


عدد المقالات 611
يخرج علينا أبواق الأنظمة بين حين وآخر ليعلمونا ما يجوز وما لا يجوز، وليذكرونا بالفتاوى التي تصلح للدفاع عن الأنظمة التي يعملون لحسابها، أو يتلقون عطاياها، ويعتقدون تبعا لذلك أنهم أفحمونا، أو أنهم بذلك سيثيرون الالتباس في أوساط الناس، بحيث يعودوا عن مواقفهم أو يغيروا رأيهم في هذه القضية أو تلك، لاسيَّما تلك المتعلقة بالثورات العربية. في كثير من الأحيان كنا أمام سيل من الفتاوى العمياء التي تناهض ثورات الشعوب بدعوى أنها خروج على الحكام، ولا تسأل عن فتاوى أكثر سخفا تعتبر أن من سقطوا من الناس برصاص الأنظمة ليسو شهداء (كيف يجرؤون على تصنيف الناس بهذه البساطة؟!). تحدثنا عن هذا اللون من الفتاوى غير مرة، كما تحدث كثيرون، بل إن كثيرا من أصحابها باتوا يتراجعون ويعتذرون عنها بعد نجاح الثورة في تونس مصر (حتى لو لم يكتمل النجاح تماما)، وها إن بعضهم يؤسس أحزابا ويتدخل في السياسة في تراجع واضح عن مواقفه السابقة (هو تراجع محمود على أية حال، لاسيَّما إذا ذكّر أصحابه بأنهم مجرد مجتهدين، وليسو مالكين حصريين لمفاتيح الحق). ما يعنينا في هذه السطور هو كلام بعض أبواق النظام السوري عن أحكام الشرع وما يجوز وما لا يجوز، لاسيَّما ما يتصل بالخروج على الحكام، وكذلك التعاون مع الأجنبي ضد الأنظمة القائمة (يعنون نظامهم العتيد). ولا نعرف بالطبع على أي مذهب يفتي هؤلاء، هل يريدون الفتوى على مذهب الشيعة الاثني عشرية الذي اعتنقه بعض العلويين السوريين (رأينا فتاوى بلا حصر تجيز الاستعانة بالأميركان في العراق)، أم على المذهب العلوي نفسه (إذا جاز اعتباره مذهبا)، أم يريدون الفتوى على مذهب أهل السنة؟! ولأنهم يتحدثون إلينا -نحن أهل السنة الذين نقف ضد النظام السوري، ومع ثورة شعبه ضد الظلم- فنحب أن نقول لهم إن الخروج على أنظمة الجور كان برسم للجدل، ليس لأنه محسوم الرفض من الناحية الشرعية، بل لما يترتب عليه من مفاسد في الوقت الذي صدرت فيه الفتاوى، أما حين يؤدي الإبقاء على تلك الأنظمة إلى فساد أكبر من الخروج عليها، فإن الأمر يستحق المغامرة، لاسيَّما أننا لا نتحدث عن خروج مسلح يُقتل الناس فيه بالجملة، وإنما عن احتجاج سلمي يكون المجرم فيه هو النظام وليس الناس العزل الذين يخرجون للمطالبة بحقوقهم. المسافة كبيرة إذن بين الخروج المسلح الذي تحدث عنه العلماء وبين الاحتجاج السلمي. ومع ذلك، نحب أن نقول لهؤلاء إن ما فعله الحسين مع يزيد كان خروجا مسلحا، لم يدفع أحدا في تاريخ الأمة لإنكار شهادته، بل تصدره شباب أهل الجنة، كما وقف أكبر إمامين في تاريخ الأمة (أبو حنيفة والإمام مالك) عن خروج محمد بن النفس الزكية، وأخيه إبراهيم على أبي جعفر المنصور الذي لا يقارن بالأنظمة القائمة، فضلا عن النظام السوري. هذا من حيث الخروج، أما الاستعانة بالأجنبي في حالة الثائرين على النظام السوري، فليست سوى فرية يريد البعض تسويقها من أجل ترويج النظام الطائفي، لاسيَّما حين تلصق التهمة بالإسلاميين، ولعلنا نسألهم عن رأيهم في اصطفاف النظام إلى جانب الأميركان في حفر الباطن، هل كان جائزا ومحمودا؟! أسوأ ما تتضمنه افتراءات القوم هو حديث أحدهم عن عملية نفذها بعض الشبان الإسلاميين (لم يكونوا من الإخوان)، وهي عملية مدرسة المدفعية التي قتل فيها 180 ضابطا، مع تجاهله قصدا لمذبحة النظام في حماة التي قتلت عشرة آلاف بحسب روايته، وثلاثين ألفا بحسب رواية الأهالي والمعارضة. نحن ضد أي تواصل مع الأميركان من قبل رموز المعارضة السورية، خاصة الإسلاميين، لكن وجود لقاءات من هذا النوع لا يعني العمالة بأي حال، ولا يعني الاستقواء، بدليل رفضهم الصريح للتدخل الأجنبي، ولكن ماذا يقول أولئك عن كلام رامي مخلوف الذي يساوم على مصلحة الكيان الصهيوني مقابل استقرار النظام السوري، أليس هذا استقواءً بالأجنبي على الشعب؟! الشعب السوري يريد حريته وكرامته، ولن نتحدث عن البعد الطائفي، لأننا نرفض الطائفية، لكننا نرفض أيضا أن تتحكم الأقلية بالأغلبية تحت أي شعار كان، حتى لو كان شعار المقاومة والممانعة، ومن حق السوريين أن يختاروا نظامهم بحرية. يشعر المرء بالغثيان حين يتابع بعض أولئك وهم يلقون علينا دروسا فيما يجوز وما لا يجوز من الناحية الشرعية، دون أن يعرفوا أن الإعانة على قتل مسلم هي أكبر الكبائر، فكيف وهم يناصرون نظاما يقتل شعبه لأنه يطالب بالحرية ويعلن رفض الفساد والمفسدين؟! في الدنيا فراعنة كثر، لكن جنودهم مجرمون أيضا، وكذلك الملأ من حولهم ممن يحرضون على أهل الخير: «وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليُفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك قال سنذبح أبناءهم ونستحيي نساءهم..».. وفي الختام: «ونريد أن نمنَّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين. ونمكِّن لهم في الأرض ونُريَ فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون». صدق الله العظيم.
