


عدد المقالات 604
بعد عدة أشهر من استقالة رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبدالمهدي، كان الخيار الأول لمن يخلفه هو مصطفى الكاظمي رئيس الاستخبارات العراقية، ولكنه تحفّظ على قبول التكليف، ووسط عدم قبول كتل شيعية له؛ ولكنه أصبح الخيار الأخير، بعد محاولتين سابقتين من محمد توفيق علاوي وعادل الزرفي نتيجة فشلهما في الحصول على تأييد عدد من الكتل السياسية وأغلبية البرلمان، فعاد الكاظمي من جديد ليكون الخيار الناجح. المسألة لم تكن سهلة، وسط عدم تصويت كتل مثل «ائتلاف دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، و»ائتلاف الوطنية» بزعامة إياد علاوي، وحزب الحل؛ ولكنها لم تكن كافية لعرقلة تكليفه، ووصل الأمر إلى وصف «حزب الله» العراقي -المقرّب من إيران- واعتباره التكليف «إعلان حرب». الحكومة ما زالت منقوصة، فهو يسابق الزمن لتمرير سبعة مقاعد وزارية شاغرة، بينها وزارتان سياديتان هما النفط والداخلية قبل إجازة عيد الفطر المقبل، بعد أن اقتصرت موافقة البرلمان على خمسة عشر وزيراً، والمشاورات مستمرة مع المكوّنات السياسية للتوصل إلى توافق حول الأسماء المرشّحة. يدرك الكاظمي أنه جاء إلى وزارة انتقالية بمهمة محددة، وهي السعي للتوافق على قانون انتخابي، استعداداً لإجراء انتخابات نيابية مبكرة، ويبدو أنه يسعى إلى أن يكون رقماً مهماً في تاريخ وزارات العراق ما بعد الغزو الأميركي عام 2003. وبهذا فقد وسّع المهمة، وقد يكون صعّبها على نفسه، عندما أضاف إليها مهام أخرى، مثل محاربة الفساد، وحصر السلاح بيد الدولة، وإعادة النازحين إلى ديارهم، ومكافحة تفشّي فيروس «كورونا»، وتشريع قانون للموازنة العامة للدولة، والذي وصفه بالاستثنائي، كما قال في أول خطاب له بعد تمرير حكومته، وهو في ذلك يدرك أنه يصطدم بمصالح قوى ومكوّنات سياسية لا تبحث سوى عن مصالحها، ولهذا، فخلال أيام من وجوده في منصبه، حرص على إرسال رسائل للخارج، الذي ضمن دعمه وتأييده، ودليل ذلك ردود أفعال واشنطن وطهران، والداخل الذي سمح بتمرير حكومته، على عكس ما حصل مع سابقيه؛ فالرجل كان حريصاً -مثلاً- على استقبال السفير الأميركي لدى بغداد ماثيو تولر؛ حيث أكد له حرص بلاده على التعاون والتنسيق في كل المجالات، والتحضير للحوار الاستراتيجي بين البلدين، ولكنه كان واضحاً في التأكيد على أن بلاده لن تكون ساحة لتصفية الحسابات، والاعتداء على أية دولة جارة أو صديقة. وبالتوازي كانت رسالته لطهران، من خلال استقباله السفير الإيراني في بغداد إيرج مسجدي -وهو يتمتع معها بعلاقات وثيقة- أن العراق لن تكون ممراً أو مقراً للإرهاب على أية دولة، أو ساحة لتصفية الحسابات. بالمجمل أراد من خلال رسالته أن يقول إن العراق ليس جزءاً من ذلك الصراع الدولي أو الإقليمي أو ساحة للتجاذبات؛ حيث يدفع ثمناً باهظاً لذلك من أمنه واستقراره. ولعلّ اندلاع مظاهرات المحتجين في اليوم التالي لتشكيل الوزارة، بعد أن أوقفتها جائحة «كورونا»، في العاصمة والمحافظات الوسطى والجنوبية، مثّلت محاولة من بعض الأطراف لعرقلة عمل الحكومة، بعد أن فشلوا في ذلك عبر مجلس النواب، رغم محاولة العديد من المكونات السياسية النأي بنفسها عن تلك المظاهرات، أو المسؤولية عن اندلاعها؛ ولكن الكاظمي بحكم خبراته السياسية الواسعة، نجح في استثمار حادث إطلاق النار على المتظاهرين في البصرة ووفاة أحد الأشخاص، في اتجاهين؛ الأول محاولة كسب ثقة الجماهير المحتجة، بمداهمة مقر حزب ثأر الله الإسلامي، والقبض على كل الموجودين فيه ومصادرة الأسلحة، نتيجة تورّطهم في الحادث الذي استهدف المتظاهرين. أما الاتجاه الثاني فهو للميليشيات؛ حيث حدّد آلية التعامل مع أي استهداف للمتظاهرين أو التورط في سفك دماء العراقيين. مهمة مصطفى الكاظمي ليست سهلة، وإن لم تكن مستحيلة؛ فقد جاء إلى السلطة وسط أجواء غير مواتية اقتصادياً وسياسياً.. أزمة «كورونا» وانهيار أسعار النفط، واستمرار الاحتجاجات الشعبية، ولكنه قد يستثمر ثقة اللاعبين الأساسيين بالعراق في واشنطن، من خلال التعاون والتنسيق بحكمه منصبه السابق معها، أثناء المواجهات مع «تنظيم الدولة»، وقد كانت هديته له منذ فترة السماح للعراق باستيراد الكهرباء من إيران، كما سيراعي مصالح إيران في العراق، كما أنه يتمتع بدعم جزء من المكوّن الشيعي، وكل المكوّن السُّنّي والكردي.
