alsharq

جيهان أبوزيد

عدد المقالات 103

في «فيسباكو» «موولادي» تنقذ البنات وتروج للوجه الأسمر

26 فبراير 2013 , 12:00ص

دفعوهم للداخل أول الأمر, وبعد عراك استسلموا ورفعوا أكواخا جديدة وثبتوا أوتادهم في الأرض, فألقوا على الأكواخ ناراً أكلتها فهربوا للداخل, ثم هربوا، حتى تركوا لهم الأرض كلها واختفوا بعيدا خلف الجبال, هكذا استولى الإسبان على أراضي الهنود أصحاب الأرض الأميركية. قبل ذلك الفيلم لم يعلم طلبة وطالبات السنة الأخيرة بالمرحلة الثانوية شيئاً عن الغزاة الذين قتلوا شعبا أعزل واحتلوا أرضه ثم لقبوه بعد عدة مئات من السنين «بالسكان الأصلين»، وعوضاً عن القارة الأميركية بأكملها خُصصت لهم مستعمرات فقيرة على حدود بعض الولايات الأميركية يعيشون فيها جماعةً ويتمحور اقتصادهم حول «كازينو» يسرق أموالهم وقِيَمِهم ويبعثر طاقة أبنائهم. الآن وفي صحوة الاستيقاظ, بدأت الدول التي ليست إلا سوقاً استهلاكياً في نظر تجار هوليوود في إدراك أهمية صناعة السينما ودورها الحيوي في بناء الوعي العام وتشكيل الثقافة, كما انتبهت الدول التي احتلت من الغرب في العقود السابقة إلى قوة السينما كسلاح لاستعادة الهوية وتعزيزها بعدما لعب المحتل جهوداً جبارة لطمس الهوية الوطنية للدول التي سيطروا عليها. إفريقيا من بين القارات التي تحفر حفراً لجلي معدنها الغني المبهر وكشف تراثها وتاريخها للتعريف بتلك القارة من منظور أهلها وليس من منظور هوليوودي أو غربي يرى إفريقيا بأعين المحتل القديم. وبالتالي يمكن القول: إن السينما الإفريقية قد ولدت في إطار عملية التجديد الثقافي ما بعد الاستعماري. ففي عام 1957م والسنوات الثلاث التالية نالت 13 دولة إفريقية استقلالها وتكونت مجموعات صغيرة من السينمائيين في كل بلد, ومع الوقت ازداد عدد السينمائيين الأفارقة الذين تلقوا دراساتهم في معاهد السينما الدولية، ثم عادوا إلى دولهم وشرعوا على الفور في إخراج أفلام روائية ووثائقية وسجلوا بعدساتهم التحولات العظيمة التي كانت تجتاح القارة الإفريقية آنذاك، وبدأ الرواد في البحث عن وسيلة لجذب اهتمام العالم بإنتاجهم الدرامي فلم يجدوا أفضل من عقد مهرجان سنوي للسينما الإفريقية على شاكلة المهرجانات السينمائية الأميركية والغربية, وبالفعل تأسس مهرجان السينما الإفريقية «فيسباكو» عام 1969 على يد مجموعة من السينمائيين الأفارقة في «بوركينا فاسو» التي تعني «بلاد الطاهرين». والدولة الإفريقية ذات الثلاثة عشرة مليون نسمة والتي تقع غرب القارة تشهد الآن وقائع مهرجانها السينمائي السنوي الذي بدأ في الثالث والعشرين من هذا الشهر وينتهي في الثاني من مارس, ويستقبل مئة وسبعين فيلماً من إفريقيا والدول