


عدد المقالات 43
(1) كنت قبل ليالٍ معدودات أبحث في (دواوين) الشبكة التي تحمل الخير والشر معاً، فوقعت على قصائد في رياضٍ ذات بهجة تسمو بمشاعر الإنسان وتهزّ وجدانه، وهي لحامل لواء الشعر العربيّ في العصر الحديث (محمد مهدي الجواهري). (2) يروي شاعر (العراق الحزين) أنه لما ماتت (أمّ الفرات) قرينة الشاعر العملاق -رحمهما الله- ولم تكن قد تجاوزت عند موتها ربيع العشرينيات من العمر، ومن شدة حزنه عليها يقول إنه سكت عن قول الشعر لمدة سنة كاملة، فألحّ عليه المولعون بشعره أن يعود لسبك القوافي ونظم القصيد، فأنشأ (الجواهريّ الإنسان) قصيدة من أجمل وأعظم ما سمعت في الأدب العربيّ الحديث والقديم، وهي تحكي بعض فلسفته في الشعر وفي الحياة، والقصيدة بعنوان: (أجب أيها القلب). يقول في مطلعها: أُعيذ القوافي زاهياتُ المطالع ِ مزاميرُ عزّافٍ أغاريدُ ساجعِ تكادُ تُحسّ القلبَ بين سطورِها فتــفسحُ بالأردانِ مجرى المدامعِ بَرِمتُ بلومِ اللائمين وقولِهم أأنتَ إلى تغريدةٍ غيرُ راجعِ؟ أأنتَ تركتَ الشعرَ غيرُ مُحاولٍ؟ أم الشعرُ إذ حاولتَ غيرُ مطاوعِ؟ أجبْ أيّها القلبُ الذي لستُ ناطقاً إذا لم أشاوِرْهُ ولستُ بسامِع وحدّث فإنَّ القومَ يدرون ظاهراً وتخفى عليهم خافياتُ الدوافعِ! يظنّون أنّ الشِعرَ قبسةُ قابسٍ متى ما أرادوهُ وسِلعةُ بايعِ! (3) ويا له من أدب! وما أعظمها من لغة! نهل الجواهريّ من معينها العذب كما نهل من قبله فحول الشعراء والأدباء في سائر العصور. يا لها من لغة ثريّة! هي لوحة شوّه سحرها النابض الخلاب كلامٌ من مثل: (إنتا بابا زين! أنا ما فيه زين! بابا كُلــش خراب، كُلــش كشرا مشرا)!. وكلُّ ما عندنا ممّا فوق تراب القيل خرابُ. (4) فلولا (هلّا) كان من الشرفاء من يغار على أدبنا وعلى لغتنا المهجورة المغدورة (مع سابق الإصرار والترصّد من أفرادٍ وجهاتٍ عديدة) تداعَوا على لغة القرآن لينهشوا فيها، كما تداعى الأكلة من الذئاب الجائعة على أسراب من الطيور الهاجعة التي قــصّت أجنحتها (عمداً) بليل السُّكر والعُهر العربيّ، في زمن الخيانة والنذالة والدياثة والهزيمة والعَمالة لصالح كلّ ما هو قادمٌ من أرضٍ أخبرنا ربّنا العليم بذات الصدور في محكم كتابه عن (أربابها) وحدثنا عن فتكهم، وأنذرنا بطشتهم بالنُذر، وجلّا لنا ظاهرهم بالخبر، وكشف (لأهل الحل والربط فينا) عن بواطنهم النتنة الناقعة في العديد والعديد من الآيات والسور! {..لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا} أي لا يدّخرون جُهداً ولا مالاً في إلحاق الفساد بعقولكم وقلوبكم، وفي تخريب مناهجكم، وفي إفساد كل ما من شأنه أن يرتقي وينهض بكم وبدينكم!».. {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ}! فهل نعقل يا أمّة العروبة؟! (5) لكننا قومٌ نقرأ القرآن (إن قرأناه) فقط في رمضان! نقرأه هكذا..