alsharq

أسامة عجاج

عدد المقالات 604

تورتة البرلمان! (1-2)

29 أكتوبر 2015 , 01:42ص

منذ عدة أسابيع وهناك قصة يتم تداولها في الأوساط السياسية المصرية عن حوار تليفوني جرى بين مسؤول مهم في دوائر صنع القرار وأحد الشخصيات المثيرة للجدل سياسيا وإعلاميا حيث طلب منه الترشيح في إحدى الدوائر في الانتخابات البرلمانية التي جرت مرحلتها الأولى منذ أيام. وعندما اعتذر بأنه لديه أعماله واهتماماته بعيدا تماماً عن تلك الخطوة، كما أنه بعيدا عن التواصل مع أبناء تلك الدائرة المطلوب خوض الانتخابات فيها سوى أن بها مقر عمله فقال له «انزل ومقعد المجلس النيابي محجوز لك» وعند سمعنا تلك القصة تصورها البعض مبالغة أو دعاية ضد الانتخابات النيابية وبعد ظهور النتائج كان تلك الشخصية أحد القلائل التي فازت وباكتساح من الجولة الأولى دون انتظار للإعادة متفوقا على ثلاثة منهم عضوان السابق والأسبق عن الدائرة والثالث معروف جيدا لاعتبارات عديدة لأبناء الدائرة. القصة السابقة تجسيد حي لمفهوم سائد في مصر بأن النظام الحالي لا يترك شيئا للصدفة وأن الأمور تحت السيطرة فإذا كانت هناك ضغوط خارجية باتجاه ضرورة إتمام الاستحقاق الثالث من خريطة المستقبل وربط تلك الخطوة بتطبيع العلاقات بين دول العالم ومصر فلا مانع من إجرائها بعد تمنع لحوالي عامين على موعدها رغم أن الوضع السابق خلال تلك المدة كان هو الأمثل للرئيس الذي يتولى مسؤولية السلطة التنفيذية والتشريعية -من دون رقيب أو حسيب من مجلس نيابي- يصدر التشريعات كما يتراءى له في الوقت الذي يريده وبالصيغة التي يرغب فيها. وإذا كان الأمر كذلك فلا بد أن يكون المجلس القادم على المقاس تماماً ويحقق الشكل المراد تصديره للعالم بأن هناك استكمالا للسلطات الحاكمة في مصر التنفيذية والتشريعية والقضائية وأن يكون أعضاء المجلس النيابي من اختيارات الأجهزة المعنية. المفاجأة التي أربكت المخطط هي العزوف الجماهيري عن المشاركة وهو أمر بديهي وأسبابه معروفة وغائبة فقط عن السلطة بكل أذرعها الإعلامية التي راحت تتخبط في التعامل مع تلك الظاهرة التي تتناقض تماماً إذا تم مقارنتها بآخر انتخابات مماثلة جرت في عام ٢٠١٢ لاختيار أول برلمان بعد ثورة يناير ٢٠١١ بعد أن توقع كثير من المراقبين أنها ستنتهي حتما وستختفي من القاموس المصري على ضوء نسب الإقبال الكبيرة والملحوظة للانتخابات والاستفتاءات بعد الثورة وحتى ٣ يوليو ٢٠١٣ وكانت خمس مرات ما بين استفتاء على الإعلان الدستوري وعلى دستور ٢٠١٢ والانتخابات البرلمانية ومجلس الشورى والانتخابات الرئاسية. وتنوعت التفسيرات والتحليلات لهذه الظاهرة ومن أغربها أن الجماهير المقاطعة خافت على الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي من البرلمان بصلاحياته الواسعة فقررت العزوف عن المشاركة لأنها لا تثق سوى في الرئيس رغم أن الرجل قام بتوجيه رسالة رجاء قبل الانتخابات بيوم واحد عبر خطاب متلفز وهو يدعو ويطالب ويلح على الناخب المصري بالمشاركة والتصويت مؤكدا أن مجلس النواب القادم يعكس أمام العالم أجمع إرادة المصريين في استكمال خارطة الطريق. ودعا «الشباب بشكل أساسي إلى الاحتشاد في الانتخابات وأن يكون في طليعة يوم الاقتراع لحسم الأمر لصالح الوطن». لقد كان الهم الأكبر للأذرع الإعلامية للنظام المصري هو التأكيد على فك الارتباط بين ذلك العزوف الذي يصل إلى درجة المقاطعة وبين الخصم من شعبية الرئيس السيسي. وحقيقة الأمر أن قطاعات عديدة من الشعب المصري بذكائه الفطري أدرك أن الصراع القائم على البرلمان هو «معركة صورية» تفتقد كل مقومات المنافسة الحقيقية بين تيارات سياسية وأحزاب وبرامج ورؤى للمرحلة القادمة وأنها قاصرة فقط على ما تبقى من حلف ٣ يوليو ٢٠١٣ بعد أن سقط خلال أكثر من عامين بعض الأطراف التي اكتشفت أنه تم استبعادها من المشهد بعد أن استكملت الديكور الذي ظهر في ذلك اليوم وبعضهم والأمانة تقتضي الإشارة إلى ذلك أن أعماه خلافه