


عدد المقالات 117
تقدم لنا التعليقات والبحوث الأكاديمية حول الدول الإفريقية صورة مختلطة من غير ريب، ومع ذلك، سواء كانت استنتاجاتها مبهجة أو قاتمة، فإنها تميل إلى تقاسم النهج غير التاريخي ذاته. إن إفريقيا المعاصرة نتاج الاستعمار إلى حدٍّ كبير، وأياً كان موضوع التركيز -الاقتصاد أو السياسة أو الدين أو الجغرافيا- فسوف نجد بصمات الاستعمار، من الأمثلة الواضحة هنا ممارسة الديمقراطية في إفريقيا، فرغم كل إمكاناته الواعدة، ناضل الحكم الديمقراطي لتحقيق الآمال في أغلب البلدان الإفريقية. أحد الأسباب وراء ذلك هو أن الديمقراطية متأصلة في المبادئ "الحرية، والفردانية، والتضامن، والمساواة"، التي قد تعني أموراً مختلفة في سياقات مختلفة، وتميل التفضيلات، والقيم، والمعتقدات المترسخة إلى إرشاد الممارسات والسياسات التي من خلالها يجري تفعيل الديمقراطية ذاتها، وعلى هذا فإن الديمقراطية كمجموعة متجسدة من الممارسات والسياسات يمكن تشبيهها بالتكنولوجيا. كل التكنولوجيات يمكن استخدامها لتحقيق أغراض متفاوتة إلى حدٍّ كبير، فالقلم يمكن استخدامه كأداة كتابة أو سلاح، والسكين يمكن استخدامه لتقطيع الخضراوات أو المشاركة في قتال شوارع، لكن هذا لا يعني أن التكنولوجيا محايدة أخلاقياً، بل على العكس من ذلك، يمكن التعرف على أخلاقياتها من خلال وظائفها، ولهذا السبب من الممكن أن نتحدث عن الاستخدامات المناسبة وغير المناسبة للتكنولوجيات، ولا توجد تكنولوجيا مستقلة عن العالم الاجتماعي، فكل منها آتٍ من مكان ما. على نحو مماثل، تمتد جذور الديمقراطية إلى مكان بعينه أو تقليد أو ثقافة، ولتحويلها من سياق إلى آخر، يجب أن يتعرف المرء على تقاليد وثقافات المكان الذي نرغب في نقلها إليه، ولأن هذا لم يحدث في أغلب البلدان الإفريقية، فقد تحولت الديمقراطية إلى سلاح تستخدمه النخب والرجال الأقوياء لقمع الضعفاء، بدلاً من كونها نظاماً لحماية الحقوق ومحاسبة القادة. يميل تراث المؤسسات الاستعمارية في إفريقيا إلى قمع ممارسات الشعوب الأصلية، والعديد من المجتمعات الإفريقية لديها طرائقها الخاصة لأداء الأمور، من إدارة الأسرة إلى تنسيق الحياة الاقتصادية والسياسية، ولا تزال أغلبها تعمل أيضاً كمجموعات عِرقية يبني أعضاؤها هوياتهم على دلالات لغوية وثقافية مشتركة، ولكن بعد تفتيت إفريقيا في ظل الاستعمار، أُعيد تشكيل هذه المجتمعات التقليدية، في أغلب الحالات على هيئة وحدات سياسية تفتقر إلى أي مصدر للهوية، ولا عجب أن العديد من هذه المجتمعات ما زالت تكافح لكي تصبح دولاً قومية عاملة. أصبحت الحدود الجغرافية التي فُرِضَت لأسباب اقتصادية وسياسية حقائق راسخة منذ ذلك الحين. وعندما تنشأ حركات تنادي بتقرير المصير، فإنها تُقمَع عادة -بعنف أحياناً- ويتهم قادتها بجريمة الخيانة "وهي في حدّ ذاتها أداة استعمارية". بمرور الوقت، تحولت الحدود الجغرافية المصطنعة إلى حدود نفسية أيضاً، ومنذ ذلك الحين، بدأ الناس الذين جرى تقسيمهم بموجب هذه الحدود إلى دول مختلفة، بعد أن كانوا من قبل يتشاركون هوية عِرقية واحدة، يرون أنفسهم كأناس مختلفين، فرغم اشتراك جنوب إفريقيا في بعض المجموعات العِرقية مع زيمبابوي وموزمبيق وناميبيا المجاورة، فإنها الآن تعتبر مواطني هذه الدول أجانب وأغراباً. لكن هذه الديناميكية تعمل في كلا الاتجاهين، فقد واصلت مجموعة الهاوسا فولانيس العِرقية عبر دول إفريقيا في منطقة الساحل، التأكيد على هويتها المشتركة بصرف النظر عن الحدود الوطنية. ومع ذلك، أصبح هذا التماسك ذاته مصدراً للتوترات، بقدر ما يغذي الشكوك بين المجموعات الأخرى التي تعيش داخل هذه الدول المصطنعة.