الأخرى.. وفي بادرة هامة يقرر المهرجان أن تتكون كل لجان تحكيمية من النساء كما سترأس لجنة التحكيم مخرجة نابهة من المارتينك, وفى عرض الأسباب يوضح رئيس المهرجان أن «النساء دعمن السينما الإفريقية أمام الكاميرا ووراءها, لكن إفريقيا لم تكافئهن كما ينبغي، ونحن نحاول أن نصحح هذا الخلل». المهرجانات الإفريقية ترسل للعالم رسالة واضحة بأن هناك أفارقة يريدون تأسيس سينما قومية للحفاظ على بقائهم ضد الانقضاض اللامحدود للسينما الأوروبية والأميركية, ومن هؤلاء الرواد «بولين فييرا» و «جبريل ديوب» و «عثمان سمبين» من السنغال, وغيرهم مئات وآلاف. يرى الباحث «محمد عبيدو» في دراسته حول السينما الإفريقية السوداء أن الرسائل التي فشل المحتل السابق في تناولها سينمائياً مثل قضايا الفقر ونهب الموارد والصراعات القبلية بسبب خطابه الإيدولوجي المتعالي يعاد طرحها بصورة أخرى بصورة أكثر عمقاً وأكثر اتساقاً مع حضارة تلك الأرض وثقافة أهلها العريقة, فحين رغب عثمان سمبين» في مقاومة ظاهرة ختان الإناث الإفريقية المولد قدم بديلاً راقياً مقنعاً, ففي فيلمه الأخير (مولادي) تناول «عثمان سمبين» قضية اجتماعية شائكة تتمثل في عادة ختان البنات في دول إفريقيا السوداء. لكنه يطرحها بصورة مختلفة عن ذلك الخطاب الغربي الذي يرى في رؤيته الضيقة للحداثة حلاً وخلاصاً. فالخلاص في فيلم عثمان لا يأتي من قِبل الأجيال الجديدة المتفتحة على الحداثة والعصرنة، لأن أحداً منهم لم يتمكن من وقف عادة مقيتة مثل ختان الإناث، إلى أن تنبري لذلك سيدة عجوز تدعى «كولي جالو أردوسي»، تمنع سكان القرية من ختان ابنتها الوحيدة، وإذا بالقصة تنتشر بسرعة، فتتوافد البنات الخائفات من الختان، من مختلف قرى المنطقة، على بيت هذه السيدة العجوز، طلباً لحق الضيافة والحماية، وفقاً لقاعدة قبلية تعرف في المنطقة باسم الـ «موولادي» في هذا البديل الإفريقي الحقيقي تكتشف شعوب إفريقيا أنفسها وتعيد صياغة تراثها في المجتمع.. ونكتشف جميعاً أن محاربة الجوانب السلبية التي تجاوزها الزمن في التقاليد المحلية لا تتأتي بالانسلاخ الكامل عنها، بل يجب محاربة السلبي من التقاليد بالإيجابي منها. فالسيدة العجوز التي منحت الـ «موولادي» للبنات المستجيرات بها من الختان، استطاعت أن تصمد أمام بقية السكان، لأنهم بقدر ما يحترمون عادة الختان المتوارثة في التقاليد المحلية، يحترمون أكثر قاعدة الـ «موولادي» المقدّسة في أعرافهم. أما كيف ننتقي من تراثنا ما ينتقل بنا للمستقبل بدون الانسلاخ من أرضنا؟ فذلك موضوع المقال القادم إن شاء الله والذي سيسلط الضوء على نموذج فريد وحل مبتكر للتحايل على هوليوود وعلى القابضين على صناعة السينما ومحتكريها.

