


عدد المقالات 307
في جلسة مجلس الأمن، الأربعاء الماضي، قيل الكلام الأخطر والأسوأ للتحذير من جريمة إسرائيلية يجري ارتكابها علناً. إذا كان هذا المجلس بمثابة مرجع «قضائي»، باعتبار أن الشعوب تشكو إليه ما تعتبره مظلمة تقع بها، أو تلجأ إليه الدول ليبتّ في خلافاتٍ بينها، فإن الكلام الكثير كان لتغطية حقيقة أن مجلس الأمن ليس قادراً على أي فعل حيال واقعة ما يُسمّى «ضمّ أراضٍ»، وهو في الواقع وبالمعنى الجنائي «سرقة أراضٍ»، وهو «استيلاء على أرض الغير بالقوة»، وفقاً لميثاق الأمم المتحدة الذي يستهلّ مصطلحه بـ «لا يجوز». قيل للجهة الشاكية، المجموعة العربية، إن الخطوة الإسرائيلية تنتهك القانون الدولي، لكن مجلس الأمن المفترض أنه يحرس ذلك القانون لا يستطيع منعها، وكل قرار يحاول إصداره، حتى لو نال الغالبية، سيكون معطّلاً سلفاً بالفيتو الأميركي. لا جديد في أن النظام الدولي مغلق ومعطّل، هذا ما اختبره الشعب الفلسطيني طوال عقود، وتبعته شعوب أخرى عربية وغير عربية، يتساوى في ذلك أن يكون هناك نوع من التهدئة والتهادن بين الدول الكبرى، أو وضع صراعي انقسامي حاد، كما هو اليوم. تكثر الدعوات إلى «إصلاح» هذا النظام أو حتى إلى «نظام جديد»، لكن من سيُصلح؟ ومَن سيصنع الجديد طالما أن الولايات المتحدة تتحكّم بالنظام المالي والاقتصادات والسياسات؟ فحين تكون لها الغلبة لا تصنع سلاماً تستطيعه، وحين لا تكون لها الغلبة تخرّب أي سلام يستطيعه سواها. الأمر يشبه إلى حدٍّ كبير دعوة أي ديكتاتور مزمن إلى قيادة إصلاحات في بلاده، مع إبلاغه أن أي إصلاح «حقيقي» كفيل بإطاحته. الواقع الدولي تجاوز بتدهوره كل احتمال لـ «إصلاح النظام»، وأصبحت عمليات الضمّ والاستيلاء والسطو هي السائدة. وإذا كان لا أمل يرتجى من أميركا، فإن التدقيق في ممارسات الدول الأخرى، خصوصاً روسيا والصين، يجرّد دعواتها الإصلاحية من أية مصداقية، وينطبق ذلك على «الدول العظمى الإقليمية» كما باتت تصنّف. خذوا حال العالم العربي كنموذج لتظهير الحقائق، فهو يتعرّض لكل أنواع التهميش والاستضعاف والإذلال من قوى دولية وإقليمية، وأصبح مُزَعزعاً استقرارياً واستراتيجياً، وإلا لكانت إدارة دونالد ترمب وإسرائيل حسبتا له حساباً قبل أن تتفقا على تصفية القضية الفلسطينية، لكن ما أخذتاه في الاعتبار أنه مستعدّ لمساومات وأضعف من أن يعترض على سياساتهما أو يعطّل أيّاً من جرائمهما. لم يكترث الثنائي ترمب - نتنياهو بمدى «قانونية» «صفقة القرن»، بل بإمكانات التطبيق والجوانب الأمنية، وردّ العسكر الإسرائيليون بأن الخطط جاهزة لـ «خنق الفلسطينيين»، ولا يتوقّعون أي تدخّل أو إزعاج عربيين. استغرق الأمر اثنتين وسبعين عاماً لنسف المبادئ والمفاهيم والقوانين نهائياً بالنسبة إلى شعب فلسطين وقضيته، وأصبح خياره الآن بين «دولة واحدة» ترفضها إسرائيل ولا تريد إعطاء الفلسطيني مواطنتها، وبين دعوة إسرائيل إلى تحمّل مسؤوليتها كـ «دولة احتلال»، لكنها لم تعترف سابقاً، لا بعد 1948 ولا بعد 1967، بأية معاهدة دولية تضبط سلوكها كسلطة احتلال. وإذ يتخذ العرب من انشغالاتهم الداخلية وإرباكاتهم الإقليمية الحالية مبرّراً للاستهانة بما تشهده «قضيتهم»، التي لم تعد «مركزية»، أو وسيلة لحماية مصالحهم، فإنهم في الوقت نفسه معرّضون لخسارة تلك المصالح، ولن يضمنوا أن ضياع «قضيتهم» لن يرتد عليهم، ذاك أن صمتهم إزاء الاستيلاء على الأراضي سيكون مساهمة منهم في «شرعنته» وإتاحته لأي طرف.