هذاً كهذّ الشعر، فلا يحرّك فينا ساكناً، ولا يرفعُهُ، ولا ينصِبُهُ، ولا يَخفِضُهُ، ولا يجزمُهُ، ولا يُعربُهُ (ولا يبنيه لا على ضمٍ) لمعتــقدٍ صالحٍ ناجح وثــاب، (ولا على فتحٍ) لأرضنا المغتصبة المسلوبة بيد الغادر الكذاب، ناهيك عن كون قراءتنا لكتاب الله أن تؤهّـلنا وتشحذ فينا الهمم والعزائم لكسب أرضٍ جديدة لنرفع فيها راية ربّ الأرباب، ولكي يُعبَد ربّنا وحده فيما عمّر سبحانه فوق التراب. (6) نحن نقرأ القرآن.. صحيح! لكن ليس على طريقة (اقرأ وارتقِ ورتّل..) بل على طريقة (اقرأ وانشغل واجهل وجهّل ثمّ ارتحل)!! فإنك مهما قرأت ومهما ترنّمت فطريقك مسدود، مسدود، مسدود!! والسبب واضحٌ مكشوفٌ أيّها الرجال! (7) السبب هو انسداد النفق! {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}. وأقتبسُ: كلا! إنّهم عن كتاب ربّهم في الدنيا لمحجوبون! ثم إنهم صاحَبوا وهادنوا الرّجيم.. (شياطين الغرب)! ثم إنهم ضاجعوا عندهم (خبيثات الحريم)! ثم إنهم أكرعوا في بطونهم مسكرات الخمور! ثم إنهم أوغلوا في خياناتهم من داخل القصور! (8) (ثمّ يُقال لهُم هذه نهاياتكم التي كنتم بها تكَذبون) وانظروا إن شئتم ومدّوا أبصاركم صوب (قاهرة الرئيس) وصوب (صنعاء التعيس) وصوب (دمشق الأسود) وصوب (طرابُلسَ الوعود) وصوب المدعو (لصّ العبيد)! والذي تخافونه لآت، وما أنتم بمعجزين. (9) عودٌ على بدء: (أدبنا ولغة العرب) لو كان للغتنا ولأدبها رجالٌ في الأجيال ينفون عنها غربة نعيش فيها، لا النفس راضية بها ولا المأمولون من قومنا وثبوا! لكن أدب العرب يعيش بيننا لا في وقته، ولا في بيته، ولا مع عشّاقه ممّن هم من ذوّاقه.. وكأني به في أمتنا (خاصة في خليجنا المسمّى بالعربيّ! والذي نعيش فيه كأننا عبارة عن جالية مغمورة استوردها المتحكّم الأميركي تعيش وسط طوفانٍ قادمٍ من أرض الهنود والفلبين والرومان والنيبال والبنجال)! لغتنا لا راعي عليها يغار، ولا قائد بيننا من أجلها يُستـثـار. حال لغتنا وأدبنا العربيّ مثل حال إخوتنا العرب في بلاد الخليج الذين نُطلق عليهم زوراً وبهتاناً لفظ (الأجانب)! بينما الغربيّ بيننا هو للجميع صاحب!! لغتنا في أرض جزيرتها العربية وفي مهبط وحيها ليس لها اليوم ها هنا شافعين ولا صديقٍ حميم! يا لِضَيعتِنا يا أمّة العرب.. لغة آبائكم تستصرخ نخوتكم. ألا شيئاً من الغضب. (10) رسالة الانتماء إلى الأبناء: تذوّقوا أدب العرب وافقهوا لغتكم الجميلة فإنها من دينكم يا أبناء الخليج! فبدون عشق الأدب العربيّ (شعراً ونثراً) لن نصل إلى تدبّر القرآن كما تدبّره المسلمون الأوائل، وبدون اللغة وبدون القرآن لن نكون إلا كما قال الخليفة الراشد: (نحنُ قومٌ أعزّنا الله بهذا الإسلام، ومهما ابتغينا العزّة بغيره أذلــنا الله). قال الجواهريّ (بقيّة السلف من أهل العربيّة الغابرة): (إنا إلى الله) قولٌ يستريحُ به ويستوي فيه من دانوا ومن جحدوا! ولنا لقاء والسلام على لغة العرب المهجورة في (الخليط العربيّ).