مصر حتنور تاني

إنه اللقاء بكل شغفه ولهفته وقوته وطاقته القادرة على إحياء الأمل وبعثه من باطن اليأس. إنه اللقاء.. فلم أجد لفظة أخرى تصف العيون المتلألئة ولا الخطوات المندفعة ولا تلك الحياة التي عادت تجري فكست الوجوه...

بين اللجوء والنزوح مساحة ألم

سمعت تلك الكلمة للمرة الأولى في منزلنا بينما جارتنا تأخذ قسطا من الراحة لدينا. اعتذرت عن كوب الشاي الذي أعدته أمي قائلة «لازم احضر العشا للاجئين اللي عندي». أخبرتني أمي أن «اللاجئ « مصطلح يطلق...

من الطابق التاسع رأيت خط الطباشير الأبيض

في الطابق التاسع كنت أسكن. ومن أعلى رأيت أطفال الجيران يرسمون في الشارع الإسفلتي خطا أبيض. ثم احتكروا لأنفسهم المساحة الأكبر وتركوا للطفل الأسمر وأقرانه ما تبقى. والأسمر كان في مثل عمرهم. وكذلك فريقه الذي...

في قلب القاهرة ماتت «شهرزاد»

«لقرون طويلة حكيت عني يا شهرزاد, غطى صوتك على صوتي» لكنى الآن وبدون ندم أشيعك إلى مثواك وأعلم أني لن أسبح في الفرح, لكني سأعيش بهجة غسل تراثك. وفى حضرة الحكاية علينا أن نبدأ القصة...

ثلاثة مشاهد لا يربط بينها إلا «المياه»

المشهد الأول: كان أن تحدث مرشح الرئاسة عن برنامجه الطموح لقيادة مصر في مرحلة مفصلية, واستعرض مجالات عدة ثم قال «وأما عن المياه فسوف نزيد مياه النيل بالدعاء». المشهد الثاني: صوت جهوري لرئيس الجمهورية آنذاك،...

خطاب بعلم الوصول إلى رئيس مصر

طرقة واحدة مفاجئة، ثم ضاع الضوء وانسحبت الكهرباء إلى أسلاكها وتركتنا في عتمة قاتمة، بنظرة واحدة على الشارع أدركت أننا نصفان، نصف مضيء ونصف معتم، كان جانبنا صامتا وكأن الحياة قد توقفت عنه، حارسة العقار...

وبينهن نساء عاشقات لقهوة الصباح

أعادته مرة أخرى إلى الطبق الصغير عقب الرشفة الأخيرة، ثم انتظرتْ دقائق وقَلَبَتْه فسال اللون الداكن برائحته النفاذة وتلون الخزف الأبيض. وأكملت هي حوارها تاركة لي الحيرة من أمر تلك القهوة التي تجمع جدتي بجارتنا...

أم سيد والواد شمعة وسلاح سوريا الكيماوي

أيمكن أن يصدق عاقل أن «فارس» حمل عتاده وسلاحه وسافر طويلا لكي يحمي «مالك» الذي لا يعرفه ولا يعرف عنه شيئا. البعض قال لي لا بد أن «فارس» ملاك في جسد بشر. لكن آخرين كانوا...

في اكتمالي موتي.. وبالنقصان أستعيد الحياة

كان يكفي أن أنظر للسماء لأعلم لما لا يرد شقيقي على الهاتف. متحفزا. مكتملا. باهيا. كان قرص القمر في قلب السماء. متألقا وسط النجوم. مدركا حجم ضوئه وعمق أثره. مختالا بنوره الذي يوقظ كل الصحاري...

وللنساء مع الزلازل شأن آخر

في مايو ومنذ ما يزيد على ثلاثة وخمسين عاما, وقبل أن تهبط الأحلام على النائمين انفجر غضب ما من باطن الأرض فقسمها وضرب مبانيها وأهال التراب على ما يزيد على ثلاثة آلاف نسمة. يومها لم...

ولكل منا أريكته الزرقاء.. ولكل منا آذان أخرى

الشاب ذو الصوت الصادق حاصرني, كما كان لأسئلته تفرد مدهش فلم أملك إلا الانتظار, سار بي خطوات قليلة ثم أشار إلى سمكتين لونهما أزرق يتوسطان لوحة القماش المعلقة, وقال: «أتعرفين لماذا وُلدنا؟». صمت من هول...

في المطار يسألونك: أتحب الغناء والفرح!

أتصدقون أن بين وحشين كبار عاشت الغزالة الصغيرة آمنة حالمة, لكن الأهم أنها عن حق سعيدة, ثم عَنَّ لها أن تجرب الجنون, فإذا بها تعلن بصوت عال أنها في طريقها لتصدير السعادة, ولو لم أكن...