alsharq

د. علي محمد الصلابي

عدد المقالات 84

الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص من السابقين في الإسلام

16 مايو 2024 , 10:28م

أحد العشرة المبشرين بالجنّة، ومن السابقين الأولين إلى الإسلام، وأول من رمى بسهم في سبيل الله، وقال له النبي (صلى الله عليه وسلم): «اِرم فداك أبي وأمي»، وهو من أخوال النبي، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين اختارهم عمر بن الخطاب ليختاروا الخليفة من بعده، وهو ممن شهدوا بدراً والحديبية، وقاد الجيش في القادسية وهزم الفرس، وفتح مدائن كسرى، وبنى الكوفة، إنه الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص (رضي الله عنه وأرضاه). اِسمه ونسبه: هو سعد بن مالك بن وهَيْب بن عبدٍ مناف، بن زّهرة بن كلاب، بن مُرّة بن كعب بن لؤي، يجتمع مع رسول الله ﷺ في (كلاب بن مرّة)، وسعد (زُهْريٌ) من بني زُهرة؛ أحدٍ بطون قريش المعروفين المنسوبين إلى (زّهرة بن كلاب)، أخو (قصّي بن كلاب) أحد أجداد رسول الله ﷺ، وبنو زهرة هم أخوال رسول الله ﷺ، وسعد من أخواله المقربين، وكان رسول الله ﷺ يفتخر بهذه الخؤولة، فقد روى الحاكم عن جابر رضي الله عنه قال: كنا جلوساً عند رسول الله ﷺ فأقبل سعد بن أبي وقاص، فقال النبي ﷺ: (هذا خالي فليرني امرؤ خاله)، بهذا الاعتبار كان سعد رضي الله عنه خال الرسول ﷺ، كني واشتهر بابن أبي الوقاص، وولد رضي الله عنه في مكة قبل بعثة رسول الله ﷺ بسبع عشرة سنة وهو الذي حدد ذلك بروايته. إسلامه: جاء في سبب إسلامه أنه رأى رؤيا تحثه على الإسلام، فعن ابنته عائشة أنه قال: «رأيت في المنام قبل أن أسلم كأني في ظلمة لا أبصر شيئاً إذ أضاء لي قمر فاتبعته، فكأني أنظر إلى من سبقني إلى ذلك القمر، فأنظر إلى زيد بن حارثة، وإلى علي بن أبي طالب وإلى أبي بكر وكأني أسألهم: متى انتهيتم إلى ههنا؟ قالوا: الساعة، وبلغني أن رسول الله ﷺ يدعو إلى الإسلام مستخفياً، فلقيته في شعب أجياد وقد صلى العصر فأسلمت، فما تقدمني أحد إلا هم»، وكان أبو بكر يدعو إلى الإسلام من وثق به من قومه، فكان سعد ممن دعاهم، وكانت أم سعد معارضة لإسلامه، فلما علمت بإسلامه هددته بأنها لن تأكل وتشرب حتى تموت، لكي تجعله يرجع عن الإسلام، فرفض سعد ذلك وأصر على الإسلام، فيقول: نزلت هذه الآية في {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون} (لقمان: 15). فضائله ومناقبه: تميّز الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص (رضي الله عنه) بالعديد من الفضائل والمناقب، وبيان أبرزها فيما يأتي: - أحد العشرة المبشرين في الجنة: حيث شهد له النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجنة، وبشّره بدخولها، فقد جاء في الحديث: (عشرةٌ في الجنَّةِ: أبو بَكْرٍ في الجنَّةِ، وعُمرُ في الجنَّةِ، وعليٌّ، وعثمانُ، والزُّبَيْرُ، وطلحةُ، وعبدُ الرَّحمنِ، وأبو عُبَيْدةَ، وسعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ. قالَ: فعدَّ هؤلاءِ التِّسعةَ وسَكَتَ عنِ العاشرِ، فقالَ القومُ: ننشدُكَ اللَّهَ يا أبا الأعورِ منِ العاشرُ؟ قالَ: نشدتُموني باللَّهِ، أبو الأعوَرِ في الجنَّةِ). - مستجاب الدعوة: عُرف سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- بأنه مستجاب الدعاء، وكان الصحابة (رضوان الله عليهم) يردّون فضل ذلك ببركة دعوة النبي ﷺ، حيث دعا له النبي فقال: (اللَّهمَ استجِب لسعدٍ إذا دعاكَ). - شهادة النبي له بالصلاح: وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت: سهر رسولُ الله ﷺ مقدمه المدينة ليلةً، فقال: ((ليت رجلًا صالحًا من أصحابي يحرسني الليلة))، قالت: فبينا نحن كذلك سمعنا خشخشة سلاح، فقال: ((من هذا؟))، قال: سعد بن أبي وقاص، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما جاء بك؟))، قال: وقع في نفسي خوفٌ على رسول الله ﷺ فجئت أحرسُه، فدعا له رسولُ الله ﷺ، ثمَّ نام. - أول من رمى سهماً: روى البخاري عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: إني لأول العرب رمى بسهمٍ في سبيل الله، وكنَّا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم وما لنا طعام إلا ورق الشجر؛ ويروى مسلم عن سعد بن أبي وقاص أن النبي ﷺ جمع له أبويه يوم أُحُد، قال: كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين، فقال له النبي ﷺ: ((ارْمِ فِداكَ أبي وأُمِّي))، قال: فنزعت له بسهم ليس فيه نَصْل، فأصبت جَنْبَه فسقط، فانكشفت عورتُه، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى نظرتُ إلى نواجِذِه. - تولى سعد بن أبي وقاص قيادة جيوش المسلمين في معركة القادسية، فصلَّى سعد بالناس الظهر، ثم خطب الناس فوعظهم وحثَّهم، وتلا قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ [الأنبياء: 105]، وتوفي رضي الله عنه في قصره بالعقيق على عشرة أميال من المدينة، فحمل على رقاب الرجال إلى المدينة وصلَّى عليه مروان بن الحكم وهو يومئذٍ والي المدينة، ثم صلَّى عليه أزواج النبي ﷺ في حجرهن ودفن بالبقيع، وكان أوصى أن يكفن في جبة صوف له، كان لقي المشركين فيها يوم بَدْر، فكفن فيها، وذلك في سنة خمس وخمسين، وهو ابن اثنين وثمانين عامًا.