كل الدول تسارع في البحث عن سياسات صحية مناسبة لاحتواء جائحة «كورونا»، وفي غمرة البحث هذه يُطرَح سؤال حيوي: هل نحن بحاجة فقط إلى مناعة حيوية (بروتوكول علاجي) أم مناعة ضمير (بروتوكول أخلاقي/ وقائي)؟ الأمر...
خلف هذا السؤال هناك حقيقة ثاوية ومحرجة نوعاً ما، هل نحن أمام إمبريالية جديدة؟ وهل حضور الصين كقوة عالمية اليوم، يرشحها لأن تلعب هذا الدور بدلاً عن الريادة الغربية بقيادة أميركا؟ لكن قبل ذلك، ما...
نحن نعيش الآن في عالم ما بعد الفيروس، وبالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، فإن العبور لهذا العالم جاء على نحو مفاجئ أي قبل شهر. إن العالم كما عرفناه قبل وصول فيروس كورونا المستجد قد انتهى، ولن...
يبدو أن جائحة كورونا قد خلقت وثبة حيوية في الفكر، ترجّح نهاية العولمة الاقتصادية والنموذج النيوليبرالي بكل مظاهر الهيمنة التي تحدد ملامح وجوده، والأمر في اعتقادنا ليس بهذه القدرية المتفائلة، هل يمكن الحديث هنا عن...
اقترحت إدارة ترمب تخفيضات في تمويل مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها سنة بعد سنة «10% في عام 2018، 19% في عام 2019»، في أسوأ وقت يمكن تصوره، دعا ترمب في بداية هذا العام إلى خفض...
عندما كنت جندياً شاباً في سلاح مشاة البحرية في فيتنام، خلال فترة اتسمت بانقسام داخلي عميق في أميركا، كان نحو نصف سكان البلاد يقولون إنهم يثقون في إخوانهم الأميركيين، كان ذلك أمراً محبطاً للغاية. واليوم،...
من الواضح أن الاقتصاد العالمي أُصيب بنزلة برد. كان تفشّي فيروس «كورونا» المستجد (COVID-19) متزامناً بشكل خاص مع مرور دورة الأعمال العالمية بنقطة ضعف واضحة؛ فقد توسّع الناتج العالمي بنحو 2.9% فقط في عام 2019،...
يسجّل تفشّي فيروس كورونا المستجد «COVID-19» الآن انتشاراً متسارعاً، ومع اقترابه من مستوى الوباء أو الجائحة، بات من المرجّح على نحو متزايد أن يكون تأثيره الاقتصادي شديداً. وإلى جانب استجابات الصحة العامة المكثفة، يتعين على...
في عام 1958، قرر ماوتسي تونغ أنه من أجل تحقيق التصنيع السريع، يجب أن ينساق القرويون قسراً إلى البلديات، حيث يقومون بأداء مهام صناعية، كانت ستعتمد في مكان آخر على الآلات والمصانع. فعلى سبيل المثال،...
اليوم، وأنا أقرأ في الصحف، وأتفقد الأخبار الصادرة من منظمة الصحة العالمية، هناك بعض الأسئلة في الموقع لفتت نظري: السؤال الأول: هل يوجد لقاح ضد فيروس كورونا؟ كانت الإجابة كالتالي: «قد يستغرق الأمر عدة سنوات...
قبل حوالي نصف قرن، سأل أحد النقاد الفرنسيين «BFI» حول ما إذا كانت السينما قادرة على الوقوف دون أن تتكئ على عكازة الأدب، قفزت هذه العبارة إلى ذهني وأنا أسترجع بعضاً من أفضل الأفلام التي...
قبل أن يكون العالم على علم بفيروس كورونا الجديد، الذي أثار حالة من الذعر في العالم، لاحظ طبيب العيون في ووهان لي وين ليانج، شيئاً غريباً في عدد من المرضى، إذ بدا وكأنهم أصيبوا بفيروس...