لا أدري إذا كانت تصريحات المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة، حول حقيقة ما جرى منذ هجوم اللواء المتقاعد خليفة حفتر الغادر على العاصمة الليبية طرابلس في أبريل من العام الماضي، نوعاً من إبراء...
عندما يتعلق الأمر بحاضر ومستقبل أكثر من مائة وخمسين عربي في مصر والسودان، فنحن في حاجة إلى الاصطفاف والحذر، والحرص في التناول والتعامل أثناء التعامل مع ملف سد النهضة، وعندما تكون القضية تخصّ شريان الحياة،...
هاهي أميركا تجني ثمار ما زرعته في العراق، فبعد أكثر من 17 عاماً من غزوها العاصمة بغداد، تجد نفسها مجبرة على الدخول في حوار استراتيجي مع حكومة الكاظمي؛ للاتفاق حول شكل وحجم قواتها هناك، بعد...
إن أي مراقب محايد وحريص على التجربة الديمقراطية الوليدة في أعقاب أنجح نماذج الربيع العربي، لا بدّ أن يقرّ ويعترف بأن هناك أزمة حقيقية تعاني منها تونس، وبداية الحل في الاعتراف بوجودها، والاتفاق على آليات...
عندما يجتمع «الهوان» العربي، و»التخبّط» الفلسطيني، مع «الدعم» الأميركي، وموقف «إبراء الذمة» الأممي والأوروبي، فالنتيجة أن المشروع الإسرائيلي لضمّ 30% من الضفة الغربية -وهو قيد التنفيذ- في يوليو المقبل سيمرّ، وعلى الجميع أن يتنظر خطوة...
بكل المقاييس، فإن شهري يونيو ويوليو المقبلين هما الأخطر في مسار أزمة سد النهضة، وسيحددان طبيعة العلاقات المصرية السودانية من جهة، مع إثيوبيا من جهة أخرى، وكذلك مسار الأحداث في المنطقة، وفقاً للخيارات المحدودة والمتاحة...
أسباب عديدة يمكن من خلالها فهم الاهتمام الاستثنائي من جانب الكثيرين من المعلّقين والكتّاب -وأنا منهم- بقضية سدّ النهضة، والأزمة المحتدمة على هذا الصعيد بين مصر وإثيوبيا والسودان، ومنها أنها تتعلّق بحاضر ومستقبل شعبين عربيين،...
المتابعة الدقيقة لمسيرة اللواء المتقاعد خليفة حفتر تؤكد أن الرجل لم ولن يتغير؛ فقد ظهر بشكل كوميدي لأول مرة في فبراير 2014، داعياً الليبيين إلى التمرّد على المؤتمر الوطني العام المنتخب من قِبل الشعب الليبي،...
أزمات لبنان الحقيقية تبدأ وتنتهي عند المحاصصة السياسية والطائفية، يضاف إليها الرغبة في التسييس والتأزيم، مع تمترس كل طائفة وتيار وحزب سياسي وراء مواقفه، دون الرغبة في اللجوء إلى التسويات السياسية، أو لقاء الآخر عند...
لن تخرج الاحتمالات الخاصة بتمرير الحكومة العراقية الجديدة برئاسة مصطفى الكاظمي، عن هذه الاحتمالات؛ إما أن ينجح الرجل فيما فشل فيه سابقاه محمد توفيق علاوي وعدنان الزرفي، ويصل إلى التشكيلة المناسبة ليتم تمريرها عبر مجلس...
لا أسامح نفسي على إطراء شخصية مثل بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، ولكنه يقع في إطار إقرار واقع وقراءة في مسيرة الرجل، الذي استطاع عبر سنوات طويلة، أن يستخدم أدواته بصورة جديدة، ليحتفظ بالموقع طوال...
تطورات أزمة سد النهضة متلاحقة، ويبدو من سرعاتها أنها لم تتأثّر بحالة الجمود السائد في العديد من الملفات السياسية في الإقليم والعالم. وخلال الأيام الماضية يمكن رصد الزيارة السريعة التي قام بها وزير الري المصري...