alsharq

فضيلة الشيخ د. عبدالعزيز بن عبدالله آل ثاني

عدد المقالات 50

ليلة بألف شهر

31 مارس 2024 , 11:03م

الحمد لله الذي خصنا بفضائل عظيمة، ومنَّ علينا بليلة القدر الكريمة، والصلاة والسلام على نبينا محمد خير من لله تعبد، وأحيا ليله بالصلاة وتهجد، وعلى آله وصحابته والتابعين لهم ما تتابع الزمان وتجدد. وبعد: فيقول الله تبارك وتعالى: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾، إن من رحمة الله بهذه الأمة أن حباها بليلة عظيمة القدر مباركة، جعلها خيراً من ألف شهر، وذلك حيث إن الأمم السابقة كانت أعمارهم طويلة يعيشون مئات السنين، وأعمار الأمة المحمدية بين الستين والسبعين وقليل من يجاوز هذا، فعَمَلُ مئات السنين لا يعدله عمل سبعين سنة أو مائة. فلما كانت الأمة قصيرة الأعمار تفضل الله علينا بمضاعفة الأجور وبعظيم الجزاء، فجعل ليلة واحدة تفضل ألف شهر، أجر العبادة فيها يفوق أجر عبادة ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر ويفضله، وليس يعدله فقط كما يعبر بعض الناس، بل يفضله ويفوقه، لقوله تعالى: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾، ولا تثبت الخيرية لها إن كانت تعدل وتساوي ألف شهر، ولا يعلم حقيقة هذا الفضل إلا الله. ومن مزايا ليلة القدر: أنها الليلة التي أنزل فيها القرآن، ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾، ويكثر فيها نزول الملائكة، وينزل جبريل ملك الوحي، ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ﴾، وتقدر فيها مقادير السنة، ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾، وهذا من أحد أسباب تسميتها بالقدر، وهي ليلة مباركة، ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾. فمن أراد أن ينال بركتها وخيرها فليلتمسها في هذه العشر الأواخر من رمضان، كما كان يفعل النبي عليه الصلاة والسلام وكما أمر: ((التمسوها في العشر الأواخر من رمضان))، رواه البخاري. وقد وردت أحاديث كثيرة في تحديد ليلة القدر وهي متعارضة، وللجمع بين تلك الأحاديث ذهب كثير من العلماء إلى القول بكونها تنتقل في العشر الأواخر من رمضان في الليالي الوترية، وأنها غير ثابتة، وقد ورد حديثان في تقريب وقتها: الأول: قوله عليه الصلاة والسلام: (تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان) رواه البخاري. الثاني: قوله عليه الصلاة والسلام: (التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، ليلة القدر، في ‌تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى)، رواه البخاري. فالوتر في الحديث الأول واضح، فكل يوم وتري من العشر قد تكون ليلته هي ليلة القدر، لكن في الحديث الثاني قد تختلف فلا تكون في الليالي الوترية، فإذا كان الشهر اكتمل ثلاثين يوماً فإن الليلة الخامسة من البواقي ليلة السادس والعشرين غير وتر وهكذا. وقد سئل أبو سعيد الخدري رضي الله عنه ما التاسعة والسابعة والخامسة؟ قال: «إذا مضت واحدة وعشرون فالتي تليها ثنتان وعشرون، وهي التاسعة، فإذا مضت ثلاث وعشرون فالتي تليها السابعة، فإذا مضى خمس وعشرون فالتي تليها الخامسة». رواه مسلم. وعلى هذا الحديث ينبغي للمسلم التماس ليلة القدر في العشر الأواخر كلها، لاسيما وأن لكل بلد رؤيته، فليلة الوتر عندنا توافق ليلة شفع في بلاد أخرى والعكس، فلذلك ينبغي تحريها في كل ليالي العشر. وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نغتنمها بالقيام فقال: ((من قام ‌ليلة ‌القدر ‌إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه))، رواه الشيخان. فليلة القدر تجمع بين مضاعفة الأجر وبين غفران الذنوب، وهذا من أعظم ما يأمله المسلم من عمله. كما علمنا ﷺ أن نغتنمها بالدعاء أيضاً، فعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قلت: يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: ((قولي: اللهم إنك عفو ‌تحب ‌العفو فاعف عني)). رواه الترمذي وغيره. وبالجملة فعلى من يتحراها أن يجتهد في التعبد وينوع فيه من القيام والذكر والقرآن والدعاء والصدقات والاعتكاف ونحو ذلك، لينال خير وبركة هذه الليلة العظيمة، نسأل الله أن يبلغنا ليلة القدر ويوفقنا فيها لصالح الأعمال.

