alsharq

كتاب العرب

عدد المقالات 117

تعميم الفساد

24 نوفمبر 2019 , 02:35ص

كما رأينا في السنوات الأخيرة، فإن هيمنة حزب شعبوي على المشهد السياسي من شأنها أن تتسبب في حالة استقطاب عميقة بين الناخبين. بل وتؤدي كذلك إلى تآكل النسيج الأخلاقي للحياة السياسية. ونظراً لعدم قدرة الأحزاب التقليدية على هزيمة الشعبويين بالأساليب المعتادة، فقد بدأت في محاكاة أساليب خصومها، ولم تترك للناخبين خياراً سوى تبنّي نظرة تشاؤمية. في العديد من البلدان، بدأ حتى مؤيدو الأحزاب المناهضة للشعبوية -بصورة واعية- في تقبّل السلوكيات المرضية، والمخالفات، وحتى الأعمال غير القانونية من جانب ممثليهم السياسيين المنتخبين. ومن ناحية أخرى، تشعر قوى المعارضة بشكل متزايد بأنها مضطرة إلى استخدام المكيدة والخداع من أجل الفوز؛ اتباعاً لقانون جريشام، الذي ينصّ على أن العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من السوق. نتيجة لذلك، سيجد السياسيون ذوو الضمائر اليقظة أنفسهم في وضع غير مواتٍ. ومع توصّل عدد متزايد من الناخبين إلى قناعة مفادها أنه يجب هزيمة الشعبويين بأساليبهم نفسها، يتعين على أحزاب المعارضة الاختيار بين التمسك بالمعايير الأخلاقية أو إنقاذ الديمقراطية الليبرالية. في ظل هذه الظروف، ليس لدى السياسيين ما يدعو للقلق حيال فقدان ثقة مؤيديهم إذا خالفوا القانون لخدمة الحزب. لكن هذا الوضع يصبّ في صالح الشعبويين الموجودين بالفعل في السلطة؛ لذلك يتمتع حزب القانون والعدالة الحاكم في بولندا وحزب فيدس في المجر بدرجة غير مسبوقة من الحصانة ضد الفضائح السياسية. الأمر الأساسي هنا هو التمييز بين الفساد الموجّه لصالح الحزب والفساد لتحقيق مصلحة فردية؛ ففي بولندا يتغاضى زعيم حزب القانون العدالة ياروسواف كاتشينسكي عن أوجه المحسوبية والفساد المؤسسي الصريح، لكنه يدين أشكالاً أخرى من التعامل ذاتي المنفعة؛ حيث يجري تعيين مسؤولي الحزب بشكل روتيني من قِبل شركات مملوكة للدولة، على أن يكون مفهوماً أنهم سوف يتبرعون بحصة من أرباحهم للحزب. وبحسب ما ورد، فقد سعى كاتشينسكي نفسه إلى إبرام صفقة مع رجل أعمال نمساوي لبناء ناطحات سحاب على أرض مملوكة لشركة مرتبطة بحزب القانون والعدالة. على النقيض من ذلك، عندما كُشف أن رئيسة الوزراء البولندية باتا شيدلو دفعت مكافآت لوزرائها تعادل راتب عشرة أشهر، طالب كاتشينسكي بالتبرع بهذا المال للجمعيات الخيرية ودفع بتشريعات لخفض الرواتب البرلمانية والحكومية العليا. والآن، يجني البرلمانيون البولنديون نحو 1800 يورو (2000 دولار أميركي) راتباً صافياً شهرياً (يجني أعضاء البرلمان الأوروبي حوالي 8800 يورو)، وهذا أمر جيد بالنسبة لصورة الحزب، ولكنه ليس جيداً لمنع الفساد. وفي الآونة الأخيرة، أجبر كاتشينسكي حليفاً سياسياً قديماً، رئيس مجلس النواب ماريك كوتشينسكي، على الاستقالة بعد الكشف عن استخدامه طائرة حكومية في تنقلاته الشخصية. يدرك كاتشينسكي أن أنصار حزب القانون والعدالة سيتقبلون أوجه الفساد «المؤسسي» الذي يفيد الحزب، ولكن ليس الفساد الذي يفيد شخصاً بعينه. فعندما يختلس سياسي أموالاً أو يسيء استخدام الموارد الحكومية (كما فعل كوتشينسكي)، بإمكان الناخبين معرفة أن مثل هذه الأعمال لا تفيدهم؛ لكن عندما يتبيّن أن أحد السياسيين قدّم رشاوى أو منح وظائف يسيرة في مقابل الحصول على تبرعات للحزب، فمن الممكن أن يرى الناخبون كيف يمكن لهذه المعاملات الفاسدة أن تخدم «الصالح العام». منذ فترة قصيرة، نشرتُ بحثاً بالاشتراك مع برزيميسلاف سادورا -الأستاذ بجامعة وارسو- تناول مواقف الناخبين البولنديين قبل شهر واحد من الانتخابات البرلمانية التي جرت في بولندا في الثالث عشر من أكتوبر. وتكشف النتائج التي توصلنا إليها عن مدى سيطرة النظرة التشاؤمية على الناخبين البولنديين.