هناك إشكالية كبرى واجهت وما زالت تواجه القراءة الإسلامية التقليدية للسيرة النبوية في أبعادها السياسية والعسكرية أو الاستراتيجية، وتتمثل في حصر الأمر في الأبعاد الإيمانية وحدها دون غيرها، وجعل التقدم والتراجع، والنصر والهزيمة، محصوراً فيها؛...
ها نحن نتفق مع صائب عريقات، مع أننا كثيراً ما نتفق معه حين يتحوّل إلى محلل سياسي، رغم أن له دوراً آخر يعرفه جيداً، وإن كانت المصيبة الأكبر في قيادته العليا التي ترفض المقاومة، وهي...
أرقام مثيرة تلك التي أوردتها دراسة نشرت مؤخراً للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا)، بشأن الفقر في المنطقة العربية، والتباين الطبقي فيها. قالت الدراسة إن مجموع الثروة التي يملكها أغنى 31 مليارديراً في المنطقة؛ يعادل...
منذ ما قبل فوزه بانتخابات الرئاسة، يمثّل ترمب حالة عجيبة في ميدان السياسة، فهو كائن لا يعرف الكثير عن السياسة وشؤونها وتركيبها وتعقيدها، وهو ما دفعه إلى التورّط في خطابات ومسارات جرّت عليه سخرية إعلامية...
الأربعاء الماضي؛ قال الدكتور مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية، إن فيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19)، «قد لا ينتهي أبداً»، و»قد ينضم إلى مزيج من الفيروسات التي تقتل الناس في جميع...
بين حين وآخر، تخرج أنباء من هنا وهناك تتحدث عن لقاءات تطبيعية عربية من العيار الثقيل، ثم يتم تداولها لأيام، قبل أن يُصار إلى نفيها (أحياناً)، والتأكيد على المواقف التقليدية من قضية الشعب الفلسطيني. هناك...
في حين تنشغل القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية بقضية «كورونا» على نحو أكثر تشدّداً من الدول الأخرى (عقدة الدولة قبل تحرير الأرض هي أصل المصائب!)؛ فإن سؤال القضية الأساسية للشعب الفلسطيني يتأخر قليلاً، لولا أن...
الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو، يقيل وزير الصحة؛ وذلك بعد خلافات بينهما حول جدل «الاقتصاد أم الأرواح». حدث ذلك رغم ما حظي به الوزير من شعبية واسعة في البلاد، بسبب مكافحة تفشّي وباء فيروس كورونا. ترمب...
منذ أسابيع و»كورونا» هو شاغل الدنيا ومالئ الناس، ولا يتقدّم عليه أي شيء، وتبعاً لذلك تداعياته المحتملة على كل دولة على حدة، وعلى الوضع الدولي بشكل عام. وإذا كانت أسئلة المواجهة بشكل عام، ومن ثَمّ...
ماطل ترمب كثيراً في اتخاذ أي إجراء في مواجهة «كورونا» من شأنه أن يعطّل حركة الاقتصاد، ولولا ضغوط الدولة العميقة لواصل المماطلة، لكنه اضطر إلى التغيير تحت وطأة التصاعد المذهل في أعداد المصابين والوفيات، ووافق...
في تحقيق لها بشأن العالم ما بعد «كورونا»، وأخذت من خلاله آراء مجموعة من الخبراء، خلصت مجلة «فورين بوليسي» الشهيرة إلى أن العالم سيكون بعد الجائحة: «أقل انفتاحاً، وأقل حرية، وأكثر فقراً». هي بشارة سوء...
نواصل الحديث عن حركة «فتح» أكثر من «حماس» التي اختلفنا معها حين خاضت انتخابات السلطة 2006، وكذلك إثر الحسم العسكري في القطاع رغم مبرراته المعروفة، والسبب أن الضفة الغربية هي عقدة المنشار في مشهد القضية...