القوة الاقتصادية وأثرها في نهضة الأمة

إن من أسباب التمكين أن يهتم العالم الاسلامي بالجانب الاقتصادي، لأن القوة الاقتصادية هي عصب الحياة الدنيا وقوامها، والضعيف فيها يقهر ولا يحسب له حساب إلا في ظل شرع الله حين يحكم، ولذلك ينبغي على...

فقه القيادة وأبعاده الحضارية في قصة ذي القرنين

إن الله تعالى أظهر في سيرة أحسن الملوك -ذي القرنين- (1)، مفاهيم حضارية وجعل في سيرته دروسًا لكل من أراد أن يحكم بالحق والعدل من الحكام في الناس، فأرشد القرآن الكريم عباده إلى ركائز الحضارة...

سليمان عليه السلام ... التمكين المؤيَّد بالوحي والعلم والحكمة

تسلم سليمان عليه السلام قيادة الدولة القوية التي أسست على الإيمان والتوحيد وتقوى الله تعالى، لقد أوتي سليمان عليه السلام الملك الواسع والسلطان العظيم، بحيث لم يؤت أحد مثلما أوتي، ولكنه أعطى قبل ذلك عطاء...

التنظيم والانضباط في دولة الزنكيين

اهتم عماد الدين زنكي بالجيش اهتماماً كبيراً، وبرز هذا الاهتمام في شكل ووظيفة الدواوين التي كانت تختص بشؤون الجيش والعسكر، وأيضاً في طرق وأساليب عماد الدين زنكي في إدارة المؤسسة العسكرية. 1 ـ الجيش: كانت...

إدارة الشؤون الداخليَّة في خلافة أبو بكر الصديق

أراد الصِّدِّيق ـ رضي الله عنه ـ أن ينفِّذَ السياسة التي رسمها لدولته، واتَّخذ من الصَّحابة الكرام أعواناً يساعدونه على ذلك، فجعل أبا عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمَّة (وزير الماليَّة) فأسند إليه شؤون بيت...

حريـة الاعتـقـاد بين الإسلام وغيره من العقائد والمذاهب

يقف الإسلام بين الأديان والمذاهب والفلسفات شامخاً متميزاً في هذا المبدأ الذي قرر فيه حرية التدين، فهو يعلنها صريحة لا مواربة فيها ولا التواء، أنه: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ...

«الأخذ بأسباب الوحدة والاتحاد والاجتماع»

إذا كانت الفرقة هي طريق الانحطاط والضعف، فإن الوحدة هي سبيل الارتقاء وتبوؤ المكانة الفاضلة من جديد. إن اتحاد الأمة الإسلامية على أسس ديننا العظيم أمل كل المسلمين الصادقين في كل مكان، ذلك أن الإسلام...

الشورى في دولة الفاروق

اهتمّ عمرُ بنُ عبد العزيز رحمه الله بتفعيل مبدأ الشورى في خلافته، ومن أقواله في الشورى: «إنَّ المشورةَ والمناظرةَ بابُ رحمةٍ، ومفتاحُ بركةٍ، لا يضلُّ معهما رأيٌ، ولا يفقدُ معهما حزم». وكان أول قرارٍ اتخذه...

أبو بكر الصديق في «بدر الكبرى»

ذكر أهل العلم بالتَّواريخ والسِّيَر أنَّ أبا بكرٍ شهد مع النبيِّ (ﷺ) بدراً، والمشاهد كلَّها، ولم يفته منها مشهدٌ، وثبت مع رسول الله يوم أحدٍ حين انهزم الناسُ، ودفع إليه النبيُّ رايته العظمى يوم تبوك،...

الأخلاق القيادية في شخصية داود عليه السلام

بين القرآن الكريم أن داود عليه السلام كان مجاهداً في جيش طالوت، وممن نجحوا في الامتحان العسير الذي قرّر رئيس الجيش أن يخوضه جميع جنوده فسقط من سقط وعبر من عبر، فقد رفع داود عليه...

دفاع أبي بكر الصديق -- عن النبي ﷺ

كان من صفات الصِّدِّيق التي تميَّز بها: الجرأة، والشَّجاعة، فقد كان لا يهاب أحداً في الحقِّ، ولا تأخذه لومة لائم في نصرة دين الله، والعمل له، والدفاع عن رسوله (ﷺ)، فعن عروة بن الزُّبير، قال:...

«الواحد»

اسم «الواحد» هو اسم من أسماء الله الحسنى التي تدل على تفرده سبحانه وتعالى بالوحدانية، فهو الواحد الذي لا ثاني له، ولا مثيل ولا نظير، وهو الواحد في ألوهيته، فلا معبود بحق سواه، وهو الواحد...