تداعيات جائحة «كورونا»: مناعة القطيع أم مناعة الضمير؟

كل الدول تسارع في البحث عن سياسات صحية مناسبة لاحتواء جائحة «كورونا»، وفي غمرة البحث هذه يُطرَح سؤال حيوي: هل نحن بحاجة فقط إلى مناعة حيوية (بروتوكول علاجي) أم مناعة ضمير (بروتوكول أخلاقي/ وقائي)؟ الأمر...

هل الصين إمبريالية جديدة؟

خلف هذا السؤال هناك حقيقة ثاوية ومحرجة نوعاً ما، هل نحن أمام إمبريالية جديدة؟ وهل حضور الصين كقوة عالمية اليوم، يرشحها لأن تلعب هذا الدور بدلاً عن الريادة الغربية بقيادة أميركا؟ لكن قبل ذلك، ما...

مرحباً بكم لعالم ما بعد الفيروس (1-2)

نحن نعيش الآن في عالم ما بعد الفيروس، وبالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، فإن العبور لهذا العالم جاء على نحو مفاجئ أي قبل شهر. إن العالم كما عرفناه قبل وصول فيروس كورونا المستجد قد انتهى، ولن...

نظام عالمي جديد أم ما بعد الحضارة الغربية؟

يبدو أن جائحة كورونا قد خلقت وثبة حيوية في الفكر، ترجّح نهاية العولمة الاقتصادية والنموذج النيوليبرالي بكل مظاهر الهيمنة التي تحدد ملامح وجوده، والأمر في اعتقادنا ليس بهذه القدرية المتفائلة، هل يمكن الحديث هنا عن...

فشل سياسات ترمب في احتواء الوباء (2-2)

اقترحت إدارة ترمب تخفيضات في تمويل مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها سنة بعد سنة «10% في عام 2018، 19% في عام 2019»، في أسوأ وقت يمكن تصوره، دعا ترمب في بداية هذا العام إلى خفض...

الولايات المتحدة تحتاج إلى تجنيد الشباب

عندما كنت جندياً شاباً في سلاح مشاة البحرية في فيتنام، خلال فترة اتسمت بانقسام داخلي عميق في أميركا، كان نحو نصف سكان البلاد يقولون إنهم يثقون في إخوانهم الأميركيين، كان ذلك أمراً محبطاً للغاية. واليوم،...

عندما تعطس الصين (1-2)

من الواضح أن الاقتصاد العالمي أُصيب بنزلة برد. كان تفشّي فيروس «كورونا» المستجد (COVID-19) متزامناً بشكل خاص مع مرور دورة الأعمال العالمية بنقطة ضعف واضحة؛ فقد توسّع الناتج العالمي بنحو 2.9% فقط في عام 2019،...

خطة الطوارئ في التصدي لوباء كورونا (1-2)

يسجّل تفشّي فيروس كورونا المستجد «COVID-19» الآن انتشاراً متسارعاً، ومع اقترابه من مستوى الوباء أو الجائحة، بات من المرجّح على نحو متزايد أن يكون تأثيره الاقتصادي شديداً. وإلى جانب استجابات الصحة العامة المكثفة، يتعين على...

قفزة الصين العظيمة نحو الوباء (2-2)

في عام 1958، قرر ماوتسي تونغ أنه من أجل تحقيق التصنيع السريع، يجب أن ينساق القرويون قسراً إلى البلديات، حيث يقومون بأداء مهام صناعية، كانت ستعتمد في مكان آخر على الآلات والمصانع. فعلى سبيل المثال،...

«كورونا».. موضة الحروب الجديدة

اليوم، وأنا أقرأ في الصحف، وأتفقد الأخبار الصادرة من منظمة الصحة العالمية، هناك بعض الأسئلة في الموقع لفتت نظري: السؤال الأول: هل يوجد لقاح ضد فيروس كورونا؟ كانت الإجابة كالتالي: «قد يستغرق الأمر عدة سنوات...

التعايش الناجح بين السينما والأدب: «السينما بين الرواية والسيرة الذاتية: جاك لندن وجيمس فراي نموذجاً»

قبل حوالي نصف قرن، سأل أحد النقاد الفرنسيين «BFI» حول ما إذا كانت السينما قادرة على الوقوف دون أن تتكئ على عكازة الأدب، قفزت هذه العبارة إلى ذهني وأنا أسترجع بعضاً من أفضل الأفلام التي...

قفزة الصين العظيمة نحو الوباء (1-2)

قبل أن يكون العالم على علم بفيروس كورونا الجديد، الذي أثار حالة من الذعر في العالم، لاحظ طبيب العيون في ووهان لي وين ليانج، شيئاً غريباً في عدد من المرضى، إذ بدا وكأنهم أصيبوا بفيروس...