alsharq

جيهان أبوزيد

عدد المقالات 103

د. هدى النعيمي 26 أكتوبر 2025
صدى روايات خالد حسيني.. تردده الأجيال
مريم ياسين الحمادي 25 أكتوبر 2025
توجيهات القيادة
هند المهندي 26 أكتوبر 2025
ريادة قطرية في دبلوماسية السلام

بين اللجوء والنزوح مساحة ألم

25 يونيو 2013 , 12:00ص

سمعت تلك الكلمة للمرة الأولى في منزلنا بينما جارتنا تأخذ قسطا من الراحة لدينا. اعتذرت عن كوب الشاي الذي أعدته أمي قائلة «لازم احضر العشا للاجئين اللي عندي». أخبرتني أمي أن «اللاجئ « مصطلح يطلق على من تضطره ظروفه للانتقال من مكانه دون إرادته. جارتنا كانت تستقبل شقيقة زوجها وأطفالها عدة مرات كل عام. تعلمت معنى «اللجوء» في دفتر السنوات وشاهدت أنواعا شتى منه. رأيت شابة تلجأ لقراءة الروايات لتهرب من جبروت أبيها، فعاشت تدعي المرض وتبتكر الأوجاع التي ترقدها في الفراش طالما كان بالمنزل. ورأيت شابا يلجأ لإمام المسجد ليجد لديه ردا على الأسئلة المحرمة في منزله. على باب مفوضية اللاجئين بمصر رأيت أسرة صومالية فرت من نيران «المحاكم الإسلامية». الأب كان تائها في جمع الأوراق والأختام وبجواره أطفاله الخمسة وزوجته المستترة بثوبها التقليدي. ما إن رحبتُ به «أهلا بيكم في مصر» حتى انهارت دموعه وأغرقتنا جميعا. انفلتت آلام الرجل فجأة وحط عليه عبء الفرار الذي استغرق ثلاثة أشهر. ترك منزله وزرعه وجمع قطع ملابس قليلة وصورا لأمه وإخوته وورقة ممزقة تثبت أنه درس الهندسة. وضْع الصومالي موجع لكنه هو المقصود في التعريفات الدولية. فالرجل على وشك الحصول على مسمى «لاجئ»، وهو مصطلح يطلق على كل من يضطر اضطرارا إلى ترك وطنه خوفا من الإيذاء بسبب دينه أو عرقه أو جنسيته أو انتمائه السياسي أو عضويته لمجموعة ما، ثم يتمكن من الحصول على قبول الدولة التي يرحل إليها. المهندس الصومالي قال لي إن عشرات الآلاف الفارين من أرض الصومال يسكنون أحد الأحياء الفقيرة في الجيزة ولم يحصلوا على حق اللجوء، لكن الحكومة تغض الطرف عن وجودهم من سنوات. الوضع ذاته يعيشه سوريون فروا من الصراع الدائر في سوريا وحطوا في الأردن أو مصر أو تركيا. خرجوا من منازلهم ونزلوا في خيام تقف في الصحراء وبجوارها برامج الإغاثة التي تقدم لهم المواد الأساسية. وهو ذاته الوضع الذي يعيشه عراقيون ذاقوا النزوح مرتين. المرة الأولى حين دفعوا خارج وطنهم إثر الحرب الأميركية على العراق فطَرقوا أبواب سوريا التي استقبلت ما يزيد على مليون عراقي. رأيتهم يوم زُرت سوريا عام 2009 في بنايات مكونة من طوابق خمسة في حي سكني خصص بالكامل لهم واستكملت خدماته. لكن هؤلاء ما لبثوا أن حط عليهم الرصاص مرة أخرى، وقبل أن يعالج صغارهم من ذكريات الدماء والقتل عادت إليهم أكثر قسوة وأشد غموضا، فتركوا منازلهم وفروا. التقيت إحداهن في مخيمات «الزعتري» بالأردن. كانت سيدة عراقية مسنة متجمدة من البرد والحزن، خرجت كلماتها ثقيلة كالصقيع الذي نزل على الشام هذا العام. قالت لي إن اسمها «غالية»، وأضافت «لكن الحياة قداش رخيصة يا بنتي». الفارق الشاسع بين «اللاجئ والنازح» يدفعه من هجروا أوطانهم هربا من الموت. فبينما يحصل اللاجئ على ورقة ورقم، ويُصنع له ملف ويَصطف بجانب الآلاف غيره في قائمة طويلة تؤكد أنه خارج أرضه وحي يرزق، فإن النازح يبقى بلا رقم وبدون ملف. يُدفع خارج وطنه ككتلة صخر زائدة. يبقى غائبا لا يبحث عنه سائل ويظل على قيد الحياة من دون إثبات. وعليه أن يضبط أنفاسه ويسكن بين الظلال كي لا يُرحل أو يُلقى به في السجون. وفي حين أن أوراق المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة تشير إلى أن عدد اللاجئين يصل إلى خمسة عشر مليونا ونصف في عام 2012، فإن نفس المنظمة تفيد أن عدد النازحين وصل إلى خمسة وأربعين مليونا حتى منتصف عام 2012، وهو أعلى رقم يسجل منذ نحو عشرين عاما. وفي نغمة لفها اليأس قال رئيس المفوضية العليا «نشهد تزايد النزاعات الجديدة، ويبدو أن النزاعات القديمة لا تنتهي أبدا». في قاعة مسرح «الصاوي» بحي الزمالك بالقاهرة ارتفعت لافتة الاحتفال باليوم العالمي للاجئ والذي يوافق 20 يونيو. وبالداخل امتلأت المقاعد بأُسر تضحك وتبكي وتهتف فرحة بتألق أطفالها. عرض أطفال من السودان وسوريا والصومال أوجاع النازحين واللاجئين وقدموا أغنيات ومشاهد مسرحية ورقصات بديعة، واستحضروا أوطانهم وأشعارهم وألوانهم على خشبة مسرح واسعة لكنها ليست باتساع أوطانهم. خشبة مسرح كانت بها أضواء ملونة لكنها ليست كأضواء شموسهم. خشبة مسرح حملتهم بود لكنها ليست كطين أرضهم.

