عدد المقالات 84
منذ ثلاث سنوات مضت وتحديداً في مثل هذا الوقت من فصل الشتاء من كل عام، اعتدت أن أكون مع «قطر الخيرية» في رحلات إغاثية تسير وبصورة عاجلة لإغاثة اللاجئين والنازحين السوريين ممن اضطرتهم ظروفهم أن يتركوا منازلهم ودفعتهم ليشردوا من أوطانهم. أولئك الذين فرّوا بأطفالهم نازحين، من المجهول إلى المجهول، بحثاً عن طيف أمان لعله يلوح لهم في أفق سمائهم المظلمة والحزينة، مستسلمين لبرد الشتاء بلا حول ولا قوة، أقصى أمانيهم دفء يغمرهم وسلام يعمّهم، لتكون الخيام سكناً ومأوى لهم، حالهم في الشتاء تنزف له الأعين دمعاً، والقلوب دماً، أجد نفسي بينهم لأعيش واقعهم، وأسبر أغوار حياتهم اليومية بكل تفاصيلها المُرّة، ولا أبالغ إذا قلت لكم إنني أشعر بأني فرد من عائلتهم أنغمس في عالمهم وأسرح بذهني وقلبي في حكاياتهم، فتمنحني ابتسامتهم رغم ألمهم بريق أمل في الحياة. هذا العام، وجدت فراغاً كبيراً بعدما حالت ظروف فيروس كورونا دون ملاقاتهم والوصول إليهم، ومع ذلك استمرت المبادرات الشتوية من «قطر الخيرية» وانطلقت الحملات بدعم معتاد من أهل قطر للتخفيف من أعباء فصل الشتاء على الأسر المتعففة، والذي يتزامن هذا العام مع استمرار جائحة «كوفيد - 19». صدّقوني... لم تكن رحلاتنا مجرد سفر بين ثنايا الجغرافيا... ولم تكن حملات إغاثة فحسب، بل كانت تجارب فريدة في عوالم الإنسانية... لقد كانت دروساً وعبراً حقيقية، تؤكد حقيقة معنى أن تكون إنساناً! فمن قصصهم تعلّمنا، ومن دموعهم تألّمنا، ومع ضحكاتهم تأمّلنا. ثلاث سنوات وأنا أجد نفسي معهم وبهم، كنت أنتظر على أحرّ من الجمر هاتفاً من «قطر الخيرية» يخبرني بموعد الرحلة، لأحزم حقائبي على الفور ودون تردد، فلطالما وجدت نفسي وذاتي في العمل الإنساني، ولطالما علّمني النشاط الإنساني أن العمل التطوعي كالبحر الثري بالخيرات، لا ينضب مهما أخذْت منه... بل يزيد خيراً على خير. قبل الختام: اِشتقتُ لذاتي كثيراً، وذاتي لا أجدها إلا في العمل الإنساني، هو حاضرٌ حتى ولو بالغياب، وبشكل دائم، وأعيشه مع قصة محمد الذي فقدَ نِعمتَيْ السمع والنطق بسبب قذيفة قصفت منزلهم، أجده في حديث أم ياسر التي فقدت بناتها الأربع، ورغم ذلك تبدو صابرة ومطمئنة، أو في ضحكة عمر ذي الأشهر الخمسة، وفي خصلات شعر مريم الذهبية وعينيها الزرقاوين الجميلتين وبراءة مبسمها مع فقدانها لأرجلها! نعم أجد ذاتي مع قصصهم التي علّمتْني أن الدنيا لا تساوي جناح بعوضة، وأنها دنيا فانية لا مجال فيها للتناحر والتشاحُن والتطاحُن... قصص تجعلنا ندرك نِعم الله الكثيرة والثمينة. لحظة: وأنت تقرأ هذه المقالة، ربما تكون في سريرك الوثير الدافئ أو في مكتبك المكيّف... أو في مركبتك المجهَّزة بأحدث تقنيات ضبط الحرارة، ولكن لا بأس بأن تفكّر بأنه على هذه الأرض وفي مثل هذا الفصل من شتاء كل عام، يواجه إخوانُك النازحون واللاجئون السوريون، الصقيعَ، عزلاً، وقد أصبح دفء البيوت ذكرى بعيدة وعودتهم أمنية مستحيلة، فلنكن عوناً لهم ونوفر لهم دفئاً وسلاماً، لأنه نداءُ الإنسان... لأخيه الإنسان!
