


عدد المقالات 307
فجأة تحوّلت التماثيل والنصب التذكارية من معالم تاريخية ومفاخر تاريخية وجواذب سياحية، إلى رموز خزي وعار وموضع إدانة ومساءلة، أصبحت آيلة للإزالة ليس من أمام الأنظار فحسب، بل أيضاً من الذاكرة والسجلات، وحتى من التعليم والثقافة، لم يتطلّب الأمر أكثر من إنزال لتمثال واحد في بريطانيا، استطاعت حملة «حياة السود مهمة» أن تتصيّده في مدينة بريستول، حتى أُخضعت عشرات كثيرة من التماثيل لـ «مراجعة» تجريها البلديات وتقرّر مصيرها، فيما نأت الحكومة بنفسها، رغم أن غالبية الشخصيات «المخلّدة» المذمومة تنتمي إلى حزب المحافظين، وبينهم رؤساء حكومة مثل وليام جلادستون وروبرت بيل اللذين كانا مدافعين عن العبودية والاستعمار، وصولاً إلى ونستون تشرشل بطل الحرب العالمية الثانية، إذ كانت لديه آراء استعمارية، إذ وُضع هؤلاء جميعاً في سلّة واحدة مع كبار تجار العبيد، من إدوارد كولستون إلى سيسيل رودس الذي خلع اسمه على بلدين إفريقيين «روديسيا الشمالية والجنوبية اللتين أصبحتا لاحقاً زامبيا وزيمبابوي». لم تتأخر التحليلات التي تخلص إلى أن موجة الاحتجاجات ضد العنصرية، بعد مقتل المواطن الأميركي الأسود جورج فلويد اختناقاً تحت ركبة شرطي أبيض، أحدثت «ثورة ثقافية»، فعلى الجانب الآخر من الأطلسي قُطع رأس تمثال كريستوفر كولومبوس، وتعرض آخر للتخريب في ميامي، ورُمي ثالث في بحيرة في فيرجينيا، واعتُبر مكتشف أميركا مسؤولاً عن فتح القارة لتجار الرقيق. وتدور معركة حول تشريع يدرسه الكونجرس ويرفضه دونالد ترمب، وقد يستخدم حق «الفيتو» ضدّه لأنه يقضي بتغيير أسماء منشآت عسكرية تحمل أسماء قادة عسكريين جنوبيين خلال الحرب الأهلية «1861-1865» كانوا من المدافعين عن نظام العبودية، ولأن المسألة باتت تظلّل المنافسة بين الحزبين وحملة الانتخابات الرئاسية، فقد طالبت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي بإزالة 11 تمثالاً لعسكريين ومسؤولين «كونفيدراليين» -انفصاليين رفضوا تحرير الزنوج- من مبنى الكابيتول، فيما يهاجم حزبها -الديمقراطي- اختيار ترمب «يوم اللا حرية» لإقامة مهرجان انتخابي في تولسا، المدينة التي اشتهرت بوقوع مذبحة عنصرية فيها عام 1921. يرى باحثون اجتماعيون أن الحملة المناهضة للعنصرية انطلقت هذه المرة من مستويات غضب وتعبير ومطالب غير مسبوقة، ذهب بعض منهم إلى أن الحملة تأثّرت أيضاً بـ «المراجعات» الذاتية والجماعية التي حصلت في سياق مواجهة وباء «كورونا» بالاعتزال المنزلي، لتطرح نوعاً من المراجعة التصحيحية للتاريخ، فالمجتمعات اختزنت حنقها على الحكومات، وبالأخص منها تلك التي انكشف تقصيرها «الولايات المتحدة وبريطانيا» في مكافحة تفشّي الفيروس، وما أن طرأ الحادث العنصري في مينيابوليس حتى انفجر غضبها وبدت جاهزة للتفاعل معه سريعاً وفي العمق، ورغم أن استهداف التماثيل أو تغيير أسماء المعالم ليسا جديدين، بل كانا محور مطالبات دائمة ما لبثت أن قفزت إلى الواجهة ووضعت على محك التطبيق. يقال أيضاً إن ثمة تغييراً في الذهنيات، لكنه يحصل لدى المحتجّين الناقمين، وليس ملموساً في الحكم وسياساته، هذه المرّة لم يكتفِ الشارع بإشهار استنكاره واقعة مقتل فلويد، بل جاء غضبه سيلاً جارفاً آخذاً في طريقه الخيط الرابط بين الماضي والحاضر، بين الاستعمار ونظامَي العبودية والعنصرية، بدليل تلك الشواهد «التماثيل» التي تمجّدها، وفي مختلف الأماكن اتخذ الاحتجاج منحى «يسارياً»/ليبرالياً، لذلك لن يتأخر رد الفعل اليميني/ الشعبوي عن مواجهته، لكن السؤال الأهم يتناول مئات النصوص التي كرّست -بالمعاهدات والقوانين- نهاية الاستعمار والعبودية والعنصرية، ومن يصدّق أن حبرها قد أزالها فعلاً من العقول والنفوس؟
لفت المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة، بعد صمت أربعة أشهر منذ استقالته، إلى أن هذه الاستقالة كانت قراراً متأخراً. هو لم يقل ذلك، لكن تركيزه على الإحباط الذي سبّبه هجوم خليفة حفتر على...
