الاستفزاز والصمود والمشهد العالمي

جميعا نعيش حالة التغيير في الساحة الدولية، ونتساءل لأنه يؤثر حالياً في القوة الأحادية العالمية، ليخلق رؤية ملزمة تناسب تطوير استراتيجيات جسورة تحول الرؤى الجريئة إلى واقع ملموس، ولغة واضحة تخاطب العالم الذي يموج بالاضطرابات، ويقول بأن هناك دولة مستعدة وبأنه قد آن الأوان للحد من الأخطاء التي تؤدي إلى عواقب وخيمة. وهذا يعني أنَّ الصين كقوة دولية تتوعد أميركا في حال قيام رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، بزيارة إلى تايوان، فيما عبّر مسؤولون في البيت الأبيض والبنتاغون عن قلقهم من الزيارة التي تشكل «استفزازاً لا داعي له»، وتمهد لأزمة واسعة بين البلدين، التي تعتبرها بكين جزءاً من أراضيها، متوعدة بضمّها بالقوة إذا لزم الأمر.. هذا ما يتم تداوله حالياً بالإعلام العالمي ولكن واقعياً فالأمر أكثر عمقاً من هذا، صوت الصين العالي جذب الانتباه، ويصعب تجاهله، حيث قالت الصين إنها مستعدة لإشعال حرب إذا أعلنت الجزيرة التايوانية استقلالها، بمعنى أن الفجوة بينها وبين أميركا من حيث القوة والتأثير تقلصت، وأنَّها لا تقبل المساس بسيادتها. هذا يعد خطاً أحمر في السياسة العالمية وبلغة الخطاب الدولي والسيادة.. إذ أتى ذلك بعد التحذيرات الشديدة التي أطلقتها الصين على مدار الأسبوع الماضي، حيث ذكرت التقارير الأميركية أنَّ الزيارة إلى تايوان ألغيت ومعها التكتم على تفاصيل الرحلة، بعد معارضة صينية شرسة، لكنها بدأت رسمياً أمس ، فهل قدرة أميركا على الاستفزاز ليست كما كانت قبل عقود؟ فهل ستكون الصين هي اللاعب بالسياسة الدولية.. ولا نتناسى عودة السياسة الروسية والتغيرات بعد الحرب على أوكرانيا. هل التجارة والخطوط وسكك الحديد هي المطلوب أم ماذا ؟؟ للعلم يدرك القادة الصينيون جيداً أن طرق التجارة البحرية والاستثمارات لبلادهم محاطة بقوى معادية من اليابان، تدعمها قوة عسكرية أميركية، ومع ذلك، فإن الصين ماضية في تمددها غرباً باستثمارات وتحركات مدروسة نحو التكامل الاقتصادي من ناحية وتطورات تندرج ضمن إطار منظمة تعاون شنغهاي التي تشمل دول آسيا الوسطى وروسيا، حيث تقوم الصين ببناء نسخة عصرية معدلة عن طريق الحرير القديم نعم طريق الحرير الجديد.. هو أهم الاسباب !! هناك أسباب وجيهة تدفع للاعتقاد بأن تنظيم تدريبات عسكرية «بالذخيرة الحية» في مضيق تايوان، وهي مبادرة سبقت الزيارة تخبر بأنَّ الصين على استعداد لأي طارئ، حيث تعتبر تايوان، جزءاً من أراضيها وتعتزم إعادة توحيدها مع البر الصيني، من غير أن تستبعد استخدام القوة من أجل ذلك، فهناك شعور بالغضب. من الملاحظ أن كثيراً من الرسائل يتم تبادلها في الآونة الأخيرة بين القوى الثلاثة أميركا والصين وروسيا، علماً بأن الكرملين «متضامن» مع الصين في خلافاتها مع أميركا. ربما المشهد العالمي في مد وجزر وربما في تغيرات كبيرة تحدد المتحكم والمسيطر بالسياسة الجديدة بالعالم وربما التغيير قادم.. الخلاصة بعد هذا الشد والجذب وصل الأمر إلى نهاية مسدودة، ونحن نتابع المشهد يا ترى من سيضع نهاية ومن سيصنع البداية !!.. لنشاهد وننتظر ونترقب.