


عدد المقالات 604
أزمات لبنان الحقيقية تبدأ وتنتهي عند المحاصصة السياسية والطائفية، يضاف إليها الرغبة في التسييس والتأزيم، مع تمترس كل طائفة وتيار وحزب سياسي وراء مواقفه، دون الرغبة في اللجوء إلى التسويات السياسية، أو لقاء الآخر عند نقطة وسط، ولعل أزمة الانخفاض الحاد وغير المسبوق لليرة اللبنانية أمام الدولار، أحد النماذج الواضحة وضوح شمس شهر أغسطس، فكل المؤشرات تقول إن لبنان ومنذ فترة ليست قصيرة يواجه أزمة اقتصادية بامتياز، وبدلاً من أن يكون هناك توافق سياسي حول آليات للحلّ، كما هو الطبيعي فإن الأمر بدأ بالبحث عبر التجاذبات السياسية عن «كبش فداء» يتحمل تبعاتها، صحيح أن الاقتصاد مرتبط بالسياسة، ولكن لبنان الدولة يغرق ويحتاج من ينقذه، إلا أن الطبقة السياسية راحت تتناول الموضوع من منظور الصراع بين الأحزاب، وحسابات المكسب والخسارة، وهذا ما يكشف عنه المشهد السياسي من الموقف من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. مظاهر الأزمة الاقتصادية اللبنانية لا تخفى على أحد، وتتعدد مؤشراتها، في مقدمتها العجز عن سداد الديون الخارجية، والإعلان عن توقف تسديد الأقساط وتأجيل سداد 1.2 مليار دولار كانت واجبة في مارس الماضي، وكذلك في أبريل الحالي ويونيو المقبل، بقيمة مليارين و500 مليون دولار، علماً بأن حجم ديون لبنان يصل إلى 92 مليار دولار بنسبة 170% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي من النسب الأعلى في العالم، مما يضعه أمام خيارات أحلاها مرّ مرارة العلقم، خاصة وأن من حق الدائنين في حالة فشل مفاوضات جدولة جديدة للديون، مقاضاة مصرف لبنان، واستهداف احتياطاته من الذهب، أما الخيار الأول فالدخول في مفاوضات حول فوائد الديون مع المقترضين، خاصة البنوك المحلية للسعي إلى هيكلتها أو شطب أجزاء منها، أما الخيار الثاني اللجوء إلى طلب مشورة صندوق النقد الدولي، وهو ما بدأه لبنان بالفعل، ولكن خطورة الحصول على قروض من الصندوق لدفع أقساط الديون هو ديمومة عملية الاستدانة. أزمات لبنان الاقتصادية لا تتوقف عند هذا الحد، بل تجاوزته، فوفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي، فإن الناتج المحلي اللبناني سيشهد انكماشاً بنسبة 12% خلال هذا العام، بعد أن كان 6.5% في العام الماضي، كما أن نسبة التضخم ستصل إلى 17%، بعد أن كانت 2.9% في العام الماضي، مع الانخفاض المستمر لليرة اللبنانية أمام الدولار منذ أكتوبر الماضي، حتى حصل الانهيار الكبير لها خلال الأيام الماضية، حيث تخطت عتبة الـ 3000 ليرة للدولار، كل ذلك يمثل أكبر أزمة اقتصادية تواجهها البلاد منذ نهاية الحرب الأهلية، والتي استمرت خمسة عشر عاماً وانتهت في عام 1990، ونجح مصرف لبنان تحت رئاسة رياض سلامة الذي تولى منصبه في عام 1993م، في تثبيت سعر الليرة منذ عام 1997م، وفي ظل هذه الظروف بدأت عمليات الاستقطاب السياسي في لبنان، بديلاً عن البحث في حلول للأزمة الاقتصادية، حيث قام رئيس الوزراء حسان دياب بتوجيه اتهام رسمي واضح لحاكم مصرف لبنان، وتحميله مسؤولية انهيار الليرة، وقال إن المصرف المركزي إما عاجز أو غائب أو يحرّض بشكل مباشر على هذا الانخفاض، ملمحاً إلى أن المحافظ قد تعمد هندسة انهيار الليرة. الاتجاه العام سياسياً، عبارة عن تجاذبات بين المكونات اللبنانية، حيث يرغب رئيس الوزراء المحسوب على حزب الله والتيار الوطني الحر بزعامة جبران باسيل، تحميل حاكم المصرف المركزي الأزمة، فالحزب يأخذ على المحافظ التزامه بقرارات العقوبات المصرفية الأميركية على الحزب، ودفعه إلى الاستقالة، نظراً لصعوبة توافر الشروط الواجبة في قانون النقد المادة 19 التي يمكن الاعتماد عليها في إقالته، والتسريبات تتحدث عن أسماء بعينها مرشحة لخلافته، ويحظى سلامة بدعم ومساندة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، ومكونات من السنة وفي مقدمتهم الرئيس سعد الحريري، كما أن هناك حديثاً عن تدخل أميركي عبر سفيرتها في بيروت لعدم إقالة سلامة، والتهديد بحجز أموال لبنان في أميركا البالغة عشرين مليار دولار، واعتبارها أموال حزب الله. هذه أزمة اقتصادية تحولت إلى مأزق سياسي، يحاصر الجميع، وعليهم إيجاد حل له، وكان الأجدى توفير ذلك الجهد، والاهتمام بحل الأزمة الأهم.
