على وين رايحين؟

تحيةً لكم يا أغلى القراء.. نلتقي مجدداً في زاويتي الغالية، والتي اعتبرها من أغلى وأثمن الأشياء على قلبي.. فهلا وغلا بالجميع. أكيد أنكم لاحظتم كم أكثرت من كلمة «غالي» و»أغلى» و»غاليين»، ولكن الأمر ليس صدفة، فكل ما في الأمر أنني أردت أن أواكب الظرف، بالمناسبة لي صديقة هنأْتُها بقدوم مولودة جديدة لها وسألتُها عن اسمها فقالت لي سميتها «غالية» تماشياً مع ارتفاع الأسعار. على فكرة.. اليوم وأنا أركب سيارتي وسالكة طريقي اليومي جاءت على بالي أغنية الفنان المصري الكبير سيد درويش: «استعجبـــــوا يافنديه لتر الجــــــــاز بروبيه» أعجبتكم الأغنية وصرتم تتمتمون بها لا إرادياً بلحنها المعروف؟ جميل هذا من حسن ذوقكم. لن أضيف شيئاً إذا قلت إن الغلاء أصبح ظاهرة وأن الأسعار مسّها الجنون.. ولكنني سأتحدث عن سبب السر الغامض لهذا الصمت المطبق عن تلك الظاهرة، والتعامل الغريب المُريب مع تلك الأساليب التجارية الاستنزافية. نعم، حتى يومنا هذا لا تسمع تصريحاً أو بياناً رسمياً من هنا أو هناك يكشف الأسباب الحقيقية للارتفاع المستمر لأسعار المواد المعروضة في أسواق ومحلات الدولة، وكل ما يمكن أن تسمعه أو تطالعه، إما مجرد تعليقات وتخمينات من صميم مجتمعنا وإما قراءات واستنتاجات لمتابعين للشأن الاقتصادي. ثم، ما سر هذا التعامل الباهت مع ظاهرة الغلاء وجشع كثير من التجار رغم استفحال الظاهرة؟ ولماذا الاكتفاء بتوجيه النصح بتقديم شكاوى هاتفية لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تذر إلا الرماد في العيون؟!. وأيُّ سلاح هذا الذي يعتمد غلق المحلات لخوض حرب تبدو خاسرة منذ البداية لا لشيء إلا لأنّ ذلك السلاح قاصر وغير حاد ولا يقطع دابر الغلاء والجشع. كل محل باتت تفوح منه رائحة الغلاء في مجتمع كمجتمعنا القطري يرتبط كثيراً بالبحر ويتعلق بخيراته، كانت للـ «هامور» مكانة خاصة في عاداتنا الغذائية، أما اليوم فقد غزت الأسواق «هوامير» من نوع آخر، وبعد أن ظل سرطان البحر (القبقب) علامة محببة إلينا، انتشرت «السرطانات» التي أكلت المواطن والتهمت جيبه وتحولت إلى أخطبوط مخيف!، وبين هذا وذاك تظل علكةُ «الإيجار» كالكرة التي يتقاذفها التاجر وصاحب العقار ليصيبوا بها المستهلكَ المسكين. هل بات تحديد لائحة تنظيمية للأسعار يحتاج فعلاً إلى معجزة كي يتحقق على أرض الواقع؟! من المضحكات المبكيات أن أحدهم اعترف لي بأنه صار يمر حذو رواق أنواع الفاكهة في المجمعات التجارية لمجرد أن يسجل «لايك» ويمضي، قبل أن يتركها وفي القلب كثير من الأسى وفي الجيب قليل من الريالات. وقد تتناهى إلى مسامعك بين الحين والآخر رواية من قبيل: «فلوسهم وايد خليهم يدفعوا.. تسافرون درجة أولى وتصرفون فلوسكم بالخارج وفي ديرتكم تشتكون من ارتفاع الأسعار».. ما رأيكم؟. لا أدري لماذا تذكرت أبياتاً شعرية للشاعر السوداني حسن الدابي يقول فيها: «في سمعنا السكر غلا ومن حالنا يا كافي البلا تاجرنا دكانو اتملا والجيب من المليم خلا» آه.. تعالوا.. نسيت أن أقول لكم إنني أردت أن أسترسل في المقالة أكثر.. ولكن لأسباب تقشفية قررت إنهاءه فالحبر على وشك النفاد وسعره قد زاد. وإلى الملتقى يا «غاليين».