عـلى محمل الغوص سنبحر إلى خليج الأمس، ومع هدير الموج المرعد «بالهولو والـ يا مال». المال!! الرجال!! فما قصة «اليامال» ومجازفة الرجال؟؟ وما أدراك ما صنع الرجال في خليجنا العظيم عندما أرخصوا الأرواح؟ ذاك -وربِّ...
يقول الكويتي الرائع سعد المطرفي: مِجالِسِن خمسه بخمسه ولا لِكْ مَحَلْ أربع وعشرين ساعه تَطبَخْ دلالَها!!! ومجالِسِن كُبْرَها كُبراه ما تِندهل حتّى بساس الحواري ما تِعنّى لها؟؟! أرسل يدعوني قريب (في الصدر له منزلة لا...
وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً قديماً قيل: تركتُ هَوى ليلى وسُعْدَى بِمَعزِلِ وعُدتُ إلى تَصحيحِ أوّلِ مَنزِلِ؟؟! فنادَتْ بيَ الأشواقُ مَهلاً فهذِهِ منازلُ من تَهوى رُويدكَ فانْزِلِ غزلتُ لهُمْ...
من طول وتقادم زمان الصمت العربي المريب فإنّ ** في الجراب يا حادينا الجواب في كل يوم ألج مكتبه المتلألئ الأنيق -كما صاحبه البسّام المنيف- ومع كلّ اتصال، وعند كل لقاء.. لا يلقاني أبداً إلا...
في غرة المحرم من هذه السنة، انتبه أهل الإسلام «وعلماؤهم وساستهم» واستيقظوا من رقدة طال أمدها قروناً خلت، وتقادمت عليها الأعوام عقوداً تخلت، ومع بزوغ شمس العام، تدفقت في الأمة دماء الغيرة والإباء، وانفجرت في...
فقدنا يوم الجمعة (8 ذي الحجة 1440هـ) أحد أنقى وأصفى وأصدق وألطف الرجال، إنه العزيز الكريم، ضحوك السن، واسع القلب، الضحّاك جالب السرور وانشراح الصدر لكلّ من عرفه؛ إنه الأستاذ علي بن محمد الكُميت الخيارين،...
(ترى النعمة زوّالة) !! (كثيب رمل مهيل).. حول شواطئ (بحر الخليج).. يتراكم ويموج.. من خلفه الطوفان.. من خلفه السد. من «عودة قلم» الاثنين (21/1/2019) حول «هدر الأموال» وبوهج قبس الكاتبة سهلة آل سعد، لوزيرة الصحة...
تمهيد لا بُدّ منه: تعالى الله ربنا الجليل وتقدس أن «يفهم أمره» في قوله جل جلاله: «وإذَا أَرَدْنَا أَن نُهلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا القَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا»، تعالى الله أنْ يأمرَ الفاسق...
في الغابات نشاهد بقر الوحش والظباء والدوابّ كافة، وقد سخّر الله بعضها بحكمته البالغة لكي تُفترس بالأنياب، ذلك للحفاظ على حياة القطيع وباقي الأنواع، «صُنعَ اللهِ الذي أتقنَ كلّ شيءٍ»، وما يُعرف بـ «دورة الحياة»...
باسم الله مُجريها.. وما أدراك ما أُلهِبت النفس عندما يتعلق البيان بقطر؛ نبض أعصابنا، وتربة آبائنا وأمهاتنا. توهّم الواهمون في «كيانات» فاشلة تعزف على «طبول أساتذة جوفاء» أن قطر صيد يسهل اقتناصه وابتلاعه، بخاصة الذي...
هل إلى «تدبُّر» القرآن من سبيل؟! صح عن النبيّ الأكرم -صلى الله عليه وآله وسلم- قوله: «ألا إن سلعة الله غالية».. وعطاء العظيم بمقدار عظمته وكرمه.. والقرآن العظيم هو أعظم ما امتنّ به العظيم -سبحانه-...
في زمانٍ مضى وتولى كان العربُ -الشرفاءُ منهم، والنبلاء بالأخص، وأصحاب الزعامة والوجاهة- يأنفون من الكذب ويستقبحونهُ أشدّ القبح، ويعدّونهُ من خوارم المروءات التي يُعيّرُ بها المرء إنْ أُثرَ عنه أنه أحدثَ كذبة!! فلا يزال...