لا أدري إذا كانت تصريحات المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة، حول حقيقة ما جرى منذ هجوم اللواء المتقاعد خليفة حفتر الغادر على العاصمة الليبية طرابلس في أبريل من العام الماضي، نوعاً من إبراء...
عندما يتعلق الأمر بحاضر ومستقبل أكثر من مائة وخمسين عربي في مصر والسودان، فنحن في حاجة إلى الاصطفاف والحذر، والحرص في التناول والتعامل أثناء التعامل مع ملف سد النهضة، وعندما تكون القضية تخصّ شريان الحياة،...
هاهي أميركا تجني ثمار ما زرعته في العراق، فبعد أكثر من 17 عاماً من غزوها العاصمة بغداد، تجد نفسها مجبرة على الدخول في حوار استراتيجي مع حكومة الكاظمي؛ للاتفاق حول شكل وحجم قواتها هناك، بعد...
إن أي مراقب محايد وحريص على التجربة الديمقراطية الوليدة في أعقاب أنجح نماذج الربيع العربي، لا بدّ أن يقرّ ويعترف بأن هناك أزمة حقيقية تعاني منها تونس، وبداية الحل في الاعتراف بوجودها، والاتفاق على آليات...
عندما يجتمع «الهوان» العربي، و»التخبّط» الفلسطيني، مع «الدعم» الأميركي، وموقف «إبراء الذمة» الأممي والأوروبي، فالنتيجة أن المشروع الإسرائيلي لضمّ 30% من الضفة الغربية -وهو قيد التنفيذ- في يوليو المقبل سيمرّ، وعلى الجميع أن يتنظر خطوة...
بكل المقاييس، فإن شهري يونيو ويوليو المقبلين هما الأخطر في مسار أزمة سد النهضة، وسيحددان طبيعة العلاقات المصرية السودانية من جهة، مع إثيوبيا من جهة أخرى، وكذلك مسار الأحداث في المنطقة، وفقاً للخيارات المحدودة والمتاحة...
أسباب عديدة يمكن من خلالها فهم الاهتمام الاستثنائي من جانب الكثيرين من المعلّقين والكتّاب -وأنا منهم- بقضية سدّ النهضة، والأزمة المحتدمة على هذا الصعيد بين مصر وإثيوبيا والسودان، ومنها أنها تتعلّق بحاضر ومستقبل شعبين عربيين،...
بعد عدة أشهر من استقالة رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبدالمهدي، كان الخيار الأول لمن يخلفه هو مصطفى الكاظمي رئيس الاستخبارات العراقية، ولكنه تحفّظ على قبول التكليف، ووسط عدم قبول كتل شيعية له؛ ولكنه أصبح...
المتابعة الدقيقة لمسيرة اللواء المتقاعد خليفة حفتر تؤكد أن الرجل لم ولن يتغير؛ فقد ظهر بشكل كوميدي لأول مرة في فبراير 2014، داعياً الليبيين إلى التمرّد على المؤتمر الوطني العام المنتخب من قِبل الشعب الليبي،...
لن تخرج الاحتمالات الخاصة بتمرير الحكومة العراقية الجديدة برئاسة مصطفى الكاظمي، عن هذه الاحتمالات؛ إما أن ينجح الرجل فيما فشل فيه سابقاه محمد توفيق علاوي وعدنان الزرفي، ويصل إلى التشكيلة المناسبة ليتم تمريرها عبر مجلس...
لا أسامح نفسي على إطراء شخصية مثل بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، ولكنه يقع في إطار إقرار واقع وقراءة في مسيرة الرجل، الذي استطاع عبر سنوات طويلة، أن يستخدم أدواته بصورة جديدة، ليحتفظ بالموقع طوال...
تطورات أزمة سد النهضة متلاحقة، ويبدو من سرعاتها أنها لم تتأثّر بحالة الجمود السائد في العديد من الملفات السياسية في الإقليم والعالم. وخلال الأيام الماضية يمكن رصد الزيارة السريعة التي قام بها وزير الري المصري...