مع حزب الحرية والعدالة ورفضه لجماعة الإخوان وتحفظه على رئاسة الدكتور محمد مرسي إلى المشاركة فيما جرى بحسن نية دون توقع لما وصلت إليه مصر خلال عامين ونصف فكثير منهم اعتزل العمل السياسي مثل الدكتور محمد البرادعي الذي عاد من جديد إلى منفاه الاختياري في فينيا وتخلي قيادات مثل عبدالجليل مصطفى أو محمد غنيم عن رئاسة أحزابهم ومعهم رئيسة حزب الدستور. ولعل المقارنة بين انتخابات ٢٠١١ والانتخابات الأخيرة تظهر الصورة وتبين الفروق الضخمة لقد كانت المنافسة في الانتخابات السابقة بين تحالفات حقيقية الأول والأهم «التحالف الديمقراطي من أجل مصر» والذي كان برئاسة حزب الحرية والعدالة يضم ١١ حزبا بعد انسحاب الوفد والمصريين الأحرار وحزب النور السلفي ولكنه ضم أحزابا ناصرية وليبرالية ويسارية والتي تمكنت من إيصال ممثلين لها وبعدد معتبر إلى البرلمان ومنهم عمرو الشوبكي وكمال أبوعيطة وأمير إسكندر ومحمد السعيد إدريس وكان هناك أيضاً «الكتلة الإسلامية» التي ضمت عددا من الأحزاب الدينية من بينهم النور والأصالة والبناء والتنمية وكتلة ثالثة هي «الكتلة المصرية» وضمت ما يقارب من ١١ حزبا من ببنها المصريين الأحرار والتجمع والمصري الديمقراطي الاجتماعي أما التحالف الأخير فكان «الثورة مستمرة» وضم عددا من الأحزاب التي أنشئت بعد الثورة من ببنها التحالف الشعبي ومصر الحرية والتحالف المصري. وكانت الانتخابات الأكثر نزاهة في مصر وسط إقبال غير مسبوق وصل عددهم إلى أكثر من ٢٧ مليونا من بين ٥٠ مليون ناخب بنسبة %٥٤ وفاز بالأكثرية حزب الحرية والعدالة بـ٢٢٢ مقعدا من بين ٤٨٩ بنسبة %٤٤ ولكن الأهم هو وصول أحزاب عديدة تم تمثيلها في المجلس ومنها حزب النور والوفد والحزب الديمقراطي الاجتماعي المصري والمصريين الأحرار وأحزاب أخرى من تحالف الثورة مستمرة. واختلف الوضع جذريا في الانتخابات الأخيرة التي بدت كما لو كانت تقسيم لتورتة السلطة أو توزيع للغنائم أو الصراع على من يكون الظهير السياسي للرئيس المصري وهو يبدي تمنعا مصنوعا بعد أن فشلت دعوته إلى القائمة الموحدة التي كادت -لو تم تنفيذها- أن تصيب الديمقراطية في مقتل. وكان الحل هو تكوين عدد من التحالفات تشارك بقوائم مختلفة ولكنها جميعا تحمل التوجه نفسه مع التلويح بالإشارة إلى أن قائمة في حب مصر هي قائمة الدولة من دخلها فقد فاز والبداية كانت قديمة منذ رمضان قبل الماضي عندما سعى الدكتور كمال الجنزوري إلى تشكيل ما أسماه في ذلك الوقت «القائمة الوطنية الموحدة» ولكن فشل خاصة أنه محسوب على رئاسة الجمهورية باعتباره أحد مستشاري الرئيس فتم تكليف اللواء في المخابرات العامة سامح سيف اليزل بالمهمة دون أن يكون له سابق خبرة في العمل السياسي طوال تاريخه نظرا لطبيعة وظيفته، وفازت بكل أصوات القوائم في المرحلة الأولى حتى في تلك التي أعتقد حزب النور أنها تمثل معقله ومركز قوته في الإسكندرية ومرسى مطروح حيث منبع الجماعة السلفية التي انبثق منها حزب النور، أما بقية القوائم فلا تختلف في المضمون أو الشكل أو التوجهات ولكنها تنويعات على عزف واحد، فهل هناك فرق بين اللواء سامح سيف اليزل الرمز الأبرز في قائمة حب مصر وبين اللواء حسام خير الله في قائمة التحالف الجمهوري كلاهما جنرالان سابقان في المخابرات العامة. وهل هناك فرق بين المستشارة تهاني الجبالي مثلا من التحالف الأخير وبين مصطفى بكري وهما رموز ما تبقى من حلف ٣ يوليو؟ وهل هناك أي تمايز بين تيار الاستقلال ومؤسسة أحمد الفضالي وبين محمد بدران «الطفل المعجزة» أو الابن المدلل للرئاسة الذي شكل في أغسطس من العام الماضي حزب «مستقبل وطن» ليصبح بين يوم وليلة الحصان الأسود في المرحلة الأولى للانتخابات كلهم من نجوم المرحلة الحالية رغم أنهم ظواهر مصنوعة. هذه هي الصورة ومع ذلك ما زالوا يتساءلون عن أسباب مقاطعة المصريين للانتخابات وفي المقال الثاني نتوقف عند قراءة في الانتخابات. usama.agag@yahoo.com •

وشهد شاهد من أهلها!

