alsharq

د. علي محمد الصلابي

عدد المقالات 84

العناية الربانية

25 يوليو 2024 , 10:10م

لم تَرُقْ تعاليم المسيح (عليه السلام) لكثير من اليهود الذين حقَّ عليهم قول الله تعالى في كتابه: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79)﴾ [المائدة: 78 - 79]. ورأوا فيها خطرًا على مصالحهم وثرواتهم، ولقد ضاق الكهنة، والفريسيون من دعوته التوحيد، وعبادة الله عز وجل كما ينبغي، ودعوته إلى العفة، ومن نهيه عن الربا والرشوة والفساد، فتمالؤوا عليه، ووشوا به إلى الحاكم. لقد خافوا على مصالحهم، واتخذوا من تدينهم المزعوم بدين موسى (عليه السلام) والأنبياء (عليهم السلام) من بعده، وزعموا أن لهم منزلة دينية لا يساويهم فيها أحد. فكانت هناك طائفة يقال لها السامرة، وكان الإسرائيليون يعاملون آحادها كأنهم المنبوذون، فلما جاء عيسى (عليه السلام)، وسوّى بين بني البشر في دعوته، فهم أنكروا عليه ذلك. ولقد كانوا يجعلون لأحبارهم، وعلماء الدين فيهم المنزلة السامية، والمكانة العالية بين الناس، فجاء المسيح، وجعل الناس جميعًا سواسية أمام الخالق العظيم، ولا فرق بينهم إلا بالتقوى، وحسن العبادة، وتحقيق الإيمان بالله، لكل هذا تقدم اليهود لمناوأة المسيح، وقليل منهم من اعتنق دينه وآمن به، وأخذوا يعملون على منع الناس من سماع دعوته، فلما أعيتهم الحيلة، ورأوا أن الضعاف والفقراء يجيبون نداءه، ويلتفون حوله مقتنعين بقوله أخذوا يكيدون له ويوسوسون للحكام بشأنه ويحرضون الرومان عليه. وقالوا للحاكم: إن هنا رجلاً يضل الناس، ويصدهم عن طاعة الملك، ويفسد الرعايا، ويفرق بين الأب وابنه، وإنه ولد زنية، إلى غير ذلك مما تقلدوه في رقابهم ورموه به من الكذب، حتى تمكنوا من حمل الحاكم على أن يصدر الأمر بالقبض والحكم عليه بالإعدام صلبًا، وأرسل جندًا ليقبضوا عليه، فلما عثروا عليه وأحاطوا به واقتحموا بيته نجاه الله منهم ورفعه إليه، وألقى شبهَه على من تقدمهم إليه، فلما دخلوا ورأوه قبضوا عليه وهم يحسبون أنه عيسى، فأخذوه وأهانوه وصلبوه، ووضعوا على رأسه الشوك، وكان هذا من مكر الله بهم، فإنه نجى نبيه، ورفعه من بين أظهرهم وتركهم في ضلالهم يعمهون ويعتقدون أنهم قد ظفروا به. قال تعالى: ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54) إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55)﴾ [آل عمران: 54 - 55]. - ﴿وَمَكَرُوا﴾: اليهود مكروا بعيسى (عليه السلام) مكرًا خبيثًا وتآمروا عليه وأرادوا قتله. - ﴿وَمَكَرَ اللَّهُ﴾: أبطل الله مكر اليهود، وأفشل كيدهم وحمى عيسى (عليه السلام) منهم. - ﴿وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾: الله خير من ينصر أولياءه، وخير من يُبطِل كيدَ أعدائِه ويُحبط مؤامراتِهم. لقد أسندت الآية إلى اليهود مكرًا خبيثًا مذمومًا ضد عيسى (عليه السلام) وأرادوا قتله، ورسموا لذلك خطة دقيقة، ومكروا به مكرًا شيطانيًا، وأسندت الآية إلى الله مكرًا طيبًا محمودًا، وهو إبطال مكرهم السيئ، وإنجاء عيسى (عليه السلام) من كيدهم، فأنقذه من بين أيديهم، بأن ألقى شبهه على غيره، فأخذوا شبهه، وقتلوه، ظانين أنهم قتلوا المسيح عيسى بن مريم رسول الله ونبيه، وأخرجه الله من وسطهم حيًا، وحفظه بحفظه، وحماه بحمايته. والله على كل شيء قدير.

