


عدد المقالات 604
المتابعة الدقيقة لمسيرة اللواء المتقاعد خليفة حفتر تؤكد أن الرجل لم ولن يتغير؛ فقد ظهر بشكل كوميدي لأول مرة في فبراير 2014، داعياً الليبيين إلى التمرّد على المؤتمر الوطني العام المنتخب من قِبل الشعب الليبي، يومها لم يهتم به أحد وأثار سخرية الليبيين، وحاول من جديد بعدها بثلاثة أشهر فقط -وتحديداً في 16 مايو من العام نفسه- عند بدأ ما سُمّي بـ «عملية الكرامة»؛ حيث نجح في تجميع ميليشيات مسلّحة وعدد من بقايا جيش القذافي، مدّعياً أنه الجيش الوطني الليبي، كوسيلة لتنفيذ مخططه. ومنذ أيام، أعلن إسقاط الاتفاق السياسي، وهو الإطار الحاكم لكل العملية السياسية، سواء في ذلك النص على التمديد لمجلس النواب المنتهية ولايته، أو إنشاء المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق أو المجلس الأعلى للدولة.. كل ذلك يكشف تماماً عن طبيعية الرجل الانقلابية، فهو صاحب مشروع يسعى من خلاله إلى تنصيب نفسه حاكماً على ليبيا بالقوة، أو عن طريق أساليب هلامية مثل فكرة التفويض الشعبي، والقبول به كما لو كان يتفضّل على الشعب، فقد ينسى المتابعون للملف الليبي أنه حاول المحاولة نفسها في 17 ديسمبر 2017، عندما أعلن انتهاء صلاحية الاتفاق السياسي الليبي، والذي تم التوقيع عليه في مدينة الصخيرات، وكان قد مرّ عليه عامان فقط، لتنتهي معه كل الأجسام المنبثقة عن ذلك الاتفاق بصورة تلقائية، وتنتهي شرعيتها المطعون فيها منذ اليوم الأول، من مباشرة عملها -على حد قوله- ولكن محاولته لم تلقَ أي اهتمام من الجهات الداخلية والخارجية، حتى جاءت المحاولة الثالثة الأخيرة. والغريب في الأمر أن مسألة الشرعية مثارة في ليبيا منذ أشهر، عندما حاول مجلس النواب بتحركات تجاه الإقليم والعالم، أن يحظى بها فقط دون حكومة الوفاق أو المجلس الأعلى للدولة، وبالطبع لم يستجب له أحد، خاصة أن كل تلك الكيانات مشمولة بالشرعية الدولية، من خلال قرار مجلس الأمن، الذي أقرّ الاتفاق ومدّ لمجلس النواب لحين إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة، وهو ما يسعى حفتر إلى إعاقته بكل الوسائل، وآخرها كان هجومه على العاصمة طرابلس منذ أكثر من عام، فهو الذي أجهض أهم محاولة لعقد المؤتمر الجامع، بمشاركة أكثر 7 آلاف ليبي من مختلف الفئات والطوائف، وكان المؤتمر يستهدف وضع «خارطة طريق» لإخراج البلاد من الأزمة، والتوافق على خطوات بدء إجراءات أول انتخابات تشريعية ورئاسية في البلاد، هو ما يعني إنهاء وجود حفتر ومشروعه في حكم ليبيا منفرداً، وسط رفض واسع من الليبين فكرة الحكم العسكري، واستنساخ أسوأ لتجربة العقيد القذافي. وفي خضم الرغبة المحمومة لحفتر في التغطية على خسائره العسكرية في الآونة الأخيرة، تناسى أن شرعية وجوده مستمدة من موافقة مجلس النواب على تعيينه، وبالطبع فإن فكرة التفويض الشعبي تفتقد أية جدية وتثير السخرية، فالتأييد العلني الوحيد لها جاء من مجلس أعيان الزنتان، ولم تشارك فيها حتى مدن تحت سيطرته. خطوة حفتر أثارت ردود فعل دولية تتسم بالميوعة، ومنها إعلان روسيا على لسان مسؤول في الخارجية عن تفاجؤ موسكو بالخطوة، أو تحفّظ الوزير الروسي على أي إجراء أحادي. كما أن بيان السفارة الأميركية في طرابلس أعرب عن أسفها على القرار، كما ذهبت بعثة الأمم المتحدة إلى إعلان تأييدها المبادرة السياسية التي أعلنها رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، واعتبرتها إيجابية، في تفادٍ للإشارة إلى ما قام به حفتر الذي يزيد تعقيد الموقف في ليبيا. ولعلّ الأهم هنا أن خطوة حفتر قد تكون بداية تصدّع في جبهته، بعد أن استهدف -بغباء سياسي منقطع النظير- ظهيره السياسي المتمثل في مجلس النواب؛ حيث اعتبر رئيسه عقيلة صالح أن توقيت إعلان حفتر لم يكن مناسباً، ولكنه تخوّف من انضمام أعضاء في مجلس نواب طبرق إلى زملائهم المقاطعين في طرابلس، وأعلن من جهته مبادرة مخالفة في كل بنودها الثمانية عن موقف حفتر، وترتكز على إعادة هيكلة السلطة التنفيذية المنبثقة من «اتفاق الصخيرات»، وإعادة اختيار أعضائها من الأقاليم الثلاثة، برقة وطرابلس وفزان، وإعادة كتابة الدستور مع استمرار مجلس النواب لحين إجراء الانتخابات التشريعية الجديدة.
