


عدد المقالات 307
لفت المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة، بعد صمت أربعة أشهر منذ استقالته، إلى أن هذه الاستقالة كانت قراراً متأخراً. هو لم يقل ذلك، لكن تركيزه على الإحباط الذي سبّبه هجوم خليفة حفتر على طرابلس في الرابع من أبريل 2019 يفسّر تخلّيه عن مهمته. والأرجح أنه تأخّر في إعلانه فقط لتجريب فرصة أخيرة بناءً على إلحاح وتمنٍّ من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وبعدما انخرطت دول عديدة في اتصالات هدفها وقف إطلاق النار ومحاولة إحياء العملية التفاوضية، ثم لاحت المبادرة الألمانية التي تميّزت بمقدار مهم من الجدّية، فراح سلامة يراهن عليها، رغم المماطلة والعراقيل التي فُرضت عليها، وكان له دور رئيسي في صوغ قرارات «مؤتمر برلين» الذي تبنّى خطّته للمسارات الثلاثة؛ العسكرية والسياسية والاقتصادية. قبل أقل من أسبوع على الهجوم على طرابلس كان المبعوث الأممي بالغ التفاؤل، خلال وجوده في تونس؛ إذ عُقد على هامش القمة العربية آنذاك (أواخر مارس 2019) اجتماع أممي - أوروبي - عربي، لمناقشة تطوّرات الأزمة الليبية وساده جوّ تفاؤلي أيضاً بأن المؤتمر الوطني الجامع الذي يمكن أن ينعقد في مدينة غدامس في غضون أسابيع قليلة. كان مردّ هذا التفاؤل إلى أن المبعوث الأممي سلامة استطاع قبل ذلك أن يجمع حفتر ورئيس حكومة الوفاق فايز السراج في أبو ظبي، وأن يحصل على توافقهما على خطوط عريضة متقدّمة لكيفية تقاسم السلطة. بدا ذلك تتويجاً لجهود أممية استمرت نحو عامين، كما بدت الطريق إلى مؤتمر غدامس ممهّدة، خصوصاً أن سلامة لم يكن يسمع سوى عبارات الدعم والتشجيع، لكنه يقول الآن إنه «طُعن في الظهر» من غالبية دول مجلس الأمن ومواقفها ليس فقط بـ «دعمها» الهجوم على طرابلس، بل أيضاً بـ «تآمرها» لمنع انعقاد مؤتمر غدامس. بين ذلك الهجوم و»مؤتمر برلين»، تغيّرت المواقف الدولية. انقلبت واشنطن على حفتر لأنه تجاوز خطّها الأحمر بإقحامه روسيا إلى الصراع، وتخلّى الموقف الأميركي عن الغموض، سواء باستقبال وفد من طرابلس، ثَمّ بموافقة ضمنية على التدخّل التركي بناءً على اتفاق مع حكومة السراج، ومع الغطاء الأميركي توفّر عملياً غطاء أطلسي. ما هي إلا أسابيع حتى تغيّرت موازين القوى وتبدّلت المعادلة الميدانية، إلى أن بلغت خط سرت - الجفرة الذي بات تماساً يعتبر الجميع أنه ربما يحسّن التوقف عنده لئلا يستدعي الصراع تدخّلاً روسياً أوسع وتدخّلاً مصرياً مباشراً واحتمال تدخّل أطلسي صريح يتجاوز الدور التركي. الأهم في هذه المرحلة أن الصراع بات دولياً بحتاً، ولو بأدوات محلية واتهامات متبادلة باستقدام مرتزقة. خط سرت - الجفرة «الأحمر» يمتحن حالياً مقولة أن الحل في ليبيا «سياسي وليس عسكرياً»، فـ «العسكري» يعكس الانقسامات الدولية القائمة والمستمرّة، سواء حُسم أم لم يُحسم، أما «السياسي» فيفترض توافقاً دولياً ليس متاحاً ولن يكون. وبالتالي فإن ما طمح إليه كل مبعوث دولي، وليس غسان سلامة وحده، لم ولن يتوفّر لإنجاح أي مسعى أممي. في انتظار اتضاح وجهة المرحلة التالية، يتأخّر تعيين مبعوث جديد لئلا يغرق في النظام الدولي «المتضعضع تماماً»، كما وصفه سلامة. فالقوى الدولية تريد للأمم المتحدة أن تشرف على حلّ الصراع لكن تدخّلاتها أفشلت هذا الدور، فعدم التوافق الدولي حافز دائم لعدم التوافق الداخلي.
