عدد المقالات 168
«القولبة» أو التنميط، أي وضع الناس ضمن قوالب محددة، وتفسير سلوكهم، والتنبؤ به دوماً وفق تلك النمطية، دون دراسة الواقع ولا المعطيات ولا المتغيرات والظروف المتفاوتة، سواء كانت القولبة بناء على الجنسية، أو الجنس، أو العرق، أو التوجه الفكري العام.... إلخ، فهي من أسوء النتاجات الفكرية، وأكثرها رجعية، واعتبارها مرجعاً ومرشداً لكل الاستنتاجات أو أساساً لقراءة المشهد، أو الحكم على الأشخاص والكيانات تضليل للنفس والغير، وطمس للكثير من الحقائق. لا يعني ذلك عدم وجود قوالب بالحياة أو أنماط وأعراف عامة، لكن يعني أنها لا تصلح دائماً لقراءة المشهد والحكم على الأفراد، أو تفسير السلوك الاجتماعي، السياسي، بل ينبغي دراسة الواقع والتأني، والأخذ بعين الاعتبار العوامل كافة. القولبة الشديدة تُعمي الإنسان عن رؤية الكثير من الحق والخير في الحياة، وتجعل نظرته للحياة صفرية، سوداوية مطلقة أو العكس، فلا يرى الخير إلا في القالب الذي يعيش فيه، ويرى القوالب الأخرى بنظرة استصغار وانتقاص، وحين «يُصدم» النقص داخل قالبه قد ينقلب ويأخذ مواقف متطرفة ضد قالبه، ويحدث أن ينتابه شعور بالتيه. التوازن والتوسط خير، ومن الضروري استحضار بعض البدهيات دائماً وإبقاؤها حاضرة، ومنها الإدراكات البسيطة بأن البشر من البيئة الواحدة، وحتى من البيت الواحد، يتمايزون في الأفكار والآراء والتصرفات، وكذلك داخل البيئة الأيديولوجية الواحدة، وإن تغذوا بالمفاهيم والأفكار ذاتها، وعاشوا الظروف ذاتها، فليس الجميع بالقدرة نفسها على هضم المضامين واستيعابها والالتزام بها. لا ينبغي وضع الناس في قالب وإغلاق الصناديق عليهم، فهذا شغل الكسالى الذين يمنعهم الكسل عن التغيير سواء في أنفسهم أو في الآخرين، إن أحرى الناس بالبعد عن «القولبة» هم أصحاب الدعوات، ومن يحمل فكراً ورسالة للناس ينبغي أن لا يستعدي المجتمع وألا يقولب الجميع؛ لأنه إن فعل ذلك فلا معنى لصفته. ما معنى أن يحمل دعوة أو رسالة دون أن يدرك في داخله أن هناك من ينتظرها؟، ما معنى أن يقول كلاماً لا يغير من خلاله ولا يصحح به ولا يضيف فيه إلى الناس لا يتلقاه ولا يتقبله أحد؟، الحدة بالحكم على الناس لا تصلح دوماً، هي مناط الحرب والعداوة تكون مجدية في مواجهة الأعداء. أما التغيير في المجتمعات التي نحن فيها ومنها يحتاج إلى «الحكمة» و»الموعظة الحسنة» و»الجدال بالتي هي أحسن»، وليس بالصدام أو التنمر وما شابه، ينبغي التذكر دائماً إن كان الإيمان يزيد وينقص في الناس، فإن الشجاعة أيضاً والإقدام يزيدان وينقصان والأفكار تتأرجح وهكذا، وتلك الأمور من فطرة البشر يتفاوتون ويتمايزون، يصيبون ويخطئون، حتى وإن كانوا مؤمنين، فهم ليسوا ملائكة منزهين، ولا أنبياء معصومين، ومن هنا تزداد الحاجة إلى النصيحة، ومن يذكر الناس بالخير ويرشدهم إلى الحق ويحذرهم من الباطل. من العجيب أن بعض الناس يصدق بسهولة انحراف شخص أو خروجه عن المألوف، لكن لا يصدق بسهولة عودته حين يعود، وإن أخطأ أو تجاوز شخص عمموا الخطأ والتجاوز على كل تصرفاته وأفعاله فلا يقبلون منه صرفاً ولا عدلاً بعدها، وإن اجتهد ولم يوفق في رأي ظنوا به عدم التوفيق في كل شيء. الناس تتغير وتتبدل أحوالها من حال إلى حال، وداخل البيت الواحد يكون تمايز كبير، حدثتنا الآيات والأحاديث والسير عن ابن نوح وامرأة العزيز، وعن أحد العمرين الذي أعز الله به الإسلام.
