


عدد المقالات 611
في تأكيد جديد على موقفه المساند للنظام السوري، عاد الجنرال ميشال عون مجددا إلى تكرار معزوفته عن الاستقرار والعنف في سوريا، وفيما ركز سابقا على المسيحيين الذين يخاف عليهم من حكم الإخوان المسلمين (أيد في ذلك كلام البطريرك الماروني بشارة الراعي)، ها هو اليوم يمارس الوصاية على المسلمين أيضا حين يقرر أن «إسقاط النظام (السوري) ليس في مصلحة المسلمين ولا المسيحيين». لم ينس الجنرال الحديث عن تأييده «التعديلات الدستورية لخلق جو ديمقراطي حر في سوريا»، مع الإشادة بـ «تجاوب الرئيس بشار الأسد»، مع أن التجاوب المشار إليه لم يلمسه أحد غير أبواق النظام ومن يدورون في فلكه، إذ إن آلة القتل ما زالت تحصد كل يوم العشرات من السوريين، فيما يزج بالمئات منهم في السجون تحت طائلة الموت والتعذيب. لا يتردد الجنرال في تكرار حكاية العنف والفوضى والبندقية التي لا تستخدم برأيه إلا ضد العدو، متجاهلا لحقيقة أن الثورة سلمية (رغم بعض المظاهر المسلحة)، وأن من يرد عليها بالبندقية والرشاشات هو النظام، وأن 95 في المئة ممن قتلوا كانوا عزلا من أي سلاح. كما يتجاهل حقيقة أن استمرار هذا النهج قد يفضي لاحقا إلى الحرب الأهلية، وعندها سيدفع الذين يقفون مع النظام الثمن، حتى لو كانت تضحيات الثائرين أكبر من حيث الأعداد تبعا لاحتكار النظام وأزلامه لأشرس أدوات القوة. يبرر الجنرال موقفه ذاك بالقول «نحن في المشرق نؤيد النظام العلماني والدولة الحديثة التي تسمح بحرية المعتقد والتعبير.. حرية المعتقد متاحة في سوريا ويمارسها الجميع، لكن هناك بعض النقص في حرية المعتقد السياسي، وهذا ما سيتلافاه النظام عبر التعديلات الدستورية».. واللافت أن الجنرال لم يتوقف عند الملف السوري، بل تعداه إلى التخويف من كل الثورات العربية بدعوى الخوف من الحركات الإسلامية، حيث قال في هذا السياق «أخاف من الانتقال إلى الفكر الديني الواحد الذي ينتج فكرا سياسيا أحاديا.. إن المنطقة العربية تعيش اليوم مخاضا عسيرا مع حركات أصولية (ليس من بينها حزب الله في عرف الجنرال رغم إعلانه الولاء للولي الفقيه!!) ترفض الحريات السياسية وتعتبر الديمقراطية ضد الشريعة، وهي الأكثر تنظيما من بقية المعارضة، من هنا يأتي عدم الاستقرار في تونس ومصر، اللتين لم تستقرا بعد على توجه سياسي واضح ومريح ومطمئن». من المخيف حقا أن يكون كلام الجنرال تعبيرا عن رأي الأقليات المسيحية في المنطقة، ونتمنى أن يكون رأيه مجرد تعبير عن تحالفاته السياسية، ذلك أن الانحياز للدكتاتورية والاستبداد تحت مسمى تأييد الدولة العلمانية لا يمكن أن يكون مقبولا من قبل الغالبية الساحقة من الناس، وسيثير ذلك الكثير من الحساسيات التي لا تحمد عقباها، لاسيَّما حين يأتي ذلك الرأي محمولا على قدر من الإساءة والتحريض ضد الحركات الإسلامية بالجملة، من دون تفريق بين معتدل منها ومتطرف، مع العلم أن الجنرال قد استهدف بالهجاء أكثرها اعتدالا، أعني جماعة الإخوان التي لا ترفض العنف وحسب، بل وترفض الإساءة للأقليات بشتى ألوانها وتتبنى الحرية الدينية أيضا، وإن آمنت بالمرجعية الإسلامية للدولة كتعبير عن هوية الغالبية الساحقة من أبنائها. وفي هذا السياق لا ينسى الجنرال الإساءة للدولة العثمانية التي يسجل لها اعتماد نظام ملل ينطوي على حرية دينية واسعة النطاق لسائر الأديان، مع أن الحديث هنا يتعلق بدولة كانت تعيش حروبا مضنية وتتعرض لهجمة غربية شرسة.. دولة لا تشكل في مرحلتها الأخيرة (تعرض المسلمون خلالها للظلم أكثر من المسيحيين) نموذجا يحتذى بالنسبة للحركات الإسلامية التي تتعامل مع الدين وفق منظور عصري يأخذ ظروف الزمان والمكان بنظر الاعتبار. في أي حال، فنحن إزاء تناقض على الجنرال أن يجد له حلا، إذ إن الجماهير العربية تريد التغيير، فيما تقوم الحركات الإسلامية بدور محوري فيه، وسيكون لها دورها في المرحلة التالية، فهل الحل برأيه هو اصطفاف الأقليات المسيحية إلى جانب الأنظمة الدكتاتورية كما هو الحال مع النظام السوري؟! من المؤكد أن هذا الموقف لا يمكن أن يكون مقبولا من كل المسيحيين، وكان طبيعيا أن تخرج أصوات مسيحية أخرى مثل ميشيل كيلو في سوريا وكثيرين في لبنان يتصدرهم سمير جعجع -رغم بؤس طروحاته وبشاعة تاريخه- أن تخرج معلنة رفض الانحياز للدكتاتورية تحت مسمى الخوف من الفوضى أو الخوف على الأقليات، لأن الخطر الحقيقي على الجميع إنما تمثله الدكتاتورية، كما أن جماهير الأمة لم تعد في وارد التراجع عن مسار التغيير مهما كلف الثمن. في كل دول العالم تكون هوية الدولة هي هوية الغالبية من سكانها مع حق الأقليات في التعبير عن هويتها، ولا يحق لأحد أن يطالب الأغلبية بتهميش هويتها ورؤاها من أجل إرضاء الأقليات. أليست الديمقراطية هي رأي الأغلبية؟!