مصر حتنور تاني

إنه اللقاء بكل شغفه ولهفته وقوته وطاقته القادرة على إحياء الأمل وبعثه من باطن اليأس. إنه اللقاء.. فلم أجد لفظة أخرى تصف العيون المتلألئة ولا الخطوات المندفعة ولا تلك الحياة التي عادت تجري فكست الوجوه...

من الطابق التاسع رأيت خط الطباشير الأبيض

في الطابق التاسع كنت أسكن. ومن أعلى رأيت أطفال الجيران يرسمون في الشارع الإسفلتي خطا أبيض. ثم احتكروا لأنفسهم المساحة الأكبر وتركوا للطفل الأسمر وأقرانه ما تبقى. والأسمر كان في مثل عمرهم. وكذلك فريقه الذي...

في قلب القاهرة ماتت «شهرزاد»

«لقرون طويلة حكيت عني يا شهرزاد, غطى صوتك على صوتي» لكنى الآن وبدون ندم أشيعك إلى مثواك وأعلم أني لن أسبح في الفرح, لكني سأعيش بهجة غسل تراثك. وفى حضرة الحكاية علينا أن نبدأ القصة...

ثلاثة مشاهد لا يربط بينها إلا «المياه»

المشهد الأول: كان أن تحدث مرشح الرئاسة عن برنامجه الطموح لقيادة مصر في مرحلة مفصلية, واستعرض مجالات عدة ثم قال «وأما عن المياه فسوف نزيد مياه النيل بالدعاء». المشهد الثاني: صوت جهوري لرئيس الجمهورية آنذاك،...

خطاب بعلم الوصول إلى رئيس مصر

طرقة واحدة مفاجئة، ثم ضاع الضوء وانسحبت الكهرباء إلى أسلاكها وتركتنا في عتمة قاتمة، بنظرة واحدة على الشارع أدركت أننا نصفان، نصف مضيء ونصف معتم، كان جانبنا صامتا وكأن الحياة قد توقفت عنه، حارسة العقار...

وبينهن نساء عاشقات لقهوة الصباح

أعادته مرة أخرى إلى الطبق الصغير عقب الرشفة الأخيرة، ثم انتظرتْ دقائق وقَلَبَتْه فسال اللون الداكن برائحته النفاذة وتلون الخزف الأبيض. وأكملت هي حوارها تاركة لي الحيرة من أمر تلك القهوة التي تجمع جدتي بجارتنا...

أم سيد والواد شمعة وسلاح سوريا الكيماوي

أيمكن أن يصدق عاقل أن «فارس» حمل عتاده وسلاحه وسافر طويلا لكي يحمي «مالك» الذي لا يعرفه ولا يعرف عنه شيئا. البعض قال لي لا بد أن «فارس» ملاك في جسد بشر. لكن آخرين كانوا...

في اكتمالي موتي.. وبالنقصان أستعيد الحياة

كان يكفي أن أنظر للسماء لأعلم لما لا يرد شقيقي على الهاتف. متحفزا. مكتملا. باهيا. كان قرص القمر في قلب السماء. متألقا وسط النجوم. مدركا حجم ضوئه وعمق أثره. مختالا بنوره الذي يوقظ كل الصحاري...

وللنساء مع الزلازل شأن آخر

في مايو ومنذ ما يزيد على ثلاثة وخمسين عاما, وقبل أن تهبط الأحلام على النائمين انفجر غضب ما من باطن الأرض فقسمها وضرب مبانيها وأهال التراب على ما يزيد على ثلاثة آلاف نسمة. يومها لم...

ولكل منا أريكته الزرقاء.. ولكل منا آذان أخرى

الشاب ذو الصوت الصادق حاصرني, كما كان لأسئلته تفرد مدهش فلم أملك إلا الانتظار, سار بي خطوات قليلة ثم أشار إلى سمكتين لونهما أزرق يتوسطان لوحة القماش المعلقة, وقال: «أتعرفين لماذا وُلدنا؟». صمت من هول...

في المطار يسألونك: أتحب الغناء والفرح!

أتصدقون أن بين وحشين كبار عاشت الغزالة الصغيرة آمنة حالمة, لكن الأهم أنها عن حق سعيدة, ثم عَنَّ لها أن تجرب الجنون, فإذا بها تعلن بصوت عال أنها في طريقها لتصدير السعادة, ولو لم أكن...

بين السلطان والغلبان وجدت الحكاية

(يحكى أن زعيم السلاطين جمع رجال البلاط يسألهم كيف يُسْكت معارضيه بدون بناء مزيد من السجون أو إضافة عنابر جديدة لمصحات الجنون ؟ الرجال المخلصون ذهبوا وعادوا إلى زعيم السلاطين وعرضوا عليه الحل الخلاص.تهلل الزعيم...