في جلسة مجلس الأمن، الأربعاء الماضي، قيل الكلام الأخطر والأسوأ للتحذير من جريمة إسرائيلية يجري ارتكابها علناً. إذا كان هذا المجلس بمثابة مرجع «قضائي»، باعتبار أن الشعوب تشكو إليه ما تعتبره مظلمة تقع بها، أو...
هل كانت شهادة جون بولتون لتغيّر كثيراً في محاولة تنحية دونالد ترمب؟ يحاول مستشار الأمن القومي السابق الإجابة في مذكراته عن الفترة التي أمضاها في المنصب، المفارقة من جهة أن بولتون يصف رئيسه بأنه غير...
لم يخطئ دونالد ترمب أبداً بالنسبة إلى معاييره الشخصية، حتى في مقاربته لواقعة مصوّرة، مثل قتل الشرطي الأبيض ديريك شوفين المواطن الأسود جورج فلويد؛ إذ أذهل الرئيس الأميركي مواطنيه جميعاً بتعامله الفظّ مع ردود الفعل...
ما يظهر على السطح رفضٌ واستنكارٌ دولي لعملية ضم إسرائيل 30 % من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية. ما يحدث تحت السطح أن حكومة الائتلاف اليميني باشرت إجراءات الضمّ هذه على الأرض، ولا تنتظر الموعد...
وسط عشرات المسلسلات الدرامية في الموسم الرمضاني، وسوادها الأعظم رديء، كان من الطبيعي أن يبرز واحدٌ من خارج السباق، ومن الواقع المعاش لا من قصص متخيّلة أو مقتبسة. أُعطي أسماء عدة، لكن أفضلها كان «صراع...
لكي يخرق وزير الخارجية الأميركي الحظر «الكوروني» ويسافر إلى إسرائيل، ذهاباً وإياباً من دون توقّف، لا بدّ أن ثمّة شديداً قوياً يتطلّب ضبطاً، رغم أن طبيعة العلاقة بين إدارة دونالد ترمب وبنيامين نتنياهو لا تعاني...
مع رئيس الوزراء الجديد يفتح العراق صفحة غير مسبوقة، منذ سقوط النظام السابق، ذاك أن مصطفى الكاظمي لا ينتمي إلى أي حزب عقائدي ديني، كما كان أسلافه إبراهيم الجعفري، ونوري المالكي، وحيدر العبادي، وعادل عبد...
السؤال مطروح غرباً وشرقاً، سواء باسترشاد ما يُعتقد أن مكافحة الصين لوباء «كورونا» كانت نمطاً نموذجياً لم يتمكّن العالم الغربي من اتباعه، ولذا فقد تبوأ المراتب الأولى في أعداد الإصابات والوفيات، أو ما يمكن أن...
ملامح كثيرة للتغييرات المقبلة بدأت تتراءى أمام العيون وفي المخيّلات وفي دروس المحنة الفيروسية على كل المستويات الفردية والجماعية، بغضّ النظر عما إذا عانى الشخص أو لم يعانِ فقداً في عائلته أو صداقاته، وعن مدى...
لن تختلف تقديرات الخسائر كثيراً في حال «كورونا» عما هي في أي حرب عالمية. ولا يمكن توجيه اللوم لجهة أو لأحد بالنسبة إلى الوباء، رغم أن الانفعالات اندفعت هنا وهناك إلى مزالق سياسية وعنصرية شتّى،...
كان الشيء الوحيد الذي لم يستطع دونالد ترمب تقديمه إلى صديقه بنيامين نتنياهو أن يوقف الملاحقة القضائية له بتهم الفساد. قبل الانتخابات الأولى في أبريل الماضي أهدى إليه هضبة الجولان السورية المحتلة، ولم تكن كافية...