alsharq

د. محمد عياش الكبيسي

عدد المقالات 336

أسئلة النهضة والخروج من المأزق الراهن (3-3)

13 نوفمبر 2018 , 02:13ص

ما جدوى العمل إذا كنّا محكومين بالقوى العالمية والدولية، والتي لا تريد لنا النهوض؟ هذا هو السؤال الثالث من أسئلة النهضة، وهو وإن كان -كما يبدو- مبسّطاً ومباشراً، لكنه في الحقيقة يستبطن أسئلة وتصورات دينية وسياسية مركبة ومعقّدة. في الجانب الديني، هنالك ارتباك واضح، أساسه الخلط بين مفهوم الإيمان بالغيب والتوكل على الله، وبين تقدير الواقع وتحدياته وتوازناته، فهناك من يعتقد أنه مع التوكل على الله وصدق النية فإنه يكفي الأخذ بأدنى الأسباب المتاحة، ويستشهد بعموميات قوله تعالى: «إن تنصروا الله ينصركم»، وأن مريم -عليها السلام- هزّت الجذع فتساقط الرطب، وعليه فيمكن للمسلمين اليوم أن ينتصروا جملة واحدة على أميركا وروسيا ومن وراءهما، فإن لم يتحقق ذلك كانت المشكلة في درجة الإخلاص ومقدار التوكل، وربما فات هؤلاء أن القرآن قصّ علينا قصة أصحاب الأخدود، وكيف تمكنوا من القضاء على الثلّة المؤمنة بالحرق دون أن يتدخل القدر، وإنما اكتفى القرآن بالتعقيب: «وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد»، فالاختلال الكبير في ميزان القوى هو وحده المسؤول عن هذه الفاجعة الأليمة، إذ لم يذكر القرآن سبباً يتعلق بأولئك المؤمنين، بل لقد ذكر القرآن صراحة: أن بني إسرائيل كانوا يقتلون النبيّين! والنبيّون هم مثلنا الأعلى في الإيمان والتوكّل. عند السياسيين، هناك جدل آخر لا يقل اشتباكاً واشتباهاً عن الجدل الديني، يتلخّص فيما بات يعرف بـ «عقدة المؤامرة»، فهناك من يعتقد عقيدة راسخة بالقدر الأميركي أو الماسوني الذي يتحكم بأنفاس الخلائق، وهناك من يسخر من هذا القدر، ويعتقد أن المؤامرة الغربية أو الماسونية أشبه بقصص الجن وأساطير العفاريت، وبين الفريقين يجلس أصحاب المنهج الوسطي التوفيقي، وعن يمينهم وعن شمائلهم فئات وفئات وأفكار وأفكار لا تحصى. إن هذه المجادلات -الدينية والسياسية- أضافت عبئاً جديداً وثقلاً مضافاً، فمع كل حدث هنالك انشطار واتهام واتهام مضاد، هل كانت الحروب العربية الإسرائيلية حروباً جادة، أم كانت مسرحية متفقاً عليها؟ ولو كانت جادة فهل كانت معقولة في ظل الدعم الغربي اللامحدود لإسرائيل؟ والمقاومة العراقية للاحتلال الأميركي كذلك، وتجارب الربيع العربي، ومعارك اليمن الأخيرة، وتجارب الحركات الإسلامية الصاعدة والنازلة، كلها تخضع لهذا النمط من المجادلات والاتهامات والشتائم المتبادلة. إن تقدير مواقف الآخرين منّا ومن مشاريعنا، ينبغي أن يخضع لدراسة موضوعية وتفصيلية شاملة، فالآخر الذي نتكلم عنه ليس واحداً، حتى ضمن الدولة الواحدة، ونحن كذلك لسنا حالة واحدة، فأهل العراق والشام ينظرون اليوم إلى حزب الله وميليشياته الطائفية أنهم من جبهة -الآخر- المعادي، بينما ينظر له بعض الفلسطينيين أنه جزء من -الأنا- المقاوم والممانع! وهذه محل خلاف عميق حتى ضمن المدرسة الدينية أو السياسية الواحدة! ومع كل هذه الفوضى العابثة والمصالح الجزئية الضيقة في تقديرنا لمواقف الآخرين، لا زال فينا من يصرّ على حمل اللافتات الشمولية، وتبني الخطاب الذي يعني فيما يعنيه مواجهة العالم كل العالم، لأن «الكفر ملة واحدة»، ومواجهة الداخل كل الداخل، لأن هذا الداخل كله أنظمة فاسدة وحدود مصطنعة، ومواجهة حتى الأخ المختلف معنا لشكّنا في صدقه وباطن نيّته!

لماذا هذا الهجوم المتزايد على صحيح الإمام البخاري؟ (4-4)

هناك من يردد سؤالاً آخر مؤدّاه، ماذا نفعل إذا وجدنا في البخاري ما يعارض القرآن الكريم، أو يعارض العقل؟ وهذا السؤال بدأ يتردد مع هذه الموجة كجزء من حملة التشويه ومحاولة النيل من مكانة البخاري...