«الضمّ» حلقة من حلقات المشروع الصهيوني المتوسع في المنطقة، ويأتي ضمن سلسلة خطوات قام بها الصهاينة وحكومة الاحتلال الإسرائيلي خلال السنوات الماضية، وكانت النية نحو مخطط ما يسمى بـ «الضمّ» وما شابه مبيّتة وجاهزة قبل...
تعيش فلسطين هذه الأيام تحت وطأة تهديد ابتلاع الاحتلال الإسرائيلي مناطق واسعة منها، ضمن ما يعرف بمخطط «الضم» الذي من المرجح -حسب أحاديث إعلامية إسرائيلية- أن يكون على أكثر من مرحلة، وأنه يستهدف هذه المرة...
ما أشبه اليوم بالبارحة! وما أسرع أن ينسى جزء من الناس جراحهم وتاريخهم! وينسى كثير من العرب أن الاحتلال الإسرائيلي قتل منهم في مثل هذه الأيام من عام 1967م، زهاء 20000 عربي، وجرح واعتقل آلافاً...
قد يقول البعض إنه ليس من الجيد الآن، وفي هذه الفترة تحديداً، أن ننصرف إلى النقد الداخلي بدلاً من الحديث عن ضرورة التوحّد في مواجهة مشاريع الاحتلال التوسعية الجديدة، أو ما اصطلح على تسميته «مشروع...
في حين يواجه العالم أزمة تفشي وباء «كورونا»، ويسعى إلى السيطرة عليه والتقليل من آثاره السلبية، يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى مزيد من التوسع على حساب حقوق الفلسطينيين وأراضيهم، ومن ذلك ضمّه أو سلبه قبل أسابيع...
النكبة شكلت الواقع الفلسطيني وجزءاً كبيراً من أفكار الفلسطينيين وتصوراتهم ونمط حياتهم، مثّلت نقطة تحوّل فارقة، أصبحت القضية جزءاً من حياة الفلسطينيين، وسمة عامة يعيشونها، يلاحقونها وتلاحقهم. وينبغي أن تظل «النكبة» حاضرة لأنها تعيد تلخيص...
عندما نتحدث عن مسلسلات درامية وُضعت لها ميزانيات بملايين الدولارات من أجل تمرير خطاب التطبيع والتهوين من قيمة القضية الفلسطينية، فبكل تأكيد يعني الأمر أننا لم نعد نتحدث عن مجرد خطوات فردية واجتهادات عابرة، الأمر...
ملامح تآكل «النظام العالمي» الحالي تتجلى كثيراً في هذه الفترة، ولطالما تغنى هذا النظام بعناوين التضامن الدولي، ورفع لافتات التكافل الإنساني، وما إلى ذلك من اللافتات التي كانت جزءاً من أدواته للبقاء، ومد نفوذه وعلاقاته،...
مع انتشار فيروس «كورونا» وسط الاضطرابات الكبيرة التي تحدث في العالم، يعيش الناس قلقاً كبيراً على مصائرهم ومستقبلهم؛ بعض القلق مُبرَّر وأكثره لا، فالقلق لا يبدّل المصائر ولا يقي من المخاطر، بل لربما يكون هو...
قادت السلطة الفلسطينية -على لسان العديد من مسؤوليها والناطقين باسمها- حملة استمرت لأكثر من سنة، تمحورت حول ترويج رواية سياسية تقول إن صفقة القرن تستهدف بالأساس إقامة دولة فلسطينية في غزة على حساب الضفة الغربية،...
في ظل ما بين أيدينا من المعطيات قد نقول إن الصراع حسم، وإن الكفة تميل لصالح الاحتلال بانحراف صارخ، وإن عقارب الزمان تسير لصالحه، لا شك أن تلك المعطيات واضحة إذا أخذنا بالاعتبار أن الدولة...
إن من أسوأ ما يمكن أن يُبتلى به الإنسان هو انشغاله بالجدل وابتعاده عن العمل، وما هو أسوأ من ذلك أن ينشغل بالجدل في أمر العاملين وعملهم دون فعل شيء، ودون تقديم حلول ممكنة وتصورات...