في جلسة مجلس الأمن، الأربعاء الماضي، قيل الكلام الأخطر والأسوأ للتحذير من جريمة إسرائيلية يجري ارتكابها علناً. إذا كان هذا المجلس بمثابة مرجع «قضائي»، باعتبار أن الشعوب تشكو إليه ما تعتبره مظلمة تقع بها، أو...
هل كانت شهادة جون بولتون لتغيّر كثيراً في محاولة تنحية دونالد ترمب؟ يحاول مستشار الأمن القومي السابق الإجابة في مذكراته عن الفترة التي أمضاها في المنصب، المفارقة من جهة أن بولتون يصف رئيسه بأنه غير...
فجأة تحوّلت التماثيل والنصب التذكارية من معالم تاريخية ومفاخر تاريخية وجواذب سياحية، إلى رموز خزي وعار وموضع إدانة ومساءلة، أصبحت آيلة للإزالة ليس من أمام الأنظار فحسب، بل أيضاً من الذاكرة والسجلات، وحتى من التعليم...
لم يخطئ دونالد ترمب أبداً بالنسبة إلى معاييره الشخصية، حتى في مقاربته لواقعة مصوّرة، مثل قتل الشرطي الأبيض ديريك شوفين المواطن الأسود جورج فلويد؛ إذ أذهل الرئيس الأميركي مواطنيه جميعاً بتعامله الفظّ مع ردود الفعل...
ما يظهر على السطح رفضٌ واستنكارٌ دولي لعملية ضم إسرائيل 30 % من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية. ما يحدث تحت السطح أن حكومة الائتلاف اليميني باشرت إجراءات الضمّ هذه على الأرض، ولا تنتظر الموعد...
وسط عشرات المسلسلات الدرامية في الموسم الرمضاني، وسوادها الأعظم رديء، كان من الطبيعي أن يبرز واحدٌ من خارج السباق، ومن الواقع المعاش لا من قصص متخيّلة أو مقتبسة. أُعطي أسماء عدة، لكن أفضلها كان «صراع...
لكي يخرق وزير الخارجية الأميركي الحظر «الكوروني» ويسافر إلى إسرائيل، ذهاباً وإياباً من دون توقّف، لا بدّ أن ثمّة شديداً قوياً يتطلّب ضبطاً، رغم أن طبيعة العلاقة بين إدارة دونالد ترمب وبنيامين نتنياهو لا تعاني...
مع رئيس الوزراء الجديد يفتح العراق صفحة غير مسبوقة، منذ سقوط النظام السابق، ذاك أن مصطفى الكاظمي لا ينتمي إلى أي حزب عقائدي ديني، كما كان أسلافه إبراهيم الجعفري، ونوري المالكي، وحيدر العبادي، وعادل عبد...
السؤال مطروح غرباً وشرقاً، سواء باسترشاد ما يُعتقد أن مكافحة الصين لوباء «كورونا» كانت نمطاً نموذجياً لم يتمكّن العالم الغربي من اتباعه، ولذا فقد تبوأ المراتب الأولى في أعداد الإصابات والوفيات، أو ما يمكن أن...
ملامح كثيرة للتغييرات المقبلة بدأت تتراءى أمام العيون وفي المخيّلات وفي دروس المحنة الفيروسية على كل المستويات الفردية والجماعية، بغضّ النظر عما إذا عانى الشخص أو لم يعانِ فقداً في عائلته أو صداقاته، وعن مدى...
لن تختلف تقديرات الخسائر كثيراً في حال «كورونا» عما هي في أي حرب عالمية. ولا يمكن توجيه اللوم لجهة أو لأحد بالنسبة إلى الوباء، رغم أن الانفعالات اندفعت هنا وهناك إلى مزالق سياسية وعنصرية شتّى،...
كان الشيء الوحيد الذي لم يستطع دونالد ترمب تقديمه إلى صديقه بنيامين نتنياهو أن يوقف الملاحقة القضائية له بتهم الفساد. قبل الانتخابات الأولى في أبريل الماضي أهدى إليه هضبة الجولان السورية المحتلة، ولم تكن كافية...