


عدد المقالات 35
في مصر كل رئيس وله مشير، والعلاقة بينهما دائماً خفية ومعقدة، فالعلاقة بين الرئيس «جمال عبدالناصر» والمشير «عبدالحكيم عامر» انتهت بموت المشير، والعلاقة بين الرئيس «أنور السادات» والمشير «أحمد بدوي» انتهت بموت المشير، لكن العلاقة بين الرئيس «حسني مبارك» والمشير «حسين طنطاوي» انتهت بعزل الرئيس. لذلك فإن هذه العلاقات المرتبكة بين السلطة السياسية والسلطة العسكرية تحتاج إلى «مفهماتي»، وفي الثلاثينيات من القرن الماضي انتشرت في مصر وظيفة «المفهماتي» أيام السينما الصامتة وأفلام «شارلي شابلن» و «لوريل وهاردي»، وفي كل دار عرض كان يوجد «المفهماتي أفندي»، حيث يُرفع الستار وتطفأ الأنوار فيتجه «المفهماتي» ويقف بجوار الشاشة ليشرح للجمهور أحداث الفيلم، وقد يقوم بالترجمة، وأحياناً يسأله الجمهور فيرد عليهم، وقد يدخل معهم في الفواصل أو الاستراحة قافية، ويستمر في الشرح والتوضيح حتى ينتهي الفيلم وتضاء الأنوار، فيجتمع حوله الجمهور لمزيد من التوضيح. و «مفهماتي» السينما يخاطب الجمهور لكن ملقن «المسرح» يخاطب الممثلين. وكان بعض المفهماتية مبدعين يشرحون للجمهور ما فات على المخرج وما نسيه الممثلون، وبعضهم أحياناً كان يشارك كسفرجي أو ككومبارس صامت في فيلم أكثر صمتاً، وعندما تصل صورته يقول للجمهور «أنا أهو»، مثل بعض المحامين في محاكمة مبارك! ثم يطلب من عامل التشغيل إيقاف الماكينة وتثبيت صورته ربع ساعة حتى ينتهي الجمهور من التصفيق له والتأكد من صورته. وبمرور السنوات ظهر جيل من المفهماتية «يسرحون» وهم «يشرحون» فتكون الصورة لرجل يركب حصاناً بينما هو يتحدث عن ذهاب البطل لخطبة البطلة، أو يظهر «عادل إمام» فيزعم أنه «نادية الجندي»، أو يموت البطل ويقام له مأتم فيقول إنه يتزوج داخل الصوان! ولا يسمح لأحد أن يجادله. ثم اخترع الإنسان الصوت لتختفي وظيفة المفهماتي من الشاشة الكبيرة وتنتقل إلى الشاشة الصغيرة. ألف مفهماتي وخبير استراتيجي يومياً يشرحون لك دينك، وألف يعلمونك الطهي، وألف يحللون لك الموقف السياسي ويحرمون عيشتك، ومعظمهم مثل أسلافهم المفهماتية الأوائل «يسرحون» وهم «يشرحون»، فيتحدث عن التسامح ويأتي بآيات القتال، ويتحدث عن فوائد الملوخية وهو يصنع الزبادي، ويفسر لك أحلاماً لم ترها، ويجيبك عن أسئلة لم تسألها، ويصف لك مباراة في ملعب آخر. وأصبح المفهماتية في التلفزيون أكثر من الهم على القلب، لا تجمعهم «نقابة» ولا توقفهم «رقابة». المفهماتي الأول كان يتحدث في الظلام ويغرق في عرقه ويتقاضى خمسة قروش، والمفهماتي الأخير يتحدث في النور ويغرق في نهر من النقود، وكما أراحنا المولى سبحانه وتعالى من «مفهماتية» أوائل القرن العشرين الذين ارتبطوا بالسينما، ندعوه عز وجل أن يريحنا من «مفهماتية» أوائل القرن الواحد والعشرين الذين ارتبطوا بالتلفزيون. لكن التلفزيون المصري يعرض الآن على قناة «التحرير» حلقات مهمة وموثقة بعنوان «الرئيس والمشير»، تحكي أسرار هذه الفترات من دون مفهماتي، فإلى هناك.