لا أدري إذا كانت تصريحات المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة، حول حقيقة ما جرى منذ هجوم اللواء المتقاعد خليفة حفتر الغادر على العاصمة الليبية طرابلس في أبريل من العام الماضي، نوعاً من إبراء...
عندما يتعلق الأمر بحاضر ومستقبل أكثر من مائة وخمسين عربي في مصر والسودان، فنحن في حاجة إلى الاصطفاف والحذر، والحرص في التناول والتعامل أثناء التعامل مع ملف سد النهضة، وعندما تكون القضية تخصّ شريان الحياة،...
هاهي أميركا تجني ثمار ما زرعته في العراق، فبعد أكثر من 17 عاماً من غزوها العاصمة بغداد، تجد نفسها مجبرة على الدخول في حوار استراتيجي مع حكومة الكاظمي؛ للاتفاق حول شكل وحجم قواتها هناك، بعد...
إن أي مراقب محايد وحريص على التجربة الديمقراطية الوليدة في أعقاب أنجح نماذج الربيع العربي، لا بدّ أن يقرّ ويعترف بأن هناك أزمة حقيقية تعاني منها تونس، وبداية الحل في الاعتراف بوجودها، والاتفاق على آليات...
عندما يجتمع «الهوان» العربي، و»التخبّط» الفلسطيني، مع «الدعم» الأميركي، وموقف «إبراء الذمة» الأممي والأوروبي، فالنتيجة أن المشروع الإسرائيلي لضمّ 30% من الضفة الغربية -وهو قيد التنفيذ- في يوليو المقبل سيمرّ، وعلى الجميع أن يتنظر خطوة...
بكل المقاييس، فإن شهري يونيو ويوليو المقبلين هما الأخطر في مسار أزمة سد النهضة، وسيحددان طبيعة العلاقات المصرية السودانية من جهة، مع إثيوبيا من جهة أخرى، وكذلك مسار الأحداث في المنطقة، وفقاً للخيارات المحدودة والمتاحة...
أسباب عديدة يمكن من خلالها فهم الاهتمام الاستثنائي من جانب الكثيرين من المعلّقين والكتّاب -وأنا منهم- بقضية سدّ النهضة، والأزمة المحتدمة على هذا الصعيد بين مصر وإثيوبيا والسودان، ومنها أنها تتعلّق بحاضر ومستقبل شعبين عربيين،...
بعد عدة أشهر من استقالة رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبدالمهدي، كان الخيار الأول لمن يخلفه هو مصطفى الكاظمي رئيس الاستخبارات العراقية، ولكنه تحفّظ على قبول التكليف، ووسط عدم قبول كتل شيعية له؛ ولكنه أصبح...
أزمات لبنان الحقيقية تبدأ وتنتهي عند المحاصصة السياسية والطائفية، يضاف إليها الرغبة في التسييس والتأزيم، مع تمترس كل طائفة وتيار وحزب سياسي وراء مواقفه، دون الرغبة في اللجوء إلى التسويات السياسية، أو لقاء الآخر عند...
لن تخرج الاحتمالات الخاصة بتمرير الحكومة العراقية الجديدة برئاسة مصطفى الكاظمي، عن هذه الاحتمالات؛ إما أن ينجح الرجل فيما فشل فيه سابقاه محمد توفيق علاوي وعدنان الزرفي، ويصل إلى التشكيلة المناسبة ليتم تمريرها عبر مجلس...
لا أسامح نفسي على إطراء شخصية مثل بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، ولكنه يقع في إطار إقرار واقع وقراءة في مسيرة الرجل، الذي استطاع عبر سنوات طويلة، أن يستخدم أدواته بصورة جديدة، ليحتفظ بالموقع طوال...
تطورات أزمة سد النهضة متلاحقة، ويبدو من سرعاتها أنها لم تتأثّر بحالة الجمود السائد في العديد من الملفات السياسية في الإقليم والعالم. وخلال الأيام الماضية يمكن رصد الزيارة السريعة التي قام بها وزير الري المصري...