


عدد المقالات 84
إن الدعاء والتضرع إلى الله تعالى من أحب الأعمال إلى الله، وهو خير ما أُمضيت فيه الأوقات وصُرفت فيه الأنفاس، وأفضل ما تقرب به العبد إلى ربه سبحانه وتعالى، وهو مفتاح لكل خير يناله العبد في الدنيا والآخرة. فالدعاء من أجل العبادات وأعظمها وهو حق لله سبحانه وتعالى لا يجوز أن يُصرف لغيره، وله مكانة عظيمة في الدين ومنزلة رفيعة فيه، وذلك لما في الدعاء من التضرع وإظهار الضعف والحاجة لله، ولأن العبادة كلما كان القلب فيها حاضراً فهي أفضل وأكمل، والدعاء أقرب العبادات إلى حصول هذا المقصود، والدعاء فيه ملازمة للتوكل والاستعانة بالله، والتوكل هو اعتماد القلب على الله وثقته به في حصول المحبوبات واندفاع المكروهات؛ والنصوص في فضل الدعاء وعظيم شأنه كثيرة لا تحصر، ومما يبين مكانة الدعاء وعلو شأنه قوله تعالى في سورة البقرة: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186]. ولشهر رمضان المبارك خصوصية في الدعاء، فإن الصائم ممن لا ترد دعوته إذا أخلص في صيامه ونصح في عبادته وصدق مع الله، ففي الحديث، قال صلى الله عليه وسلم: ((ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ لَا تُرَدُّ: دَعْوَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ، وَدَعْوَةُ الصَّائِمِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ)). [رواه البيهقي في السنن الكبرى]. وشهرُ رمضان هو شهر الدعاء وشهر الإجابة، وشهر التوبة والقبول، وينبغي على المسلم عندما يدعو أن يكون على حال من الانكسار والاضطرار والانقطاع من الأمل في غير الله، وألا يكون دعاؤه على سبيل التجربة غير الواثقة، فإن الرسول ﷺ يقول: ((ادعُوا الله وأنتُم مُوقِنون بالإجابة، واعلَمُوا أنَّ الله لا يستجيبُ دُعاءً من قلبٍ غافلٍ لاهٍ)) [رواه الترمذي]. والدعاء دليل على التوكل على الله، فسرُّ التوكل وحقيقته هو اعتماد القلب على الله، وفعل الأسباب المأذون بها، وأعظم ما يتجلى هذا المعنى في حال الدعاء، ذلك أن الداعي مستعين بالله، مفوض أمره إليه وحده، وهو وسيلة لعلو الهمة، ذلك أن الداعي يأوي إلى ركن شديد ينزل به حاجاته، ويستعين به في كافة أموره. وكان السلف الصالح (رحمهم الله)، يخصصون لرمضان دعوات، يلحون عليها طيلة شهر رمضان، في السجدات، وأدبار الصلوات، وقبل الإفطار، وعند الإفطار، وفى الأسحار، وكانوا يهتمون برمضان اهتماماً بالغاً، ويحرصون على استغلاله في الطاعات، وكانوا سباقين إلى الخير، وخاصة في مواسم الخيرات، ومضاعفة الحسنات، ولقد ثبت أنهم كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم. فعن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) أنه قال: إني لا أحمل هم الإجابة ولكن هم الدعاء، فإذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه». وعن الحسن البصري رضي الله عنه قال في قوله (عز وجل): {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}، قال: اعملوا وأبشروا، فإنه حق على الله - عز وجل - أن يستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله [أخرجه الطبري]. فإن التماس أوقات الدعاء التي يرجى القبول فيها يجعلها أقرب للإجابة، كوقت الأذان وبين الأذان والإقامة، وفي ثلث الليل الآخر، فينبغي على المؤمن أن يعنى بهذه العبادة، وأن يغنم أوقات هذا الشهر الشريف بالإقبال على الله بالدعاء والسؤال والإلحاح راغباً راهباً، مع العناية بشروط الدعاء وآدابه، راجياً أن يكون من الفائزين بثواب الله العتقاء من النار، فإن لله عتقاء من النار وذلك كلَّ ليلة من ليالي رمضان.