مدينة «بورسعيد» الواقعة على البحر المتوسط شمال شرق القاهرة نطلق عليها «المدينة الحرة» لأنها تعرضت لعدوان إنجليزى- فرنسى- إسرائيلي وقاومته، ثم حولناها إلى «مدينة حرة» بالمعنى الاقتصادي مثل «هونغ كونغ»؛ فتحولت المدينة من رمز للنضال...
تتأثر الشعوب بعضها ببعض وتنقل تجارب الآخرين وتستفيد منها لكن لكل شيء حدودا وحتى الصبر -على رأى أم كلثوم- له حدود فمن الطبيعي أن ينقل البعض من لبنان الشقيق الفن والغناء والسينما والمسرح ولا مانع...
زمان سألوا أحد الفنانين «ما الفرق بين القضاء والقدر وبين المصيبة؟» فقال «القضاء والقدر أن تسير حماتي على الساحل فتسقط في البحر لتغرق، لكن المصيبة هي أن تعود مرة أخرى».. فنحن نقبل بالقضاء والقدر لأنه...
يقال إن التاريخ يعيد نفسه مرة على صورة «مأساة» ومرة على صورة «ملهاة»، مرة على شكل «ثائر» ومرة على شكل «طاغية»، وقد حدث ذلك في كل الثورات.. يا بخت الحمير في هذا البلد فعندنا (80)...
نؤكد مرة أخرى على خطورة هذا الموضوع وضرورة وضعه موضع الاعتبار وكلاكيت ثالث مرة لعل البعض يتعظ فبعد أن تخلصنا بثورة يناير 2011 من «توريث السلطة» تجري الآن على قدم وساق عملية «تقسيم السلطة» والغالب...
فرق شاسع بين الحقيقة والخيال، وبين الأصل والصورة وقد حاول كثير من المطربين أن يقلدوا العندليب الأسمر «عبدالحليم حافظ» فلم يأخذوا منه «الطرب»، ولكن أخذوا منه مرض «البلهاريسيا» وظهرت العشرات من لوحات «الجيوكندا» المزيفة، ولكن...
لا يظهر «السمان» إلا قرب الخريف، ولا يظهر «النورس» إلا قرب السواحل، ولا تظهر «الفوضى» إلا بعد الثورات، وعلى قدر الأحلام التي لم تتحقق تكون الإحباطات، فهل هناك تغيير حقيقي حدث في مصر أم تمت...
صعود التيار الديني في العالم العربي سلاح ذو حدين فقد يقدم النموذج المحتمل صورة مضيئة للسياسة وللدين وقد يؤدي الخلط بينهما إلى اختلال الموازين.. ولعلنا في هذا الوقت العصيب الذي نتطلع فيه إلى المستقبل المشرق...
في الأسبوع الماضي حدثت في مصر واقعة غريبة؛ إذ ظهر المهندس «عبدالمنعم الشحات» المتحدث الرسمي باسم الجماعة السلفية في مصر في وسائل الإعلام فجأة ليهاجم المرحوم الأديب الكبير «نجيب محفوظ» ويقول إن رواياته فسق وفجور...
نحن شعوب لا تفضل العقل النقدي ولا ترى الحقيقة مجردة وتتأرجح بين التهوين والتهويل وبين التضخيم والتصغير، وقد غنينا أجمل الأغاني لأدهم الشرقاوي، وصنعنا له مسرحيات وأوبريتات وأفلاماً، بينما كان الرجل مجرد لص وقاطع طريق،...
طبقاً لقاعدة «الفك والتركيب» فإن آخر شيء يتم فكه هو أول شيء يتم تركيبه ولأن آخر ما تم فكه في مصر هو «الدستور» لذلك كان من الواجب أن نبدأ بالدستور فلا أحد يقيم «عمارة» بناءً...
نتحدث اليوم عن جوهر الصراع الحادث في مصر فهناك أسباب ظاهرة وأسباب خفية فهناك دائماً نور على الطريق اسمه «عين القطة» وقد دخل «بيكاسو» المرحلة الزرقاء الكئيبة بسبب موت صديقه ثم دخل المرحلة الوردية المبهجة...