عدد المقالات 168
إن من أسوأ ما يمكن أن يُبتلى به الإنسان هو انشغاله بالجدل وابتعاده عن العمل، وما هو أسوأ من ذلك أن ينشغل بالجدل في أمر العاملين وعملهم دون فعل شيء، ودون تقديم حلول ممكنة وتصورات قابلة للتطبيق. كثير من الغارقين في المثاليات غارقون في الوهم لا الحقيقة، حين يجتزئون بتركيز شديد على بعضها دون أخذها من جوانبها كافة، كمن يقرأ المشهد بنظرة قبيلته أو قوميته وجنسيته ومناطقيته وطائفته أو طائفيته، دون أن يلقي بالاً للأبعاد والرواية الأخرى. أو يقرأ رجلاً وكياناً في مشهد دون مشهد، ومكان وزمان دون آخر، في اجتزاء مقصود لتضليل الناس، وأكثر ما ابتُليت به الأمة اليوم هم الأشخاص الذين يتحدثون من منطق اصطفافاتهم لا بعين تقدير المفسدة من المصلحة، بل بعين مصلحتهم الذاتية، فيقولون ما تقوله عين مكتسباتهم الخاصة. إن التطرف في معناه البسيط هو «تجاوز حدّ الاعتدال»، ومنه المبالغة في الحكم على الأشياء، وتأويلها تأويلات مفترضة تتجاوز المعنى المباشر والواضح لها، التطرف والتنطع ليس بالضرورة ابتداع شيء جديد فذلك البدعة، إنما يبني المتطرف على حقيقة أو معلومة أو نص واضح، لكنه يغالي في فهمه وتأويله وما إلى ذلك. ومن ذلك ما نراه اليوم من تلبّس وتلبيس على الناس في أمور دينهم ودنياهم، فترى البعض يذهب بعيداً في حكمه وتعاطيه مع الأمور متجاوزاً التاريخ والوقائع، ليعطي أحكاماً شديدة وحادة، مع تخوين وطعن بدين وأهلية وعقيدة أشخاص وهيئات وكيانات، بناء على موقف أو تصرف أو كلمات قد تكون من باب المجاملات أو المعاملات اليومية، أو ما تتطلبه البروتوكولات والعلاقات بين الدول والمؤسسات والمنظمات. فيخلط التصرفات والمعاملات السياسية والبروتوكولية بالاعتقادات والمعتقدات الدينية، ويجعل الأولى دليلاً على الثانية، ويجعل ذلك فيصلاً وتحولاً ومساراً وما إلى ذلك، ولو تعامل بالمنطق ذاته مع بقية الكيانات أو الدول التي هو فيها أو ضمنها أو يعمل بها أو من خلالها، لوجد أنه يدين نفسه من رأسه حتى أخمص قدميه. الازدواجية لصيقة بتفكير أمثال هؤلاء، والمشكلة أن هذه الازدواجية لا تكون أحياناً نتيجة نقص المعلومات أو عجز عن الفهم أو خلل في التفكير، بل انعكاس مآرب ذاتية ضيقة، والمزعج في أمر هؤلاء أن بعضهم لم يعايش ما يعايشه أهل الميدان وأهل العمل، ولم يفكر في متطلبات الميدان، فتقييماته مريحة لا تستشعر أن فيها إدراكاً لتلك التعقيدات الميدانية الحرجة. لسنا في الجنة ولا نعيش بين الملائكة، ولسنا في المدينة الفاضلة، نحن في واقع مليء بالاضطرابات والفتن والصراعات، وليس هناك منزّه أو معصوم من الدول والكيانات، إنما يسدد الإنسان ويقارب ويتحرى طريقه ويسد الثغر الذي هو عليه بكل وسيلة وحيلة، أما الدراويش فعليهم أن يستيقظوا، بل عليهم أن يدركوا قبل ذلك أنهم نائمون وهائمون. وختاماً، أقول لكل من يحتدّ على العاملين بما استطاعوا من جهد وصدق للأمة ولأوطانهم في هذا الزمن الصعب: «أقلّوا عليهم لا أباً لأبيكم.. من اللوم أو سدّوا المكان الذي سدّوا»، فمن ينتقد نموذجاً إما أن يأتي بنموذج أفضل منه فيتبعه الناس، أو يدلهم على الحل والطريق الممكن، دونما تصورات هلامية لا علاقة لها بأرض الواقع.