القوة الاقتصادية وأثرها في نهضة الأمة

إن من أسباب التمكين أن يهتم العالم الاسلامي بالجانب الاقتصادي، لأن القوة الاقتصادية هي عصب الحياة الدنيا وقوامها، والضعيف فيها يقهر ولا يحسب له حساب إلا في ظل شرع الله حين يحكم، ولذلك ينبغي على...

فقه القيادة وأبعاده الحضارية في قصة ذي القرنين

إن الله تعالى أظهر في سيرة أحسن الملوك -ذي القرنين- (1)، مفاهيم حضارية وجعل في سيرته دروسًا لكل من أراد أن يحكم بالحق والعدل من الحكام في الناس، فأرشد القرآن الكريم عباده إلى ركائز الحضارة...

سليمان عليه السلام ... التمكين المؤيَّد بالوحي والعلم والحكمة

تسلم سليمان عليه السلام قيادة الدولة القوية التي أسست على الإيمان والتوحيد وتقوى الله تعالى، لقد أوتي سليمان عليه السلام الملك الواسع والسلطان العظيم، بحيث لم يؤت أحد مثلما أوتي، ولكنه أعطى قبل ذلك عطاء...

التنظيم والانضباط في دولة الزنكيين

اهتم عماد الدين زنكي بالجيش اهتماماً كبيراً، وبرز هذا الاهتمام في شكل ووظيفة الدواوين التي كانت تختص بشؤون الجيش والعسكر، وأيضاً في طرق وأساليب عماد الدين زنكي في إدارة المؤسسة العسكرية. 1 ـ الجيش: كانت...

إدارة الشؤون الداخليَّة في خلافة أبو بكر الصديق

أراد الصِّدِّيق ـ رضي الله عنه ـ أن ينفِّذَ السياسة التي رسمها لدولته، واتَّخذ من الصَّحابة الكرام أعواناً يساعدونه على ذلك، فجعل أبا عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمَّة (وزير الماليَّة) فأسند إليه شؤون بيت...

حريـة الاعتـقـاد بين الإسلام وغيره من العقائد والمذاهب

يقف الإسلام بين الأديان والمذاهب والفلسفات شامخاً متميزاً في هذا المبدأ الذي قرر فيه حرية التدين، فهو يعلنها صريحة لا مواربة فيها ولا التواء، أنه: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ...

«الأخذ بأسباب الوحدة والاتحاد والاجتماع»

إذا كانت الفرقة هي طريق الانحطاط والضعف، فإن الوحدة هي سبيل الارتقاء وتبوؤ المكانة الفاضلة من جديد. إن اتحاد الأمة الإسلامية على أسس ديننا العظيم أمل كل المسلمين الصادقين في كل مكان، ذلك أن الإسلام...

الشورى في دولة الفاروق

اهتمّ عمرُ بنُ عبد العزيز رحمه الله بتفعيل مبدأ الشورى في خلافته، ومن أقواله في الشورى: «إنَّ المشورةَ والمناظرةَ بابُ رحمةٍ، ومفتاحُ بركةٍ، لا يضلُّ معهما رأيٌ، ولا يفقدُ معهما حزم». وكان أول قرارٍ اتخذه...

أبو بكر الصديق في «بدر الكبرى»

ذكر أهل العلم بالتَّواريخ والسِّيَر أنَّ أبا بكرٍ شهد مع النبيِّ (ﷺ) بدراً، والمشاهد كلَّها، ولم يفته منها مشهدٌ، وثبت مع رسول الله يوم أحدٍ حين انهزم الناسُ، ودفع إليه النبيُّ رايته العظمى يوم تبوك،...

الأخلاق القيادية في شخصية داود عليه السلام

بين القرآن الكريم أن داود عليه السلام كان مجاهداً في جيش طالوت، وممن نجحوا في الامتحان العسير الذي قرّر رئيس الجيش أن يخوضه جميع جنوده فسقط من سقط وعبر من عبر، فقد رفع داود عليه...

دفاع أبي بكر الصديق -- عن النبي ﷺ

كان من صفات الصِّدِّيق التي تميَّز بها: الجرأة، والشَّجاعة، فقد كان لا يهاب أحداً في الحقِّ، ولا تأخذه لومة لائم في نصرة دين الله، والعمل له، والدفاع عن رسوله (ﷺ)، فعن عروة بن الزُّبير، قال:...

«الواحد»

اسم «الواحد» هو اسم من أسماء الله الحسنى التي تدل على تفرده سبحانه وتعالى بالوحدانية، فهو الواحد الذي لا ثاني له، ولا مثيل ولا نظير، وهو الواحد في ألوهيته، فلا معبود بحق سواه، وهو الواحد...