.. وسيبقى الأمر شورى بيننا

إمارة قطر.. هي دولة مستقلة ذات سيادة فالإمارة هي صورة من صور الدول السياسية، وسميت نسبة إلى من يحكمها وهو «الأمير». وعادة يكون نظام الحكم وراثيا كالنظام الملكي. لغة: تعني الولاية. وتطلق على منصب الأمير، وعلى جزء من الأرض يحكمه الأمير. والأمير هو من يتولى الإمارة، أو من يتولى أمر قوم، وإمْرَتهم. فعن أبي هريرة وأبي سعيد عن رسول الله عليه الصلاة والسلام: «إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم»، وهو يشير إلى أن ولاية الناس من أعظم واجبات الدين، وأن المسلمين لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض، حتى قال صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لثلاثة نفر يكونون بفلاة من الأرض إلا أمروا عليهم أحدهم». والمقصود من الإمارة في الحديث هو معناها الحقيقي من الأمر والنهي، ووجوب الطاعة ما لم يكن الأمر بمعصية. وبهذا تبقى المرجعية التي تتبناها الدولة قائمة على الدين الإسلامي، وكما شهدنا في استشهادات حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى بالنصوص القرآنية بخطابه في مجلس الشورى يوم أمس، ومن بعد الدين يأتي الدستور حيث وصفه سموه بالسياج القانوني، لذا فإن أي تغيير في مرجعية الدستور، لا يقوم إلا على أسس منهجية، وأخذ الفائدة والعبرة من التجارب السابقة، ويكون في سبيل التطور وتلبية طموحات الشعب وتحقيق مصالحها. فيما يتعلق بانتخابات مجلس الشورى، كخطوة كان لابد من اتخاذها، إذ لا يمكن تقييم أية تجربة دون القيام بها واستخلاص النتائج منها، وقد كان. أعضاء مجلس الشورى المنتخبون، أدوا مشكورين أمانتهم ودورهم على أفضل ما يمكن، ولكن تبقى تجربة أولى، وتبقى تحدياتها أكبر، ونعم كان للتنافس بين أفراد البيت الواحد تداعياته على اللحمة الوطنية وعلى الأعراف والتقاليد التي يعرف بها المجتمع القطري. ومن منطلق الإحساس بالمسؤولية والواجب تجاه الوطن والمواطن بما يحقق المصلحة العليا للدولة والتي تتلخص في أهداف الدولة وطموحاتها، وهي تعني بالأساس بقاء الدولة وأمنها الذي يرتكز على مختلف عناصر القوة، ثم يأتي السعي وراء الرفاه والنمو الاقتصادي، وكذلك المحافظة على الثقافة الوطنية. وهنا جاءت المصلحة العليا كما حددها سموه هي (الوحدة الوطنية) التي وصفها بمصدر القوة في مواجهة كل التحديات التي مرت بها الدولة، لذلك جعل الوحدة والتماسك فوق كل اعتبار، مؤكدا -حفظه الله- على مبدأ تعزيز المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات، كأول دافع لهذه التعديلات الدستورية والتشريعية بما يعزز من قيم العدل والمساواة بين المواطنين. وعندما يدور الحديث عن العلاقة الأهلية بين القيادة والشعب في قطر، فهناك قنوات شرعية عديدة مفتوحة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، البرنامج الإذاعي «وطني الحبيب صباح الخير»، بدأ في عهد الأمير الأب الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني -طيب الله ثراه-، وكان يبث عند الساعة السادسة صباحا بطلب منه شخصيا، حتى يتسنى له سماع شكوى أهل قطر ويسارع بحلها منذ أول النهار، واستمر هذا البرنامج في عهد الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني -حفظه الله-، ويذكر القطريون جميعا أنه في يوم ما تحدث في البرنامج معالي رئيس مجلس الوزراء الأسبق الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني -رعاه الله-، ليوضح ملابسات مشكلة الطيارين القطريين، ويتعهد بحلها، ولا يزال هذا البرنامج المتفرد إقليميا بكونه يبث على الهواء مباشرة مستمرا في عهد حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، ولا يقتصر دور هذا البرنامج على تلقي وحل شكاوى الناس، بل إنه يعتبر من أهم مصادر الاطلاع على الواقع، ومن أفواه الناس مباشرة، وبذلك يعد برنامج «وطني الحبيب» خير معين لمجلس الشورى على أداء مهامه، من حيث الرقابة القريبة على أداء السلطة التنفيذية، وإمكانية متابعتها وتقييمها، كما يتيح للمجلس اقتراح القوانين والتوصيات الملائمة للمشاكل القائمة عن بينة، بما يلبي طموحات المواطن ويحقق المنفعة والمصلحة العامة، ويكفل سيادة القانون. فبرنامج «وطني الحبيب» ضرب من ضروب الشفافية، والتقارب، والاستجابات السريعة للمواطنين، هو ديدن العلاقة في دولة قطر بين الشعب والحكومة.. هكذا كان، وسيبقى الأمر شورى بيننا.