لفت المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة، بعد صمت أربعة أشهر منذ استقالته، إلى أن هذه الاستقالة كانت قراراً متأخراً. هو لم يقل ذلك، لكن تركيزه على الإحباط الذي سبّبه هجوم خليفة حفتر على...
هل كانت شهادة جون بولتون لتغيّر كثيراً في محاولة تنحية دونالد ترمب؟ يحاول مستشار الأمن القومي السابق الإجابة في مذكراته عن الفترة التي أمضاها في المنصب، المفارقة من جهة أن بولتون يصف رئيسه بأنه غير...
فجأة تحوّلت التماثيل والنصب التذكارية من معالم تاريخية ومفاخر تاريخية وجواذب سياحية، إلى رموز خزي وعار وموضع إدانة ومساءلة، أصبحت آيلة للإزالة ليس من أمام الأنظار فحسب، بل أيضاً من الذاكرة والسجلات، وحتى من التعليم...
لم يخطئ دونالد ترمب أبداً بالنسبة إلى معاييره الشخصية، حتى في مقاربته لواقعة مصوّرة، مثل قتل الشرطي الأبيض ديريك شوفين المواطن الأسود جورج فلويد؛ إذ أذهل الرئيس الأميركي مواطنيه جميعاً بتعامله الفظّ مع ردود الفعل...
ما يظهر على السطح رفضٌ واستنكارٌ دولي لعملية ضم إسرائيل 30 % من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية. ما يحدث تحت السطح أن حكومة الائتلاف اليميني باشرت إجراءات الضمّ هذه على الأرض، ولا تنتظر الموعد...
وسط عشرات المسلسلات الدرامية في الموسم الرمضاني، وسوادها الأعظم رديء، كان من الطبيعي أن يبرز واحدٌ من خارج السباق، ومن الواقع المعاش لا من قصص متخيّلة أو مقتبسة. أُعطي أسماء عدة، لكن أفضلها كان «صراع...
لكي يخرق وزير الخارجية الأميركي الحظر «الكوروني» ويسافر إلى إسرائيل، ذهاباً وإياباً من دون توقّف، لا بدّ أن ثمّة شديداً قوياً يتطلّب ضبطاً، رغم أن طبيعة العلاقة بين إدارة دونالد ترمب وبنيامين نتنياهو لا تعاني...
مع رئيس الوزراء الجديد يفتح العراق صفحة غير مسبوقة، منذ سقوط النظام السابق، ذاك أن مصطفى الكاظمي لا ينتمي إلى أي حزب عقائدي ديني، كما كان أسلافه إبراهيم الجعفري، ونوري المالكي، وحيدر العبادي، وعادل عبد...
السؤال مطروح غرباً وشرقاً، سواء باسترشاد ما يُعتقد أن مكافحة الصين لوباء «كورونا» كانت نمطاً نموذجياً لم يتمكّن العالم الغربي من اتباعه، ولذا فقد تبوأ المراتب الأولى في أعداد الإصابات والوفيات، أو ما يمكن أن...
ملامح كثيرة للتغييرات المقبلة بدأت تتراءى أمام العيون وفي المخيّلات وفي دروس المحنة الفيروسية على كل المستويات الفردية والجماعية، بغضّ النظر عما إذا عانى الشخص أو لم يعانِ فقداً في عائلته أو صداقاته، وعن مدى...
لن تختلف تقديرات الخسائر كثيراً في حال «كورونا» عما هي في أي حرب عالمية. ولا يمكن توجيه اللوم لجهة أو لأحد بالنسبة إلى الوباء، رغم أن الانفعالات اندفعت هنا وهناك إلى مزالق سياسية وعنصرية شتّى،...
كان الشيء الوحيد الذي لم يستطع دونالد ترمب تقديمه إلى صديقه بنيامين نتنياهو أن يوقف الملاحقة القضائية له بتهم الفساد. قبل الانتخابات الأولى في أبريل الماضي أهدى إليه هضبة الجولان السورية المحتلة، ولم تكن كافية...