لا أدري إذا كانت تصريحات المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة، حول حقيقة ما جرى منذ هجوم اللواء المتقاعد خليفة حفتر الغادر على العاصمة الليبية طرابلس في أبريل من العام الماضي، نوعاً من إبراء...

سدّ النهضة.. أزمة في انتظار الحسم

عندما يتعلق الأمر بحاضر ومستقبل أكثر من مائة وخمسين عربي في مصر والسودان، فنحن في حاجة إلى الاصطفاف والحذر، والحرص في التناول والتعامل أثناء التعامل مع ملف سد النهضة، وعندما تكون القضية تخصّ شريان الحياة،...

ألغام في طريق الحوار!

هاهي أميركا تجني ثمار ما زرعته في العراق، فبعد أكثر من 17 عاماً من غزوها العاصمة بغداد، تجد نفسها مجبرة على الدخول في حوار استراتيجي مع حكومة الكاظمي؛ للاتفاق حول شكل وحجم قواتها هناك، بعد...

تونس.. العبور من الأزمة

إن أي مراقب محايد وحريص على التجربة الديمقراطية الوليدة في أعقاب أنجح نماذج الربيع العربي، لا بدّ أن يقرّ ويعترف بأن هناك أزمة حقيقية تعاني منها تونس، وبداية الحل في الاعتراف بوجودها، والاتفاق على آليات...

قرار الضمّ.. مواقف متخاذلة (1-2)

عندما يجتمع «الهوان» العربي، و»التخبّط» الفلسطيني، مع «الدعم» الأميركي، وموقف «إبراء الذمة» الأممي والأوروبي، فالنتيجة أن المشروع الإسرائيلي لضمّ 30% من الضفة الغربية -وهو قيد التنفيذ- في يوليو المقبل سيمرّ، وعلى الجميع أن يتنظر خطوة...

سد النهضة.. مرحلة الحسم (2-2)

بكل المقاييس، فإن شهري يونيو ويوليو المقبلين هما الأخطر في مسار أزمة سد النهضة، وسيحددان طبيعة العلاقات المصرية السودانية من جهة، مع إثيوبيا من جهة أخرى، وكذلك مسار الأحداث في المنطقة، وفقاً للخيارات المحدودة والمتاحة...

سدّ النهضة.. السودان وتصحيح المسار (1-2)

أسباب عديدة يمكن من خلالها فهم الاهتمام الاستثنائي من جانب الكثيرين من المعلّقين والكتّاب -وأنا منهم- بقضية سدّ النهضة، والأزمة المحتدمة على هذا الصعيد بين مصر وإثيوبيا والسودان، ومنها أنها تتعلّق بحاضر ومستقبل شعبين عربيين،...

الكاظمي.. السير في حقل ألغام

بعد عدة أشهر من استقالة رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبدالمهدي، كان الخيار الأول لمن يخلفه هو مصطفى الكاظمي رئيس الاستخبارات العراقية، ولكنه تحفّظ على قبول التكليف، ووسط عدم قبول كتل شيعية له؛ ولكنه أصبح...

في ليبيا.. سقطت الأقنعة (1-2)

المتابعة الدقيقة لمسيرة اللواء المتقاعد خليفة حفتر تؤكد أن الرجل لم ولن يتغير؛ فقد ظهر بشكل كوميدي لأول مرة في فبراير 2014، داعياً الليبيين إلى التمرّد على المؤتمر الوطني العام المنتخب من قِبل الشعب الليبي،...

في لبنان.. مناطحة الكباش!!

أزمات لبنان الحقيقية تبدأ وتنتهي عند المحاصصة السياسية والطائفية، يضاف إليها الرغبة في التسييس والتأزيم، مع تمترس كل طائفة وتيار وحزب سياسي وراء مواقفه، دون الرغبة في اللجوء إلى التسويات السياسية، أو لقاء الآخر عند...

الكاظمي.. مرشّح الضرورة!

لن تخرج الاحتمالات الخاصة بتمرير الحكومة العراقية الجديدة برئاسة مصطفى الكاظمي، عن هذه الاحتمالات؛ إما أن ينجح الرجل فيما فشل فيه سابقاه محمد توفيق علاوي وعدنان الزرفي، ويصل إلى التشكيلة المناسبة ليتم تمريرها عبر مجلس...

نتنياهو.. السياسي «المتلّون»

لا أسامح نفسي على إطراء شخصية مثل بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، ولكنه يقع في إطار إقرار واقع وقراءة في مسيرة الرجل، الذي استطاع عبر سنوات طويلة، أن يستخدم أدواته بصورة جديدة، ليحتفظ بالموقع طوال...