«الضمّ» حلقة من حلقات المشروع الصهيوني المتوسع في المنطقة، ويأتي ضمن سلسلة خطوات قام بها الصهاينة وحكومة الاحتلال الإسرائيلي خلال السنوات الماضية، وكانت النية نحو مخطط ما يسمى بـ «الضمّ» وما شابه مبيّتة وجاهزة قبل...
تعيش فلسطين هذه الأيام تحت وطأة تهديد ابتلاع الاحتلال الإسرائيلي مناطق واسعة منها، ضمن ما يعرف بمخطط «الضم» الذي من المرجح -حسب أحاديث إعلامية إسرائيلية- أن يكون على أكثر من مرحلة، وأنه يستهدف هذه المرة...
ما أشبه اليوم بالبارحة! وما أسرع أن ينسى جزء من الناس جراحهم وتاريخهم! وينسى كثير من العرب أن الاحتلال الإسرائيلي قتل منهم في مثل هذه الأيام من عام 1967م، زهاء 20000 عربي، وجرح واعتقل آلافاً...
قد يقول البعض إنه ليس من الجيد الآن، وفي هذه الفترة تحديداً، أن ننصرف إلى النقد الداخلي بدلاً من الحديث عن ضرورة التوحّد في مواجهة مشاريع الاحتلال التوسعية الجديدة، أو ما اصطلح على تسميته «مشروع...
في حين يواجه العالم أزمة تفشي وباء «كورونا»، ويسعى إلى السيطرة عليه والتقليل من آثاره السلبية، يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى مزيد من التوسع على حساب حقوق الفلسطينيين وأراضيهم، ومن ذلك ضمّه أو سلبه قبل أسابيع...
النكبة شكلت الواقع الفلسطيني وجزءاً كبيراً من أفكار الفلسطينيين وتصوراتهم ونمط حياتهم، مثّلت نقطة تحوّل فارقة، أصبحت القضية جزءاً من حياة الفلسطينيين، وسمة عامة يعيشونها، يلاحقونها وتلاحقهم. وينبغي أن تظل «النكبة» حاضرة لأنها تعيد تلخيص...
عندما نتحدث عن مسلسلات درامية وُضعت لها ميزانيات بملايين الدولارات من أجل تمرير خطاب التطبيع والتهوين من قيمة القضية الفلسطينية، فبكل تأكيد يعني الأمر أننا لم نعد نتحدث عن مجرد خطوات فردية واجتهادات عابرة، الأمر...
ملامح تآكل «النظام العالمي» الحالي تتجلى كثيراً في هذه الفترة، ولطالما تغنى هذا النظام بعناوين التضامن الدولي، ورفع لافتات التكافل الإنساني، وما إلى ذلك من اللافتات التي كانت جزءاً من أدواته للبقاء، ومد نفوذه وعلاقاته،...
مع انتشار فيروس «كورونا» وسط الاضطرابات الكبيرة التي تحدث في العالم، يعيش الناس قلقاً كبيراً على مصائرهم ومستقبلهم؛ بعض القلق مُبرَّر وأكثره لا، فالقلق لا يبدّل المصائر ولا يقي من المخاطر، بل لربما يكون هو...
قادت السلطة الفلسطينية -على لسان العديد من مسؤوليها والناطقين باسمها- حملة استمرت لأكثر من سنة، تمحورت حول ترويج رواية سياسية تقول إن صفقة القرن تستهدف بالأساس إقامة دولة فلسطينية في غزة على حساب الضفة الغربية،...
في ظل ما بين أيدينا من المعطيات قد نقول إن الصراع حسم، وإن الكفة تميل لصالح الاحتلال بانحراف صارخ، وإن عقارب الزمان تسير لصالحه، لا شك أن تلك المعطيات واضحة إذا أخذنا بالاعتبار أن الدولة...
من حين إلى آخر تعود قضية التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي لتتصدر عناوين وسائل الإعلام ونقاشات مواقع التواصل الاجتماعي، وقد كان لافتاً أثرها الكبير على توجهات الرأي العام العربية خلال الانتخابات التونسية. فقد اكتسب الرئيس التونسي...