هناك إشكالية كبرى واجهت وما زالت تواجه القراءة الإسلامية التقليدية للسيرة النبوية في أبعادها السياسية والعسكرية أو الاستراتيجية، وتتمثل في حصر الأمر في الأبعاد الإيمانية وحدها دون غيرها، وجعل التقدم والتراجع، والنصر والهزيمة، محصوراً فيها؛...
ها نحن نتفق مع صائب عريقات، مع أننا كثيراً ما نتفق معه حين يتحوّل إلى محلل سياسي، رغم أن له دوراً آخر يعرفه جيداً، وإن كانت المصيبة الأكبر في قيادته العليا التي ترفض المقاومة، وهي...
أرقام مثيرة تلك التي أوردتها دراسة نشرت مؤخراً للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا)، بشأن الفقر في المنطقة العربية، والتباين الطبقي فيها. قالت الدراسة إن مجموع الثروة التي يملكها أغنى 31 مليارديراً في المنطقة؛ يعادل...
منذ ما قبل فوزه بانتخابات الرئاسة، يمثّل ترمب حالة عجيبة في ميدان السياسة، فهو كائن لا يعرف الكثير عن السياسة وشؤونها وتركيبها وتعقيدها، وهو ما دفعه إلى التورّط في خطابات ومسارات جرّت عليه سخرية إعلامية...
الأربعاء الماضي؛ قال الدكتور مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية، إن فيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19)، «قد لا ينتهي أبداً»، و»قد ينضم إلى مزيج من الفيروسات التي تقتل الناس في جميع...
بين حين وآخر، تخرج أنباء من هنا وهناك تتحدث عن لقاءات تطبيعية عربية من العيار الثقيل، ثم يتم تداولها لأيام، قبل أن يُصار إلى نفيها (أحياناً)، والتأكيد على المواقف التقليدية من قضية الشعب الفلسطيني. هناك...
في حين تنشغل القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية بقضية «كورونا» على نحو أكثر تشدّداً من الدول الأخرى (عقدة الدولة قبل تحرير الأرض هي أصل المصائب!)؛ فإن سؤال القضية الأساسية للشعب الفلسطيني يتأخر قليلاً، لولا أن...
الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو، يقيل وزير الصحة؛ وذلك بعد خلافات بينهما حول جدل «الاقتصاد أم الأرواح». حدث ذلك رغم ما حظي به الوزير من شعبية واسعة في البلاد، بسبب مكافحة تفشّي وباء فيروس كورونا. ترمب...
منذ أسابيع و»كورونا» هو شاغل الدنيا ومالئ الناس، ولا يتقدّم عليه أي شيء، وتبعاً لذلك تداعياته المحتملة على كل دولة على حدة، وعلى الوضع الدولي بشكل عام. وإذا كانت أسئلة المواجهة بشكل عام، ومن ثَمّ...
ماطل ترمب كثيراً في اتخاذ أي إجراء في مواجهة «كورونا» من شأنه أن يعطّل حركة الاقتصاد، ولولا ضغوط الدولة العميقة لواصل المماطلة، لكنه اضطر إلى التغيير تحت وطأة التصاعد المذهل في أعداد المصابين والوفيات، ووافق...
في تحقيق لها بشأن العالم ما بعد «كورونا»، وأخذت من خلاله آراء مجموعة من الخبراء، خلصت مجلة «فورين بوليسي» الشهيرة إلى أن العالم سيكون بعد الجائحة: «أقل انفتاحاً، وأقل حرية، وأكثر فقراً». هي بشارة سوء...
نواصل الحديث عن حركة «فتح» أكثر من «حماس» التي اختلفنا معها حين خاضت انتخابات السلطة 2006، وكذلك إثر الحسم العسكري في القطاع رغم مبرراته المعروفة، والسبب أن الضفة الغربية هي عقدة المنشار في مشهد القضية...