


عدد المقالات 336
يشهد العراق هذه الأيام حراكا فوق الأرض وآخر تحت الأرض بطريقة غير معهودة وغير مسبوقة. فوق الأرض هناك تحولات كبيرة وسريعة منها: أولا: خسارة تنظيم الدولة (داعش) لمركز محافظة الأنبار، وهي المحافظة الأهم بثقلها العشائري، وقربها من العاصمة بغداد، ومساحتها الممتدة باتجاه الحدود السعودية والأردنية والسورية، واللافت هنا أنه لم تحصل معركة حقيقية بالصورة التي كانت متوقعة، ولم يسقط من الفريقين إلا العدد القليل الذي لا يناسب هدفا استراتيجيا بهذا الحجم، وكأن التنظيم كان مقرا بالهزيمة قبل بدء المعركة لكنه أراد أن يحتفظ بشيء مما تبقى من سمعته القتالية لا أكثر، وهذا الموقف يذكّر بسرعة تخلّي التنظيم عن المناطق التي سيطر عليها سابقا في محافظة ديالى ثمّ تركها للميليشيات، وتجنبه للدخول في مناطق أخرى على أهميتها وحساسيتها البالغة مثل مدينة سامراء، ما يؤكّد وجود خارطة مرسومة لتحركاته. ثانيا: غياب دور الميليشيات كالعصائب وحزب الله من معارك الأنبار وكثير من نقاط التماس مع (داعش)، واختيارها لمناطق أخرى كما حصل في المقدادية، وهي المدينة الهادئة والمسالمة والخالية من أي أعمال مسلحة، في محاولة لفرض واقع جديد، ولإثبات أن هذه الميليشيات ما زالت موجودة وقادرة على أن تفعل شيئا ما، لكن الواقع أن مساحة التحرك لهذه الميليشيات قد حُددت تماما كما هو الشأن بالنسبة لداعش. ثالثا: بروز دور قوي وفاعل لعشائر الأنبار، وفتح الباب لانخراطهم في المؤسسات العسكرية والأمنية أسهم بشكل واضح بطرد داعش أو انسحابها من مركز المحافظة، وهي التجربة التي قد تتكرر قريبا في الموصل. رابعا: تراجع دور المرجعيات واللافتات الدينية في الساحتين الشيعية والسنّية، فممثل السيستاني يحتجب عن إلقاء خطبة الجمعة! والمظاهرات الشعبية في المحافظات الجنوبية تكاد تخلو تماما من أي شعار ديني، بل هناك احتجاج واضح على إقحام الدين بالسياسة وتقلد رجال الدين للمناصب الحكومية، أما في الساحة السنّية فمن الملاحظ أيضا غياب (العمائم البيضاء) عن ساحات الصراع والصدام، والاكتفاء ببعض التعليقات والبيانات والتي يأتي أغلبها من الخارج، على خلاف ما كانت عليه الأوضاع أيام المقاومة وأيام الحراك، وهذا الغياب أو التغييب يبدو أنه هدف مشترك بين (داعش) و (ماعش)! أما العشائر التي تمسك الآن بالأرض في الرمادي وحديثة وعامريّة الفلوجة وغيرها والتي تستعد للتوسّع فيبدو أنها لم تعد منشغلة كثيرا بالفتاوى والمجادلات الدينية (مع أو ضد)، بمعنى أنهم من الناحية العملية قد تجاوزوا هذا الخطاب عن أية جهة صدر، وبأية صيغة جاء. خامسا: دخول قوى إقليمية (عربية وإسلامية) كبيرة بعد أن بقيت إيران متفردة بالساحة لعقد أو يزيد، فعاصفة الحزم والأمل التي تقودها السعودية في اليمن قد وصل غبارها إلى العراق وإن بلافتة أخرى وعنوان آخر، ودخول الجيش التركي في الموصل لن يكتفي أبداً بهذا النشاط المحدود، فمن المتوقع أن يكون لهذه القوة دورها في بناء (الحشد الموصلّي) الذي يجري الإعداد له على قدم وساق، وإذا كان كثير من العراقيين يتطلعون إلى الدور التركي لإحداث قدر من التوازن المطلوب، فإن تطلعهم إلى الدور السعودي أعمق بكثير لما تعنيه لهم السعودية دينيا وقوميا وعشائريا.