لماذا هذا الهجوم المتزايد على صحيح الإمام البخاري؟ (3-4)

المسألة ليست مسألة تقديس للبخاري، ولو كانت المسألة كذلك لاتجه الناس إلى موطّأ الإمام مالك إمام دار الهجرة، أو مسند ابن حنبل إمام أهل السنّة، بل لقدّسوا مرويّات البخاري نفسه في كتبه الأخرى، فالمسألة عند...

لماذا هذا الهجوم المتزايد على صحيح الإمام البخاري؟ (2-4)

إن هذا الاضطراب والتخبّط لدى هؤلاء يكشف أيضاً عن جهل عريض في أصول هذه العلوم ومبادئها الأولية، ولذلك لا ترى هذا الطعن إلا منهم ومن أمثالهم، ممن لا علم لهم بالسنّة وعلومها. إن علماء السنّة...

لماذا هذا الهجوم المتزايد على صحيح الإمام البخاري؟ (1-4)

يتعرض صحيح البخاري هذه الأيام لحملة من التشكيك وإثارة الشبهات، مع حالة من الغموض بالنسبة لدوافعها وغاياتها، والعلاقات التي تجمع بين أصحابها، الذين كأنهم تفرّغوا اليوم أو فُرّغوا لهذه المهمة. هؤلاء بالعموم لم يُعرف عنهم...

جريمة نيوزيلندا في إطارها الأوسع

لست أهوّن أبداً من مشروعية الغضب في مثل هذه الصدمات، بل أعتبر هذا دليلاً على حياة الأمة واعتزازها بهويتها وبذاتها، وبالعنوان الكبير الذي يجمعها، رغم محاولات تغييبها وتجزئتها، فحينما أرى شاباً عربياً أو تركياً أو...

وقفة مع التجربة الإسلامية في السودان

قبل ثلاثين سنة، استبشر التيار الإسلامي بالانقلاب الذي قاده الرئيس عمر حسن البشير، وتصاعدت الآمال بالنموذج المرتقب للحكم الإسلامي المعاصر، وصار الناس يتداولون الأخبار والقصص عن زهد الرئيس البشير وتواضعه وحكمته، حتى سمعت من أحد...

خطوات سليمة لبناء مناهج التربية الإسلامية

بقرار من وزارة التعليم في دولة قطر، تشكلت لجنة من الكفاءات العالية لمراجعة وثيقة المعايير المتعلقة بمناهج التربية الإسلامية. وقد جاء القرار بحد ذاته ليعكس رؤية عميقة وواعدة يمكن تلخيصها في الآتي: أولاً: الاهتمام الخاص...

المعايير الناقصة والمغلوطة في محاكمة التاريخ (3-3)

إن الحكم الوراثي السلالي كان جزءاً من ثقافة العرب عموماً، فإذا مات شيخ القبيلة ورثه ابنه، فإن لم يتهيّأ كان أقرب الناس إليه، ودول العالم المجاور للجزيرة -على الأقل- لم تكن تعرف غير هذا، وحينما...

المعايير الناقصة والمغلوطة في محاكمة التاريخ (2-3)

من الغريب جداً أن «المتنورين» بروح العصر وقيمه وثقافته، يجعلون معيار الحكم على تلك المرحلة معياراً مستنداً بالأساس إلى روح «القداسة» أو قداسة «الروح»، فمرة يحدّثونك عن جريمة الخروج على الإمام علي، بمحاكمة أحادية الجانب،...

المعايير الناقصة والمغلوطة في محاكمة التاريخ (1-3)

التاريخ بكل تأكيد لا تصنعه الملائكة، وإنما هو صناعة بشرية بأحداثه ومواقفه ورواياته وتدويناته وتحليلاته واستنتاجاته ومصادره، إلا ما ورد منه بآية قرآنية أو حديث صحيح. هذه المقدمة -التي ينبغي ألا نختلف فيها- تفتح باباً...

حينما تتبرقع الباطنية بشعارات التجديد (2-3)

تستغل الباطنية اليوم حالة الضعف العام الذي تمر به الأمة سياسياً واقتصادياً وثقافياً، وما يصاحبها من تفكك واضطراب في المنظومة القيمية والعقدية الجامعة، وتراجع مستويات التعليم الديني، وعجز المؤسسات الشرعية والجماعات الإسلامية عن مواجهة التحديات...

حينما تتبرقع الباطنيّة بشعارات التجديد (1-3)

الباطنية مذاهب مختلفة، يجمعها اعتقاد باطن للقرآن يخالف ظاهره، وأن هذا الباطن هو مراد الله تعالى، والمقصد من هذا إنما هو تحريف العقيدة وإبطال الشريعة، وإشاعة الشك والفوضى، وتبديل الأحكام الواضحة بمفاهيم عائمة لا تحق...