، وأتفقد الأخبار الصادرة من منظمة الصحة العالمية، هناك بعض الأسئلة في الموقع لفتت نظري: السؤال الأول: هل يوجد لقاح ضد فيروس كورونا؟ كانت الإجابة كالتالي: «قد يستغرق الأمر عدة سنوات...
قبل حوالي نصف قرن، سأل أحد النقاد الفرنسيين «BFI» حول ما إذا كانت السينما قادرة على الوقوف دون أن تتكئ على عكازة الأدب، قفزت هذه العبارة إلى ذهني وأنا أسترجع بعضاً من أفضل الأفلام التي...
قبل أن يكون العالم على علم بفيروس كورونا الجديد، الذي أثار حالة من الذعر في العالم، لاحظ طبيب العيون في ووهان لي وين ليانج، شيئاً غريباً في عدد من المرضى، إذ بدا وكأنهم أصيبوا بفيروس...
إذا استمرت الأزمة الحالية في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، وفشل الحزب في الحصول على أكبر حصة في الانتخابات العامة المقبلة، فمن المرجح أن يذهب حق تسمية المستشار إلى حزب الخُضر، لا شك أن حكومة ائتلافية...