اقتربت الساعة وأسفر وجه قطر ضاحكا باسما مستقبلا العالم كله، فهذا هو الوعد الحق الذي قطعته قطر على نفسها، فوفَّت به وعلت، وارتفعت وَسَمَتْ، فهي قطر التي تسمو بروح الأوفياء، إنه ليس وعدا للمتعة والإثارة...
يردد كثيرون «رقم صعب» ويقصدون به الرقم الذي لا يتكرر أبداً أو الرقم القياسي الذي لم يحققه أحد في الماضي وقد يكون صعباً تحقيقه في المستقبل، وهذا ما استطاعت قطر تحقيقه باختصار، ولعل تحقيق الرقم...
في كل صباح عندما أمد بصري في الأفق أكتشف كم هو رحب وممتد هذا الوطن، على صغره جغرافياً.. رَحْبٌ برحابة صدور أهله.. وممتد بامتداد جذور الأخلاق في شرايينه. هي قناعة تامة بمدى تأثر أهل قطر...
كلُّ شيء كان جميلا في تلك الليلة..ليلة السبت الماضي في محميّة أم صلال محمد التراثية..حضورٌ نَيِّرٌ بَهِيّ..نسيمٌ عليل مع اعتدال الطقس يُغريك بشحن رئتيك من هواء وهوى الوطن حتى الامتلاء..قلبي ينبض كما كانت تنبض كلُّ...
على هذه الأرض.. ثمة أماكن وصور تظل تثير في داخلك نفس الإحساس وتحرك فيك نفس المشاعر رغم تبدل هيكلها أو نمطها.. لأنها ببساطة.. خالدة.. مستدامة... مرحبا بكم في عالم المتاحف. إلى يوم الناس هذا وكلما...
قد يبدو العنوان غريباً، ومخالفاً للمنطق.. ولكن بين المنطق والواقع قد تتغير أمور كثيرة. «انتبه أمامك مطب».. جملة من المفروض أن تعترضنا في طريقٍ ما قُبيل وصولنا إلى أحد المطبات؛ هذا إن وُجدت علامة ولوحة...
اليوم، هو الرابع من أكتوبر.. وهو اليوم العالمي للحيوان.. وما أكثر ارتباطَ الإنسان بالحيوان.. بل إنّ هناك الإنسان «الحيوان». بعيدا عن نظرية داروين وما تطرحه من مقاربة علمية حول نشأة الإنسان وتطوره، لا يمكنني قبول...
كم اشتقتُ إليكم قراءَ «العرب» الأعزاء بعد غيابٍ ظرفي في الآونة الأخيرة.. ولذلك أقول لكم «آسَف لهذا الغياب». بالمناسبة، لقد أثارت في داخلي هذه الجملة (نأسف لهذا الأمر) بعض الأفكار..طبعا لا تعتقدون أنني أتحدث عن...
في الحياة، ليس ثمة أجمل من نقاء النفوس والقلوب، فالنقاء غذاء البقاء، ولذلك من المهم أن تكون بيئةُ الإنسان نقية ليحس بقيمة وجوده، وأولها بيئة عمله. نعم، المكان الذي نعمل وسطه يظل-بما فيه من علاقات...
عاد الطلاب، وعادت الروح إلى مدارسنا، وذروة الحركية إلى شوارعنا. ولكن.. أنتم، ماذا حرَّكت فيكم تلك العودةُ، من مشاعر؟؟ لا أخفي عليكم أنني سنويا أعيش هذه اللحظة بشعور خاص، نعم إنه سحر تلك اللحظة المميَّزة،...
سُئل أحدهم: «مَن أسعدُ الناس؟ قال مَن أسعدَ الناس» تذكرتُ تلك الحِكمة ونحن على بعد يومين من الاحتفال باليوم العالمي للانسانية. بالمناسبة.. هل سألت نفسك إذا ما كنت سعيدا؟ وهل أنت سعيد من دون الناس؟...
في البدء، أرجو أن يكون لديكم قليل من الوقت والمزاج لقراءة مقالي هذا. فمشكلة معظمنا اليوم هي الوقت، أليس كذلك؟! لعله الأصل والجِبِلّة في البشر فقد «خُلِق الإنسان من عجل» كما نصت الآية الكريمة. إلا...