سنن العيد

الحمد لله الذي أسعد قلوب أوليائه، وأثلج بالعبادة صدور أصفيائه، والصلاة والسلام على خاتم رسله وأنبيائه، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لسنته المخلصين في ولائه. وبعد: فيقول ربنا الكريم: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ...

العربية طريق تدبر القرآن

الحمد لله الذي أنزل القرآن عربياً قولاً ثقيلاً، وجعله هادياً إليه وحبلاً متيناً وأقوم قيلاً، والصلاة والسلام على من رتل الوحي ترتيلاً، وتهجد به تعبداً وتبتيلاً، وعلى صحبه الذين تدبروه وعملوا به فكانوا أهدى سبيلاً،...

عرفت فالزم

الحمد لله المتصف بالبقاء، المتفضل بجزيل العطاء، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه، وعلى التابعين ما دامت الأرض والسماء. وبعد: فيقول الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، ويقول سبحانه: ﴿فَمَنْ...

زكاة الفطر شعيرة العيد

الحمد لله فرض طاعة رسوله على عباده، وزكاه في عقله ومنطقه وفؤاده، والصلاة والسلام على الرؤوف الرحيم، نبينا محمد الرسول الكريم، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم المتمسكين بالدين القويم. وبعد: فيقول الله تعالى: ﴿مَنْ يُطِعِ...

رمضان والشعور بالانتماء

الحمد لله حمداً يليق بوحدانيته، سبحانه تفرد فليس كمثله شيء في فردانيته، والصلاة والسلام على من آخى بين المهاجرين والأنصار، نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين لهم في كل الأزمان والأمصار. وبعد: فإن الله تعالى يقول:...

الفرصة العظيمة في العشر الأواخر

الحمد لله الذي خصنا بفضائل عظيمة، وأعطانا ليلة القدر الكريمة، والصلاة والسلام على نبينا محمد خير من لله تعبد، وأحيا ليله بالصلاة وتهجد، وعلى آله وصحابته والتابعين لهم ما تتابع الزمان وتجدد. وبعد: فيقول الله...

انووا الاعتكاف.. تربحوه

الحمد لله الذي تفرغ لعبادته المعتكفون، وقصد بابه الطامعون الخائفون، والصلاة والسلام على أفضل من صام لله وتعبد، وقام بين يديه وتهجد، وعلى آله وصحبه ما قصر النهار وتمدد. وبعد: فيقول الله تعالى: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى...

بقي الثلث.. والثلث كثير

الحمد لله الرحمن الغفار، تفضل على عباده بطول الأعمار، وبلغهم مواسم الخيرات للاجتهاد والادخار، والصلاة والسلام على نبينا محمد ما مسح الليل ضوء النهار، وعلى آله وصحبه والتابعين لما لهم من الآثار. وبعد: فقد صح...

من أسباب المغفرة

الحمد لله الذي يقبل التائبين، ويجيب دعوة المضطرين، ولا يخيب سعي الراجين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين إلى يوم الدين. وبعد: فقد روى الترمذي رحمه الله عن أنس...

الرزية في فقد العالم

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فقد خاطب ربنا تعالى نبيه فقال: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ [الزمر: 30]، وقال سبحانه: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ...

وسوف تُسألون

الحمد لله المنعم على عباده، المكرم لهم بإحسانه وإمداده، جعل الدنيا متاعاً قليلاً، والآخرة نعيماً خالداً لمن اتخذ إلى ربه سبيلاً، والصلاة والسلام على من بعثه الله للخلق نبياً ورسولاً، وعلى آله وصحبه والتابعين ما...

الإسلام مظهر ومخبر

الحمد لله الذي جعل للإنسان لباساً، وجعل له في الشرع ضابطاً ومقياساً، والصلاة والسلام على من جعله للخلق نبراساً، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن جعلهم لهذا الدين حراساً. وبعد: فيقول الله تبارك وتعالى:...