هناك من يردد سؤالاً آخر مؤدّاه، ماذا نفعل إذا وجدنا في البخاري ما يعارض القرآن الكريم، أو يعارض العقل؟ وهذا السؤال بدأ يتردد مع هذه الموجة كجزء من حملة التشويه ومحاولة النيل من مكانة البخاري...
المسألة ليست مسألة تقديس للبخاري، ولو كانت المسألة كذلك لاتجه الناس إلى موطّأ الإمام مالك إمام دار الهجرة، أو مسند ابن حنبل إمام أهل السنّة، بل لقدّسوا مرويّات البخاري نفسه في كتبه الأخرى، فالمسألة عند...
إن هذا الاضطراب والتخبّط لدى هؤلاء يكشف أيضاً عن جهل عريض في أصول هذه العلوم ومبادئها الأولية، ولذلك لا ترى هذا الطعن إلا منهم ومن أمثالهم، ممن لا علم لهم بالسنّة وعلومها. إن علماء السنّة...
يتعرض صحيح البخاري هذه الأيام لحملة من التشكيك وإثارة الشبهات، مع حالة من الغموض بالنسبة لدوافعها وغاياتها، والعلاقات التي تجمع بين أصحابها، الذين كأنهم تفرّغوا اليوم أو فُرّغوا لهذه المهمة. هؤلاء بالعموم لم يُعرف عنهم...
لست أهوّن أبداً من مشروعية الغضب في مثل هذه الصدمات، بل أعتبر هذا دليلاً على حياة الأمة واعتزازها بهويتها وبذاتها، وبالعنوان الكبير الذي يجمعها، رغم محاولات تغييبها وتجزئتها، فحينما أرى شاباً عربياً أو تركياً أو...
قبل ثلاثين سنة، استبشر التيار الإسلامي بالانقلاب الذي قاده الرئيس عمر حسن البشير، وتصاعدت الآمال بالنموذج المرتقب للحكم الإسلامي المعاصر، وصار الناس يتداولون الأخبار والقصص عن زهد الرئيس البشير وتواضعه وحكمته، حتى سمعت من أحد...
بقرار من وزارة التعليم في دولة قطر، تشكلت لجنة من الكفاءات العالية لمراجعة وثيقة المعايير المتعلقة بمناهج التربية الإسلامية. وقد جاء القرار بحد ذاته ليعكس رؤية عميقة وواعدة يمكن تلخيصها في الآتي: أولاً: الاهتمام الخاص...
إن الحكم الوراثي السلالي كان جزءاً من ثقافة العرب عموماً، فإذا مات شيخ القبيلة ورثه ابنه، فإن لم يتهيّأ كان أقرب الناس إليه، ودول العالم المجاور للجزيرة -على الأقل- لم تكن تعرف غير هذا، وحينما...
من الغريب جداً أن «المتنورين» بروح العصر وقيمه وثقافته، يجعلون معيار الحكم على تلك المرحلة معياراً مستنداً بالأساس إلى روح «القداسة» أو قداسة «الروح»، فمرة يحدّثونك عن جريمة الخروج على الإمام علي، بمحاكمة أحادية الجانب،...
التاريخ بكل تأكيد لا تصنعه الملائكة، وإنما هو صناعة بشرية بأحداثه ومواقفه ورواياته وتدويناته وتحليلاته واستنتاجاته ومصادره، إلا ما ورد منه بآية قرآنية أو حديث صحيح. هذه المقدمة -التي ينبغي ألا نختلف فيها- تفتح باباً...
تستغل الباطنية اليوم حالة الضعف العام الذي تمر به الأمة سياسياً واقتصادياً وثقافياً، وما يصاحبها من تفكك واضطراب في المنظومة القيمية والعقدية الجامعة، وتراجع مستويات التعليم الديني، وعجز المؤسسات الشرعية والجماعات الإسلامية عن مواجهة التحديات...
الباطنية مذاهب مختلفة، يجمعها اعتقاد باطن للقرآن يخالف ظاهره، وأن هذا الباطن هو مراد الله تعالى، والمقصد من هذا إنما هو تحريف العقيدة وإبطال الشريعة، وإشاعة الشك والفوضى، وتبديل الأحكام الواضحة بمفاهيم عائمة لا تحق...