إن من أسباب التمكين أن يهتم العالم الاسلامي بالجانب الاقتصادي، لأن القوة الاقتصادية هي عصب الحياة الدنيا وقوامها، والضعيف فيها يقهر ولا يحسب له حساب إلا في ظل شرع الله حين يحكم، ولذلك ينبغي على...
إن الله تعالى أظهر في سيرة أحسن الملوك -ذي القرنين- (1)، مفاهيم حضارية وجعل في سيرته دروسًا لكل من أراد أن يحكم بالحق والعدل من الحكام في الناس، فأرشد القرآن الكريم عباده إلى ركائز الحضارة...
تسلم سليمان عليه السلام قيادة الدولة القوية التي أسست على الإيمان والتوحيد وتقوى الله تعالى، لقد أوتي سليمان عليه السلام الملك الواسع والسلطان العظيم، بحيث لم يؤت أحد مثلما أوتي، ولكنه أعطى قبل ذلك عطاء...
اهتم عماد الدين زنكي بالجيش اهتماماً كبيراً، وبرز هذا الاهتمام في شكل ووظيفة الدواوين التي كانت تختص بشؤون الجيش والعسكر، وأيضاً في طرق وأساليب عماد الدين زنكي في إدارة المؤسسة العسكرية. 1 ـ الجيش: كانت...
أراد الصِّدِّيق ـ رضي الله عنه ـ أن ينفِّذَ السياسة التي رسمها لدولته، واتَّخذ من الصَّحابة الكرام أعواناً يساعدونه على ذلك، فجعل أبا عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمَّة (وزير الماليَّة) فأسند إليه شؤون بيت...
يقف الإسلام بين الأديان والمذاهب والفلسفات شامخاً متميزاً في هذا المبدأ الذي قرر فيه حرية التدين، فهو يعلنها صريحة لا مواربة فيها ولا التواء، أنه: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ...
إذا كانت الفرقة هي طريق الانحطاط والضعف، فإن الوحدة هي سبيل الارتقاء وتبوؤ المكانة الفاضلة من جديد. إن اتحاد الأمة الإسلامية على أسس ديننا العظيم أمل كل المسلمين الصادقين في كل مكان، ذلك أن الإسلام...
اهتمّ عمرُ بنُ عبد العزيز رحمه الله بتفعيل مبدأ الشورى في خلافته، ومن أقواله في الشورى: «إنَّ المشورةَ والمناظرةَ بابُ رحمةٍ، ومفتاحُ بركةٍ، لا يضلُّ معهما رأيٌ، ولا يفقدُ معهما حزم». وكان أول قرارٍ اتخذه...
ذكر أهل العلم بالتَّواريخ والسِّيَر أنَّ أبا بكرٍ شهد مع النبيِّ (ﷺ) بدراً، والمشاهد كلَّها، ولم يفته منها مشهدٌ، وثبت مع رسول الله يوم أحدٍ حين انهزم الناسُ، ودفع إليه النبيُّ رايته العظمى يوم تبوك،...
بين القرآن الكريم أن داود عليه السلام كان مجاهداً في جيش طالوت، وممن نجحوا في الامتحان العسير الذي قرّر رئيس الجيش أن يخوضه جميع جنوده فسقط من سقط وعبر من عبر، فقد رفع داود عليه...
كان من صفات الصِّدِّيق التي تميَّز بها: الجرأة، والشَّجاعة، فقد كان لا يهاب أحداً في الحقِّ، ولا تأخذه لومة لائم في نصرة دين الله، والعمل له، والدفاع عن رسوله (ﷺ)، فعن عروة بن الزُّبير، قال:...
اسم «الواحد» هو اسم من أسماء الله الحسنى التي تدل على تفرده سبحانه وتعالى بالوحدانية، فهو الواحد الذي لا ثاني له، ولا مثيل ولا نظير، وهو الواحد في ألوهيته، فلا معبود بحق سواه، وهو الواحد...